أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-6-2020
1701
التاريخ: 2-7-2022
1784
التاريخ: 5-6-2020
2023
التاريخ: 5-6-2020
2243
|
كما لو دار الأمر بين أن يزني الإنسان زنيّة واحدة، وبين أن يزني غيره عشرة زنيات، فإنّ أمر الآمر غير دائر؛ لأنّه يأمر بترك كلا الطرفين، بل الأمر هنا راجع إلى الآمر وأنّه لا محالة لا بدّ من عدم نيله إلى أحد غرضيه في مقام الأمر، وحينئذ لا محالة يختار ما كان المحذور المذكور فيه أقلّ ولو كان الدوران بالنسبة إلى شخصين.
ألا ترى أنّ المولى الذي لا يرضى أن يتضرّر واحد من عبيده لو دار أمره بين أن يأمر أمرا يتضرّر هذا بعشرة، أو أمرا آخر يتضرّر ذاك بعشرين، لا محالة يختار الأوّل، فكذلك الشارع، كذلك هذه الموازنة يجري أيضا في فرد من الضرر وفرد من الحرج عند الدوران الآمري بينهما، كمقامنا، فربّما يكون الحرج الوارد على المالك من منعه من التصرّف أهون من الضرر الوارد على الجار على تقدير التجويز، وربّما يكون الأمر بالعكس، وربّما يتساوي الأمران، فما ذكرنا من الرجوع إلى قاعدة السلطنة مختصّ بغير الصورة الاولى، فإنّه في الصورتين الأخيرتين وإن كان لا يتحقّق الإباحة الشرعيّة، لكن يكفي في مرجعيّة القاعدة المعذوريّة العقليّة من الجهات الأخر.
ثمّ اللازم من البيان المتقدّم هو الجواز العقلي لإقدام المالك، وهو لا ينافي مع الضمان على تقدير أداء ذلك إلى تلف في ملك الجار، فإنّ الضمان غير دائر مدار التحريم الشرعي، ولهذا نقول به في الأكل من مال الغير عند المخمصة.
بقي في المقام شيء آخر وهو أنّ شيخنا المرتضى قدّس سرّه الشريف فرّق في دوران الضرر بين شخصين بين الدوران الابتدائي بينهما بأن يكون المقتضي بالنسبة إلى كليهما على حدّ سواء، كما إذا توجّه السيل وكان نسبته إلى كلتا الدارين على السواء، فجعله من باب تعارض الضررين، وبين ما إذا كان المقتضي متوجّها إلى خصوص واحد منهما، كما لو توجّه السيل إلى دار هذا، ولو أوجد السدّة يتوجّه إلى دار جاره، أو توجّه السهم إلى رأس هذا، ولو تحرّك عن محلّه يتوجّه إلى رأس آخر، فلم يجعله من باب التعارض، بل أوجب تحمّل الضرر وعدم دفعه بإضرار الغير.
ويستشكل عليه بأنّه ما الفرق بين المقامين، فإنّ منع صاحب الدار عن إيجاد السدّة ودفع السيل عن داره حكم ضرري بالنسبة إليه، سواء كان توجّه السيل إلى أحدهما بلا عينه، أو إلى داره بالخصوص، غاية الأمر معارضته بضرر الجار، فالوجه جعل كلتا الصورتين من تعارض الضررين، والحاصل أنّه يكفي في صحّة إسناد الضرر إلى الشارع عدم مانعيّته عن وجوده عند تحقّق مقتضيه.
ألا ترى أنّه كما يصحّ طلب عدم القتل من زيد في صورة مباشرته للقتل، كذلك يصحّ مع مباشرة غيره وقدرته على الممانعة؟ فهنا أيضا بعد فرض أنّ مقتضي خراب الحائط وهو السيل موجود، فعدم ترخيص الشارع للدفع يصحّح استناد وقوع الخراب إليه، فترخيصه مع فرض وجود الداعي في نفس صاحب الدار تسبيب لخراب حائط الجار، وعدم ترخيصه مع فرض وجود السيل المتوجّه نحو الدار ترك للممانعة عن سبب خراب حائط الدار، فكلّ منهما مناف لقوله: لا ضرر، بناء على أنّ من بعض مدلوله أنّ الحكم الذي يوجب استناد الضرر إلى الشرع منفيّ.
وأمّا الضرر المتوجّه إلى الغير فيمكن أن يقال: إنّ إيجاب الدفع عنه ولو مع عدم الإيراد على النفس غير مدلول لا ضرر أصلا، أ لا ترى أنّ أحدا لا يفهم من قوله عليه السلام: لا ضرر وجوب دفع السيل المتوجّه إلى دار الغير وإرساله إلى الصحراء، وهكذا أمثال ذلك ممّا نقطع بخروجها عن مدلول لا ضرر، لا كونها تخصيصا فيه.
لا يقال: هذا مناف مع ما اخترت من كون المفاد نفي حقيقة الضرر من دون تقييد، فإنّه على هذا لم ينسدّ هذا الباب من أبواب وجوده.
لأنّا نقول: يكفي في صحّة نفي الضرر على وجه الإطلاق عدم صدور موجبات الضرر من الأحكام من الشارع ومنعه عن الدواعي إلى الضرر، وأمّا إحداث الداعي للمنع عن مقتضى الضرر فلا يضرّ تركه بصدق النفي على وجه الإطلاق.
وحينئذ فنقول: إيجاب الدفع عن الغير بإضرار النفس ضرري على الدافع، وعدمه ليس ضرريّا على الغير بحيث شمله القاعدة، فلا معارضة ومزاحمة هنا أصلا، هذا.
ويمكن دفع الإشكال في صورة توجّه الضرر الى النفس بأنّ الحكم بإيجاب التحمّل والمنع عن الدفع بإضرار الغير من شئون المزاحمة واختيار الأخفّ.
توضيح ذلك أنّه لا شكّ أنّا في مبغوضات أنفسنا التي ملاكها معلوم لنا لو دار أمرنا بين ارتكاب واحد من المبغوضين المتساويين في الملاك كقتل واحد من ابنينا المتساويين في المحبوبيّة لنا، ولكن كان طرف الترديد قتل أحدهما بمباشرتنا وتسبيبنا لأسباب القتل، وقتل الآخر بمباشرة غيرنا وعدم المنع منّا لمباشر القتل مع قدرتنا على المنع لو لا المزاحمة، فلا شكّ أنّا نختار الثاني، فإنّ استناد القتل فيه إلينا استناد المعلول إلى عدم المانع، وفي الأوّل إلى المقتضي، والثاني أقوى من الأوّل.
إذا تقرّر هذا فنقول: الأمر في مقامنا الذي دار فيه أمر الشارع المقدّس بين منع المالك عن دفع السيل وبين عدم منعه عنه مع وجود المقتضي للدفع وإضرار الجار فيه، والأوّل حكم ضرريّ بالنسبة إلى المالك، والثانى بالنسبة إلى الجار، نظير الأمر في المثال الذي ذكرنا وإن كان ليس مثلا له.
توضيح ذلك أنّ منع الشارع عن الدفع مع وجود المقتضي لضرره وهو السيل يوجب استناد الضرر إليه مع الواسطة، فإنّه معلول المقتضي وهو السيل، وعدم المانع أعني عدم دفع المالك، وهذا العدم معلول لمنع الشارع، فمنع الشارع علّة لعلّة الضرر، لا نفس علّة الضرر.
وأمّا عدم منعه عن الدفع المذكور مع وجود مقتضيه وهو الداعي في نفس المالك يوجب استناد ضرر الجار إليه بلا واسطة؛ فإنّه معلول المقتضي وهو داعى المالك، وعدم المانع وهو عدم منع الشارع، فعدم منع الشارع نفس علّة الضرر، ولا شكّ أنّ المتعيّن عند دوران الأمر بين استناد المبغوض استنادا قريبا وبين الاستناد البعيد هو اختيار الثاني.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|