أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-3-2016
3730
التاريخ: 11-04-2015
3234
التاريخ: 11-04-2015
3192
التاريخ: 29/9/2022
1724
|
عندما طردوا بني أُميّة من المدينة رجا مروان الإمام بأن يضع أهله مع حرمه، فتقبّل الإمام ذلك بكرمه، لذلك تحوّلت دار الإمام السجاد أبّان إباحة المدينة بالقتل والنهب إلى ملجأ ممتاز ضم أربعمائة امرأة طيلة فترة الواقعة، وكان الإمام احتفى بهم بحفاوة خاصة.
طلب مسلم بن عقبة الإمام بعد نهاية المجزرة وحينما حضر الإمام لديه أجلسه بقربه وأحسن إليه وأكرمه، ثمّ وافق على عودته إلى البيت.
وعلى كلّ حال بدأ الإمام باختياره الطريق الثاني سلسلة من برامجه الإرشادية والثقافية ومعركته الغير مباشرة دون أن يثير حفيظة الجهاز الحاكم، وقد قام بنشاطات وفعاليات يمكن تلخيص أهمها بالصورة التالية:
أ. إحياء ذكرى عاشوراء
وحيث كان لاستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه أثر بليغ في الرأي العام، جعل الحكم الأموي يدفع الثمن غالياً جداً وأثار التساؤل حول شرعيّته، واصل الإمام ولكي تخلّد هذه المأساة ولا تُنسى نضاله السلبي من خلال البكاء على الشهداء وإحياء ذكراهم.
ولا شكّ في أنّه كان لهذه الدموع الساخنة باعث عاطفي، لأنّ مأساة كربلاء وعظمة مصابها كانت حدثاً ضخماً ومؤلماً للغاية، لدرجة انّ الذين شاهدوها عن كثب لم ينسوها طيلة حياتهم، غير أن تعامل الإمام السجاد معها كان يجني من خلاله نتائج سياسية، فإنّ التذكير بتلك المأساة باستمرار يمنع أن تمسح جرائم الحكم الأموي من الذاكرة، فكان الإمام كلما أراد أن يشرب الماء وتقع عينه عليه تفيض عيناه بالدموع، ولماّ سئل عن ذلك، فقال: «كيف لا أبكي وقد منع أبي من الماء الذي كان مطلقاً للسباع والوحوش».
وكان يقول: «إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خنقتني العبرة».
وقال له خادمه مرةً: أما آن لحزنك أن ينقضي؟ فقال (عليه السلام) له: «ويحك انّ يعقوب النبي (عليه السلام) كان له اثنا عشر ابناً، فغيّب اللّه واحداً منهم، فابيضّت عيناه من كثرة بكائه عليه، واحدودب ظهره من الغم و كان ابنه حياً في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي، فكيف ينقضي حزني؟».
وقال سهل بن شعيب أحد وجهاء مصر: دخلت على علي بن الحسين (عليه السلام) فقلت: كيف أصبحت أصلحك اللّه؟ فقال: «ما كنت أرى شيخاً من أهل المصر مثلك لا يدري كيف أصبحنا!! فأمّا إذ لم تدري أو تعلم فسأخبرك : أصبحنا في قومنا بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون إذ كانوا يذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، وأصبح شيخنا وسيدنا يتقرب إلى عدونا بشتمه أو سبه على المنابر...».
ب. إرشاد الأُمّة ونصيحتها
لم يكن باستطاعة الإمام السجاد (عليه السلام) أن يقدّم ويوضّح مفاهيمه الخاصة علانية وبصراحة، لأنّه كان يعيش في جو من الرعب والإرهاب، لذلك استخدم اسلوب الوعظ والإرشاد، وعرّف الناس من خلال الموعظة على الفكر الإسلامي الصحيح ذلك الفكر الذي تعرض إثر الإعلام المضلّل الذي مارسه الطغاة على مر التاريخ للنسيان والتحريف، نهض من جديد وقدمه الإمام إلى الناس كما كان و بكلّ ما يتمتع به من أصالة، وكان (عليه السلام) يبين لهم التعاليم الإسلامية في حدود استطاعته.
وتوضّح دراسة تلك المواعظ والتعاليم انّ الإمام كان يلقي عليهم وضمن تقديمه النصح والموعظة ما كان يريده أن يرسخ في أذهانهم ويبقى بطريقة عقلانية وذكية جداً، وهذا من أفضل أنماط انتقال الفكر الإسلامي الصحيح في تلك الظروف، لأنّ هذه التعاليم لا تثير حفيظة الجهاز الحاكم على الرغم من أنّ لها آثار ونتائج سياسية ضد ذلك الجهاز، وقد وضّح وبيّن الإمام ضمنياً ـ حقيقة الإمامة ـ أي نظام الحكم الإسلامي وقيادة المجتمع بقيادة الإمام المعصوم وبثّ الوعي بين الناس وعرّفهم حقيقة ما يجري في المجتمع الإسلامي لتلك الفترة ـ أي تسلّط الحكام الطغاة وقادة الكفر والفسق والنفاق وكان يفهمهم بأنّ الحكومة التي هي مثل حكومة عبد الملك ليست هي الحكومة التي يريدها الإسلام. إنّ أهمية هذا الأمر هي من ناحية انّه طالما لم تنتبه الأُمّة إلى هذه الحقيقة وتخرج من حالة الجمود والتخدير التي أصابتها على مر الأيام، فانّه لن يكون هناك أمل و إمكانية في تغيير الأوضاع وتشكيل الحكم الإسلامي المراد، ومثال هذا النوع من التعاليم والمواعظ التي كان يقدّمها الإمام السجاد، وهي خير شاهد على تلك الحقيقة المذكورة هو كلامه التفصيلي الذي كان يلقيه كل يوم جمعة في مسجد النبي على أصحابه والآخرين كما صرّح بذلك المحدِّثون.
ونحن هنا نورد بعضاً من ذلك الكلام على سبيل المثال.
« أيّها الناس اتّقوا اللّه واعلموا أنّكم إليه راجعون، فتجد كلّ نفس ما عملت من خير محضراً، وما عملت من سوء تودّ لو انّ بينها وبينه أمداً بعيداً... ألا و إنّ أوّل ما يسألانك ـ منكر و نكير ـ عن ربّك الذي كنت تعبده وعن نبيك الذي أرسل إليك، وعن دينك الذي تدين به، و عن كتابك الذي كنت تتلوه، وعن إمامك الذي كنت تتولاّه ».
في هذا الكلام عدّة أُمور تثير الانتباه:
1. تكرار هذا الكلام في كلّ جمعة تبيّن أهميته ودرجة اهتمام الإمام بهذا النوع من القضايا.
2. ونظراً إلى أنّ كلام الإمام يبدأ بعبارة «أيها الناس» فإنّه يعلم بأنّ مخاطبي الإمام ليسوا هم الشيعة خاصة ، بل نطاق خطابه أوسع من ذلك.
3. قد عوّل الإمام خلال كلامه مرة بصراحة وأُخرى بشكل ضمني على آيات من القرآن واستدلّ بها، و هذا بسبب انّ مخاطبيه هم عامة الناس وكانوا ينظرون إليه على أنّه إمام، ولذلك كان يستشهد بالآيات لإثبات أمر ما غير انّه حينما يقصد بكلامه خصوص الشيعة فقط، فلم ير ضرورة في الاستشهاد بآيات القرآن.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|