أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-04-2015
3617
التاريخ: 15-04-2015
5732
التاريخ: 11-4-2016
3465
التاريخ: 15-04-2015
3587
|
قال الشيخ المفيد : و كان زيد بن عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) عين اخوته بعد أبي جعفر (عليه السلام) و أفضلهم، و كان عابدا ورعا فقيها سخيّا شجاعا و ظهر بالسيف يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و يطلب بثارات الحسين (عليه السلام) .
و أخبرني الشريف أبو محمد عن جده عن الحسن بن يحيى، قال : حدّثنا الحسن بن الحسين عن يحيى بن مساور عن أبي الجارود و زياد بن المنذر، قال : قدمت المدينة فجعلت كلّما سألت عن زيد بن عليّ قيل لي : ذاك حليف القرآن.
و روى هشام بن هشام قال : سألت خالد بن صفوان عن زيد بن عليّ و كان يحدّثنا عنه، فقلت : أين لقيته؟ قال : بالرصافة، فقلت : أيّ رجل كان؟ فقال : كان كما علمت يبكي من خشية اللّه حتى يختلط دموعه بمخاطه و اعتقد كثير من الشيعة فيه بالامامة و كان سبب اعتقادهم ذلك في خروجه بالسيف يدعو الى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه واله)فظنوه يريد بذلك نفسه و لم يكن يريدها به لمعرفته باستحقاق أخيه (عليه السلام) للإمامة من قبله و وصيته عند وفاته الى أبي عبد اللّه .
يقول المؤلف: لا تحتاج كمالات زيد النفسانية و مجاهداته و سجاياه الى توصيف، كمعاملته مع المرواني الميت، وصيت فضله و شجاعته أشهر من أن تذكر و مآثر سيفه و سنانه مذكورة على ألسن الناس، و هذه الابيات انشدت في وصف فضله و شجاعته، و قد نقلتها عن مجالس المؤمنين:
فلمّا تردّى بالحمائل و انتهى يصول بأطراف القنا الذّوابل
تبينت الأعداء انّ سنانه يطيل حنين الأمهات الثواكل
تبين فيه ميسم العزّ و التقى وليدا يفدّى بين أيدي القوابل
و قال السيد الأجل السيد علي خان في شرح الصحيفة : هو أبو الحسن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أمّه أم ولد، كان جمّ الفضائل عظيم المناقب و كان يقال له : حليف القرآن.
روى أبو نصر البخاري عن ابن الجارود، قال : قدمت المدينة فجعلت كلّما سألت عن زيد بن عليّ (عليه السلام) قيل لي ذاك حليف القرآن ذاك اسطوانة المسجد من كثرة صلاته .
ثم ذكر السيد علي خان كلام الشيخ المفيد الذي ذكرناه ثم قال : و قال أهل التأريخ : كان السبب في خروجه و خلعه طاعة بني مروان انّه وفد على هشام بن عبد الملك شاكيا من خالد بن عبد الملك بن الحرث بن الحكم أمير المدينة، فجعل هشام لا يأذن له و زيد يرفع إليه القصص و كلّما رفع إليه قصّة كتب هشام في أسفلها : ارجع الى أرضك، فيقول زيد : و اللّه لا أرجع الى ابن الحرث أبدا.
ثم أذن له بعد حبس طويل، فلمّا قعد بين يديه قال له هشام : بلغني انّك تذكر الخلافة و تتمنّاها و لست هناك لانّك ابن أمة، فقال زيد : انّ لك جوابا، قال : تكلّم، قال : انّه ليس أحد أولى باللّه من نبيّ بعثه و هو اسماعيل بن ابراهيم و هو ابن أمة اختاره اللّه لنبوته و أخرج منه خير البشر أي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) .
ثم جرى بينهما كلام فقال هشام : خذوا بيد هذا الأحمق المائق، فأخرجوه فأخرج زيد و أشخص الى المدينة و معه نفر يسير حتى طردوه عن حدود الشام، فلمّا فارقوه عدل الى العراق و دخل الكوفة فبايعه اكثر أهلها .
قال المسعودي في مروج الذهب : و قد كان زيد دخل على هشام بالرصافة، فلمّا مثل بين يديه لم ير موضعا يجلس فيه، فجلس حيث انتهى به مجلسه، و قال : يا أمير المؤمنين، ليس أحد يكبر عن تقوى اللّه و لا يصغر دون تقوى اللّه و أنا أوصيك بتقوى اللّه فاتقه .
فقال هشام : اسكت لا أم لك أنت الذي تنازعك نفسك في الخلافة و أنت ابن أمة، قال : يا أمير المؤمنين انّ لك جوابا ان أحببت أجبتك به، و ان أحببت أمسكت عنه، فقال : بل أجب، قال : انّ الأمّهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات و قد كانت أم اسماعيل أمة لأم اسحاق صلى اللّه عليهما و سلم، فلم يمنعه ذلك أن بعثه اللّه نبيّا و جعله للعرب أبا، فأخرج من صلبه خير البشر محمدا (صلى الله عليه واله) فتقول لي هذا و أنا ابن فاطمة و عليّ، و قام و هو يقول:
شرّده الخوف و أزرى به كذاك من يكره حر الجلاد
منخرق الكفين يشكو الجوى تنكثه أطراف مرو حداد
قد كان في الموت له راحة و الموت حتم في رقاب العباد
إن يحدث اللّه له دولة يترك آثار العدا كالرماد
فمضى عليها الى الكوفة و خرج عنها معه القراء و الأشراف، فحاربه يوسف بن عمر الثقفي، فلمّا قامت الحرب انهزم أصحاب زيد و بقي في جماعة يسيرة فقاتلهم أشدّ قتال ... و حال المساء بين الفريقين فراح زيد مثخنا بالجراح و قد أصابه سهم في جبهته فطلبوا من ينزع النصل، فأتى بحجام من بعض القرى فاستكتموه أمره فاستخرج النصل، فمات من ساعته، فدفنوه في ساقية ماء و جعلوا على قبره التراب و الحشيش و أجري الماء على ذلك، و حضر الحجام مواراته فعرف الموضع ؛ فلمّا أصبح مضى الى يوسف متنصّحا فدلّه على موضع قبره، فاستخرجه يوسف و بعث برأسه الى هشام، فكتب إليه هشام، أن اصلبه عريانا، فصلبه يوسف كذلك، ففي ذلك يقول بعض شعراء بني أميّة يخاطب آل أبي طالب و شيعتهم من أبيات:
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة و لم أر مهديّا على الجذع يصلب
و بنى تحت خشبته عمودا، ثم كتب هشام الى يوسف يأمره بإحراقه و ذروه في الرياح.
قال المسعودي : و حكى الهيثم بن عدي الطائي عن عمرو بن هانئ، قال : خرجت مع عبد اللّه بن عليّ لنبش قبور بني أمية في أيام أبي العباس السفاح، فانتهينا الى قبر هشام فاستخرجناه صحيحا ما فقدنا منه الّا خورمة أنفه، فضربه عبد اللّه بن عليّ ثمانين سوطا، ثم أحرقه.
و استخرجنا سليمان من أرض دابق، فلم نجد منه شيئا الّا صلبه و أضلاعه و رأسه فاحرقناه، و فعلنا ذلك بغيرهما من بني أمية، و كانت قبورهم بقنسرين، ثم انتهينا الى دمشق فاستخرجنا الوليد بن عبد الملك فما وجدنا في قبره قليلا و لا كثيرا و احتفرنا عن عبد الملك فما وجدنا الّا شئون رأسه.
ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية فما وجدنا فيه الّا عظما واحدا و وجدنا مع لحده خطا أسود كأنّما خط بالرماد في الطول في لحده، ثم اتبعنا قبورهم في جميع البلدان فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم.
قال المسعودي : و انما ذكرنا هذا الخبر في هذا الموضع لقتل هشام زيد بن عليّ و ما نال هشاما من المثلة بما فعل بسلفه من الاحراق كفعله بزيد بن عليّ.
و قد ذكر أبو بكر بن عيّاش و جماعة من الاخباريين انّ زيدا مكث مصلوبا خمسين شهرا عريانا، فلم ير له أحد عورة سترا من اللّه له، و ذلك بالكناسة بالكوفة، فلمّا كان في ايام الوليد بن يزيد بن عبد الملك و ظهر ابنه يحيى بن زيد بخراسان كتب الوليد الى عامله بالكوفة : أن احرق زيدا بخشبته، ففعل ذلك به و أذرى رماده في الريح على شاطئ الفرات ؛ نعم عجبا لهذا الفلك الدوار فما اكثر العبر فيه، فكم حرم الآلاف من امثال عبد الملك و مروان من الملك، و كم رماهم الآلاف من أمثال الوليد و هشام و أصحابهم بالدواهي العظام، و لعمري كم من جبار و ظالم حرمه هذا الفلك عن الوصول الى بغيته و أمانيه، و كم من ملوك أنزلهم من قصورهم و تيجانهم و عروشهم و اسكنهم حفرا مظلمة و فارقوا خشب العرش و الكرسي الملكي الى خشب التابوت، فأصبحوا اليوم بعد الاكل قد أكلوا.
يا للعجب : ما اكثر ما روي و سمع عن سلاطين و ملوك ظالمين فتكوا بالأبرياء و جمعوا الأموال و الألبسة من الحرير و الديباج و بنوا العروش و وضعوا التيجان و شيدوا القصور و القلاع قد كان مآل أمرهم أن أسكنوا حفرا مظلمة ضيقة بعد ما سكنوا تلك القصور و جمعوا الوزر و الوبال على عواتقهم و لم يبق لهم شيء سوى عملهم الطالح و قد أصبح قبرهم صندوق آمالهم و أمانيهم التي لم ينالوها.
روى الشيخ الصدوق عن حمزة بن حمران قال : دخلت الى الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) فقال لي : يا حمزة من أين أقبلت؟ قلت له : من الكوفة، قال : فبكى (عليه السلام) حتى بلّت دموعه لحيته، فقلت له : يا ابن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ما لك اكثرت البكاء؟ فقال : ذكرت عمّي زيدا (عليه السلام) و ما صنع به فبكيت، فقلت له : ما الذي ذكرت منه؟
فقال : ذكرت مقتله و قد أصاب جبينه سهم فجاءه ابنه يحيى فانكبّ عليه، و قال له : أبشر يا أبتاه فانّك ترد على رسول اللّه و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين (صلوات اللّه عليهم) ، قال: أجل يا بنيّ، ثم دعا بحدّاد فنزع السهم من جبينه فكانت نفسه معه، فجيء به الى ساقية تجري عند بستان زائدة، فحفر له فيها و دفن و أجرى عليه الماء و كان معهم غلام سنديّ لبعضهم، فذهب الى يوسف بن عمر من الغد فأخبره بدفنهم ايّاه ؛ فأخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين، ثم أمر به فأحرق بالنار و ذرّي في الرياح، فلعن اللّه قاتله و خاذله و إلى اللّه جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيّه بعد موته و به نستعين على عدوّنا و هو خير مستعان .
و روى أيضا عن عبد اللّه بن سيابة، قال : خرجنا و نحن سبعة نفر فأتينا المدينة، فدخلنا على أبي عبد اللّه (عليه السلام) فقال لنا : أ عندكم خبر عمّي زيد؟ فقال. قد خرج أو هو خارج، قال:
فإن أتاكم خبر فأخبروني، فمكثنا أياما فأتى رسول بسّام الصيرفي بكتاب فيه: امّا بعد فانّ زيد بن عليّ (عليه السلام) قد خرج يوم الاربعاء غرّة صفر فمكث الاربعاء و الخميس و قتل يوم الجمعة و قتل معه فلان و فلان فدخلنا على الصادق (عليه السلام) و دفعنا إليه الكتاب فقرأه و بكى، ثم قال : انّا للّه و إنّا إليه راجعون، عند اللّه تعالى أحتسب عمّي، انّه كان نعم العمّ، انّ عمي كان رجلا لدنيانا و آخرتنا، مضى و اللّه عمّي شهيدا كشهداء استشهدوا مع رسول اللّه و عليّ و الحسن و الحسين (صلوات اللّه عليهم) .
قال الشيخ المفيد : و لما قتل بلغ ذلك من أبي عبد اللّه الصادق (عليه السلام) كل مبلغ، و حزن له حزنا عظيما حتى بان عليه، و فرّق من ماله في عيال من أصيب معه من أصحابه الف دينار فأصاب عيال عبد اللّه بن الزبير أخي فضيل الرسان منها أربعة دنانير و كان مقتله يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر سنة عشرين و مائة و كان سنّه يومئذ اثنين و أربعين سنة .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|