أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-10
1381
التاريخ: 13-1-2016
2906
التاريخ: 14-1-2016
2164
التاريخ: 13-1-2016
14268
|
حتى تكتمل الصورة الشرعية للزواج الصحيح الذي يؤدي هدفه الاجتماعي على أتم وجه ، فلابد للشريعة من وضع الاحكام والقوانين التي تنظم هذا الميثاق المعنوي بين فردين مختلفين تماماً على الصعيد الاجتماعي والثقافي. ولذلك ، فقد صمم الاسلام نظاماً للخطبة ، والعقد ، والمهر. وشدد على النواحي المعنوية والعاطفية والحقوقية والاقتصادية للزواج. فاهتم بشكل خاص بركنين مهمين في صحة عقد الزواج ، وهما : صيغة العقد وهي تمثل الجانب المعنوي ، والزوجين باعتبارهما موضوعي العقد. اما الخطبة فاعتبرها عملاً مستحباً بسبب آثارها الاجتماعية الايجابية واما المهر فلم يعتبره شرطاً في صحة العقد ، ولكن لا يكتمل الزواج الاّ به لتعلقه بحقوق المرأة المالية .
فقد ورد في استحباب الخطبة ان الامام علي (عليه السلام) عندما طُلِبَ منه تزويج رجلٍ من امرأة وخطبتها له ، ابتدأ الخطبة بحمد الله ، والثناء عليه ، والوصية بتقوى الله ، وقال :
( ان فلان ابن فلان ذكر فلانة بنت فلان ، وهو في الحسب من قد عرفتموه ، وفي النسب من لا تجهلونه ، وبذل لها من الصداق ما قد عرفتم ، فردوّا خيراً تحمدوا عليه ، وتنسبوا اليه ، وصلى الله على محمد و آله وسلم ) . وقيل انه تستحب خطبتان احداهما عند طلب الزواج ، والثانية امام العقد . و « تستحب الخطبة امام العقد ، وهي حمد الله تعالى ، والشهادتان ، والصلاة على النبي و آله ، والوصية بتقوى الله ، والدعاء للزوجين ، وانما استحبت للتأسي بالنبي والأئمة بعده .. وكذا تستحب الخُطبة قبل الخِطبة من المرأة ووليها ، كما يستحب للولي ان يخطب ... والافضل الاختصار في الجميع على حمد الله ، فان الامام علي بن الحسين (عليه السلام) كان لا يزيد على قوله : الحمد لله ، وصلى الله على محمد و آله ، واستغفر الله ، وقد زوجناك على شرط الله تعالى ، بل قال (عليه السلام) : من حمد الله فقد خطب ... ولو تركت الخطبة صح العقد » (1). ويشترط في صيغة العقد لفظ الايجاب والقبول من المخطوبة والخاطب او النائب عنهما وكالة او ولاية . فلا يتم الزواج بمجرد المراضاة بل لابد من التلفظ . وتنبع اهمية التلفظ بالزواج من ملاحظة حقيقة ان التلفظ بالإيجاب والقبول هو صورة من صور الميثاق الشفهي والالتزام بالزوجية وآثارها ، كما عبر عنه قوله تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 21] ، فالالتزام بالتلفظ التزام بآثار الحالة الزوجية ومسؤوليتها وقيودها. ولاشك ان الكثير من العبادات لا تتم الا عن الطريق الشفهي. واتفق الفقهاء على ان الايجاب في العقد الدائم يقع بلفظ : «زوجت وانكحت » والاصل في ذلك النصُ المجيد : {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا } [الأحزاب: 37] ، {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] . والمراد من النكاح في الآية ، العقد ، « لان النكاح قد يعبر به عن الوطء وهو الاصل فيه ، كما يعبر به عن العقد » (2) .
أما القبول فيكفي فيه اللفظ الدال على الرضا الصريح مثل قوله: «قبلت ورضيت». ولا خلاف ولا اشكال في حصول الرضا بهذين اللفظين. و «نص الفقهاء على اعتبار اللفظ الصريح وضعاً في العقد اللازم. وانه لا يكفي فيه المجاز. والقبول ان يقول : قبلت التزويج او قبلت النكاح او ما شابههما مثل رضيت ونحوه ، لكن بملاحظة ما ذكرنا تعرف عدم انحصاره في لفظ مخصوص ولا هيئة مخصوصة ، بل يكفي فيه كل لفظ دال عليه بالطريق المتعارف في بيان افعاله من المقاصد. ولا اشكال في انه يجوز الاقتصار (في القبول) على: (قبلت) كغيره من العقود» (3).
والمشهور ان صيغة الزواج الدائم لا تنعقد الاّ بلفظ الماضي كقوله: «زوجت ، دون اتزوج » ، الا ان الشهيد الثاني في المسالك والشيخ النجفي في الجواهر والشيخ الانصاري في ملحقات المكاسب قالوا بانعقاد الزواج بغير صيغة الماضي. و «ان المقصود من العقد لما كان هو الدلالة على القصد الباطني ، واللفظ كاشف عنه ، فكل لفظ دل عليه ينبغي اعتباره ، وقولهم ان الماضي صريح في الانشاء دون غيره ممنوع ، لان الاصل في الماضي ان يكون اخباراً ، لا انشاءً ، وانما التزموا بجعله انشاء بطريق النقل ، والا فان اللفظ لا يفيده ، وانما يتعين بقرينة خارجة ، ومع اقتران القرينة يمكن ذلك في غير صيغة الماضي » (4) . واستدلوا على انعقاد الزواج بغير صيغة الماضي اعتماداً
على رواية هشام بن سالم عن ابي عبد الله (عليه السلام) انه سأله عن الزواج المنقطع كيف اتزوجها وما اقول ؟ قال : ( تقول لها : أتزوجك على كتاب الله ، وسنة نبيه كذا وكذا شهراً بكذا وكذا درهماً ، فاذا قالت : نعم ، فقد رضيت وهي امرأتك وانت اولى الناس بها) (5) .
والمشهور بين الفقهاء ان الموالاة بين الايجاب والقبول شرط في انعقاد عقد الزواج. فاذا كان الفاصل بينهما طويلاً فلا يتحقق العقد. ولكن العقد لا يتوقف على الفورية ، ولا على اتحاد المجلس. فـ « لا دليل على اعتبار اتحاد المجلس في عقد الزواج ، ولا في غيره من العقود»(6). والواجب في الموالاة هو بقاء ارادة الموجب او الخاطب قائمة الى حين القبول .
والمشهور ايضاً ان التعليق مبطل لعقد الزواج ، كأن تقول له: « زوجتك نفسي ان رضي فلان ، او عند رجوع أخي » مثلا ، بطل العقد . ولكن جماعة من الفقهاء قالوا بصحة التعليق مطلقاً ، بادعاء ان صحة تعليق المنشأ واضحة في الاحكام الشرعية ، لان اغلب الاحكام الشرعية الاّ ما شذ قضايا حقيقية واحكام مشروطة على تقدير وجود موضوعاتها ، ووقوعه بالجملة في العقود والايقاعات مما لا اشكال فيه .
والاصل ، ان يكون الايجاب من المخطوبة والقبول من الخاطب ، ولكن يجوز تقديم القبول على الايجاب شهرة ، « لان العقد هو الايجاب والقبول ، والترتيب كيف اتفق غير مخلّ بالمقصود ، ويزيد النكاح على غيره من العقود ان الايجاب من المرأة ، وهي تستحي غالباً من الابتداء به ، فاغتفر هنا وان خولف في غيره. ومن ثم ادعى بعضهم الاجماع على جواز تقديم القبول هنا»(7). و« لو عجز احد المتعاقدين [ عن النطق بلفظ الزواج والنكاح ] ، تكلم كل واحد منهما بما يحسنه . ولو عجزا عن النطق اصلاً ، او احدهما ، اقتصر العاجز على الاشارة الى العقد والايماء » (8) .
و « النكاح يقع على الاجازة ، ويكفي في الاجازة سكوت البكر ويعتبر في الثيب النطق ، وهو المشهور بين الاصحاب ؛ والدليل عليه وجوه :
الاول : رواية ابن عباس ان جارية بكراً اتت النبي (صلى الله عليه وآله) فذكرت ان اباها زوّجها وهي كارهة ، فخيرها النبي (صلى الله عليه وآله) (9).
الثاني : في خبر آخر : ان رجلاً زوّج ابنته وهي كارهة فجاءت الى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالت : زوجني ابي ونعم الاب من ابن اخيه يريد ان يرفع خسيسته ، فجعل النبي امرها اليها فقالت : اجزت ما صنع ابي وانما اردت ان اعلم النساء ان ليس الى الاباء من امر النساء شيء(10). والمراد في هذين زواج من هي بالغة ، اذ لو كانت صغيرة لم يتوقف على رضاها.
الثالث : رواية محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) في رجل زوّجته اُمه وهو غائب . قال : النكاح جائز ان شاء المتزوج قبل وان شاء ترك ، فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لأمّه (11) » (12).
ولا يصح شرط الخيار في الزواج ، اتفاقاً ، دائما كان او منقطعاً ، فلو افترضنا ان الزوج او الزوجة اشترطا ضمن العقد الفسخ والرجوع عنه في فترة معينة فسد الشرط ، لان الزواج لا يقبل الاقالة فلا يقبل الفسخ. والمشهور فساد العقد ايضاً ، و « ليس هناك اختلاف بين الفقهاء في بطلان الشرط . للعلم بان عقد الزواج لا يقبل الخيار ، لان فيه شائبة العبادة ، وفسخه محصور بالعيوب المنصوص عليها ، ولذا لا تجري فيه الاقالة بخلاف غيره من عقود المعاوضات ، فاشتراط الخيار فيه مناف لمقتضى العقد المستفاد من الادلة الشرعية... ومن هنا كان شرط الخيار مبطلاً للعقد » (13).
واتفق الفقهاء ايضاً على ان الاشهاد على الزواج الدائم مستحب وليس بواجب. حيث ان المعروف بين الفقهاء عدم وجوب الاشهاد ، بل القول بالوجوب شاذ (14) . ولم يذكر الله تعالى في القرآن الشهادة في النكاح ، و « ذكر الشهادة في البيع والدين مع ان الحكم في الشهادة في النكاح اكثر لما فيها من حفظ النسب وزوال التهم والتوارث وغيره من توابع النكاح ، فلو كان الاشهاد فيه شرطاً لما اهمله الله تعالى في القرآن لأنه مناف للحكمة . وعن النبي (صلى الله عليه وآله) انه لما تزوج بصفية اولَمَ بتمر واقط ، فقال الناس : ترى انه تزوج بها ام جعلها ام ولده ؟ ثم قالوا : ان حجبها فهي امرأته ولو كان اشهد ما اختلفوا » (15) . نعم ورد نص عن طريق الفريقين انه (لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل) (16). ولكن هذه الرواية الضعيفة « تصلح سنداً للاستحباب لا الشرطية » (17). ويشترط في صحة العقد امور عدة ، منها : العقل ، البلوغ ، والرشد في كلّ من المخطوبة والخاطب ، وخلو الخاطب والمخطوبة من المحرمات السببية والنسبية ، ووجوب التعيين ، فلا يصح قول الولي مثلاً : « زوجتك احدى هاتين البنتين » ، لان الاخذ بالأحكام الزوجية لا يتم الاّ عن طريق التشخيص والتعيين ، ووجوب القصد والرضا والاختيار. وان حصل الاكراه في الزواج ثم ارتفع وحصل الرضا كفى ذلك في الصحة. واذا عقد السكران فقد « عرفت ان شرط صحة العقد القصد اليه ، فالسكران الذي بلغ به السكر حداً زال عقله معه وارتفع قصده يكون زواجه باطلاً كغيره من عقود ، سواء في ذلك الذكر والانثى ، هذا هو الاقوى على ما تقتضيه القواعد الشرعية ، ومتى كان العقد باطلاً فلا تنفعه اجازته بعد الافاقة ، لان الاجازة لا تصحح ما وقع باطلاً من اصله » (18) .
وورد انه لا يشترط التفتيش حين التزويج عن كون المرأة ذات بعل ام لا لسببين ، الاول : اصالة الصحة في فعل المسلم. والثاني : الروايات التي عمل بها الفقهاء. ومنها سؤال احدهم الامام جعفر بن محمد (عليه السلام) : ( ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها احد ، فأقول : ألك زوج ؟ فتقول : لا . فأتزوجها ؟ قال (عليه السلام) : نعم ، هي المصدّقة على نفسها ) (19) . وفي رواية اُخرى ، سأل من قبل عمر من حنظلة ، قال : ( اني تزوجت امرأة فسألت عنها ، فقيل فيها ؟ فقال (عليه السلام) : وانت لم سألت ايضاً ؟ ليس عليكم التفتيش ) (20) .
_____________________________
١ ـ المسالك للشهيد الثاني ـ كتاب النكاح.
2ـ مجمع البيان: ج3 ص59.
3ـ الجواهر: ج29 ص134.
4ـ المسالك. كتاب النكاح.
5ـ الوسائل: ج ٧ ص ١٩٧.
6ـ الجواهر: ج ٢٩ ص ١٤٣.
7ـ شرح اللمعة: ج ٥ ص ١١٠.
8ـ شرائع الاسلام : ج ٢ ص ٢٧٣.
9ـ سنن ابن ماجة : ج ١ ص ٦٠٣.
10ـ المصدر السابق ص602.
11ـ الكافي : ج ٥ ص ٤٠١.
12ـ التنقيح الرائع : ج ٣ ص ٣٣.
13ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ١٥٠.
14ـ المصدر السابق ص ٢٩.
15ـ تذكرة الفقهاء للمحقق الحلي ـ كتاب النكاح.
16ـ المغني لابن قدامة : ج ٧ ص ٩.
17ـ شرح اللمعة : ج ٥ ص ١١٢.
18ـ المسالك ـ كتاب النكاح.
19ـ الكافي : ج ٢ ص ٢٥.
20ـ الكافي : ج ٢ ص ٧٩.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|