أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-05-2015
1162
التاريخ: 25-4-2018
881
التاريخ: 24-05-2015
1390
التاريخ: 24-05-2015
1095
|
ثمّة فوارق رئيسيّة بين الشّيعة وسائر الفِرق، تتلخّص بالأُمور التالية:
الأوّل: وجوب نصب الإمام على الله سبحانه:
اتّفقت الأُمّة الإسلاميّة على وجوب نصب الإمام إلاّ بعض الفِرق من الخوارج، فذهبت الشيعة الإماميّة إلى وجوب نصبه على الله سبحانه، وذهبت السنّة إلى وجوب نصبه على الأُمّة، وليس المراد من وجوبه على الله سبحانه، هو إصدار الحكم من العباد على الله سبحانه حتّى يقال: { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57] ؛ بل المراد كما ذكرنا غير مرّة أنّ العقل حسب التعرف على صفاته سبحانه من كونه حكيماً غير عابث، يكشف عن كون مقتضى الحكمة هو لزوم النصب أو عدمه، وإلاّ فالعباد اقصر من أن يحكموا على الله بشيء.
ثُمَّ إنّ اختلافهم في كونه فرضاً على الله أو على الأُمّة ينجم عن اختلافهم في حقيقة الخلافة عن رسول الله، فمن ينظر إلى الإمام كرئيس سلطة زمنيّة فقد قال بوجوب نصبه على الأُمّة.
وأمّا من قال بأنّ الإمامة استمرار لوظائف الرسالة (لا لنفس الرسالة فإنّها مختومة برحيل النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم))، فمن المعلوم أنّ تقلّد هذا المقام يتوقّف على توفّر الصلاحيّات العامّة؛ التي لا ينالها الفرد إلاّ إذا حظي بعناية إلهيّة خاصّة، فيخلف النبيّ في علمه بالأُصول والفروع، وفي سدّ جميع الفراغات الحاصلة بموته.
الثاني: عصمة الإمام:
انفردت الإماميّة من بين الفِرق الإسلاميّة بوجوب عصمة الإمام من الذنب والخطأ، مع اتّفاق غيرهم على عدمه.
إنّ الاختلاف في لزوم وصف الإمام بالعصمة وعدمه، نابع من الاختلاف في تفسير الإمامة بعد الرسول؛ فمن تلقّاها بأنّها سلطة زمنيّة فشأنه شأن سائر الحكام، وأمّا من رأى الإمامة بأنّها استمرار لمنصب النبوّة والرسالة، وأنّ الإمام مكلّف بملء الفراغات الحاصلة بعد رحيل النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فلا محيص له عن الالتزام بعصمة الإمام؛ لأنّ الغاية من الإمامة لا تحصل إلاّ بعناية إلهيّة.
وثمّة نكتة جديرة بالذّكر؛ وهي أنّه لا ملازمة بين العصمة والنبوّة، فكلّ نبيّ معصوم ولا عكس، بشهادة أنّ مريم (عليها السّلام) معصومة بنص الذكر الحكيم، وليست بنبيّة.
الثالث: الإمام المنتظر:
الاعتقاد بالإمام المهدي المنتظر عقيدة تجمع سائر المسلمين، فقد تواترت البشارات عن النبيّ بظهور المهدي في آخر الزمان لإعلاء كلمة الحق وإظهار الدين كلّه ولو كره المشركون. وإنّما اختلفوا في ولادته؛ فالشيعة بفضل الروايات المتواترة ذهبت إلى أنّه ولد في سُر من رأى (عام 255هـ)، وغاب بأمر الله سبحانه سنة وفاة والده (عام 260هـ)، وهو يحيا حياة طبيعيّة كسائر الناس، والناس يرونه ولا يعرفونه، وسوف يظهره الله سبحانه ليحقّق عدله، وأمّا أهل السنّة فقد وافق لفيف منهم الشيعة، ولكن الأغلبيّة على أنّه سيولد في آخر الزمان.
وقد ألّف غير واحد من أعلام السنّة كتباً حول المهدي، وتضافرت الروايات عن طريقهم على ظهور المهدي في آخر الزمان، يقول الدكتور عبد الباقي في كتابه (بين يدي الساعة):
إنّ المشكلة ليست في حديث أو حديثين أو راو أو راويين، إنّها مجموعة من الأحاديث والأخبار تبلغ الثمانين تقريباً، اجتمع على تناقلها مئات الرواة، وأكثر من صاحب كتاب صحيح.(1)
الرابع: القول بالبَداء:
إنّ القول بالبَداء وإن كان من عقائد الشيعة الإماميّة، ولكنّها في الواقع جزء من العقيدة الإسلاميّة؛ بشرط أنّ يفسّر بمعناه الصحيح. وحقيقة البَداء عبارة عن تغيير المصير بالأعمال الصالحة أو الطالحة.
وبعبارة أُخرى: ليس للإنسان مصير مقدّر واحد يصيبه على وجه القطع والبتّ، شاء أو لم يشأ، بل يتغيّر مصيره بالحسنات والسيئات وشكر النعمة وكفرانها، وبالإيمان والتقوى.
يقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
وقال سبحانه: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ } [يونس: 98].
وقد تضافرت الروايات على أنّ الصدقة تدفع البلاء، وأنّ الاستغفار يجلب الرزق، وأنّ الدعاء يرد القضاء، إلى غير ذلك من الروايات، وإلى هذا الأصل ينظر قوله سبحانه: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39].
نعم تفسير البّداء بمعنى الظهور بعد الخفاء على الله سبحانه تفسير خاطئ لا يمتّ إلى القول بالبّداء عند الشيعة بصلة، وقد ورد في صحيح البخاري قوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): إنّ ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى بد الله أن يبتليهم...(2).
والمراد من البّداء في الحديث هو نفس البّداء عند الشيعة؛ بمعنى تغيير المصير بالأعمال الصالحة أو الطالحة.
الخامس: الرجعة:
الرجعة عبارة عن عود جماعة قليلة إلى الحياة الدنيويّة قبل يوم القيامة، ثُمَّ موتهم وحشرهم مجدداً يوم القيامة. ولا شكّ في إمكانه؛ لأنّه قد أحيا سبحانه أشخاصاً ثُمَّ أماتهم في هذه الدنيا، وجاء تفاصيلهم في الذكر الحكيم:
1 ـ إحياء جماعة من بني إسرائيل.(3)
2 ـ إحياء قتيل بني إسرائيل(4).
3 ـ موت أُلوف من الناس وبعثهم من جديد.(5)
4 ـ بعث عُزير بعد مائة عام من موته.(6)
5 ـ إحياء الموتى على يد عيسى (عليه السّلام).(7)
فلو كان الاعتقاد برجوع بعض الناس إلى الدنيا قبل القيامة محالاً، فما معنى هذه الآيات الصريحة في رجوع جماعة إليها؟
ثُمَّ إنّ بعض الآيات يدلّ على استحقاق البعض من الناس ـ وعلى وجه الإجمال ـ الرجوع إلى هذه الدنيا قبل يوم القيامة ، وأمّا من هم؟، وفي أيّ وقت يرجعون؟، ولأيّ غرض يعودون إلى الدنيا؟، فليس هنا مقام بيانها، إنّما نكتفي ببيان هذه الآية الدالة على وقوعه قبل البعث.
قال سبحانه: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل: 82، 83].
فالآية تدلّ على حشر فوج من كلّ جماعة قبل يوم القيامة، وأمّا الحشر في يوم القيامة، فهو يتعلّق بالجميع لا بالبعض؛ كما يقول سبحانه: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: 47] (8).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بين يدي الساعة: 123.
(2) صحيح البخاري: 4/172، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع من بني إسرائيل.
(3) البقرة: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 55، 56].
(4) البقرة: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 72، 73].
(5) البقرة: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [البقرة: 243].
(6) البقرة: { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 259].
(7) آل عمران: {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ } [آل عمران: 50].
(8) الكهف: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا } [الكهف: 47].
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاب الفلسفة الغربية برؤية الشيخ مرتضى مطهري
|
|
|