أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-4-2016
2403
التاريخ: 8-4-2016
4836
التاريخ: 10-4-2016
2982
التاريخ: 8-4-2016
3554
|
أُثيرت مسألة تحليل دم المتهم للحصول على الادلة ، بوصفها من الاجراءات التي يعتمد عليها المحقق في القضايا المتعلقة بأثبات البنوة ، وبعض جرائم القتل التي يقصد منها معرفة نسبة الكحول (1) وهذا ما يختلف في ضوئه موقف الفقه والقضاء المقارن والتشريعات في مدى مشروعية اللجوء الى هذه الوسائل ، إذ يذهب جانب من الفقه المقارن(2) الى القول بعدم شرعية هذا الاجراء بوصفه يمثل اعتداءاً على الحرية الشخصية للمتهم او يمثل اعتداءاً على ارادة المتهم ، اما الجانب الأخر من الفقه(3) فلا يرى تعارضاً في استخدام هذه الوسيلة ما دام قد تم ذلك بمعرفة طبيب مختص ولم يكن من شانه الاضرار بالشخص المراد تحليل دمه ، وعليه فهذا الجانب من الفقه يرى ان تحليل الدم من الاجراءات المباحة على الرغم مما فيه من اعتداء على جسم الانسان ، ما دام استخدام هذه الوسيلة مؤكد النتائج(4) لذا يذهب بعضهم (5) الى ان تحليل الدم يعد تفتيشاً يهدف الى التوصل الى دليل مادي ويتضمن اعتداءاً على سر الانسان ، اما بعضهم الاخر(6) - وهو الغالب - فيرى ان تحليل الدم يعد عملاً من اعمال الخبرة لانه يستهدف التثبت من حقيقة موقف المتهم ، ومن ثم لا يعد الدم مستودعاً للسر. أما موقف التشريعات المقارنة ، فقانون الولايات المتحدة يرى ضرورة إخضاع السائقين الذين يقبض عليهم في حالة سكر لفحص الدم ، فإن رفضوا ، تعرضوا لسحب تراخيص القيادة منهم ، ولا شك في ان هذا الاجراء من شأنه ان يحمل المشتبه بهم على الخضوع إرادياً للفحص(7) شريطة ان يتم تحليل الدم من اشخاص مرخص لهم بذلك ، والا اعتبر هذا الفعل ماساً بحرمة الحق في الخصوصية يحق معه للشخص المتضرر الادعاء مدنياً والمطالبة بالتعويض(8). أما القانون الفرنسي فقد جعل اخذ عينات الدم أمراً لازماً في حوادث الطرق القاتلة(9)، ولرجال الضبط القضائي او الاداري الذين يعتقدون ان الحادث قد وقع تحت تأثير الكحول ، ان يطلبوا من الشخص الخضوع للفحص الطبي او تحليل الدم للتأكد من نسبة الكحول فيه ، واذا امتنع فإن ذلك يعد جريمة يعاقب عليها القانون(10). وفي العراق يجوز لقاضي التحقيق او المحقق ان يرغم المتهم او المجني عليه في جناية او جنحة ، على اخذ عينة دمه او من اظافره او غير ذلك مما يفيد التحقيق من اجراء الفحص اللازم(11) ، ومفاد ذلك ان المشرع العراقي وضع قاعدة عامة مؤداها ان يكون لقاضي التحقيق او المحقق ان يجبر المتهم بل المجني عليه كذلك على الخضوع لفحص الدم ، وذلك بشرطين الاول : ان يتعلق الامر بجناية او جنحة ، والثاني: ان يكون من شان ذلك ان يفيد في امر التحقيق .
في القانون المصري يجوز لرجال الشرطة التحقيق في حالة سائق السيارة الذي يقودها وهو في حالة سكر او تحت تأثير المخدر واخضاعه لتحليل الدم(12)كما يجيز القضاء المصري الاثبات في مسائل التحقيق الجنائي عن طريق تحليل الدم ، وعدها وسيلة مشروعة في الاثبات وخاصة اذا تعلق الامر في حالات اثبات البنوة(13).
اما بالنسبة الى القانون الاردني فانه لم يشر صراحة جواز اللجوء الى هذه الوسيلة في الاثبات غير ان احكام القضاء الاردني استقرت على اعتبار اجراء تحليل الدم اجراءاً مشروعا يجوز للمحكمة ان تعتمد عليه في الاثبات(14) وعليه يتضح قانونية اجراء تحليل الدم في الاردن مهما كانت ماهيته ، سواء اعتبر تفتيشاً طبقاً لرأي بعضهم (15) ام خارج هذا النطاق شريطة ان لا يترتب على مباشرته أي اضرار بالمتهم او تسبيب ايلام له ، او انتهاك لمعتقداته(16) فضلاً عن انه يجب ان يكون التحليل مفيدا في التحقيق أي كشف الحقيقة ، وان يتم اجراؤه من طبيب مختص ، ومن ثم لا يكون في تقديرنا المتواضع ثمة مانع من استعمال هذه الوسائل في التحقيقات عموما ، ما دامت تؤدي الى نتائج مقبولة ومعترف بها علمياً ، ولا سيما اذا كانت تكمل غيرها من الادلة ولا يجوز استبعادها باعتبار انها تمس حقوقا للفرد ، لانه في هذه الحالة ينبغي تغليب مصلحة المجتمع التي تحل باجراءاتها مشاكل اجتماعية خاصة في قضايا اثبات البنوة.
_____________________
1- ينظر: سامي حمدان ، مصدر سابق ، ص143.
2- ينظر: فاروق الكيلاني ، محاضرات في اصول المحاكمات الجزائية ، ط3 ، 1995 ، ص397 ، وينظر: د. قدري عبد الفتاح الشهاوي ، الموسوعة الجزائية الشرطية ، عالم الكتب ، القاهرة 1977، ص209 .
3- ينظر: د.ممدوح خليل ، مصدر سابق ، ص477 .
4- ينظر: د. سامي الحسني،مصدر سابق ، ص 245-246 .
5- ينظر: المصدر السابق .
6- ينظر: د. قدري عبد الفتاح ، مصدر سابق ، ص209.
كما عنيت المؤتمرات الدولية بدراسة هذه المسألة ، اذ اجاز مؤتمر الامم المتحدة المنعقد في فينا سنة 1960م تحليل الدم بوصفه وسيلة مشروعة من وسائل الاثبات في سبيل تحقق المصلحة العامة ، وتناولت هذا الموضوع الحلقة الدراسية المنعقدة في نيوزلندا عام 1961م ورأى المشاركون فيها انه ليس هناك مانع من استعمال هذه الوسائل في التحقيقات عموماً مادامت تؤدي الى نتائج مقبولة معترف بها علمياً، ولا سيما اذا كانت تكمل غيرها من الادلة ، ومن ثم لا يجوز استبعادها بوصفها تشكل اعتداءاً على حقوق الافراد وحرياتهم ينظر : المصدر نفسه ، ص210 وكذلك د. ممدوح خليل ، مصدر سابق ، ص476 –477.
7- ينظر: د. سامي الحسني ، مصدر سابق ، ص246.
8- ينظر: د. ممدوح خليل ، مصدر سابق ، ص481 وكذلك سامي حمدان ، مصدر سابق، ص144.
9- ينظر: د. ممدوح خليل ، المصدر السابق ، ص478.
10- هذه العقوبة عادة ما تصل الى الحبس لمدة سنة وفقاً للمادتين (88 ، 89) من قانون 15/ابريل/ 1954م الفرنسي الخاصتين بتقنين المشروبات الروحية والتدابير الخاصة بمكافحة الكحول ، الى ان اصبح تحليل الدم إلزامياً في فرنسا بصدور قانون 9/يونيو سنة 1970م .
11-تنص المادة (70) اصولية عراقي على "لقاضي التحقيق او المحقق ان يرغم المتهم او المجني عليه في جناية او جنحة على التمكين من الكشف على جسمه واخذ تصويره الشمسي او بصمة اصابعه او قليل من دمه او شعره او اظافره او غير ذلك مما يفيد التحقيق لاجراء الفحص اللازم عليها ويجب بقدر الامكان ان يكون الكشف على جسم الانثى بواسطة انثى كذلك".
12- ينظر: قانون المرور المصري الجديد رقم (66) لسنة 1973 م.
13- ينظر: قرار محكمة النقض المصرية المرقم (1217/38) بتاريخ 21/10/1968م ، وقد اشار اليه فاروق الكيلاني ، مصدر سابق ، ص399.
14- وقد عرضت على القضاء الاردني دعوى قدمت فيها النيابة العامة شخصين بتهمة ارتكاب جرم خطف طفلين ، وقد ادعى هذان الشخصان بان الطفلين هما ابنان لهما ، وقدما شهادة ولادة تثبت الابوة ، وقد قررت المحكمة اجراء تحليل الدم للطفلين والمشتكى عليهما، وارسلت عينات الدم الى المختبر الجنائي في مديرية الامن العام والى دائرة الطب الشرعي في كلية الطب بجامعة لندن ، وجاءت نتائج التحليل بتغاير فئات الدم بين الطفلين المخطوفين والمشتكى عليهما ، فقررت المحكمة ادانة المشتكى عليهما بجرم الخطف، وايدت ذلك محكمة التمييز ، في قرارها المرقم (652 /97) بتاريخ 2/2/1997م مؤكدة انه " اذا كانت
محكمة الموضوع قد اغفلت ادلة هامة فلم تحققها ، ولم تستمع الى شهادة الخبير ، وموظف المختبر الجنائي، الذي قام بتحليل عينات الدم التي كانت قد التقطت من مسرح الجريمة لبيان مدى مطابقة هذه العينات مع فصيلة دم كل من المتهمين ، فتكون المحكمة بذلك قد خالفت القانون ويكون قرارها حريا بالنقض" . وينظر : كذلك قرار محكمة التمييز الاردنية ، جزاء رقمه (525/97) المجلة القضائية ، العدد (4) ، 1997م ، ص433.
15- ينظر: د. سامي الحسني ، مصدر سابق ، ص246 ومابعدها.
16- ينظر: ياقوت العشماوي وعبد الخالق شهيب ، مصدر سابق ، ص67 ومابعدها.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|