ثالثاً : الحوكمة   

يـعد مصطلح (الحوكمة) أو (الحكمانية أو إدارة الحكم) أو (الإدارة المجتمعية) هو الترجمة المختصرة التي راجت لمصطلح الحوكمة ، أما الترجمة العلمية لهذا المصطلح والتي اتفق عليها فهي أسلوب ممارسة سلطات الإدارة الرشيدة وقد ظهرت الحاجة إلى الحوكمة في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة خلال العقود القليلة الماضية ، ولاسيما في إعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية التي شهدتها عدد من دول شرق آسيا وأمريكا الجنوبية وروسيا خلال عقد التسعينات من القرن العشرين ، وكذلك ما شهده الاقتصاد الأمريكي مؤخراً من انهيارات مالية ومحاسبية خلال عام 1997 و 2002 و 2008 . وتزايدت أهمية الحوكمة نتيجة لاتجاه كثير من دول العالم إلى النظم الاقتصادية الرأسمالية التي يعتمد فيها بدرجة كبيرة على الشركات الخاصة لتحقيق معدلات مرتفعة ومتواصلة من النمو الاقتصادي .

وقد أدى اتساع حجم تلك المشروعات إلى البحث عن مصادر للتمويل أقل تكلفة من المصادر المصرفية فكان الاتجاه إلى أسواق المال. وساعد على ذلك ما شهده العالم من تحرير للأسواق المالية ، فتزايد انتقال رؤوس الأموال عبر الحدود بشكل غير مسبوق ، ودفع اتساع حجم الشركات وانفصال الملكية عن الإدارة إلى ضعف آليات الرقابة على تصرفات المديرين والى وقوع كثير من الشركات في أزمات مالية. وعلى ذلك تهدف قواعد وضوابط الحوكمة إلى تحقيق الشفافية والعدالة، ومنح حق مساءلة الشركة ومن ثم تحقيق الحماية للمساهمين ومراعاة مصالح العمل والعمال والحد من استغلال السلطة في غير المصلحة العامة ، بما يؤدي إلى تنمية الاستثمار وتشجيع تدفقه وتنمية المدخرات وتعظيم الربحية ، وإتاحة فرص عمل جديدة . كما أن هذه القواعد تؤكد أهمية الالتزام بأحكام القانون والعمل على ضمان مراجعة الأداء المالي ووجود هياكل إدارية تمكن من محاسبة الإدارة.

والحوكمة مصطلح حديث، يحتمل تعاریف متعددة غير محددة، لأنه يتداخل في العديد من الجوانب الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية وقد عرف البنك الدولي (الحوكمة) : بأنها الأسلوب الذي تمارس به السلطة إدارة مصادر الدولة الاقتصادية للموارد المالية من اجل التنمية ، أما منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فقد عرفت (الحوكمة): بأنها القواعد التي تتحكم باعمال المنشأت وطرائق أدارتها ، ويحدد هيكلها توزيع الحقوق والمسؤوليات بين الأطراف المختلفة فيها وهم مجلس الإدارة والمديرون والمساهمون .

أما برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) فقد عرف الحوكمة بأنها تعني ممارسة السلطات الاقتصادية والسياسية والإدارية لإدارة شؤون المجتمع في كافة مستوياته.

والحوكمة هي مجموعة القواعد والقوانين والنظم والقرارات التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والحوكمة يقصد بها النظام أي وجود نظم تحكم العلاقات بين الأطراف الأساسية في المجتمع .
وترتكز الحوكمة على عدة محاور في مقدمتها منها الشفافية فيما يتعلق بنظام المعلومات وإطلاع المستفيدين (المساهمين في الشركات) على تفاصيل المعاملات وطرق اتخاذ القرارات من قبل مجالس الإدارة والأسباب الموجبة لذلك ، والفائدة المتوخاة من تلك القرارات ، والنتائج المترتبة عليها، وتبيان المواقف المالية من  خلال إطلاع المساهمين عليها توخياً لتوسيع دائرة المشاركة والرقابة ودعم عملية  تصويب الأخطاء ، بما يفضي إلى تحصين النتائج في القرارات والخطوات المستقبلية، و تعد عملية مكافحة الفساد المالي والإداري محوراً مهماً وأساسياً في حوكمة الشركات لأنها تمثل تهديداً خطيراً لعمليات التنمية والإصلاح الاقتصادي التي يتوجب التحسب لها والسيطرة عليها ولجمها وتحجيم مضارها ، وذلك استناداً إلى محور الشفافية الذي يعد ركيزة أساسية للأعمال الناجحة التي يتوقف عليها تشجيع المستثمرين وإقناعهم بمدى كفاءة وحسن أداء إدارة الشركات بشكل يدفعهم إلى الاقتناع بجدوى استثمار مزيد من الأموال لجني أكبر قدر ممكن من الأرباح ، ما يدفع إلى توسيع أعمال الشركات ومن ثم أرباحها ، وزج المزيد من العمالة في مفاصل العمل المختلفة بما يفضي إلى منفعة جميع الأطراف ، وتدوير عجلة النشاط الاقتصادي صوب النماء، هذا إلى جانب اعتماد المعايير الدولية في حوكمة الشركات .

المتغيرات المؤثرة على الحوكمة  : 

يمكن ادراج متغيرات الحوكمة الى المتغيرات السبعة الآتية : 

1ـ النوعية التنظيمية .

2- القاعدة القانونية .
3- فعالية الحكومة .
4- التصويت والمسؤولية .
5- الاستقرار السياسي .
6- السيطرة على الفساد .
7- حرية الصحافة.