تجب البعثة لوجوب التكاليف العقلية والشرعية, لأنها لطف في الأول وشرط في الثاني, وما كان كذلك فهو واجب.

وبيان ذلك: أن العبادات متلقّاة من النبي صلى الله عليه وآله والمداومة باعثة على معرفة المعبود الواجب عقلاً فتكون لطفاً, وكونها شرطه في السمعي فظاهر, و ... وجوب اللطف وكون شرط الواجب واجب, ولأن الإنسان مدني بالطبع لا يمكن أن يعيش وحده وذلك ظاهر, والاجتماع مظنة النزاع لأن التغليب موجود في الطباع فكل يرى العمل بشهوته, ويرى حفظ ماله وبطلان حق غيره فتدعوه شهوته وغضبه إلى المنازعة المؤدية إلى هلاك النوع وفساده؛ فلابد من معاملة وعدل يجمعها قوانين كلية, وتلك هي الشريعة.

ولا يجوز تفويضها إلى أفراد النوع الإنساني وإلا لوقع النزاع المؤدي إلى الفساد؛ فوجب تفويضها إلى القدير العليم, ولما تعذر مشافهته وجب وجود واسطة وذلك هو النبي, ويجب اختصاصه بآيات ودلالات يمتاز بها عن بني نوعه يدل بها على أنه مبعوث من عند ربه ويكون طريقاً إلى تصديقه.

ويجب اشتمال الشريعة على وعد ووعيد أخرويات, لأنه ربما غلبت القوة الشهوية فتنبعث على مخالفة الشريعة, والخوف والرجاء يحملهم على متابعتها, وأن تكون مشتملة على عبادات مذكرة للمعبود لاستيلاء السهو و النسيان على أفراد نوع الإنسان.