أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2015
4977
التاريخ: 30-01-2015
3986
التاريخ: 19-4-2022
2218
التاريخ: 8-5-2016
7305
|
فتح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) بهجرته عهدا جديدا في تأريخ البشرية بشكل عامّ وفي تأريخ الرسالة الإسلامية بشكل خاص ، وبدأت معالم الدولة تتوضّح ومظاهر قوة المسلمين تبدو للعيان ، وفي الجانب الآخر لم تتوقّف قريش ومن والاها من المشركين ويهود المدينة الذين أظهروا السلم نفاقا وتغطية على التخطيط السرّي للقضاء على الإسلام وأهله ، وكان رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) يعالج الأمور بحكمة ورويّة ، ومن الطبيعي أن لا يقف النبيّ من مؤامرات أعداء الاسلام وتحرّشاتهم موقف الضعيف المتخاذل ، فأخذ يرسل السرايا ليهدّدهم ويطاردهم أحيانا .
ولما كان للمدينة موقع استراتيجي مهم في طرق التجارة والمواصلات في الجزيرة العربية ؛ فقد أصبح المسلمون بعد تزايد عددهم قوّة ضغط لابدّ من وضعها في الحسبان ، ومنذ أن وطأت قدم عليّ ( عليه السّلام ) مدينة الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) ؛ بدأ العمل في كلّ جوانب الحياة وما تتطلبه الرسالة الإسلامية جنبا إلى جنب الرسول من بناء الدولة ونشر الرسالة مندفعا بطاقة ذاتية هائلة بما وهبه اللّه من قوّة وعزيمة لا توازيها قوّة وطاقة مجموعة كبيرة من الأفراد ، فكان الذراع القويّ التي يضرب بها رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، ونجد هذا واضحا جليّا في كلّ وقعة ومعركة دخل فيها عليّ ( عليه السّلام ) ، وكان من طبيعة المعارك أنّها تتوقّف في العادة على الجولة الأولى ، فمن يفوز فيها تحسم المعركة لصالحه ، كما في معركة بدر[1] التي كانت عنوانا لبداية أفول كلّ القوى العسكرية في الجزيرة وخصوصا قريش ، ومنطلقا للانتصارات والفتوحات التي حقّقها المسلمون .
روي أنّ عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة خرجوا ودعوا إلى المبارزة ، فخرج إليهم في البداية عوف ومعوّذ ابنا عفراء وعبد اللّه بن رواحة وكلّهم من الأنصار ، فقالوا لهم : من أنتم ؟ قالوا : من الأنصار ، فقالوا : أكفاء كرام وما لنا بكم من حاجة ، ليخرج الينا أكفاؤنا من قومنا .
فأمر النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) عمّه حمزة وعبيدة بن الحارث وعليّا بمبارزتهم ، فدنا بعضهم من بعض فبارز عبيدة بن الحارث عتبة ، وبارز حمزة شيبة ، وبارز عليّ ( عليه السّلام ) الوليد ، فأمّا حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله ، وقتل علي ( عليه السّلام ) الوليد ، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما قد أثبت صاحبه ، وكرّ حمزة وعليّ ( عليه السّلام ) على عتبة فقتلاه[2].
ثمّ نشبت المعركة بين طرفين غير متكافئين بالموازين العسكرية : جبهة المسلمين وعددها ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، تقاتل عن إيمان وعقيدة ، تدافع عن الحقّ وتدعو إليه ، وجبهة قريش وعددها تسعمائة وخمسون رجلا تقاتل عن حميّة وعصبيّة جاهلية ، وهنا دخلت عناصر جديدة في الحرب منها : دعاء الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) وثباته وبسالة حمزة وقوّة عليّ ( عليه السّلام ) ، فغاص عليّ وحمزة وأبطال المسلمين في وسط قريش ، ونسي كلّ واحد منهم نفسه وكثرة عدوه ، فتطايرت الرؤوس عن الأجساد ، وأمدّ اللّه المسلمين بالقوة والعزيمة والثبات ، وأسر المسلمون كلّ من عجز عن الفرار حتى بلغ عدد الأسرى سبعين رجلا ، وعدد القتلى اثنين وسبعين رجلا .
وتنصّ الروايات على أنّ عليّا ( عليه السّلام ) قتل العدد الأكبر منهم ، فعلى أقل التقادير أنّه ( عليه السّلام ) قتل أربعة وعشرين ، وشارك في قتل ثمانية وعشرين آخرين ، ويبدو أنّ الذين قتلهم عليّ ( عليه السّلام ) هم أبطال قريش وصناديدها[3].
في هذه المعركة المهمّة كان عليّ ( عليه السّلام ) صاحب راية رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) إضافة إلى دوره الحاسم لنتيجة المعركة[4].
وروي أنّ رجلا من بني كنانة دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال له : هل شهدت بدرا ؟ قال : نعم ، قال : فحدّثني ما رأيت وحضرت .
قال : ما كنّا شهودا إلّا كغياب ، وما رأينا ظفرا كان أوشك منه ، قال : فصف لي ما رأيت .
قال : رأيت عليّ بن أبي طالب غلاما شابّا ليثا عبقريا يفري الفري ، لا يثبت له أحد إلّا قتله ، ولا يضرب شيئا إلّا هتكه ، ولم أر من الناس أحدا قطّ أنفق منه يحمل حملته ويلتفت التفاتة ، كأنّه ثعلب روّاغ ، وكأنّ له عينان في قفاه ، وكأنّ وثوبه وثوب وحش[5].
[1] يقال لها : معركة بدر العظمى ، وقعت في السنة الثانية للهجرة في السابع عشر من شهر رمضان ، وقيل : في التاسع عشر منه .
[2] الكامل في التأريخ : 2 / 134 و 135 ط مؤسسة الأعلمي ، وتأريخ الطبري : 3 / 35 .
[3] الإرشاد للمفيد : 64 الفصل 19 الباب 2 ، وكشف الغمّة : 1 / 182 .
[4] الإستيعاب لابن عبد البرّ المالكي بهامش الإصابة : 3 / 33 ، وتأريخ دمشق لابن عساكر : 1 / 142 .
[5] حلية الأولياء لأبي نعيم : 9 / 145 .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
باحثون: ملتقى مدرسة الحلة الكلامية يعزز الفكر العلمي والديني
|
|
|