أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-2-2018
1565
التاريخ: 1-07-2015
11083
التاريخ: 9-2-2018
25481
التاريخ: 4-12-2018
1521
|
ﻻ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ...ﺍﻷﺻﻮﻝ[الاعتقادية] ... ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻃﺮﻗﻬﺎ، ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻻ ﺧﺎﻣﺲ ﻟﻬﺎ:
(ﺃﻭﻟﻬﺎ) ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﺊ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﺮﻛﻮﺯﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ، ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻻﺛﻨﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﻦ ﻻ ﻳﻜﻮﻧﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﺍﻟﺸﺊ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﺃﻭ ﻣﻨﻔﻴﺎ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺮﻛﻮﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ. (ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ) ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﺇﺫﺍ ﺃﺩﺭﻙ ﻭﺍﺭﺗﻔﻊ ﺍﻟﻠﺒﺲ، ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺪﺭﻛﺎﺕ ﺑﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﺤﻮﺍﺱ (1).
(ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ) ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺎﻷﺧﺒﺎﺭ، ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻭﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ.
(ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ) ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻭﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ.
ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻴﺲ ﺑﺤﺎﺻﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻭﻝ، ﻷﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻓﻴﻪ ﺑﻞ ﻳﺘﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﺒﺮ ﻻ ﻳﻄﺎﺑﻖ ﺍﻟﺬﺭﺍﻉ. ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﺧﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ. ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﺃﻳﻀﺎ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺪﺭﻙ ﺑﺸﺊ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻮﺍﺱ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻨﺒﻴﻨﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺪﺭﻛﺎ ﻣﺤﺴﻮﺳﺎ ﻷﺩﺭﻛﻨﺎﻩ ﻣﻊ ﺻﺤﺔ ﺣﻮﺍﺳﻨﺎ ﻭﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻟﺔ.
ﻭﺍﻟﺨﺒﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺘﻨﺪﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ، ﻛﺎﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺪﺭﻙ، ﻭﺍﻟﺨﺒﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺩﺭﺍﻙ ﻻ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﺨﺒﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﺑﺼﺪﻕ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻓﻼ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ ﻳﺨﺒﺮﻭﻥ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪﺓ ﺑﺤﺪﻭﺙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻼ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ. ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻄﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺒﺮ، ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺘﻢ ﻋﻦ ﺗﻘﻠﻴﺪ [ﺍﻵﺑﺎﺀ ﻭ] ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﻴﻦ؟ ﻗﻠﻨﺎ: ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺇﻥ ﺃﺭﻳﺪ ﺑﻪ ﻗﺒﻮﻝ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺣﺠﺔ - ﻭﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ - ﻓﺬﻟﻚ ﻗﺒﻴﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ، ﻷﻥ ﻓﻴﻪ ﺇﻗﺪﺍﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺄﻣﻦ ﻛﻮﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪﻩ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺟﻬﻼ ﻟﺘﻌﺮﻳﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ، ﻭﺍﻹﻗﺪﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻗﺒﻴﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ. ﻭﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪ ﺃﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ﺇﺫﺍ ﺭﻓﻌﻨﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﻭﻫﺎﻣﻨﺎ.
ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺘﺴﺎﻭﻯ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻧﻘﻠﺪ ﺍﻟﻤﺤﻖ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺒﻄﻞ. ﻗﻠﻨﺎ: ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻜﻮﻧﻪ ﻣﺤﻘﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ، ﻷﻧﺎ ﺇﻥ ﻋﻠﻤﻨﺎﻩ ﺑﺘﻘﻠﻴﺪ ﺁﺧﺮ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺴﻠﺴﻞ، ﻭﺇﻥ ﻋﻠﻤﻨﺎﻩ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻓﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻣﻨﻪ ﻳﺨﺮﺟﻪ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﻣﻘﻠﺪﺍ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻌﺼﻮﻡ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻘﺒﻠﻪ ﻣﻨﻪ، ﻟﻘﻴﺎﻡ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ. ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ: ﻧﻘﻠﺪ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻭﻧﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻬﻢ. ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺿﻼﻝ، ﺑﻞ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﻤﺒﻄﻠﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﻤﺤﻘﺔ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻭﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮ. ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﺰﻫﺪ ﻭﺍﻟﻮﺭﻉ، ﻷﻥ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻔﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺒﻄﻠﻴﻦ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺗﺮﻯ ﺭﻫﺒﺎﻥ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺭﻓﺾ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻊ ﺃﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻃﻞ ﻓﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺟﻤﻊ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺗﻀﻠﻴﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﺗﻜﻔﻴﺮﻫﻢ، ﻷﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﻨﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻭﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﻭﻻ ﻳﻬﺘﺪﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻧﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺬﻟﻚ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻳﺴﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺟﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﻳﺒﺪﻋﻬﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ [ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻷﻣﺼﺎﺭ، ﻷﻧﻪ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ] ﻟﻢ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻭﻻ ﺳﻤﻊ ﻣﻨﻪ ﺣﺮﻑ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻻ ﻧﻘﻞ ﻋﻨﻬﻢ ﺷﺊ ﻣﻨﻪ، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻘﺎﻝ ﺑﻤﺬﻫﺐ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺗﻀﻠﻴﻠﻬﺎ، ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺎﺏ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺰﻫﺪ ﻓﻴﻪ ﻭﻳﺮﻏﺐ ﻋﻨﻪ. ﻗﻴﻞ: ﻫﺬﺍ ﻏﻠﻂ ﻓﺎﺣﺶ ﻭﻇﻦ ﺑﻌﻴﺪ، ﻭﺳﻮﺀ ﻇﻦ ﺑﻤﻦ ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻤﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻟﺴﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﺻﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺪﺍﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻭﻳﺠﺮﻱ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻓﺈﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻭﺍﺟﺒﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻭﺟﺒﻨﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﻤﻮﺻﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻋﺪﻟﻪ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻧﺒﻴﻪ ﻭﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ، ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻬﻴﺎ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺟﺐ ﻭﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﻷﺣﺪ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺁﻳﺔ ﻭﻻ ﺩﻻﻟﺔ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺗﻀﻤﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻩ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻭﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮ. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الأعراف: 185]. ﻭﻗﺎﻝ: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 17 - 20]. ﻭﻗﺎﻝ: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]. ﻭﻗﺎﻝ: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ} [عبس: 17 - 19] ﺍﻵﻳﺔ. ﻭﻗﺎﻝ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190] ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 194]. ﻭﻗﺎﻝ: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا } [عبس: 24 - 26] ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} [عبس: 32]. ﻭﻗﺎﻝ: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المؤمنون: 12، 13] ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14]. ﻭﻗﺎﻝ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الرعد: 3] ﻭ {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد: 4] ﻭ {لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [الزمر: 21] ﻭ {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: 37] ﻳﻌﻨﻲ ﻋﻘﻞ. ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪﺍﺩﻫﺎ ﻳﻄﻮﻝ. ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺤﺚ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﻳﻨﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻭﻳﻨﺼﺒﻬﺎ ﻭﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﺤﺮﻣﻬﺎ. ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭﻩ ﺇﻻ ﻏﺒﻲ ﺟﺎﻫﻞ. ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻭﻣﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻷﻋﺼﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻀﻼﺀ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻡ، ﻓﺄﻭﻝ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻠﻢ، ﺑﻞ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻣﻤﻠﻮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﻫﻮ ﺷﺎﺋﻊ ﺫﺍﺋﻊ ﻓﻲ ﺧﻄﺐ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﻭﺍﻟﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻣﺸﻬﻮﺭ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﻼﻡ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻣﻦ ﺃﻭﻻﺩﻩ، ﻭﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﻣﻌﺮﻭﻓﻮﻥ ﻣﺸﻬﻮﺭﻭﻥ.
ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺠﺤﺪ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﻨﻜﺮ ﻭﺟﻮﺩﻩ، ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ " ﺃﻋﺮﻓﻜﻢ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺃﻋﺮﻓﻜﻢ ﺑﺮﺑﻪ " ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﻪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ " ﺃﻭﻝ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ، ﻭﺃﺻﻞ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺗﻮﺣﻴﺪﻩ، ﻭﻧﻈﺎﻡ ﺗﻮﺣﻴﺪﻩ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻋﻨﻪ، ﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺣﻠﺘﻪ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻓﻬﻮ ﻣﺨﻠﻮﻕ، ﻭﺷﻬﺎﺩﺗﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﺧﺎﻟﻖ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺨﻠﻮﻕ " ﺛﻢ ﻗﺎﻝ " ﺑﺼﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺑﺎﻟﻌﻘﻮﻝ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ، ﻭﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻳﺜﺒﺖ ﺣﺠﺘﻪ، ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺑﺎﻟﺪﻻﻻﺕ، ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺑﺎﻟﺒﻴﻨﺎﺕ " (2) ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ. ﻭﺧﻄﺒﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺤﺼﻰ. ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ (ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺥ ﻝ) ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: " ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻳﻌﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻋﺮﻓﻪ ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻳﻌﺒﺪﻩ ﻫﻜﺬﺍ ﺿﻼﻻ " ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺑﻴﺪﻩ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: " ﻭﺟﺪﺕ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺃﺭﺑﻊ: ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﺭﺑﻚ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﺻﻨﻊ ﺑﻚ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﻣﻨﻚ، ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻳﺨﺮﺟﻚ ﻣﻦ ﺩﻳﻨﻚ " (3). ﺛﻢ ﺇﻧﻪ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ، ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻓﺮﻋﻪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻭﺩﻭﻧﻮﻩ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻬﻢ ﻭﺩﺍﺭﺕ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻞ ﻭﺍﻷﻗﻴﺴﺔ ﻟﻢ ﻳﺨﻄﺮ ﻷﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﺑﺒﺎﻝ ﻭﻻ ﻧﻘﻞ ﺷﺊ ﻣﻨﻪ ﻋﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ. ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺑﺎﻃﻼ، ﺃﻭ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻋﺎﻟﻤﻴﻦ ﻋﺎﺭﻓﻴﻦ ﺑﺎﻟﺸﺮﻉ، ﻓﺄﻱ ﺷﺊ ﺃﺟﺎﺑﻮﺍ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻭﻉ ﻓﻬﻮ ﺟﻮﺍﺑﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻋﺎﻟﻤﻴﻦ ﺑﺄﺻﻮﻝ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺪﺛﺖ ﺣﻮﺍﺩﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﺳﺘﺨﺮﺟﻮﺍ ﺃﺩﻟﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻗﻠﻨﺎ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻋﺎﺭﻓﻴﻦ ﺑﺎﻷﺻﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻣﺠﻤﻼ، ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺪﺛﺖ ﺷﺒﻬﺎﺕ ﻟﻢ ﺗﺴﺒﻘﻬﻢ ﺍﺳﺘﺨﺮﺟﻮﺍ ﺃﺟﻮﺑﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻝ.
ﻭﻟﻮ ﺳﻠﻤﻨﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺭﻓﻴﻦ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻟﻢ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮﻩ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻋﺎﻟﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﻭﺧﺮﺟﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﺣﺪ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻭﺗﺸﺎﻏﻠﻮﺍ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ، ﻭﻟﻢ ﻳﻨﻘﺪﺡ ﻟﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﻩ ﺷﻚ ﻭﻻ ﺧﻄﺮﺕ ﻟﻬﻢ ﺷﺒﻬﺔ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺣﻠﻬﺎ، ﻓﺎﻗﺘﻨﻌﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﺃﺩﻭﺍ ﻣﺎ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﻭﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻮﻥ ﻟﻤﺎ ﺃﻓﺮﻏﻮﺍ ﻭﺳﻌﻬﻢ ﻟﻌﻠﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺧﻄﺮﺕ ﻟﻬﻢ ﺷﺒﻬﺎﺕ ﻭﻭﺭﺩﺕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺧﻮﺍﻃﺮ ﻟﺰﻣﻬﻢ ﺣﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻋﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻌﻮﺩ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﻘﺾ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻮﻩ. ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﺍﻫﻢ ﻣﻤﻦ ﺗﺨﻄﺮ ﻟﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺣﻠﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﻠﻢ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ. ﻭﻣﻦ ﻻ ﻳﺨﻄﺮ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﻟﺒﻼﺩﺗﻪ ﺃﻭ ﻟﻌﺪﻭﻟﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﺗﺸﺎﻏﻠﻪ ﺑﻌﺒﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﻓﻘﻪ ﺃﻭ ﺩﻳﻦ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺍﻟﺘﻐﻠﻐﻞ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﺣﺘﻰ ﻳﻠﻬﻪ ﻭﻳﻠﺰﻣﻪ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺍﻷﺟﻮﺑﺔ ﻋﻨﻬﺎ. ﻭﺇﻥ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﻓﻲ ﺁﺣﺎﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻪ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﻭﻻ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻣﺤﺾ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺨﻄﺊ ﺿﺎﻝ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ. ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻭ ﻣﺄﺗﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﺫﺍ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻨﻪ. ﻗﻠﻨﺎ: ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﺭﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﻭﺇﻥ ﺗﻌﺬﺭﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪﻩ، ﻓﺘﻌﺬﺭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻻ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻼﻥ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﺍﺭﺗﻔﺎﻋﻪ.
ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻗﺪ ﺫﻛﺮﺗﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻦ ﺣﺪ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ، ﻣﺎ ﺣﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﻴﻨﻮﻩ ﻟﻨﻘﻒ ﻋﻠﻴﻪ؟ ﻗﻠﻨﺎ: ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ: ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻜﻔﻴﻪ ﺍﻟﺸﺊ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﺑﺤﺴﺐ ﺫﻛﺎﺋﻪ ﻭﻓﻄﻨﺘﻪ ﻭﺧﺎﻃﺮﻩ ﺣﺘﻰ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺒﻠﻎ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺑﻞ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺧﻮﺍﻃﺮﻩ ﻭﺗﻮﺍﺗﺮ ﺷﺒﻬﺎﺗﻪ. ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﺼﺮ ﺫﻟﻚ ﻟﺸﺊ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻋﻨﻪ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻓﻌﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﺑﻴﻨﻮﺍ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﺜﺎﻻ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺐ. ﻗﻠﻨﺎ: ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻘﻮﻝ: ﻣﻦ ﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﺛﻢ ﻭﺟﺪ ﻧﻄﻔﺔ ﺛﻢ ﺻﺎﺭ ﻋﻠﻘﺔ ﺛﻢ ﻣﻀﻐﺔ ﺛﻢ ﻋﻈﻤﺎ ﺛﻢ ﺟﻨﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﻄﻦ ﺃﻣﻪ ﻣﻴﺘﺎ ﺛﻢ ﺻﺎﺭ ﺣﻴﺎ ﻓﺒﻘﻲ ﻣﺪﺓ ﺛﻢ ﻭﻟﺪ ﺻﻐﻴﺮﺍ ﻓﺘﺘﻘﻠﺐ ﺑﻪ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻣﻦ ﺻﻐﺮ ﺇﻟﻰ ﻛﺒﺮ ﻭﻣﻦ ﻃﻔﻮﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﺟﻠﺔ ﻭﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﻋﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﺮﻡ ﺛﻢ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ، ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﻳﺼﺮﻓﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻳﻒ ﻭﻳﻔﻌﻞ ﺑﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ، ﻷﻧﻪ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻭﺣﺎﻝ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﺣﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ. ﻓﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻪ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺜﻠﻪ ﻟﻜﺎﻥ ﺣﻜﻤﻪ ﺣﻜﻤﻪ. ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻻﺗﺴﺎﻕ، ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﺑﺄﻥ ﺑﻌﺾ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻤﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﺑﺬﺭ ﻳﺒﺬﺭ ﻓﻴﻨﺒﺖ ﻣﻨﻪ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺰﺭﻉ ﻭﺍﻟﻐﺮﺱ ﻭﻳﺼﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺘﻬﺎﻩ، ﻓﻤﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺮ ﺷﺠﺮﺍ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻨﻪ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ ﻭﺍﻟﻤﻼﺫ، ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺮ ﺯﺭﻋﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻨﻪ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻷﻗﻮﺍﺕ، ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻨﻪ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺸﻤﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﺢ، ﻭﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺸﺒﻪ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻛﺎﻟﻌﻮﺩ ﺍﻟﺮﻃﺐ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ،
ﻭﻛﺎﻟﻤﺴﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻈﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻨﺒﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﺮ، ﻓﻴﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﻣﺼﺮﻑ ﺫﻟﻚ ﻭﺻﺎﻧﻌﻪ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﺎﻟﻢ ﻟﺘﺄﺗﻲ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺗﺴﺎﻗﻪ ﻭﻟﻌﺠﺰﻩ ﻭﻋﺠﺰ ﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﻴﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺃﻣﺜﺎﻟﻪ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻋﺎﺭﻓﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺻﺎﺣﻴﺔ ﻓﺘﻬﺐ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﻭﻳﻨﺸﺄ ﺍﻟﺴﺤﺎﺏ ﻭﻳﺼﻌﺪ ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﺘﻜﺎﺛﻒ ﻭﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﻋﺪ ﻭﺍﻟﺒﺮﻕ ﻭﺍﻟﺼﻮﺍﻋﻖ، ﺛﻢ ﻳﻨﺰﻝ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮﻱ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻷﻧﻬﺎﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻭﺍﻷﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﻮﺳﻴﻌﺔ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺮﺩ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺛﻢ ﺗﻨﻘﺸﻊ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺗﺒﺪﻭ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﻭﺗﻄﻠﻊ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻛﺄﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﺮﺍﺥ ﻭﻻ ﺯﻣﺎﻥ ﺑﻌﻴﺪ، ﻓﻴﻌﻠﻢ ﺑﺒﺪﻳﻬﺔ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺻﺢ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻪ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻨﻪ (4) ﻭﺃﻧﻪ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻪ ﻭﻷﻣﺜﺎﻟﻪ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﺭﻓﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ. ﻭﺃﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻻ ﻧﻄﻮﻝ ﺑﺬﻛﺮﻩ، ﻓﻤﺘﻰ ﻋﺮﻑ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﻭﻓﻜﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻋﺘﻘﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ، ﻓﺈﻥ ﻣﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻌﺜﻪ ﺧﺎﻃﺮ ﻭﻻ ﻃﺮﻗﺘﻪ ﺷﺒﻬﺔ ﻓﻬﻮ ﻧﺎﺝ ﻣﺘﺨﻠﺺ. ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﺷﺮﺗﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺻﻔﺘﻪ، ﻭﺇﻥ ﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻋﻦ ﻋﻠﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻄﺮﻗﺘﻪ ﺷﺒﻬﺎﺕ ﻭﺧﻄﺮﺕ ﻟﻪ ﺧﻄﺮﺍﺕ ﻭﺃﺩﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻮﻡ ﻣﻠﺤﺪﻭﻥ ﻣﺎ ﺣﻴﺮﻩ ﻭﺑﻠﺒﻠﻪ، ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻭﻻ ﺗﻜﻔﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ، ﻭﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠﻒ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ، ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻨﺒﻴﻨﻪ ﻟﻴﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﺤﺼﻞ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ. ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺒﻴﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻭﻋﺪﻧﺎ ﺑﻪ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻢ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻓﻮﺍ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻣﺎ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ، ﻭﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﺣﻜﻤﺔ ﻭﻻ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻭﻻ ﺍﻟﻨﺒﻮﺍﺕ ﻭﻻ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺎﺕ، ﻷﻥ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ.
ﻗﻠﻨﺎ: ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ، ﻷﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭﻭﺟﻮﺏ ﻛﻮﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻭﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﺑﻘﺪﺭﺓ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ، ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺮﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﺤﺪﺙ، ﻭﻓﺎﻋﻠﻬﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﺃﻭﻻ، ﻓﻠﻮﻻ ﺗﻘﺪﻡ ﻛﻮﻧﻪ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﺻﺢ ﻣﻨﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ، ﻓﻴﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﺑﻘﺪﺭﺓ ﻣﺤﺪﺛﺔ، ﻭﻷﺟﻠﻪ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻷﻣﺮ ﻻ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﻟﻪ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭ ﺩﻭﻥ ﻣﻘﺪﻭﺭ، ﻓﻴﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺟﻨﺎﺱ ﻭﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﻨﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ ﻟﻔﻘﺪ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﺤﻜﻢ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻷﺟﻠﻪ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﻻ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﻟﻪ ﺑﻤﻌﻠﻮﻡ [ﺩﻭﻥ ﻣﻌﻠﻮﻡ] ، ﺇﺫ ﺍﻟﻤﺨﺼﺺ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻻ ﻳﻘﻊ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ، ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻛﻮﻧﻪ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻻ ﺑﻌﻠﻢ ﻣﺤﺪﺙ، ﻭﻣﺎ ﻷﺟﻠﻪ ﻋﻠﻢ ﻻ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﻟﻪ ﺑﻤﻌﻠﻮﻡ ﺩﻭﻥ ﻣﻌﻠﻮﻡ، ﻓﻴﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ ﻭﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﻟﻔﻘﺪ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ. ﻓﻴﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﺃﺷﺒﻬﻬﺎ ﻟﻜﺎﻥ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺤﺪﺛﺔ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺜﻠﻴﻦ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻣﺤﺪﺛﺎ. ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺘﺎﺝ، ﻷﻥ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ، ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺟﻠﺐ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭ ﻭﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ، ﻓﻴﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻏﻨﻲ. ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺗﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻭﺍﻹﺩﺭﺍﻛﺎﺕ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﺪﺭﻙ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺃﻭ ﻣﺤﻠﻪ ﻓﻲ ﺟﻬﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﺟﺴﻤﺎ ﺃﻭ ﺣﺎﻻ ﻓﻲ ﺟﺴﻢ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺣﺪﻭﺛﻪ ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺪﻳﻢ.
ﻭﺇﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ، ﻭﻋﻠﻢ ﻛﻮﻧﻪ ﻏﻨﻴﺎ، ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺣﻜﻤﺔ ﻭﺻﻮﺍﺏ ﻭﻟﻬﺎ ﻭﺟﻪ ﺣﺴﻦ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻧﻌﻠﻤﻪ ﻣﻔﺼﻼ، ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺟﺎﻫﻞ ﺑﻘﺒﺤﻪ ﺃﻭ ﻣﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﻨﺘﻔﻴﺎﻥ ﻋﻨﻪ، ﻓﻴﻘﻄﻊ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻭﻓﻌﻞ ﺍﻵﻻﻡ ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻟﻤﺆﺫﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺴﺒﺎﻉ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ. ﻭﻳﻌﻠﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﺍﺕ، ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺇﺫﺍ ﺃﺩﻋﻰ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻢ ﻣﻌﺠﺰ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻮﻻ ﺻﺪﻗﻪ ﻟﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ، ﻷﻥ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﻜﺬﺍﺏ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ، ﻭﻗﺪ ﺃﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﻜﻮﻧﻪ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻏﻨﻴﺎ. ﻓﺈﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﺻﺪﻕ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻢ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﺃﺗﻮﺍ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ، ﻟﻜﻮﻧﻬﻢ ﺻﺎﺩﻗﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻌﺒﺪ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺇﻻ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﻢ. ﻭﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﻟﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻓﺘﺸﺎﻏﻞ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﻭﻟﻢ ﺗﺨﻄﺮ ﻟﻪ ﺷﺒﻬﺔ ﻭﻻ ﺃﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﺡ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﻭﻻ ﻓﻜﺮ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻓﺮﻭﻉ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ. ﻭﻣﺘﻰ ﺃﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﺒﻬﺔ ﻓﺈﻥ ﺗﺼﻮﺭﻫﺎ ﻗﺎﺩﺣﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻠﻬﺎ ﻟﻴﺴﻠﻢ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻪ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺘﺼﻮﺭﻫﺎ ﻗﺎﺩﺣﺔ ﻭﻻ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﻟﻢ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﺸﺎﻏﻞ ﺑﻬﺎ. ﻭﻫﺬﻩ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﺶ ﻭﺍﻟﻤﺘﺮﻓﻴﻦ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻟﻴﺲ ﻳﻜﺎﺩﻭﻥ ﻳﻠﺘﻔﺘﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺷﺒﻬﺔ ﺗﻮﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﻘﺒﻠﻮﻧﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭﻭﻧﻬﺎ ﻗﺎﺩﺣﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﻩ ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﺃﻋﺮﺿﻮﺍ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﻮﺍ ﻋﻦ ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ ﻭﺇﻳﺮﺍﺩﻫﺎ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻻ ﺗﻔﺴﺪﻭﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎﻩ. ﻭﻗﺪ ﺷﺎﻫﺪﺕ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺻﻮﺭﺗﻬﻢ.
ﻓﺒﺎﻥ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﻣﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺠﻤﻞ...
_______________
(1) ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻟﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﺤﻮﺍﺱ.
(2) ﺗﺤﻒ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺹ 43 ﻣﻊ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ.
(3) ﺍﻟﺨﺼﺎﻝ ﺹ 239.
(4) ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﻤﻜﻦ ﻓﻴﻪ
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|