أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-1-2023
1319
التاريخ: 2024-09-01
438
التاريخ: 2024-08-07
405
التاريخ: 2023-07-16
1316
|
قال تعالى : {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} [طه : 17 ، 18] .
إِنّ هذا السؤال البسيط المقترن باللطف والمحبة ، إِضافة إِلى أنّه بثّ الطمأنينة في نفس موسى (عليه السلام) الذي كان غارقاً حينئذ في دوامة من الاضطراب والهيجان فإنّه كان مقدمة لحادثة مهمّة.
فأجاب موسى : (قال هي عصاي) ولما كان راغباً في أن يستمر في حديثه مع محبوبه الذي فتح الباب بوجهه لأوّل مرّة ، وربّما كان يظن أيضاً أن قوله : (هي عصاي) غير كاف ، فأراد أن يبيّن آثارها وفوائدها فأضاف : (أتوكأ عليها وأهش به على غنمي) أي أضرب بها على اغصان الشجر فتتساقط اوراقها لتأكلها الاغنام (ولي فيها مآرب أُخرى) .
من المعلوم ما للعصا لأصحابها من فوائد ، فهم يستعملونها أحياناً كسلاح للدفاع عن أنفسهم أمام الحيوانات المؤذية والأعداء ، وأحياناً يصنعون منها مظلة في الصحراء تقيهم حرّ الشمس ، وأحياناً أُخرى يربطون بها وعاء أو دلواً ويسحبون الماء من البئر العميق .
عل كل حال ، فإِنّ موسى غط في تفكير عميق : أي سؤال هذا في هذا المجلس العظيم ، وأي جواب أعطيه؟ وماذا كانت تلك الأوامر؟ ولماذا هذا السؤال؟
وفجأة {قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه/ 19 ، 20]. «تسعى» من مادة السعي أي المشي السريع الذي لا يصل إِلى الركض. وهنا صدر الأمر لموسى {قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [طه : 21], وفي الآية (31) من سورة القصص نقرأ : {وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} .
وبالرغم من أن خوف موسى هنا قد أثار التساؤل لدى بعض المفسّرين بأن هذه الحالة كيف تناسب موسى مع الشجاعة التي عهدناها لدى موسى ، وأثبتها عملياً طوال عمره عند محاربته الفراعنة؟ إِضافة إِلى صفات وشروط الأنبياء بصورة عامّة.
إِلاّ أنّ الجواب عن هذا السؤال يتّضح بملاحظة نكتة واحدة ، وهي أن من الطبيعي أن كل إِنسان ، مهما كان شجاعاً وغير هياب ، إِذا رأى فجأة قطعة خشب تتحول إِلى حية عظيمة وتتحرك بسرعة ، فلابدّ أن يرتبك ويخاف ولو لمدّة قصيرة ويسحب نفسه جانباً توقياً ، إِلاّ أن يكون هذا المشهد قد تكرر أمامه مراراً ، ورد الفعل الطبيعي هذا لا يكون نقطة ضعف ضد موسى أبداً. ولا تنافي الآية (39) من سورة الأحزاب حيث تقول : {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا} فإِن هذا الخوف طبيعي ومؤقت وسريع الزوال أمام حادثة لم تحدث من قبل قط ، وخارق للعادة .
{وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى * لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} [طه : 22 ، 23] .
ثمّ أشارت الآية التالية إلى المعجزة المهمّة الثّانية لموسى ، فأمرته : (واضمم يدك إِلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أُخرى) .
وبالرغم من أنّ للمفسّرين في تفسير جملة (واضمم يدك إِلى جناحك ... ) أقوالا مختلفة ، إلاّ أنّه بملاحظة الآية (32) من سورة القصص ، والتي تقول : {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} والآية (12) من سورة النمل ، والتي تقول : {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} سيستفاد أن موسى كان مأموراً أن يدخل يده في جيبه ويوصلها إِلى تحت إِبطه ، لأنّ الجناح في الأصل جناح الطير ، ويمكن أن تكون هنا إِشارة إِلى تحت الإِبط.
كلمة (بيضاء) من البياض ، وجملة (من غير سوء) إِشارة إِلى أن بياض يدك ليس نتيجة مرض البرص وأمثاله ، بدليل أن لها لمعاناً وبريقاً خاصاً يظهر في لحظة ويختفي في لحظة أُخرى.
إِلاّ أنّه يستفاد من بعض الرّوايات أنّ يد موسى قد صارت في تلك الحالة نورانية بشكل عجيب ، وإِذا كان كذلك فيجب أن نقبل أن لجملة (من غير سوء) معنى آخر غير الذي قلناه ، أي إِن لها نورانية لا عيب فيها ، فلا تؤذي عيناً ، ولا يرى فيها بقعة سوداء ، ولا غير ذلك.
وتقول الآية الأخيرة ، وكنتيجة لما مر بيانه في الآيات السابقة : (لنريك من آياتنا الكبرى) ومن المعلوم أن المراد من الآيات الكبرى هو تلكما المعجزتان المهمتان اللتان وردتا أعلاه ، وما احتمله بعض المفسّرين من أنّها إِشارة إِلى المعجزات التي سيضعها الله سبحانه تحت تصرف موسى فيما بعد يبدو بعيداً جداً.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|