أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-11-2015
5342
التاريخ: 28/9/2022
1447
التاريخ: 11-1-2023
2109
التاريخ: 8-6-2022
1764
|
{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ... }[التوبة / ١٠١]
إن الله سبحانه أعلمه أن في أمته من يبتغي له الغوائل ، ويتربص به الدوائر ، ويسر خلافه ويبطن مقته ، ويسعى في هدم أمره ، ويناقضه (ينافقه خ ل) في دينه ، ولم يعرفه بأعيانهم ، ولا دله عليهم بأسمائهم ، فقال عز اسمه: { وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} ، وقال جل اسمه: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 127] ، وقال تبارك اسمه: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } [التوبة: 96] ، وقال: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} [التوبة: 56] ، وقال عز من قائل: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون: 4] ، وقال جل جلاله: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142] ، {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ } [التوبة: 54]. ثم قال سبحانه بعد أن أنبه عـنهم في الجملة: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30]. فدله عليهم بمقالهم ، وجعل الطريق إلى معرفتهم ما يظهر من نفاقهم في لحن قـولهم ، ثـم أمره بمشورتهم ، ليصل بما يظهر منهم إلى علم باطنهم ، فإنا لناصح تبدو نصيحته في مشورته ، والغاش المنافق يظهر ذلك في مقاله ، فاستشارهم لذلك ، ولأن الله جـل جلاله ، جعل مشورتهم ، الطريق إلى معرفتهم.
ألا ترى أنهم لما أشاروا ببدر عليه في الأسرى ، فصدرت مشورتهم عن نيّات مشوبة في نصيحته ، فكشف الله تعالى ذلك له ، وذمهم عليه ، وأبان عن ادغالهم فيه ، فقال جل وتعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [الأنفال: 67 ، 68]. فوجه التوبيخ إليهم والتعنيف على رأيهم وأبان لرسوله عن حالهم ، فيعلم أن المشورة لهم لم تكن للفقر إلى آرائهم ، وإنما كانت لما ذكرناه.
فقال شيخ من القوم يعرف بالجراحي وكان حاضراً: يا سبحان الله ، أتري أن أبابكر وعمر كانا من أهل النفاق ، كلا! ما نظن أنك أيدك الله تطلق هذا ، وما رأينا أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) استشار ببدر غيرهما ، فإن كانا هما من المنافقين ، فهذا مالا نصبر عليه ولا نقوى على استماعه ، و إن لم يكونا من جملة أهل النفاق ، فاعتمد على الوجه الأول ، وهـو أنّ النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أراد أن يتألفهم بالمشورة ، و يعلمهم كيف يصنعون في أمورهم.
فقال له الشيخ أدام الله عزه: ليس هذا من الحجاج أيـهـا الشـيـخ فـي شـيء ، وإنـما هو استكبار واستعظام معدول به عن الحجة والبرهان ، ولم نذكر إنساناً بعينه. وإنما أتينا بمجمل من القول ، ففضله الشيخ وكان غنياً عن تفصيله.
فصاح الورثاني بأعلى صوته بالصياح يقول: الصحابة أجل قدراً من أن يكونوا من أهل النفاق و سيما الصديق والفاروق ، وأخذ في كلام نحو هذا من كلام السوقة والعامة وأهل الشغب والفتن.
فقال له الشيخ أدام الله عزه: دع عنك الضجيج ، وتخلص مما أوردتـه عـلـيـك مـن البرهان واحتل لنفسك وللقوم ، فقد بان الحق وزهق الباطل بأهون سعي ، والحمد لله(1).
[انظر: الأعراف ، آية ٢١ ، حول فراسة المؤمن ، وقد رأينا آدم لم يعرف إبليس وأغواه ... ولا عرف داود الملكين ... ولا صاحب شريعتنا عرف المنافقين حتى عرفه الله إياهم ، وذيل آل عمران ، آية ١٤٤ ، والنساء ، آية ١٤٢ ، من الرسالة العكبرية (الحاجبية): ١١٧.]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الفصول المختارة من العيون والمحاسن: 13 ، والمصنفات 2: 32.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تحتفي بذكرى ولادة الإمام الجواد (عليه السلام) في مشاتل الكفيل
|
|
|