الأصالة والإبداع الجغرافي في الحضارة العربية الاسلامية في معرفة الشكل الحقيقي للأرض :

أثار شكل الأرض اهتمام الأمم الماضية، اذ حاولت كل حضارة إعطاء شكل للأرض يتفق والتصور الذي اعتقدت انه ملائم لها، وكان البابليون أول من ابتكر آراء حول شكل الأرض ، فقد اعتقدوا في النصف الثاني من الألف الثالث ق.م بأن الأرض هي قفة مقلوبة طافية على الاقيانوس)، لاحظ الشكل (2). وأوضح الكلدانيون بأن الأرض مجوفة وأتوا ببراهين عديدة على إثبات نظرياتهم المختصة بنظام الكون وأحكامه.

وذهب المصريون القدماء إلى تصور الأرض على هيئة صحن او (ماعون) منبسط ذي حافة مظلمة عائم في المياه ، فقعر هذا الصحن ارض مصر الغرينية المستوية، أما الحافة المظلمة فهي سفوح الأراضي الجبلية التي تكون البلدان الأجنبية، وتبعاً لذلك فقد اعتقدوا ان الأرض مستطيلة الشكل يمر وسطها نهر النيل. وفي الفكر الجغرافي اليوناني صور هوميروس في القرن العاشر ق.م، العالم على هيئة قرص يطوف به النهر المحيط (البحار (الأولى)، ورسم هیکاتايوس في منتصف القرن الأول ق.م خارطة للعالم التي تصور الأرض على شكل دائرة منبسطة تحيط بها مياه البحار من كل أطرافها  لاحظ الشكل (3).

ومن أوائل النظريات المهمة عن الأرض تلك التي جاء بها فيثاغورس ( 572 ق.م 497 ق.م ) وأتباعه والتي تقول بكروية الأرض وقد تبنى الفلاسفة اليونان هذه الفكرة، اذ ذكرها أفلاطون في القرن الرابع ق.م عندما قال بأن الأرض كروية محاطة بأفلاك.

وفي القرن السابع الميلادي سنة 611م انزل القرآن الكريم على الرسول محمد، ليتضمن بين آياته إعجازاً في بيان الشكل الحقيقي للأرض وهو الشكل البيضوي بقوله تعالى: (والأرض بعد ذلك دحها اخرج منها ماءها ومرعها) اذ أن معنى دحاها تعني جعلها كالدحية أي كالبيضة، وهذا يطابق شكل الأرض في الوقت الحاضر، ولفظ (دحا) تعني أيضا (بسط) و (دحاها ) هي اللفظ الوحيد الذي يعني الانبساط ظاهراً والتكوين حقيقة.