أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-4-2022
1981
التاريخ: 20-4-2020
2684
التاريخ: 2024-11-14
601
التاريخ: 10-4-2022
1912
|
المحسوس السمعي
لما بدأ الاجتماع الحقيقي يرتقي ، بدأ الإختراع في اللغة، وأخذ الإنسان يقلب أصوات الطبيعة ويجمع فيما بينها عن طريق المحاكاة الموجودة بشكل طبيعي في لغة الأطفال، وبدأ يدرك بعض ما يميز أصوات الطبيعة الناتجة عن حركاتها ، وأخذ ينحو عفوياً نحو تمييز الأصوات بعضها عن بعض، حتى وصل إلى ألفاط متميزة صوتياً ودلالياً، وفقاً للأصول التي انبثقت منها .
ونشأت من محاكيات الصوت الطبيعي المتعدد العناصر جذور لغوية، كنشوء الجيم من جر والغين من غنى واللام من لم، حتى استقر الناس على وحدات صوتية تكاد تكون موحدة ومحددة، وتحمل في أدائها أبرز عناصر الصوت الطبيعي الذي تعبر عنه جذور الكلمات الدالة على الأشياء . ويمكن تعيين الجذور التي تقترب من المحاكاة الحقيقية للصوت الطبيعي الذي يلازم مدلولها في لغتنا العربية مثل الخرير الذي هو حكاية لصوت المياه المتدفقة من منحدر مع تكرير الراء، كي يكون مشابهاً لصوت الماء الجاري، وكذلك هي الحال في الطحير والشخير والنحيب.
وإذا كان أصل اللغات الأصوات المسموعات كدوي الريح، وحنين الرعد وخرير الماء، وصهيل الفرس، ونعيق الغراب، فان السماع هو الآخر الأساس الأول الذي دونت بموجبه اللغة الصوتية التي نعرفها الآن، ولأن الصوت ظاهرة طبيعية تستعملها الكائنات الحية على اختلافها، وهو الأثر الحادث عن الحركة والمادة معاً.
57
ومما يقوله ابن سينا في المسموعات الطبيعية أن الهاء نسمعها في اندفاع
الهواء في الهواء بقوة، والعين في اندفاع الهواء في الماء بقوة، والخاء عن إخراج
الهواء من مضيق رطب، والحاء حك عن جسم جاف بجسم صلب، والقاف عن انشقاق الأجسام، والشين عن نشيش الرطوبات، والسين عن مس جرم يابس بجرم آخر مثله، والطاء عن تصفيق اليدين، والفاء عن حفيف الأشجار وهكذا (22) .
وممل يزيد في إيضاح ما قاله ابن سينا بهذا الخصوص: أن الدال نسمعها في الدندنة والدبدبة، والهاء في الهسهسة والهمهمة والهزهزة والقاف في القهقهة، والنون في النحنحة والنقنقة، والواو في الوحوحة، والحاء في الحمحمة، والباء في البطبطة، والفاء في الفرفرة، والصاد في الصرصرة، والخاء في الخرخرة والغين في الغرغرة، والجيم في الجعجعة والطاء في الطنطنة، والزاي في الزمزمة، والثاء في الثرثرة، والتاء في التمتمة، والميم في الململة وغير ذلك من الكلمات التي لاتزال تحفظ آثاراً سمعية من أصواتها الطبيعية الأم .
وتقوم الأذن بدور أساس في حياة الإنسان الجسدية والنفسية والاجتماعية وهي الآلة التي يستيقظ بها الإنسان على وجود . ذاته، وهي التي تتلقى الصوت الناتج عن اهتزاز جسم ما بتأثير قوة ما، وتحوله من إشارات مادية الذبذبات في الهواء إلى إشارات عصبية تنتقل إلى الدماغ الذي يفسرها، ويحولها إلى أفكار ومفاهيم في ذهن الإنسان، ويظل استعمال الحنجرة في الكلام الإنساني، مشروطاً باستماع الأذن له.
وتبدو الأصوات الطبيعية للسمع بسيطة تكاد لا تتجاوز الصوت المكرر، وتتناسب في بعض الأحيان أصوات الدال بوحداتها وتركيبها مع أصوات المدلول أو بعض صفاته الأخرى، فالأصوات الفخمة، قد تلائم
58
المواقف القوية والمعاني الناعمة قد ترتدي حللها من الأصوات اللينة،
والألحان الصافرة تواكبها الحروف الصفيرية وما إلى ذلك .
ويشرح - ذلك «نعيم علوية» في كتابه «بحوث لسانية» فيقول : فر
تشتمل على ذينك العنصرين على صورة مختصرة، ولأن الفاء نافخة والراء
ربرابة تكون فر كافية، لأن يعقل الذهن الصوت الطبيعي للرفرفة، وان
الصـوت عنـد الإنسان يختلف تماماً . عن الصوت عند الحيوان، فالكائن
البشري وعى القدم أهمية الصوت والتصويت في حياته اليومية، وفي
علاقاته مع بني جنسه أفراداً وجماعات، وهو تفاعل نفسي عضوي مستخدم
لإعطاء دلالات معينة .
والأذن الإنسانية لا تسمع الأصوات بالطريقة الطبيعية التي تستقبلها
بها، بل قد تنتهي إلى الحكم على صوتين مختلفين فيزيائياً بأنها صوت لغوي
واحد، كما انها قد تحكم على وجود فرق بين صوت واحد، لذلك كانت
الأصوات أجراس مسموعة يختلف كل منها عن الآخر، ولكل منها السمع
الخاص به في مجمـوعـة إنسانية دون غيرها من المجموعات الأخرى،
بالإضافة إلى ذبذباتها الصوتية المحددة طبيعياً مثل العين العربية التي تمثل
مشكلة حقيقية للناطقين بغير العربية(23) .
ويقوم تعلم اللغة الأم عند الطفل على اكتساب الحركات النطقية
التي تسمح بتوليد مجموعة السمات التي يتعرف عليها متكلمو اللغة كأصوات
متباينة تمتاز عن بعضها بعض بصفات سمعية وصوتية ودلالية .
ويظل الصـوت ظاهـرة مركبـة شديدة التعقيد، ويتصف بالقـوة والإرتفاع والجرس، والانتقال من الظاهرة إلى الجوهر، ومن الجوهر الأقل عمقاً إلى الجوهر الأعمق كي تتزين الألحان بفصول النغم الانفعالية، ولكن هو الصوت البشري، المادة الأساسية في بناء اللغة، وكيفية ما يعنينا هنا إنتاج هذا الصوت، والخصائص التي تميزه كصوت مفرد، والكيفية التي
ينتقل فيها من المتكلم إلى السامع .
وقد كان الصوت اللغوي، ومايزال مصحوباً في تاريخ حضارات
العالم بالمعنى المعقول المقصود من خلال صورة نطقية موصوفة ومحددة في رمز
مكتوب مقروء يحل محله أو يكمل دلالته، ويظل هذا الصوت فاقداً لهويته
ما لم نبحث عن معقوله أولاً والمقصود من هذا المعقول ثانياً .
|
|
بـ3 خطوات بسيطة.. كيف تحقق الجسم المثالي؟
|
|
|
|
|
دماغك يكشف أسرارك..علماء يتنبأون بمفاجآتك قبل أن تشعر بها!
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تواصل إقامة مجالس العزاء بذكرى شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
|
|
|