أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-15
1022
التاريخ: 9-4-2022
3010
التاريخ: 2023-08-28
1420
التاريخ: 19-1-2016
4409
|
ينبغي على الشاب الذي يقضي أجمل أيام حياته ويدخل أولى مراحل الحياة الاجتماعية أن ينمي في نفسه رغبة حب الغير ، وأن يتصف بهذه الخصلة الإنسانية النبيلة، وأن يستفيد من كل الفرص المناسبة في التودد إلى الناس، وأن يشارك بشهامة في أتراحهم وأفراحهم، لكي يكون إنسانا ناجحا في حياته ، ويقضي بقية عمره بطمأنينة وراحة بال .
إن إحدى الفرص المناسبة جداً لإشباع رغبة حب الغير وإظهار الشوق والتودد للآخرين هي ساعات الفراغ والبطالة. والشاب الفاضل بمقدوره تقسيم ساعات فراغه بين إصابة اللذات المشروعة وإشباع غريزة حب الذات بما يبعث على ارتياحه وسروره من جهة وبين إصابة اللذات المعنوية وإرضاء غريزة حب الغير والتقدم في طريق الكمال الأخلاقي والسمو النفسي وإحياء البعد الإنساني في أعماقه من جهة ثانية.
ولتوضيح هذه المسألة المهمة والضرورية ينبغي علينا أن نتعمق في بحثنا قليلاً حتى يدرك الشباب قيمة أوقات فراغهم ويستطيعون من خلالها العمل على إرضاء غريزتي حب الذات وحب الغير اللتين لهما جذور فطرية في أعماقهم في آن واحد مع مراعاة إرضاء كل منهما في مكانها المناسب وفق المقاييس الصحيحة.
يقضي المرء جزءاً من نهاره في العمل والقيام بما يترتب عليه من مسؤوليات لتأمين لقمة العيش ومتطلبات الحياة، ويقضي جزءاً آخر من النهار أو بالأحرى من اليوم في النوم والراحة من تعب النهار لاستعادة قواه ، وثمة جزء ثالث من الوقت في حياة كل إنسان هو وقت الفراغ والبطالة حيث لا يقوم الإنسان فيه بأي عمل ولا يكون بحاجة للنوم والراحة.
إن العامل الذي يدفع المرء للعمل وأداء المسؤولية هو غريزة حب الذات والرغبة في الحياة. فالإنسان يقوم في ساعات عمله بنشاطات اقتصادية وجهود مضنية ويبذل كل ما بوسعه في سبيل تأمين لقمة العيش ومتطلبات الحياة متفادياً بذلك خطر المجاعة والفقر والمرض والموت ليواصل حياته الفردية.
كما أن العامل الذي يدفع المرء للاستراحة هو الضرورة الطبيعية وغريزة حب الذات . فالإنسان إنما يخلد إلى النوم ليحفظ حياته وسلامته ويطرد من جسمه متاعب العمل ويستعيد قواه ليتسلح بما يمكنه من العمل في اليوم التالي.
إن المرء يلتفت إلى نفسه ويهتم بها في القسمين الأول والثاني من ساعات يومه ، فهو يعمل وينتج ، وهو في الحقيقة يرضي بعمله وراحته غريزة حب الذات في نفسه ، وهذا الأمر كما ذكرنا سابقاً لا يختص بالإنسان وحده ، فالحيوان أيضاً يكد ويسعى من أجل تأمين لقمة العيش ومواصلة الحياة ، ومن ثم يخلد إلى الراحة بما فيه الكفاية.
أما القسم الثالث من ساعات اليوم أي ساعات البطالة والفراغ فهو وقت حر للإنسان. والإنسان يستطيع أن يخصص ساعات فراغه لتنفيذ غرائزه وإصابة اللذات المادية وإرضاء غريزة حب الذات في نفسه ، كما أنه قادر على تحرير نفسه لساعات من قيد الغرائز والشهوات الحيوانية والدخول في عالم الفضائل الأخلاقية والملكات الإنسانية ، وبإمكانه ايضاً إشباع غريزة حب الغير ليكون إنساناً بكل ما في الكلمة من معنى .
ولا يخفى أن بلوغ المنزلة الإنسانية السامية والإستمتاع بالمعنويات دون مجاهدة وسعي علمي وعملي ليس بالأمر اليسير. فالذي يريد أن يتحرر من قيود الغرائز الحيوانية والشهوات النفسية ويتحلى بالصفات الإنسانية الحميدة ، ينبغي عليه أن يبرز استعداداته المعنوية ويعتمد عليها ويوقظ في نفسه حس حب الغير والفضيلة حتى يستطيع بلوغ اللذات المعنوية والروحية ويشعر بالراحة والسرور عند أداء واجباته الإنسانية .
تنمية الصفات الإنسانية:
وبعبارة أخرى لا يحتاج الإنسان إلى معلم أو مرب ليدرك اللذات والشهوات الحيوانية ، فهو كسائر الحيوانات ينجذب تلقائياً نحو المأكل والمشرب وإشباع الشهوة والغضب وسائر امنياته المادية ، لكن ومن أجل بلوغ المنزلة الإنسانية والتحلي بصفاتها السامية عليه أن يعتمد على مرب كفوء وبرامج تربوية هادفة يسعى إلى تطبيق نفسه معها .
إن تنفيذ غريزة حب الذات التي تعتبر قاسماً مشتركاً ما بين الإنسان والحيوان لا يتطلب رعاية أو تربية معينة بينما يحتاج الخلق الإنساني وحب الغير إلى رعاية وتربية كبيرة. إن إشباع الغريزة الجنسية بشكل عشوائي وهو من الصفات الحيوانية لا يحتاج إلى مرب أو مرشد ، إلا أن التحلي بخصلة العفاف الإنسانية يتطلب سعياً وتربية أكيدة. كما أن استخدام قوة الغضب ومحاولة الإنتقام لا يحتاج إلى تربية ، بينما التحلي بروح العفو والمسامحة يتطلب بالضرورة تعليماً وتربية. وإشباع غريزة الحرص على جمع الثروة التي تعتبر من العوامل التي تبعث على الجمال الإجتماعي واللذة المادية لا يحتاج إلى محرك خارجي ، لأن الإنسان يسير تلقائياً نحو ذلك ، أما أن يصبح الإنسان الثري محباً للغير وينفق بعض أمواله على الأيتام أو أن يساعد المرضى الفقراء والمحتاجين ، فذلك يتطلب محركاً خارجياً .
إن الإنسان بطبعه يحب ما يسره ويعشق اللذات ، وما يحركه في إشباع غرائزه ونزواته الحيوانية وشهواته هو رغبته في إصابة اللذات لما يبعثه ذلك من سرور وبهجة في نفسه. فإذا ما أراد المربون أن يأخذوا بيد الناس نحو طريق الإنسانية ليكتسبوا صفاتها السامية ، عليهم أن يعملوا أولاً على إيقاظ إدراكاتهم المعنوية كي يتفهموا أن طريق السعادة وبلوغ اللذات لا تنحصر في إشباع الشهوات الحيوانية فقط ، لأن إرضاء الميول الإنسانية النبيلة وتحقيق الرغبات الروحية شأنها شأن الغرائز الحيوانية تبعث على الإلتذاذ والمسرة مع فارق أن اللذات الحيوانية سطحية وعابرة أما اللذات الروحية فثابتة وعميقة.
وإذا ما عرف الإنسان لذة العفو والتسامح نتيجة سمو نفسه وأدرك أن في العفو لذة غير موجودة في الإنتقام ، فإنه سيتقبل بكل رغبة هذه الخصلة الإنسانية وسيتحذر من خصلة الإنتقام الوحشية ، وإذا ما عرف أن لذة تهدئة آلام الناس وإدخال السرور على قلوب اليتامى تفوق لذة جمع المال، فإنه سيتبنى هذه الخصلة ويعتمد هذا الأسلوب ويهب جزءاً من ثروته في طريق حب الغير وإصابة اللذات المعنوية.
__________________________
(1) غرر الحكم، ص 816.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|