أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2014
5201
التاريخ: 27-11-2014
1586
التاريخ: 11-10-2014
2802
التاريخ: 27-11-2014
2536
|
دلّت غير واحدة من الآيات القرآنية على أنّ القرآن مشتمل على الاَمثال ، وأنّه سبحانه ضرب بها مثلاً للناس للتفكير والعبرة ، قال سبحانه : { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [الحشر : 21] .
إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على وجود الاَمثال في القرآن ، وانّ الروح الاَمين نزل بها ، وكان مَثَلاً حين النزول على قلب سيد المرسلين ، هذا هو المستفاد من الآيات.
ومن جانب آخر أنّ المثل عبارة عن كلام أُلْقيَ في واقعة لمناسبة اقتضت إلقاء ذلك الكلام ، ثمّ تداولت عبر الزمان في الوقائع التي هي على غرارها ، كما هو الحال في عامة الاَمثال العالمية.
وعلى هذا فالمثل بهذا المعنى غير موجود في القرآن الكريم ، لما ذكرنا من أنّ قوام الاَمثال هو تداولها على الاَلسن وسريانها بين الشعوب ، وهذه الميزة غير متوفرة في الآيات القرآنية.
كيف وقد أسماه سبحانه مثلاً عند النزول قبل أن يعيها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقرأها للناس ويدور على الاَلسن ، فلا مناص من تفسير المثل في القرآن بمعنى آخر ، وهو التمثيل القياسي الذي تعرّض إليه علماء البلاغة في علم البيان وهو قائم بالتشبيه والاستعارة والكناية والمجاز ، وقد سمّاه القزويني "في تلخيص المفتاح" المجاز المركب وقال :
إنّه اللفظ المركب المستعمل فيما شُبّه بمعناه الأصلي تشبيه التمثيل للمبالغة في التشبيه ، ثمّ مثّل بما كتب يزيد بن وليد إلى مروان بن محمد حين تلكأ عن بيعته : أمّا بعد ، فإنّي أراك تقدّم رجلاً وتؤخر أُخرى ، فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيّهما شئت ، والسلام. (1)
فلهذا التمثيل من المكانة ما ليس له لو قصد المعنى بلفظه الخاص ، حتى أنّه لو قال مثلاً : بلغني تلكؤك عن بيعتي ، فإذا أتاك كتابي هذا فبايع أو لا ، لم يكن لهذا اللفظ من المعنى بالتمثيل ، ما لهذا.
فعامة ما ورد في القرآن الكريم من الاَمثال فهو من قبيل التمثيل لا المثال المصطلح.
ثمّ إنّ الفرق بين التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز أمر واضح لا حاجة لإطناب الكلام فيه ، وقد بيّنه علماء البلاغة في علم البيان ، كما طرحه أخيراً علماء الاَصول في مباحث الاَلفاظ ، ولأجل ذلك نضرب الصفح عنه ونحيل القاريَ الكريم إلى الكتب المدونة في هذا المضمار.
ويظهر من بعضهم أنّ التمثيل من معاني المثل ، قال الآلوسي : المثل مأخوذ من المثول ـ و هو الانتصاب ـ و منه الحديث "من أحبّ أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوّأ مقعده من النار" ثم أطلق على الكلام البليغ الشائع الحسن المشتمل إمّا على تشبيه بلا شبيه أو استعارة رائقة تمثيلية وغيرها ، أو حكمة وموعظة نافعة ، أو كناية بديعة أو نظم من جوامع الكلم الموجز. (2)
ولولا قوله "الشائع" لانطبقت العبارة على التمثيل القياسي.
"وقد امتازت صيغة المثل القرآني بأنّها لم تنقل عن حادثة معينة ، أو واقعة متخيلة ، أُعيدت مكرورة تمثيلاً ، وضرب موردها تنظيراً ، وإنّما ابتدع المثل القرآني ابتداعاً دون حذو احتذاه ، و بلا مورد سبقه فهو تعبير فني جديد ابتكره القرآن حتى عاد صبغة متفردة في الاَداء والتركيب والاِشارة".
"وعلى هذا فالمثل في القرآن الكريم ليس من قبيل المثل الاصطلاحي ، أو من سنخ ما يعادله لفظاً ومعنى ، الفقر بالأمثال بمضمونه ، بل هو نوع آخر أسماه القرآن مثلاً من قبل أن نعرف علوم الاَدب "المثل" ، و من قبل أن تسمّي به نوعاً من الكلام المنثور وتضعه مصطلحاً له. بل من قبل أن يعرف الاَدباء "المثل" بتعريفهم". (3)
_______________________
1 ـ الاِيضاح : 304 ؛ التلخيص : 322.
2 ـ روح المعاني : 1/163.
3 ـ الصورة الفنية في المثل القرآني : 72 ، نقلاً عن كتاب المثل لمنير القاضي.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|