أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-22
1340
التاريخ: 2023-10-02
1222
التاريخ: 2023-10-06
1280
التاريخ: 2023-11-01
683
|
قبل أن نتقدَّم إلى وصف بلاد المجر وعاصمتها بودابست لا بدَّ من ذكر شيء عن السباحة في نهر الدانوب العظيم لشهرة مناظره وجمال غرائبه، فإني قمتُ في باخرة صغيرة اجتازت الترعة التي تتفرَّع من الدانوب إلى فيينَّا، فلمَّا انتهت إلى النهر الكبير ألقت رحْلها فتركناها ودخلنا باخرة أكبر منها سارت في صباح ذلك اليوم وظلت تمخر عباب النهر مدة ثلاث عشرة ساعة، ومرَّت على تسع عشرة محطة قبل أن تبلغ بنا عاصمة المجر، وفي أوائل الطريق قريتا أسبرن وأيزلن اللتان جرت فيهما المعارك بين النمسويين وجنود نابوليون الأول، وكانت جنود ذلك الفاتح العظيم قد عبر نصفها نهر الدانوب إلى الضفة اليسرى من النهر، فأضرم النمسويون النار في الجسر الذي يوصل بين الضفتين عند جزيرة لوبو وهجموا على النصف من جنود نابوليون فاضطروهم إلى التقهقر وكانوا 150 ألف راجل و30 ألف فارس و700 مدفع، واستحكاماتهم باقية آثارها إلى اليوم، على أن بونابارت عاد وعَبَر النهر من نقطة أخرى، واستأنف القتال فبطش بجيش النمسا وفلَّ مواكبه وسَحَق قوته ودخل فيينَّا على مثل ما جاء في الشذرة التاريخية، وسرنا من ذلك الموضع إلى بلدة هنبورج وهي مشهورة بمعمل للدخان أنشأته حكومة النمسا على نفقتها، وعماله بنات عددهنَّ ألف وخمسمائة، وتليها برسبورج، وهي عاصمة المجر من قِدَم يبلغ عدد سكانها 50 ألفًا، وهذه هي المدينة التي جاءتها ماريا تريزا تستنجد أهلها من أبطال المجر على الأعداء فأنجدوها ونصروها على مثل ما تقدَّم معنا، ومنظر البلاد في هذه الناحية جميل والناس الذين نزلوا في هذه المحطة أو صعدوا الباخرة منها كثار لأهمية الموقع، فكنا هنا وفي كل مدة أخرى مدة السباحة في الدانوب نتطلَّع أبدًا إلى ما حولنا من المشاهد، ونستعين بالآلة المقرِّبة على ما بعُدَ من الأماكن، ولطالما رأينا في الطريق جزرًا بهيَّة تمرُّ الباخرات الذاهبة من أحد جانبيها والغادية من الجانب الآخر، وكلها خضرة تنفي عن القلب الحزن، وعمائر وضياع نظيفة تدلُّ أراضيها على الخصب الوافر واعتناء الناس باستدرار ما فيها من الخير الكثير، وهم يسمون هذه الجزر بجزائر الذهب؛ لأن أرضها أَرِيضَة خصيبة وخيرها متدفِّق كثير. وبعد هذا مررنا ببلدة أسترجوم التي كانت مقر القِدِّيس أسطفانوس أول ملوك المجر في آخر القرن العاشر للميلاد، وكان أسطفانوس هذا أول مَنْ نشر الدين المسيحي في بلاده وما يليها، وعظمت أسترجوم من بعده فصارت مقرًّا للمتاجر الواسعة فلمَّا أغار عليها التتر سنة 1241 امحت آثار عظمتها، وتقلَّص ظلُّ تجارتها وعادت فانتعشت قليلًا في أيام بيلا، أحد ملوك المجر، ثم استولى عليها العثمانيون سنة 1543 وهدموا كنائسها فلمَّا انجلوا عن النمسا برحوا هذه المدينة أيضًا فعادت إلى التقدم والنماء، وتقدَّمنا من هنالك إلى جزيرة جميلة تُعرف باسم مرغريت، فما عتمنا أن أبعدنا عنها وتوارت هي عنا حتى أشرفنا على مدينة بودا في الضفة الشرقية من نهر الدانوب، وتجاهها مدينة بست في الضفة الغربية، ومن هاتين المدينتين تتكوَّن بودابست عاصمة المجر، فرست الباخرة قليلًا في بودا ريثما نزل منها مَنْ نزل، ثم تحوَّلت إلى الضفة الأخرى، ونزلنا في مدينة بودابست في فندق اسمه أوتيل هنغاريا (المجر)، وهو منزل واسع فخيم فيه ثلاثمائة غرفة بُني على ضفة الدانوب ومنظر النهر والمدينتين منه في الليل من أجمل ما اكتحلت بمرآه العين؛ لأن الأنوار الكثيرة من السفن في الماء ومن المنازل في الجانبين تنعكس على الماء، ويُضاف إلى رونقها خرير الماء والحركة الدائمة في كل جهة، فتجعل لهذه المدينة منظرًا من أهم المناظر.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|