أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2016
12974
التاريخ: 2024-05-07
873
التاريخ: 23-04-2015
2378
التاريخ: 20-6-2016
3442
|
من التعاريف التي ذكرها العلماء للمعجزة نجد ان لها شـروطا وهي:
1ـ ان تكون المعجزة أمراً خارقاً للعادة: إذ لو كانت امرا مألوفا عاديا لما كان معجزة، جاء في تفسير العسكري(عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم): (وَ أَمَّا قَوْلُكَ لِي: وَ لَوْ كُنْتَ نَبِيّاً لَكَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يُصَدِّقُكَ وَ نُشَاهِدُهُ، بَلْ لَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْنَا نَبِيّاً- لَكَانَ إِنَّمَا يَبْعَثُ مَلَكاً لَا بَشـراً مِثْلَنَا ، فَالْـمَلَكُ لَا تُشَاهِدُهُ حَوَاسُّكُمْ، لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ هَذَا الْهَوَاءِ، لَا عِيَانَ مِنْهُ، وَ لَوْ شَاهَدْتُمُوهُ- بِأَنْ يُزَادَ فِي قُوَى أَبْصَارِكُمْ- لَقُلْتُمْ: لَيْسَ هَذَا مَلَكاً، بَلْ هَذَا بَشـر؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَظْهَرُ لَكُمْ بِصُورَةِ الْبَشـر- الَّذِي قَدْ أَلَّفْتُمُوهُ لِتَفْهَمُوا عَنْهُ مَقَالَهُ، وَ تَعْرِفُوا بِهِ خِطَابَهُ وَ مُرَادَهُ، فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ صِدْقَ الْـمَلَكِ- وَ أَنَّ مَا يَقُولُهُ حَقٌّ بَلْ إِنَّمَا بَعَثَ اللهُ بَشـراً، وَ أَظْهَرَ عَلَى يَدِهِ الْـمُعْجِزَاتِ- الَّتِي لَيْسَتْ فِي طَبَائِعِ الْبَشـر- الَّذِينَ قَدْ عَلِمْتُمْ ضَمَائِرَ قُلُوبِهِمْ، فَتَعْلَمُونَ بِعَجْزِكُمْ عَمَّا جَاءَ بِهِ أَنَّهُ مُعْجِزَةٌ وَ أَنَّ ذَلِكَ شَهَادَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى بِالصِّدْقِ لَهُ، وَ لَوْ ظَهَرَ لَكُمْ مَلَكٌ وَ ظَهَرَ عَلَى يَدِهِ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ الْبَشـر، لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّكُمْ- أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي طَبَائِعِ سَائِرِ أَجْنَاسِهِ مِنَ الْـمَلَائِكَةِ- حَتَّى يَصِيرَ ذَلِكَ مُعْجِزاً. أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ الطُّيُورَ الَّتِي تَطِيرُ- لَيْسَ ذَلِكَ مِنْهَا بِمُعْجِزٍ؛ لِأَنَّ لَهَا أَجْنَاساً يَقَعُ مِنْهَا مِثْلُ طَيَرَانِهَا، وَ لَوْ أَنَّ آدَمِيّاً طَارَ كَطَيَرَانِهَا كَانَ ذَلِكَ مُعْجِزاً، فَاللهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَهَّلَ عَلَيْكُمُ الْأَمْرَ، وَ جَعَلَهُ بِحَيْثُ تَقُومُ عَلَيْكُمْ حُجَّتُهُ، وَ أَنْتُمْ تَقْتَرِحُونَ عَمَلَ الصَّعْبِ الَّذِي لَا حُجَّةَ فِيهِ)[1].
فالنص المتقدم وقف على ادق التفاصيل التي يجب توفرها في ما يقدمه مدعي النبوة لإثبات حجته ، فلا يجوز التنزل بالخارق الى مستوى يسلبه تلك الغرابة، ولا الترقي بالإنسان ليكون هو خارقا فلا يعتد بما يراه خارقا ، وهذا يكون على نحو ان القلوب تذعن بأن ما جاء به النبي هو امر خارج عن طوق نوع الانسان.
فالقرآن الكريم يجده المتأمل خارقاً لِمَا الفه الناس من الكلام الفصيح، من حيث خصائصه اللفظيّة والمعنائيّة، والأسلوبيّة، والصوتيّة والنظميّة، وما يحويه بين جنباته من حقائق ومعارف شاملة وتامّة وكاملة، بحيث لم يعتد الناس احتواءها في كلام من دون أن يعتريه نقص أو خلل ما قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشـرى لِلْمُسْلِمِينَ}[2]، وقوله تعالى:{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}[3].
2ـ ان المعجزة لا تكون الا للأنبياء : ذكر هذا الشـرط بعض من كتب في الإعجاز ولكن من خلال مراجعة الروايات وجد ان المعجزة غير مختصة بالأنبياء وانما تعم الحجج من المعصومين فقد روي عَنْ أَبِي بَصِيرٍ أنه قَالَ: (قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ (عليه السلام): لِأَيِّ عِلَّةٍ أَعْطَى اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْبِيَاءَهُ وَ رُسُلَهُ وَ أَعْطَاكُمُ الْـمُعْجِزَةَ ؟ فَقَالَ (عليه السلام): لِيَكُونَ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِ مَنْ أَتَى بِهِ وَالْـمُعْجِزَةُ عَلَامَةٌ للهِ لَا يُعْطِيهَا إِلَّا أَنْبِيَاءَهُ وَ رُسُلَهُ وَ حُجَجَهُ لِيُعْرَفَ بِهِ صِدْقُ الصَّادِقِ مِنْ كَذِبِ الْكَاذِبِ)[4].
فظاهر النص عدم اختصاصها بالأنبياء وهذا ظاهر من قول أَبِي بصير، إذ سأل الامام (واعطاكم)، ثم اكد الامام أن الحجج مشمولون بالمعجزة.
3ـ مطابقة المعجزة لدعوى النبوّة والرسالة: أي ان المعجزة تأتي موافقة لما يعرض، فان طُلب منه مثلا شق القمر الى نصفين لا بد ان تكون المعجزة على النحو الذي طلب فلا يكون اربعة او ثلاثة ، فالقرآن عندما جاء به النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) كان في بنائه وتركيبه واسلوبه مطابقًا لما في الدعوى، وإنّ أي انسان عندما ينظر الى المطالب العليا في القرآن الكريم يجد من دون أدنى شكّ ولا ريب أنها تنسجم تمام الانسجام مع ما صدح به (صلى الله عليه واله وسلم) من تعاليم، وما كشف عنه من حقائق، ودعا إليه من اعتقاد وعمل، وصدر عنه من تبشير وإنذار. وقد تكلّم القرآن الكريم نفسه عن هذه المطابقة بقوله تعالى: { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[5]، {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}[6].
4ـ اقتران المعجزة زماناً مع دعوى النبوّة والرسالة: من القراءة الدقيقة لتاريخ الدعوة الاسلامية نجد من دون شكّ ولا ريب أنّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) عندما أعلن عن رسالته الإلهيّة وأفصح عنها للناس وبيّن لهم نصّها ومضمونها، كانت مقرونة بالقرآن؛ لأنَّ القرآن هو عين الرسالة. وقد بيّن القرآن نفسه ذلك، إذ أمر النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) منذ أوّل البعثة الشـريفة بقراءة القرآن وتلاوته وتفسيره للناس: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[7]، {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[8]، {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}[9]. فلم يسبق نزول القرآن وإظهاره للناس على ظهور دعوى الرسالة فيهم: {قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}[10]، {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْـمُبْطِلُونَ}[11]، وكذلك لم يتأخّر عنها: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً}[12].
5ـ اقتران المعجزة بالتحدّي: ذهب جماعة الى أن القرآن الكريم تحدى بكلامه الإنس والجنّ، ومن بينهم العرب الذين ابدعوا وبرعوا في لغتهم ولم يذكره التاريخ لواحدة من الأمم المتقدّمة عليهم أو المتأخّرة عنهم، وبلغوا بها مبلغا لم يبلغه غيرهم، في تمام البيان، وجزالة النظم، ووفاء اللفظ، ورعاية المقام، وسهولة المنطق[13].
وذهب بعض الباحثين المعاصرين الى عدم اشتراطه، إذ يقول: ان المعجزات على نوعين: نوع موجه الى الكفار وهذا فيه تحدي ، وآخر موجه الى المؤمنين ليس فيه تحدي[14]. وقد ورد هذا التحدّي في القرآن ضمن خمس آيات، هي بحسب ترتيب نزولها على وفق الترتيب الآتي:
- قال تعالى : {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا القرآن لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}[15].
- قال تعالى {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[16].{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشـر سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[17].
- قال تعالى {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ}[18].
- قال تعالى {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[19].
وبالتأمّل في هذه الآيات، نلاحظ أنه لا وجه للتحدي لما قدمنا، وانما هو فقط دليل على صدق الدعوى.
اما الآيات التي يدل ظاهرها على تحدي فكانت جوابا لحال من الاحوال او الاعتراضات التي قدمها الكفار، فبعد ان عرض النبي آيات القرآن عليه بدأت اولا الحرب الناعمة بتوهين القرآن، وابتداع الاباطيل حوله منها : انه من الاساطير التي اكتتبها النبي خلال رحلاته ، أو أنه كانت تملى عليه من قبل رجل اعجمي أو من قبل الجن ، أو افتراها، فهنا جاء رد القرآن بأن يأتوا من مثله .
6ـ العجز عن الإتيان بمثلها : لقد فتح القرآن باب التحدي حتى طالت فلم يستطع احدٌ من الإنس والجنّ من الإتيان بمثله، بل نزل مستوى التحدّي إلى الإتيان بمثل حديث منه، وطال وقت الاستنهاض، فلم يجيبوه إلا بالتوعد لأهله بالقتل والتنكيل، ولم يزدهم إلا عجزا، ولم يكن منهم إلا ان يغمدوا السنتهم ويشهروا سيوفهم : {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسـرونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[20].
7ـ إنَّ الإعجاز خاضع لقانون العلية: (فإن العلل المعنوية أيضا من العلل، ومشمولة لتلك القاعدة، كما أن العلل الطبيعية لا تنحصـر في العلل الموجودة المكشوفة، لإمكان اكتشاف علل طبيعية أخرى في الآتي، وعليه فالإعجاز معلول من المعاليل، وله علة معنوية، وهذه العلة المعنوية قد تستخدم في الإعجاز الأسباب الطبيعية، كما دعا النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في حق معاند فسلط الله عليه سبعا فأكله، وقد يكتفي بالعلل المعنوية كإحياء الموتى أو انبات شجر مثمر في دقائق قليلة، وكيف كان، فالنظام الإعجازي يقدم على النظام الجاري بإرادته تعالى، ومشيته، فليس المعجزة بلا سبب وعلة، حتى يقال: بأنه نقض لأصل العلية ومما ذكر يظهر ما في مزعمة الماديين حول الإعجاز حيث تخيلوا أنه ينافي أصل العلية) [21].
[1] التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): 506.
[2] سورة النحل: 89.
[3] سورة النساء: 82.
[4] الصدوق: علل الشرائع 1 : 122.
[5] سورة النجم: 3-4.
[6] سورة الحاقّة: 40-47.
[7] سورة العلق: 1.
[8] سورة النحل: 44.
[9]سورة القيامة: 16-19.
[10] سورة يونس: 16.
[11] سورة العنكبوت: 48.
[12] سورة الإسـراء: 106.
[13] الطباطبائيّ: الميزان في تفسير القرآن 1: 68.
[14] الخالدي: صلاح عبد الفتاح: البيان في اعجاز القرآن, دار عمار, الاردن- عمان.
[15] سورة الإسـراء: 88.
[16] سورة يونس: 38.
[17] سورة هود: 13.
[18] سورة الطور: 33-34.
[19] سورة البقرة: 23-24.
[20] سورة هود: 5.
[21] الخرازي: محسن : بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية 1: 243.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
بمناسبة تجديد الثقة لهما...الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يقدم التهاني والتبريكات لأميني العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين
|
|
|