أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-01-2015
1923
التاريخ: 29-09-2015
1972
التاريخ: 12-10-2014
1896
التاريخ: 11-10-2014
2336
|
إنّ حياة أنبياء الله العظام ـ وخاصة نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ تبيان لمقاومتهم اللامحدودة أمام الحوادث الصعبة والشدائد العسيرة ، والعواصف الهوجاء ، والمشاكل القاصمة ، ولما كان طريق الحق مليئاً بهذه المشاكل دائماً ، فيجب على سالكيه أن يستلهموا العبر من أولئك العظماء في هذا المسير.
إنّنا ننظر عادة من نقطة مضيئة في تاريخ الإسلام إلى أيّام مرّت على الإسلام ونبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) صعبة مظلمة ، وهذه النظرة من المستقبل إلى الماضي تجسم الوقائع والحقائق بشكل آخر ، فينبغي علينا أن ندرك أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان وحيداً فريداً لا يرى في أفق الحياة أية علامة للإنتصار.
فأعداؤه شمروا عن سواعدهم للفتك به ، حتى أنّ أقاربه وعشيرته كانوا في الخط الأوّل في هذه المجابهة!
كان يذهب دائماً إلى قبائل العرب ويدعوهم ، ولكن لم يكن يجيبه أحد.
كانوا يرجمونه حتى تسيل الدماء من عقبيه ، لكنه لم يكن يكف عن عمله.
لقد فرضوا عليه الحصار الإجتماعي والإقتصادي والسياسي بحيث أغلقوا جميع الأبواب والطرق بوجهه وبوجه أتباعه ، حتى مات بعضهم جوعاً ، وأقعد المرض بعضهم الآخر.
لقد مرّت على النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيّام يصعب على القلم واللسان وصفها ، فعندما جاء إلى الطائف ليدعو الناس إلى الإسلام ، لم يكتفوا بعدم إجابة دعوته ، بل رموه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه.
لقد كانوا يحثون الجهلاء من الناس على أن يصرخوا ، ويسيؤوا في كلامهم إليه ، فيضطر إلى أن يلتجئ إلى بستان ويستظل بظل شجرة ، ويناجي ربّه فيقول : «اللّهمَّ إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين : أنت رب المستضعفين ، وأنت ربي ، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي...»(1).
كانوا يسمونه ساحراً تارة ، وأُخرى يخاطبونه بالمجنون.
كانوا يلقون التراب والرماد على رأسه حيناً ، وحيناً يجمعون على قتله ، فيحاصرون بيته بالسيوف والرماح.
إلاّ أنّه رغم كلّ تلك الظروف استمر في صبره وصموده واستقامته.
وأخيراً جنى الثمرة الطيبة لهذه الشجرة المباركة ، فقد عمّ دينه شرق العالم وغربه ، لا جزيرة العرب وحدها ، ويدوّي اليوم صوت انتصاره صباح مساء في كلّ أرجاء الدنيا ، وفي قارات العالم الخمسة ، وهذا هو معنى : {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } [الأحقاف : 35].
وهذا هو طريق محاربة الشياطين ، وطريق الإنتصار عليهم ، والوصول إلى الأهداف الإلهية السامية.
إذا كان الأمر كذلك ، فكيف يطمح طلاب الراحة والسلامة إلى أن يصلوا إلى أهدافهم الكبيرة من دون صبر وتحمل للعذاب والآلام ؟
وكيف يأمل مسلمو اليوم أن ينتصروا على كلّ هؤلاء الأعداء الذين اجتمعت كلمتهم على إفنائهم والقضاء عليهم ، دون الإستلهام من دين نبي الإسلام الأصيل ؟
والقادة الإسلاميون بخاصة مأمورون بهذا الأمر قبل الجميع ، كما ورد في حديث عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام) : «إنّ الصبر على ولاة الأمر مفروض ، لقول الله عزَّ وجلَّ لنبيّه : {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } وإيجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل طاعته بقوله : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب : 21] »(2).
اللّهمَّ امنحنا هذه الموهبة العظيمة ، هذه العطية السماوية ، وهذا الصبر والثبات والإستقامة أمام المشاكل.
اللّهمَّ وفقنا لحفظ مشعل النور الذي حمله أولو العزم من أنبيائك ، وخاصة خاتم النبيين محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، من أجل هداية البشرية بعد تحملهم الجهود المضنية ، ووفقنا لأن نكون أهلاً لحراسته.
إلهنا! إنّ أعداء الحق متحدون ومتحزّبون ضده ، ولا يرتدعون عن إقتراف أية جريمة وجناية ، اللّهمَّ فامنحنا صبراً وثباتاً أعظم مما لديهم لئلا نركع أمام سيل المشاكل وعظمتها ، ووفقنا لأن نتخطى الأمواج والعواصف ونتركها وراءنا ، وهذا لا يتمّ إلاّ بعونك ولطفك اللامحدود.
آمين يا ربّ العالمين.
__________________
1- سيرة ابن هشام ، ج 2 ، ص 61.
2- احتجاج الطبرسي طبقاً لنقل تفسير نور الثقلين ، ج 5 ، ص23, ذيل الآية 21 من سورة الاحزاب .
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|