أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-1-2017
2560
التاريخ: 7-11-2016
32291
التاريخ: 11-2-2021
2451
التاريخ: 2023-08-05
1122
|
جزيرة العرب هي مهد الإسلام، وهي منبت الدولة الواسعة التي أنشأها خلفاء مُحمد، ويتألف القسم الأكبر من جزيرة العرب من صحارٍ، ويحيط بها البحر الأحمر من الغرب، وبحرُ عُمان والخليج الفارسيُّ من الشرق، والمحيطُ الهنديُّ من الجنوب، وتتصل من أقصى غربها وشرقها بإفريقية وآسية. ويحيط بجزيرة العرب من ثلاث جهات، أي من الغرب والشرق والجنوب، ثلاثة أبحر كما ذكرنا، وأما حدُّها الشماليُّ فغير واضح، وهو يمتد تقريبًا باتجاه الخط الذي يبدأ من مدينة غزة الفلسطينية الواقعة على ساحل البحر المتوسط مارًّا بجنوب البحر الميت فدمشق فالفرات، وينتهي بخليج فارس، ويبلغ طول جزيرة العرب من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها نحوَ 23 درجةً أو 2500 كيلو متر، ويبلغ عرضها من البحر الأحمر إلى الخليج الفارسي نحو ألف كيلو متر. وتزيد مساحة جزيرة العرب على 3000000 كيلو متر مربع، أي على مساحة تعدِل فرنسة ستَّ مرات. وليس لدينا إحصاء قاطع لنفوس جزيرة العرب في الوقت الحاضر، وقد قُدِّرت منذ بضع سنين بعشرة ملايين، ولم تَزِد على خمسة ملايين في أحدث المؤلفات، وخُمس هؤلاء السكان أهل بدوٍ على الأقلِّ. ونحن إذا نظرنا إلى سطح جزيرة العرب رأيناه مؤلفًا من هضبة تُشبه الصحراء الإفريقية في اتساعها وسهولها القاحلة الرملية، أو الصخرية، التي تتخللها بقاعٌ منبتةٌ، وتنحدر هذه الهضبة إلى الخليج الفارسيِّ. ويقطعُ مجاهلَ جزيرة العرب الواسعة أوديةٌ وبقاعٌ جبلية ذاتُ مُدُن وقرى يسكنها فريقٌ من الزراع، ولا تَعرف الصحراء غير أهل البدو الذين يجوبونها. وتقع في وسط تلك الهَضْبَة العربية بلادُ نجد التي تُعدُّ جزيرةً خَصبة تحيط بها الفَلَوات والجبال بدلًا من الماء. ويُظنُّ أن نحو نصف جزيرة العرب مؤلفٌ من بِقاع خصبة، وأن النصف الآخر من صحارٍ، وإن دلَّت الخرائط على اتساع رُقعَة الصحاري، وانقباض رُقعة البقاع الخصبة، وما في الخرائط من التفاوت ناشئٌ عن قلة ارتياد علماء الجغرافية لجزيرة العرب واضطرارهم إلى ترك البقاع المجهولة منها بِيضًا. ولم يُعرف من سلاسل جبال جزيرة العرب الكثيرة سوى القليل، وأحسن ما عُرف منها السلسلة الممتدة على طول الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر حيث يرتفع بعض ذراها 2500 متر. وفُقدان الأنهر الدائمة في جزيرة العرب مما يستوقف النظر، وتبقى أخاديدها خاليةً من الماء في أكثر أيام السنة، وتشُقُّ هذه الأخاديدُ جزيرة العرب طولًا وعرضًا، وقد يبلغ طول بعضها، كوادي الرُّمَّة: 1300 كيلو متر، وهي تصبح كالأنهر العظيمة المعروفة حين يملأها ماء المطر. والجدبُ والحرُّ من أظهر ما عُرِفت به جزيرة العرب منذ القديم، والجدبُ على الخصوص، هو أشدُّ ما تعانيه، ولم ينشأ عن قطع أشجار غابها بالتدريج سوى زيادة القحط، شأنُ بلادِ الجزائر الخصيبة في العهد الرومانيِّ، والجديبة في الوقت الحاضر.
شكل 1: خريطة جزيرة العرب ومصر (وفق أحدث الوثائق).
ويدوم المطر في جزيرة العرب بضعة أشهر على العموم، ومتى احتبس عمَّ الخراب، وأصبحت تلك البلادُ غيرَ صالحة للسَّكن تقريبًا، ويقترن القحط في جزيرة العرب بريح السَّموم في الغالب. وريحُ السَّموم وعدم الماء أشدُّ ما تقاسيه القوافل في جزيرة العرب من أخطار، قال مسيو دِيڨِرْجِيه: «تعرِف القافلة، وهي تتوغل في الصحراء، علاماتِ ريح السَّموم الأولى، وهي: أن السماء تظهر في الأفق مَغْرَاءَ (1) ثم قَهْبَاء (2) ودَكْنَاء (3)، والشمس تضعف أشعتها فتصبح حمراء، والرمال الناعمة تملأ الجو والهواء، والرياح تثيرها فتغدو كالبحر المزبد الذي تحرِّكه العاصفة الهوجاء.وهنالك تنقبض صدور السُّياح، وتحمر عيونهم، وتجف شفاههم، ويأخذون في الهرب هم وجمالهم التي تعدو تارةً وتقِفُ أخرى؛ لتَطْمِرَ نحورَها في الرمل وتُمرِّغ مناخيرها بالأرض، وإذا ما استطاعت القافلة أن تحتميَ وراء صخرة حتى تهدأ الزوبعة فإنها تنجو، ولكنها إذا تاهت في البادية وكانت بعيدة من الملاجئ أو اشتدت العاصفة فإن نشاطها يفتر، وتفقد غريزة حب البقاء، ويستولي عليها الثَّوَل(4) والدُّوار، وتصير غير قادرة على الفرار، وتُدفَن تحت أكثبة الرمل، وتبقى مدفونة إلى أن تَهُب عاصفةٌ أخرى، وتكشف عن عظامها المبيضة«. وتكون درجة الحرارة في داخل جزيرة العرب مرتفعةً عادة، ولا تهْبِط في الصحراء إلى أقلَّ من 43 نهارًا و38 ليلًا، وتكون معتدلة في الأماكن الجبلية أو القريبة من البحر، فقد شاهد نِيبُوهر أن الحرارة في اليمن لا تزيد في أواخر شهر يوليه على 29 درجة بمقياس سنتيغراد، ويكون البرد في صنعاء قارسًا في الشتاء. والجفافُ والجوُّ المحرِق ليسا سائدين لجزيرة العرب كلِّها، مع ذلك، ففي جزيرة العرب بقاعٌ متسعة اتساع الدول الأوربية المهمة كثيرةُ الخصب كبلاد اليمن، وبلاد نجد التي لم يرَ پلغريڨُ ما هو أنفع من جوِّها للصحة في العالم. وتتألف صحاري جزيرة العرب من سهول رملية واسعة، وفيها آبارٌ وواحاتٌ ذات نخيلٍ ومناجع (5). وتجوب قبائل البدو الصحراء دائمًا، ويأخذ عيشها بمجامع قلوب الأعراب، ويُفضِّلُه الأعراب على غيره مع نَفْرَة الأوربيين منه، وليس حبُّ الأعراب لعيش البادية حديثًا، فهم حفدة العرب الذين قصَّت التوراة علينا من أنبائهم، والذين حافظوا على ما تقتضيه من أذواق وطبائع وعادات. ومما تقدَّم ترى جزيرة العرب ذاتَ أجواءٍ وتُربة مختلفة، فيوجب هذا اختلافًا في طُرُق معايشها ونباتها وحيوانها وسكانها.
............................................
1- المغراء: مؤنث الأمغر؛ وهو ما كان لونه بلون المغرة.
2- القهباء: مؤنث الأقهب، وهو ما كان لونه القهبة، وهي بياض تعلوه كدرة.
3- الدكناء: مؤنث الأدكن، وهو ما كان لونه مائلًا إلى السواد.
4- الثول: من ثول الرجل يثول: حمق.
5- المناجع: جمع المنجع، وهو الموضع يقصده الناس في طلب الكلأ.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|