المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8441 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

وسط غذائي أدنى Minimal Medium
5-3-2019
كلام حول النفاق في صدر الإسلام
8-10-2014
تمييز اللجوء عن النزوح
2023-10-26
الظلام في الليل
2023-07-03
استخرج أفضل ما لدى الموافق دائماً
2024-10-07
شعراء العرب وأثر الشعر في الانسان العربي
27-07-2015


المهادنة وأحكامها  
  
321   11:13 صباحاً   التاريخ: 2024-11-17
المؤلف : الشيخ الطوسي
الكتاب أو المصدر : المبسوط في فقه الامامية
الجزء والصفحة : ج 2 ص 50
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الجهاد / المهادنة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-17 322
التاريخ: 25-9-2018 450
التاريخ: 12-8-2017 527
التاريخ: 2024-11-19 247

الهدنة والمعاهدة واحدة، وهو وضع القتال وترك الحرب إلى مدة من غير عوض، وذلك جائز لقوله تعالى ((وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها)) (1) ولأن النبي (صلى الله عليه وآله) صالح قريشا عام الحديبية على ترك القتال عشر سنين. فإذا ثبت جوازه فالكلام في فصلين:

أحدهما: في بيان الموضع الذي يجوز ذلك فيه، والذي لا يجوز.

والثاني: بيان المدة، وليس يخلو الإمام من أن يكون مستظهرا أو غير مستظهر فإن كان مستظهرا وكان في الهدنة مصلحة للمسلمين ونظر لهم بأن يرجو منهم الدخول في الإسلام أو بذل الجزية فعل ذلك، وإن لم يكن فيه نظر للمسلمين بل كانت المصلحة في تركه بأن يكون العدو قليلا ضعيفا وإذا ترك قتالهم اشتدت شوكتهم وقروا فلا تجوز الهدنة لأن فيها ضررا على المسلمين.

فإذا هادنهم في الموضع الذي يجوز فيجوز أن يهادنهم أربعة أشهر بنص القرآن العزيز وهو قوله تعالى ((فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ)) (2) ولا يجوز إلى سنة وزيادة عليها بلا خلاف لقوله تعالى ((فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)) (3) فاقتضى ذلك قتلهم بكل حال وخروج قدر الأربعة أشهر بدليل الآية الأولى وبقي ما عداه على عمومه.

فأما إذا كانت المدة أكثر من أربعة أشهر وأقل من سنة فالظاهر المتقدم يقتضي أنه لا يجوز، وقيل: إنه يجوز مثل مدة الجزية. فأما إذا لم يكن الإمام مستظهرا على المشركين بل كانوا مستظهرين عليه لقوتهم وضعف المسلمين أو كان العدو بالبعد منهم وفي قصدهم التزام مؤن كثيرة فيجوز أن يهادنهم إلى عشر سنين لأن النبي (صلى الله عليه وآله) هادن قريشا عام الحديبية إلى عشر سنين ثم نقضوها من قبل نفوسهم فإن هادنهم إلى أكثر من عشر سنين، بطل العقد فيما زاد على العشر سنين وثبت في العشر سنين، ولا بد من أن تكون مدة الهدنة معلومة فإن عقدها مطلقة إلى غير مدة كان العقد باطلا لأن إطلاقها يقتضي التأبيد و ذلك لا يجوز في الهدنة فأما إن هادنهم على أن الخيار إليه متى شاء نقض فإنه يجوز، وروى عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه فتح خيبر عنوة إلا حصنا منها فصالحوه على أن يقرهم بما شاء الله، [ما أقرهم الله خ ل] وروى أنه قال لهم: نقركم ما شئنا.

والحربي إذا أراد أن يدخل بلد الإسلام رسولا أو مستأمنا فإن كان لقضاء حاجة من نقل ميرة أو تجارة أو أداء رسالة ولم يطلب مدة معلومة جاز أن يدخل يوما ويومين وثلاثة إلى العشرة فإن أراد أن يقيم مدة فالحكم فيه كالحكم في الإمام إذا أراد أن يعقد الهدنة وهو مستظهر وكان في ذلك نظر للمسلمين فيجوز إلى أربعة أشهر على ما قدمناه بلا زيادة.

إذا أراد الإمام ترك القتال والموادعة على مال يبذله للمشركين فإن لم يكن مضطرا إلى ذلك لم يجز سواء كان من حاجة أو غير حاجة لقوله تعالى ((حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)) (4) والجزية تؤخذ من المشركين صغارا. فلا يجوز أن يعطيهم نحن ذلك وإن كان مضطرا كان ذلك جائزا، والضرورة من وجوه:

منها أن يكون أسيرا في أيديهم يستهان به ويستخدم ويسترق ويضرب فيجوز للإمام أن يبذل المال ويستنقذه من أيديهم لأن فيه مصلحة من استنقاذه نفسا مؤمنة من العذاب.

ومنها أن يكون المسلمون في حصن وأحاط بهم العدو وأشرفوا على الظفر بهم أو كانوا خارجين من المصر وقد أحاط العدو بهم أو لم يحط لكنه ما كان مستظهرا عليهم فيجوز هيهنا أن يبذل المال على ترك القتال لأن النبي (صلى الله عليه وآله) شاور في مثل هذا عام الخندق وأراد أن يصالحهم على شطر ثمار المدينة حتى امتنع الأنصار من ذلك فثبت جوازه. فإذا أخذ المشركون هذا المال لم يملكوه فإن ظفر بهم فيما بعد كان مردودا إلى موضعه.

إذا صالح أهل الذمة على ما لا يجوز المصالحة عليه مثل أن يصالحهم على أن لا تجري عليهم أحكامنا أولا يمتنعوا من إظهار المناكير أو على أن لا يردوا ما يأخذونه من الأموال أو أن يرد إليهم من جاء من عبيدهم مسلما مهاجرا أو يأخذ جزية أقل مما يحتمل حالهم و ما أشبه ذلك كان ذلك كله باطلا، و على من عقد الصلح نقضه و إبطاله لأن النبي (صلى الله عليه و آله) عقد الصلح عام الحديبية على أن يرد إليهم كل من جاء مسلما مهاجرا فمنعه الله تعالى من ذلك و نهاه عنه بقوله عز و جل ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ)) (5) الآية. فإذا ثبت هذا فكل من جاء من المشركين مسلما مهاجرا وكان قد شرط الإمام رد من جاء منهم فإنه إن كان له رهط وعشيرة يأمن أن يفتنوه عن دينه جاز له رده. فإن لم يكن له رهط وعشيرة ولا يأمن أن يفتن عن دينه لم يجز رده فإذا ثبت أنه لا يجب رد من لا عشيرة له لا يجب رد البذل عنه.

وإذا وقعت الهدنة على وضع الحرب وكف النقض عن البعض فجائتنا امرأة منهم مسلمة مهاجرة لا يجوز ردها بحال سواء كان شرط ردها أو لم يشرط، وسواء كان لها رهط وعشيرة أو لم يكن لأن رهطها وعشيرتها لا يمنعو [ن] ها من التزويج بالكافر وذلك غير جائز وتفارق بذلك الرجل. فإذا ثبت أنها لا ترد فإن جاء غير زوجها يطلبها أما الأب أو الأخ أو العم أو الزوج و لم يكن أقبضها المهر فإنه لا يرد عليه شيء فإن جاء زوجها و كان قد دفع إليها مهرها وطالب بالمهر رد عليه لقوله تعالى ((فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ)) (6) ثم قال عز وجل ((وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا)) وقد قال أكثر الفقهاء لا يرد لأن فوت البضع ليس بمال ولا في معنى المال، ولا يجب رده، وهذا قياس ونحن لا نترك الظاهر للقياس فإذا ثبت أنه يرد المهر فجائتنا امرأة مهاجرة مسلمة نظر فإن كان غير الزوج أو الزوجة ولم يدفع المهر أو لم يسم المهر لا يرد عليه شيء لأن الله تعالى قال ((وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا)) (7) وهذا ما أنفق، وإن كان قد سمى مهرا فاسدا وأقبضها كالخمر والخنزير وغيره لم يكن له المطالبة لأنه ليس بمال ولا قيمة له في شرعنا، و إن كان أقبضها مهرا صحيحا كان له المطالبة بما دفع إليها للاية هذا إذا قدمت إلى بلد الإمام أو بلد خليفته ومنع من ردها، وأما إذا قدمت إلى غير بلدهما فمنع غير الإمام وغير خليفته من ردها فلا يلزم الإمام أن يعطيهم شيئا سواء كان المانع من ردها العامة أو رجال الإمام لأن البذل يعطي الإمام من المصالح فلا يصرف غير الوالي فيه.

وأما ما أنفقه في غير المهر من نفقة عرس وكرامة فإنه لا يرد لأنه تطوع به. فإن قدمت مجنونة أو عاقلة فجنت لم يجب الرد لأنه ربما يكون قد أسلمت وجنت بعد الإسلام فلا يجوز ردها احتياطا، والمهر إن كانت جنت بعد إسلامها فله مهرها فإن لم يعلم كيف كان الأمر لم يعط شيئا من المهر لجواز أن يفيق فيقول:

إنها لم تزل كافرة فيرد عليه ويتوقف عن الرد حتى يفيق وتبين أمرها، فإذا أفاقت سئلت فإن ذكرت أنها أسلمت أعطي المهر، وإن ذكرت أنها لم تزل كافرة ردت عليه فأما إن قدمت صغيرة فوصفت الإسلام فإنها لا ترد ولم يحكم بإسلامها لأنها إذا وصفت الإسلام رجونا أن تقيم عليه بعد بلوغها فإن ردت ربما فتنوها عن دينها.

فإن جاء زوجها يطلبها أو يطلب المهر فهي لا تردد والمهر أيضا يتوقف عن رده حتى تبلغ فإن بلغت وأقامت على الإسلام رد المهر، وإن لم تقم ردت هي وحدها فإن قدمت مسلمة وجاء زوجها يطلبها فارتدت فإنها لا ترد عنه لأنه حكم لها بالإسلام أولا ثم ارتدت فوجب عليها أن تتوب أو يفعل بها من الحبس ما يفعل بالمرتدة ويرد على زوجها المهر لأنا حلنا بينه وبينها.

فإن جاء زوجها يطلبها فمات أو ماتت فإن كان مات أو ماتت قبل المطالبة فلا شيء له لأنا ما حلنا بينه وبينها، وإن مات بعد المطالبة استقر له المهر. فإن كانت الزوجة ماتت أعطى المهر لعموم الآية وإن كان الزوج مات فالمهر لورثته.

فإن قدمت مسلمة فطلقها زوجها بائنا أو خالعها قبل المطالبة بها لم يكن له المطالبة بالمهر لأن الزوجية قد زالت فزالت الحيلولة. فإن كان الطلاق رجعيا فراجعها عادت المطالبة بالمهر لأنها عادت زوجته. فإن قدمت مسلمة فجاء زوجها فأسلم نظر فإن أسلم في وقت يجتمعان فيه على النكاح بأن أسلم قبل انقضاء عدتها ردت إليه، وإن كان طالب بمهرها فاعطيناه كان عليه رده لأن المهر للحيلولة وما حلنا بينهما.

وإن أسلم بعد انقضاء عدتها لم يجمع بينهما. ثم ينظر فإن كان طالب بالمهر قبل انقضاء عدتها فمنعناه كان له المطالبة لأن الحيلولة حصلت قبل إسلامه، وإن لم يكن طالب قبل انقضاء العدة لم يكن له المطالبة بالمهر لأنه التزم حكم الإسلام، وليس من حكم الإسلام المطالبة بالمهر بعد البينونة، وهكذا إذا كانت غير مدخول بها وأسلم بعد ذلك لم يكن له المطالبة بالمهر لأنه أسلم بعد البينونة وحكم الإسلام يمنع من وجوب المطالبة في هذه الحال.

فإن قدمت أمة مسلمة مهاجرة ولها زوج لم ترد عليه لأن إسلامها يمنع من ردها ويحكم بحريتها فإن جاء سيدها يطلبها فلا يجب ردها ولا قيمتها. فأما المهر فإن كان زوجها حرا فله المطالبة به، وإن كان عبدا فلسيده المطالبة به.

إذا جاءت امرأة مسلمة فجاء زوجها فادعاها لم يثبت ذلك إلا بأحد سببين:

إما بأن يشهد شاهدان مسلمان أنها زوجته أو تعترف المرأة بذلك. فأما قول المشركين وإن كثر عددهم فإنه لا يقبل. فإذا ادعى دفع المهر وطالب به فإنه يثبت بشاهدين وشاهد وامرأتين وشاهد ويمين لأن المال يثبت بهذه البينات الثلاث.

فإن اختلفا في قدر المهر فلا ينظر إلى ما وقع به العقد، وإنما ينظر إلى ما وقع فيه القبض قليلا كان أو كثيرا لأن الواجب رد ما وقع القبض عليه فإن خالفته في ذلك كان القول قولها أنها ما قبضت إلا هذا القدر لأن الأصل إلا قبض فإن أعطيناه المهر بما ذكرنا فقامت البينة أن المقبوض كان أكثر كان له الرجوع بالفضل.

وكل موضع يجب فيه رد المهر فإنه يكون ذلك من بيت المال المعد للمصالح.

فأما رد الرجال فإنه إن شرط في عقد الهدنة أن نرد من جاءنا من الرجال نظر فإن شرط رد من له رهط وعشيرة جاز ذلك لأنه لا يخاف أن يفتن عن دينه، وإن شرط رد من لا عشيرة له كان الصلح فاسدا لأنه صلح علي مالا يجوز. فإن أطلق رد الرجال ولم يفصل كان الصلح باطلا فاسدا لأنه صلح على ما لا يجوز ولأن إطلاقه يقتضي رد الجميع وذلك باطل فإذا بطل الصلح لم نرد من جاءنا منهم رجلا كان أو امرأة ولا يرد البذل عنها بحال لأن البذل استحق بشرط وهو مفقود هيهنا كما لو جاءنا من غير هدنة.

وإذا رد من له عشيرة فمعنى الرد أن لا يكرهه على الرجوع ولا يمنعه أن اختار ذلك فيقول لك في الأرض مراغم كثيرة وسعة ولا يمنع منه من جاء ليرده ويوصيه أن يهرب فإذا هرب منهم ولم يكن في قبضة الإمام لم يتعرض له فإن أبا بصير جاء إلى النبي (صلى الله عليه و آله) فرده فهرب منهم وأتى النبي (صلى الله عليه و آله) فقال: وفيت لهم ونجاني الله منهم فلم يرده ولم يعب ذلك عليه وتركه، وكان في طريق الشام يقطع على قريش حتى سئلوا النبي (صلى الله عليه و آله) أن يضمه إليه.

فإن قدم عليها مملوك لهم مسلما صار حرا فإن جاء سيده يطلبه لم يجب رد ثمنه لأنه صار حرا بالإسلام، ولا دليل على وجوب رد ثمنه. فإن جاء صغير فوصف الإسلام لم يرد لجواز أن يقيم على وصفه بعد البلوغ، وكذلك إن كان عندنا لم يرد إليهم بل يترك الصبي حتى يبلغ فإن وصف الإسلام وإلا أمرنا بالانصراف، وهكذا المجنون بعد الإفاقة سواء.

لا يجوز لأحد أن يعقد عقد الهدنة والكف عن القتال لأهل إقليم أو صقع من الأصقاع إلا الإمام أو من يقوم مقامه بأمره وأما عقد الأمان لآحادهم والنفر اليسير منهم فإنه يجوز لآحاد المسلمين على ما مضى في كتاب الجهاد.

فإن خالف غير الإمام من آحاد الأمة وعقد الهدنة لإقليم كانت الهدنة باطلة فكل من جاءنا بعد ذلك كان بمنزلة من جاء منهم، وليس بيننا وبينهم عقد، وإذا عقد الإمام الهدنة إلى مدة ومات وقام غيره مقامه لم يكن له نقض تلك الهدنة إلى انقضاء مدتها.

إذا نزل الإمام على بلد وعقد معهم صلحا على أن يكون البلد لهم ويضرب على أرضهم خراجا يكون بقدر الجزية ويلتزمون أحكامنا ويجريها عليهم كان ذلك جائزا ويكون ذلك جزية ولا يحتاج إلى جزئه الرؤوس. فمن أسلم منهم سقط ما ضربه على أرضه من الصلح وصارت الأرض عشرية، فإن شرط عليهم أن يأخذ منهم العشر من زرعهم على أنه متى قصر ذلك عن أقل ما يقتضي المصلحة أن يكون جزية كان جائزا، وكذلك إن غلب في ظنه أن العشر وفى للجزية كان جائزا، وإن غلب في ظنه أن العشر لا يفي بما يوجب المصلحة من الجزية لا يجوز أن يعقد عليه، وإن أطلق ولا يغلب في ظنه الزيادة أو النقصان فالظاهر من المذهب أنه يجوز لأن ذلك من فروض الإمام واجتهاده فإذا فعله دل على صحته لأنه معصوم.

____________________

(1) الأنفال 61.

(2) التوبة 2.

(3) التوبة 5.

(4) التوبة 29.

(5) الممتحنة (10).

(6) الممتحنة 10 .

(7) الممتحنة 10 .




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.