المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6984 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الشكر قناة موصلة للنعم الإلهية
2025-01-12
أسباب ودوافع الكفران وطرق علاجه
2025-01-12
عواقب كفران النعمة
2025-01-12
معنى كفران النعمة
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 2
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 1
2025-01-12

الشيخ محيي الدين أحمد بن تاج الدين الميسي العاملي.
9-2-2018
مسؤولية صغير السن في القانون الوضعي في العصر الحديث
29-8-2019
Cope and Claisen rearrangements
23-10-2019
التورية و المبالغة
7-10-2016
أنزيم الاقلاب Invertase
10-10-2018
تخطيـط المـشروع و هيكـل خطـة المشـروع
27-4-2021


أثر رجال الدين في عهد الدولة الحديثة في نظم الحكم فيها  
  
248   12:58 صباحاً   التاريخ: 2024-12-10
المؤلف : سليم حسن
الكتاب أو المصدر : موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة : ج8 ص 508 ــ 517
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /

تحدثنا فيما سبق عن الخطوات التي أدت إلى سقوط الأسرة العشرين، وما كان لرجال الدين في ذلك من يد فعالة ونشاط جم، وكيف جمع «حريحور» في نهاية الأمر في يده السلطات الدينية والحربية والسياسية، مما أدى إلى سلبه عرش ملوك الرعامسة، والقضاء على حكمهم جملة. وتدل شواهد الأحوال على أن رجال الدين على الرغم من انقطاع نسل أسرة الكاهن «رعمسيس نخت» لم يذهب سلطانهم، أو يقل نفوذهم في البلاد، بل حافظوا على مجدهم وأملاكهم في طول البلاد وعرضها مما أدى بعد موت «حريحور» إلى تقسيم البلاد مملكتين: إحداهما في الشمال وعاصمتها في «تانيس»، والأخرى في الجنوب وعاصمتها «طيبة». وقد ميزت كل منهما بطابع خاص؛ فكانت مملكة الشمال ذات طابع سياسي، ومملكة الجنوب ذات طابع ديني، وقد كان كل منهما منفصلًا عن الآخر في إدارة شئونه على حسب مبادئه؛ فكانت مملكة الشمال سياسية محضة تحكم بمقتضى القوانين المشروعة في البلاد، وفي الجنوب كان الإله «آمون» هو الذي يحكم الصعيد بما يوحيه من أحكام تصدر عند الحاجة على يد الكاهن الأكبر «للكرنك». وهكذا نرى أن رجال الدين قد لعبوا دورًا هامًّا في سياسة البلاد وحكومتها على حسب ما يوحي به «آمون» إله الدولة العظيم. وقبل أن نتحدث عن الكهنة العظام في «طيبة»، وعن ملوك الأسرة الواحدة والعشرين في «تانيس» يجب أن نلقي نظرة عامة على تدرُّج السلطة في يد كهنة «آمون» العظام، منذ نشأتها في عهد الدولة الحديثة حتى قيام دولتهم في «طيبة».
إنَّ تولي الكاهن الأكبر «حريحور» عرش الفراعنة، وانتصار السلطة الروحية ظاهرًا على السلطة الدنيوية لم يكن نتيجة لمجهودات منظمة، وسياسة مرسومة مقصودة، وضعت منذ قرون مضت، وهذا ظاهر من الحقائق التي استعرضناها فيما مضى.
فمنذ أزمان بعيدة مضت كان الكهنة العظام يقنعون بأن يكونوا خدَّامًا صالحين مخلصين لإلههم؛ وكانوا بعيدين كل البعد عن عَرَض الدنيا وشئونها لدرجة أن مصالح «آمون» الإدارية كانت حتى عهد «تحتمس الأول» يقوم بها رجال خارجون عن طائفة الكهنة، وقد كانت السياسة هي التي تسعى إليهم. فنجد أن الفراعنة قد حوَّلوهم مباشرة عن شئونهم الدينية ليرموا بهم في أحضان الحياة الدنيوية لحاجة في نفسهم، وبذلك كانوا يجعلونهم يأخذون بنصيب في حكومة البلاد. وقد لعب الاحترام الذي كانوا يتمتعون به، والنفوذ الذي كانوا يكتسبونه من وظيفتهم بوصفهم المترجمين بما يوحي به «آمون» من أحكام، دوره الهام في جعل أولاد الفرعون «تحتمس الأول» يعتمدون على هؤلاء الكهنة في توطيد ادعاءاتهم تاج مصر. ومن ثم نجد أن كهنة «طيبة» قد عاضدوا «تحتمس الثالث» على اعتلاء العرش، وقد كانت مساعدة الكهنة «لتحتمس الثالث» عظيمة بوجه خاص؛ لأنه كان قد تربَّى بينهم في طفولته في المعبد، تربية كان الغرض منها أن يصبح فيما بعد كاهنًا (راجع مصر القديمة ج4). وقد رأينا بعد ذلك أن الملكة «حتشبسوت» قد وضعت على رأس هؤلاء الكهنة الذين أرادت أن يلتفوا حولها أحد المخلصين لها والموالين لعرشها، وهو الكاهن الأكبر «حبوسنب» (راجع مصر القديمة ج4).
ولم يلبث أن امتد سلطان الوظائف الدينية التي كان يتمتع بها كهنة «آمون» العظام، وعظم شأنها بدرجة خطيرة، فكان يلقب الواحد منهم رئيس كل كهنة الوجهين القبلي والبحري، فأصبحوا بذلك بمثابة ملوك أحبار للديانة المصرية القديمة، وفي الوقت نفسه أصبحوا هم المشرفين على إدارة أملاك «آمون»، الذي أصبح على أثر الهبات التي أغدقها عليه «تحتمس الثالث»، ومَن بعده من الفراعنة بسخاء صاحب مكانة عظيمة جدًّا، وبذلك صار هؤلاء الكهنة العظام مديرين لضياع «آمون»، ومديرين لحقول «آمون»، ومديرين لبيتي فضة «آمون»، ولبيتي ذهب «آمون»، ومديرين لمخازن الغلال، ومديرين للقطعان، ومديرين لأعمال بيت «آمون».
وفضلًا عن ذلك اشتركوا رسميًّا في إدارة البلاد. فقد تولى كل من «حبوسنب» و«بتاحمس» كاهنًا أكبر، وفي الوقت نفسه وزيرًا للدولة، وكان الكاهن «مري» حاكم الجنوب، والكاهن «منخبر رع سنب» وزيرًا للمالية، وكل هؤلاء تقريبًا كانوا مشتغلين في الأعمال العامة، ويديرون المباني التي أمر الفرعون بإقامتها، ولن أتكلم هنا عن المكافآت والنياشين والرتب التي منحها إياهم الفرعون، وقد كانت هذه من أعلى ما يمكن أن يعطي الفرعون خدامه الذين كانوا يعدُّون بالآلاف. والواقع أن الكهنة العظام للإله «آمون» كانوا وقتئذ ملتفين حول الفرعون بكل إخلاص، وبدون أي غرض مقصود. فقد شاهدنا أن كلًّا من «حبوسنب» و«منخبر رع سنب» قد أخلص لمليكه. وقد عاش الأول في عهد «حتشبسوت»، والثاني في عهد «تحتمس الثالث» (راجع مصر القديمة ج4) وأن كلًّا منهما كان الصديق المتفاني في إخلاصه لمليكه، والسند المتين الذي يرتكز عليه العرش. ولا نزاع في أنه لم يفكر واحد من الكهنة العظام في عهد الأسرة الثامنة عشرة قط في أن يتساوى مع الفرعون، أو خطر بباله أن يغتصب منه التاج.
ومع ذلك فإن القوة التي كان يكتسبها باضطراد الكهنة الطيبيون، وثروتهم التي كانت تزداد بدرجة فوق المعتاد، وكذلك نفوذهم الروحي الذي كان يعظم باستمرار، كل هذه الأمور كان من أثرها أن جعل خلفاء التحامسة العظام، وبخاصة «أمنحتب الثالث»، ومن بعده «أمنحتب الرابع» المعروف باسم «إخناتون»، يشنون حروبًا على هؤلاء الكهنة غاية في الشدة والعنف، انتهت بالانقلاب الذي قام به «إخناتون»، وقد سار في تنفيذ مأربه ببعد نظر وروية، فلم يأخذ كهنة «آمون» غدرًا، بل سار في نشر مذهبه خطوة فخطوة كما شرحنا ذلك في مكانه (راجع مصر القديمة ج5). وكذلك نلحظ أن أعظم الفراعنة قوة في عهد الأسرة التاسعة عشرة؛ على الرغم من أنهم قد عادوا لعبادة «آمون»، قد انتحوا سياسة بالنسبة للكهنة، تشعر بالاحترام وحسن القبول، ولكن في الوقت نفسه كانت سياسة حازمة محدودة. وليس من الصواب القول: إنه بعد تولي «حور محب» عرش الملك، قد استعاد كهنة «طيبة» — مع ثروتهم التي كانت أعيدت لهم فعلًا — النفوذ الذي كانوا يتمتعون به في الأزمان السالفة؛ إذ نجد مثلًا أن «رعمسيس الثاني» على العكس، قد عمل عملًا يلزم الكهنة العظام حدود واجباتهم الحكومية؛ فنجد أن الكاهن الأكبر «باكنخنسو» أشهر الكهنة العظام في هذا العهد، لم يتولَّ أي عمل إداري وحسب، بل كان سلطانه الروحي لا يمتد بعد إلى كل كهنة آلهة الوجه القبلي والوجه البحري، كما كانت عليه الحال في عهد الأسرة الثامنة عشرة؛ فكان نفوذه ينحصر في أنه رئيس الديانة في «طيبة»، ولم يكن له سلطان على «منف» أو «هليوبوليس». هذا ولم نقرأ قط أن كاهنًا أكبر تربع على كرسي الوزارة في عهد الأسرة التاسعة عشرة أو العشرين قبل عهد «حريحور». على أنه لو كانت مصر استمرت تحكم بفراعنة يقظين أقوياء، لكان من المحتمل جدًّا أن يعيش كهنة «آمون» الأول الذين لم يكن لهم وقتئذ نفوذ في ظل معبدهم، متمتعين بما كان لديهم من ثروة وفيرة وشرف رفيع، كما كان يعيش الكهنة أعظم الرائين «لرع» التابعون «لهليوبوليس»، أو كما كان يعيش الكهنة العظماء الخمسة التابعون لمعبد «تحوت» في الأشمونين، وهؤلاء كانوا خاملي الذكر ليس لهم أي تاريخ حافل بالأحداث العظيمة. ولكن عهود الإمبراطورية الفاخرة كانت قد انقضت. ثم نشاهد بعد عهد كل من «رعمسيس الثاني» وابنه «مرنبتاح»، وبعد فترة عهد «رعمسيس الثالث» أن مصر قد وقعت فريسة للفوضى، أو كانت تحكم بفراعنة لم يكن في يدهم من القوة إلا مظهرها وحسب.
والواقع أنه منذ أكثر من مائة وخمسين سنة من العصر الذي نتحدث عنه، كان الكهنة العظام قد أبعدوا عن الوظائف الاجتماعية، مما أدَّى إلى عدم اكتراثهم بتوطيد عرش الملك وسلامة الدولة، وأنهم في وقت تلك المحنة التي عمت البلاد لم يفكروا إلا في المحافظة على ثروتهم، والاستمرار في تنمية نفوذهم وسلطانهم، وقد عرف «رومع-روي» ذلك الكاهن الأول الجريء (راجع مصر القديمة ج6) كيف يمكنه أن يستغل الثقة التي وضعها فيه الفرعون؛ ليمد من جديد سلطان الكهنة العظام «لآمون» على رجال الدين ومعابد الوجه القبلي والوجه البحري، وبعد ذلك استفاد من انعدام السلطة المدنية بعد موت الفرعون «مرنبتاح» حتى بلغت به الجرأة أن نقش اسمه ورسم صورته على غرار ما كان يفعله الفرعون على أحد جدران معبد الكرنك، على مقربة من مسكن الكهنة العظام، وهو المكان الذي كان على ما يظهر ينبغي على «حريحور» أن يخرج منه؛ ليتوَّج ملكًا على البلاد عندما حانت له الفرصة.
وحركة الانقلاب التي رسم خطتها «رومع-روي» هذا لم يكن لها ما يشجعها مباشرة؛ وذلك لأن النشاط البارز الذي أظهره «رعمسيس الثالث»، كان كافيًا لوقف إرادة كهنة «آمون» العظام المتأرجحة نحو الاستقلال، ولكن عندما اختفى من على عرش الفراعنة آخر ملوكها العظام لم تلبث البلاد أن عضها الفقر بنابه، وأناخ الذل عليها بِكَلْكَله، وأصبحت تحكم برماد من الفراعنة. عندئذٍ رأينا على كرسي كهانة «آمون» الأعظم أسرة بقي أفرادها يتوارثون هذه الوظيفة مدة تبلغ حوالي الأربعين حولًا. وهكذا نجد أنه قد تأسست أسرة من الكهنة يجلسون على عرش الكاهن الأكبر «لآمون»، تقابل تلك الأسرة التي كانت تجلس على عرش الفراعنة. وهكذا نجد للمرة الأولى أن وظيفة الكاهن الأكبر «لآمون» في مصر كان يتوارثها الابن عن الأب، فتولَّاها أولًا «رعمسيس نحت»، وتلاه ابنه «نسآمون»، ثم أعقبه أخوه «أمنحتب». وقد لاحظنا أن نفوذ هؤلاء الكهنة العظام كان بارزًا وله أثره في البلاد أكثر من السلطة الدنيوية التي كانت بدون قوة تعززها. والواقع أن أفراد هذه الأسرة كانوا هم القابضين على زمام الأمور في البلاد من كل ناحية؛ فكان من بينهم الوزير ورئيس المشرفين على الضرائب وغير ذلك. وقد وصل نفوذ الكاهن الأكبر إلى درجة أمكنه بها أن يجعل مالية «آمون» مستقلة، وأن يرسم صورته على جدران معبد «الكرنك» بنفس الحجم الذي مثلت به صورة الفرعون نفسه، وهذه ظاهرة لم تعرف قط في تاريخ البلاد منذ فجر التاريخ، أي إن الكاهن الأكبر أصبح مساويًا للفرعون، وعلى ذلك نجد أن السلطة المدنية وقيادة الجيش كانت لا تزال في يد المدنيين، ولكن كما رأينا لأسباب خاصة أن «حريحور» الذي خلف «أمنحتب» قد أفلح في أن يجمع في يديه القوة الدنيوية والسيطرة الروحية. فكان رئيسًا لكهنة «آمون» الأثرياء، وقائدًا لكل الجنود، ورئيسًا للمالية، ونائب الفرعون في بلاد النوبة ووزيرًا، والمدير الإداري للأرضين وذلك في عهد فرعون نكرة.
وتدل شواهد الأحوال ظاهرًا على أنه قد صار إلى الأمام بالمشاريع الطموحة، التي كان قد وضع تصميمها «رومع روي» و«أمنحتب»، غير أن «حريحور» لم يكن من أسرة كهنة، ولم يتربَّ تربية دينية، بل تدل كل الظواهر على أنه كان جنديًّا، وأنه لم يتربع على كرسي كهانة «آمون» إلا لعلمه أنه لن يصل إلى غرضه إلا بمساعدة هذه الفئة التي كان في يدها ثروة البلاد، كما كانت تسيطر على عواطف الشعب الدينية، وقد كان غرضه إذن تفضيل خدمة نفسه على خدمة مليكه، عن النقيض من «حبوسنب» و«منخبر رع سنب»، اللذين لم يكن لهما هَمٌّ إلا مجد سيدهما وفخاره. وقد كان من الطبيعي أنه بعد أن بقي نحو عشرين سنة يشغل وظيفة عمدة القصر الملكي لفرعون خامل، قام في خلالها بالقضاء على كل الرذائل التي كانت شائعة في البلاد، وبإطفاء نار الثورة التي كانت مندلعة في «طيبة»، وبالقضاء على الأجانب الذين كانوا يجتاحون البلاد من كل حَدَبٍ وصَوْب، وأنه لما تم له كل ما أراد من إصلاح ظل هو الحاكم الفعلي في البلاد بجوار الفرعون «رعمسيس الحادي عشر»، حتى إنه لما اختفى من عالم الحياة اعتلى عرش الفراعنة، أو على الأقل تولى حكم الجزء الذي تركه له «سمندس»، الذي كان يحكم بوصفه فرعونًا في «تانيس» التي اتخذها عاصمة لملكه، فكان في البلاد وقتئذ فرعونان: أحدهما في الجنوب في «طيبة» وهو «حريحور»، والآخر في الشمال في «تانيس» وهو «سمندس».
ولما أن تم «لحريحور» الاستيلاء على تاج البلاد فكر فيمن يجب أن يكلفه القيام بوظيفة الكاهن الأكبر «لآمون». وقد اتضح له جليًّا أنه لا يمكن لرجل واحد أن يقوم بوظيفة الكاهن الأكبر «لآمون»، وإدارة أملاكه في «الكرنك» بصفة منظمة. وفي الوقت نفسه يأخذ على عاتقه تدبير شئون الملك. ومن جهة أخرى كان يعلم «حريحور» حق العلم أكثر من أي شخص آخر أن رئيس الكهنة «لآمون» كان أكبر مناهض خطر «للفرعون»؛ ولأجل ذلك فإنه قد حل هذه المعضلة حلًّا موفقًا باختياره من أفراد أسرته، فانتخبه من بين أولاد الكاهن الأكبر «لآمون» أي: ابنه «بيعنخي»، وقد نهج نهجه أخلافه من بعده. ونحن نعلم أن «حريحور» عندما أصبح فرعونًا على البلاد انتخب ابنه «بيعنخي» كاهنًا أكبر «لآمون»، ولكنه زوده بأكثر من ذلك، إذ ولاه قيادة الجيش، غير أنه مات قبل أن يتولى عرش الملك في «طيبة». وقد خلف «بيعنخي» ابنه «بينوزم» الأول، وعندما نودي ليتولى عرش الكنانة كلف بكر أولاده «ماساهرتا» بالقيام بمهامه الدينية، وقد سلم الأخير لأخيه «منخبر رع» مهام الكهانة بدوره. ولما تولى «منخبر رع» عرش الملك نصَّب ابنه «سمندس» على كرس رياسة كهانة «آمون»، وقد خلفه على العرش «بينوزم الثاني»، وهو والد الملك «بسوسنس» كما سيجيء بعد. وقد اعتنق ملوك «بوبسطة» (الأسرة الثانية والعشرون) أولًا نفس السياسة كما سنرى بعد، فنجد أن «شيشنق» مؤسس الأسرة الثانية والعشرين قد خلع على ابنه «أوبوت» لقب الكاهن الأكبر «لآمون»، وبعد «أوبوت» تربع على كرسي كهانة «آمون» «شيشنق» و«أورات»، ثم «سمندس» ابن الفرعون «أوسركون الأول»، ثم تولاه «تامراتي» بن «أوسركون الثاني»، ثم اعتلاه بعد ذلك «بدو باست» (؟) بن «حورسا إزيس» (الذي كان نفسه كاهنًا أكبر) ثم جلس عليه «أوسركون» بن «تاكلوت الثاني».
وهكذا سارت الأحوال حتى بداية القرن الثامن قبل الميلاد، عندما خاف «أوسركون الثالث» بحق من الخطر، الذي يمكن أن يهدد هذه الأسرة التي كان أمراؤها من الكهنة، وبخاصة أن ملوكهم كانوا يعيشون بعيدًا عن «طيبة» فألغى وظيفة الملك الكاهن بوصفها تمثل الحياة السياسية في «طيبة»، ووضع على رأس أملاك «آمون» وكهنته «الزوجات الإلهية»، والمتعبدات الإلهية، وقد بدأت سلسلة أولئك السيدات بابنته «شابتأبت».
ونحن نجهل منذ البداية الدور الذي كانت تلعبه هؤلاء الكاهنات، وقد كان جزء منهن يسكن على الأقل في «معبد الأقصر»، الذي كان يسمى «الحريم الجنوبي لآمون». وقد قال عنهن مسبرو (maspero, guide 276): أنهن يؤلفن طائفة من الحظيات المقدسات كاللاتي يوجدن في «فينقيا» و«سوريا» وفي «كلديا». وهذا القول فيه شك، ولكن يحتمل أنهن كنَّ يؤلفن مجرَّد رفيقات، وبمثابة حرس شرف للكاهنة التي كان لها علاقة جسمية مع الإله، وهي التي كانت تحل على الأرض محل الإله «موت» زوج الإله «آمون»، أو كما كانت في الأصل الإلهة «حتحور» زوج الإله «رع»، الذي وحد «آمون» معه فيما بعد فسمي «آمون رع»؛ ولذلك كانت تدعى «الزوجة الإلهية لآمون» أو كذلك «اليد الإلهية» أو «المتعبدة المقدسة لآمون». وهذا الدور الهام الذي كانت تلعبه الزوجة الدنيوية للإله كانت تقوم به الملكة؛ وذلك لأنه إذا كان «آمون» المجسم في الفرعون الحاكم قد تفضل أحيانًا فاجتمع بامرأة من عالم الدنيا، فإن القصد الوحيد من ذلك كان لاستمرار جريان الدم الإلهي في عروق فراعنة مصر الذين كانوا ينسبون إليه، وكانت الزوجة الإلهية «لآمون» شرعًا الرئيسة العامة لكل الكاهنات الإناث في «الكرنك»، وهي التي كانت تقوم بالدور الهام بلا شك في أثناء الأحفال، فكانت تحرك الصاحبات، وتغني لتدخل السرور على الإله، وتحمل الأزهار (راجع A. Z. 35 (1897) p. 17 & A. S. V p. 85, 692 ).
وكان لها بيت يديره مدير خاص يدعى مدير بيت الزوجة الإلهية أو الكاهن العظيم للبيت. وكان لها مخازن ومصانع يدير شئونها موظف يُلقب مدير مصانع الزوجة الملكية.
وكانت كذلك تتصرف في دخلها الذي يشمل مؤنًا وحبوبًا كان يشرف عليه موظف بلقب «مدير بيت الغلال المزدوج لبيت زوج الإله» (Berlin Insch. II p.299,) No 8740) ، وكذلك كان لها قطعان يدير حسابها كاتب، وحقول تزرعها طائفة من الفلاحين. وأخيرًا كان لها خزانة مالية خاصة.
وأقدم زوجة إله معروفة لنا حتى الآن هي الملكة «أعح حتب» والدة الفرعون «أحمس الأول» مؤسس الأسرة الثامنة عشرة (Cat. Gen. Lacau No. 34009) ، وقد أصبح تقريبًا كل أمهات الملوك يحملن هذا اللقب على غرارها، وذلك قبل عهد الانقلاب الديني الذي قام به «أخناتون»، وهذا اللقب من جهة أخرى لا نجد أمهات ملوك الأسرة التاسعة عشرة يحملنه إلا نادرًا، أو أقل من ذلك في عهد الأسرة العشرين. والشيء الغريب الذي يظهر منه أن هذه التسمية قد فقدت أهميتها الأصلية أن هذا اللقب لم تكن تحمله قط الملكات اللائي كنَّ يلعبن دورهنَّ في تمثيل الزواج الإلهي، وهو أن هذا اللقب كانت تحمله أميرات شابات يمكن أن يصبحن في الواقع زوجات ملكيات. فنجد مثلًا أن ثلاثًا من بنات «أحمس الأول» واثنتين من بنات الملكة «حتشبسوت» كنَّ يحملن لقب الزوجة الإلهية (راجع مصر القديمة ج4).
وكذلك لدينا لقبان يمكن أن يلقب بهما الزوجات الإلهيات، كما أشرنا إلى ذلك من قبل. الأول لقب «يد الإله»، وهذا اللقب يشير إلى العمل الوحشي الذي كان يأتيه الإله «آتون»، وهو الإله الأول الذي بالاستمناء بيده أوجد الإلهين «شو» و«تفنوت» كما حدثنا عن ذلك كهنة «هليوبوليس» في نقوش الأهرام (راجع pyr. Text. 124). وهذا اللقب الذي تحمله الزوجات الإلهيات كانت تحمله الإلهة «حتحور» زوج الإله «رع»، وعندما وحد الإله «آمون» بالإله «رع» انتقل هذا اللقب إلى الزوجات السماوية، كما لقبت به الزوجات الدنيوية لإله الكرنك.
وكذلك وجدنا مع لقب الزوجة الملكية لقب «يد الإله»، وقد عثر عليه للمرَّة الأولى على ما يظهر على أثر للملكة «حتشبسوت» و«تحتمس الثالث»، وكذلك كانت تحمله إحدى بنات الفرعون «تحتمس الثالث» التي تسمى «أمنمريت». وكذلك والدة الفرعون «أمنحتب الثاني» (راجع L. D. Text III p. 258) وفي عهد «رعمسيس الثالث» نجد امرأة تحمل هذا اللقب، وكانت تشترك في العيد الثلاثيني لهذا الفرعون غير أننا نجهل اسمها (راجع Champ. Notices Desc L. p. 271).
وفي عهد الملكة «حتشبسوت» كذلك نجد لقبًا آخر يفسر نفسه وهو: المتعبدة الإلهية «لآمون». والواقع أن إحدى بنات هذه الملكة تحمل هذا اللقب.
وكذلك في عهد الأسرة العشرين التي نحن بصددها الآن نجد أن إحدى زوجات الفرعون «رعمسيس الثالث»، وزوجة «رعمسيس الرابع» تحمله، وكذلك بنت «رعمسيس السادس» «إزيس»، التي أراد البعض أن يجعلها زوجة الكاهن الأكبر «أمنحتب» دون برهان.
ونصادف مرات عدة لقب المتعبدة الإلهية «لآمون رع» ملك الآلهة في ورقة «إبوت»، وهذا اللقب كان دائمًا مكتوبًا في طغراء ليذكرنا بأن حاملته من الأسرة المالكة. والظاهر أن حاملته كان لها عبادة خاصة، إذ كان لها كهنة وكتاب.
وسنرى بعد أنه في عهد الأسرة الواحدة والعشرين كانت زوجة «الكاهن الملك» «بينوزم الأول» المسماة «ماعت كارع» تحمل لقب الزوجة الملكية، والمتعبدة الإلهية «لآمون». وكذلك في عهد الأسرة الثانية والعشرين كانت زوجة «شيشنق الأول» هي وزوجة «تاكيلوت» تحملان هذا اللقب. وأخيرًا يجب أن نذكر هنا أن كل من «شابنابت» و«أمنريتيس» و«نوتكريس» كنَّ يحملن الألقاب الثلاثة معًا: الزوجة الملكية، ويد الإله، والمتعبدة الإلهية؛ كما كنَّ يحملن لقب الوصية في «طيبة». وفي الوقت نفسه الكاهنة الكبرى «آمون».
والمجموعة الصغيرة الجميلة المحفوظة الآن «بمتحف القاهرة»، والتي تمثل «أمنريتيس» جالسة على ركبة «آمون» تفسر بصورة رمزية خلابة الاجتماع الخفي لهؤلاء النسوة مع أزواجهنَّ الإلهيين. ولما كانت هؤلاء النسوة قد وهبن أنفسهنَّ ليكنَّ عذارى فإنه لم يكن لهنَّ نسل؛ ولذلك لجأن لاتخاذ دعيات يحللن محلهنَّ، ويحملن ألقابهنَّ بعد وفاتهنَّ، وقد كانت البنت التي تتخذها الكاهنة دعية لها لتخلفها يفرضها الفرعون عليها. والواقع أن الإصلاح الذي قام به «أوسركون الثالث» قد خدم أولًا أغراض ملوك الأسرة الخامسة والعشرين النوبية الأصل. فقد كان لزامًا على «شابنأبت» بهذه الكيفية أن تتخذ خلفًا لها «أمنريتيس» بنت الملك «كاشتا»، وقد اتخذت الأميرة دعية لها إحدى بنات «بيعنخي» النوبي الأصل، وكانت تسمى كذلك «شابنأبت»، وقامت الأخيرة بدورها بادِّعاء ابنة أخرى تدعى «أمنريتيس» ابنة الملك «تهركا». وفيما بعد نجد في العهد الصاوي «نوتكريس» بنت الملك «بسامتيك الأول». وأخيرًا تبنت «نوتكريس» بنت الملك «بسامتيك الثاني» التي تدعى «عنخسنفر-أبرع» وقد امتد عهد كهانتها مدة طويلة، وانتهى بحلول الفتح الفارسي، ومن البديهي أنه كان بجانب هؤلاء الأميرات «أزواج الإله» كهنة محترفون يقومون بأداء الشعائر الدينية، التي لم يكن في مقدور امرأة أن تقوم بها.
وهذا هو السبب في أن وظيفة الكاهن الأكبر «لآمون»، التي كانت قاصرة على الأمور الدينية المحضة لم تختفِ جملة. وعلى الرغم من أنه قد شغلها مرة في ظروف لا يمكن أن نحددها أحد أولاد الملك «شباكا»، وهو الأمير «حرمخيس» (راجع A. S. XXV p. 25) فإنها كانت قد انحطت وضاعت هيبتها كما نشاهد ذلك على اللوحة الشهيرة الخاصة بالكاهنة زوج الإله «نوتكريس»، حيث نجد أن الكاهن الأول «حور حب» قد اتخذ مكانته بكل تواضع بعد الكاهن الرابع الأمير «منتومحات». وهكذا نرى من كل ما سبق أن الأبهة وألقاب الشرف، ومظاهر السلطة التي كانت في يد الكهنة قد انتقلت دون خطر على السلطة الفرعونية إلى أيدي هذه الأسرة العقيمة من الأميرات العوانس، وهنَّ اللائي خصصن أنفسهنَّ لعبادة «آمون»، وقد وجد الفراعنة أخيرًا في تنصيبهنَّ في هذه الوظيفة — في اللحظة التي كان استقلال مصر ذاهبًا نحو الضياع — الوسيلة التي تحفظ بها بصورة حاسمة الحقوق المميزة للحكومة، دون أن يخدش احترام السلطة الدينية التي كانت من قبل في يد الكهنة العظام.




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).