أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-1-2017
2409
التاريخ: 2024-09-08
441
التاريخ: 2023-09-10
1453
التاريخ: 2024-12-26
247
|
ودل البحث على أن حياة العبرانيين الدنيوية كانت مشتقة في كثير من الحالات من حياة قوم الكنعانيين الذين عاشوا معهم واختلطوا بهم وتزوجوا منهم؛ ولذلك يجد الباحث أن نظرتهم العامة إلى الحياة في الدنيا وفي الآخرة كانت في الواقع صورة من حياة الكنعانيين، وكانت عادات الدفن في كلا الشعبين واحدة؛ إذ كان الجسم يوضع في القبر ومعه أشياء من التي كانت تستعمل في الحياة الدنيا كالأطباق والجِرار، وكذلك كانت ملابسهم ومجوهراتهم وفخارهم وصناعاتهم تسير على حسب الطراز الكنعاني، فكان ملكهم يرتدي سربالًا طويلًا من نوع خاص، وكان الأنبياء يلبسون نفس السربال، وفيما بعد كان يلبسه النساء، أما لفائف الكتان فكان يلبسها كذلك الطبقة الراقية وتشمل قطعة مستطيلة من الكتان الرفيع.
وكان القوم يغزلون وينسجون عادة في بيوتهم لحاجتهم الخاصة، وهذا العمل كانت تقوم به النساء؛ ولذلك نجد أن الرجل العبراني الحكيم قد وصف الزوجة الصالحة أنها هي التي تبحث عن الصوف والكتان وتعمل طواعية بيديها (فسفر الأمثال إصحاح 31 من سطر 10–13) يقول: «امرأة فاضلة من يجدها؛ لأن ثمنها يفوق اللآلئ، بها يثق قلب زوجها فلا يحتاج إلى غنيمة، تصنع له خيرًا لا شرًّا، كل أيام حياتها تطلب صوفًا وكتانًا وتشتغل بيدين راضيتين».
وتدل ثقالات المغازل العديدة التي وجدت في «كيراجات يسفر» (أي مدينة الكتب وهي «تل بيت مرسيم» الحالي الواقع على مسافة ثلاثة عشر ميلًا جنوبي غرب «حبرون»)، وكذلك قطع خشب المغازل وأدوات الصباغة التي وجدت في «لاخش» على وجود محترفين كانوا يعملون للاستهلاك العام (راجع Barrois, Manuel Vol. I p. 482–7)، وكل من هاتين المدينتين كانتا في بادئ أمرهما من المراكز الكنعانية.
وقد امتاز العبرانيون بدرجة عظيمة عن غيرهم في قطع الأحجار الكريمة وتنسيقها، وتدل أختام من عهد الملكية على مهارتهم الفائقة في هذا الفن، ولدينا إشارات في التوراة عن أسر كتاب ونساجين وبعض الصياغ تدل على وجود نظام يشبه نظام الطوائف الذي يوجد بين أعضاء المهنة الواحدة، وكان مرماه الفائدة الاقتصادية والاجتماعية والدينية المتبادلة (راجع سفر أخبار الأيام الأول إصحاح 2 سطر 55): «وعشائر الكتبة سكان يعبيص ترعاتيم وشمعانيم وسوكاتيم.» إلخ. (وإصحاح 4 سطر 21): «وعشائر عاملي البَزِّ من بيت أشبيع.» (وسفر نحميا إصحاح 3 سطر 8): «وبجانبهما رمم عزئييل بن حرهايا من الصياغين».
والواقع أن الأنبياء كانوا عادة يحترفون حرفة والدهم، وهذه عادة كانت مستمرة في قوم العبرانيين، وقد وجدناها بصفة منظمة عند المصريين في آخر عهودهم كما تحدثنا عن ذلك من قبل [راجع الأسرة الرابعة والعشرين السيادة الحربية ووراثة الوظائف].
وكان نسيج الكتان يصنع من التيل الذي يُزرَع محليًّا، وهذا النبات القديم كان منتشرًا منذ عهد قديم على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وفي مصر (راجع مصر القديمة جزء 2)، وكان ينمو في سهل «أريحة» قبل احتلال اليهود له (سفر يشوع إصحاح 2 سطر 6): «وأما هي فأطلعتهما على السطح ووارتهما بين عيدان الكتان لها منضدة على السطح.» وكان الكتان العادي قد اختفى فعلًا من فلسطين، ولكن لا تزال أزهار برية من فصيلة الكتان تزين في فصل الربيع وديان «سوريا» و«لبنان» (راجع George E. Post, Flora of Syria, Palestine & Sinai (Beirut 1896) pp. 181–184).
وقد جلب القطن بعد الكتان، ولكن الصوف كان يستعمل قبل ذلك بزمن طويل، وكان الإنتاج المحلي منه يستعمل ملابس يومية للطبقة المتوسطة الغنية، وقد جاء في نتيجة «جيزر» المؤرخة بمنتصف القرن العاشر ق.م ذكر القمح والزيتون والعنب، هذا خلافًا للكتان (راجع Gustaf Dalman, Arbeit und Sitte in Palastina Vol. I p. 7)، وكانت الأرض التي وعد بها «يهوه» هي أرض قمح وشعير وكروم وتين ورمان، وكذلك أرض زيتون وشهد (سفر التثنية إصحاح 8 سطر 8): «أرض حنطة وشعير وكرم وتين ورمان، أرض زيتون زيت وعسل.» ولا نزاع في أن القمح كان أهم الحبوب في فلسطين، وكانت غارات الأعداء توجه غالبًا على أجران درس القمح كما هي الحال حتى الآن (سفر صموئيل الأول إصحاح 23 سطر 1): «فأخبروا داود قائلين: هو ذا الفلسطينيون يحاربون قعيله وينهبون البيادر».
وفي الحفائر التي عُمِلَت حديثًا عُثِرَ على أحجار طاحون لطحن الدقيق، وتدل الأفران التي وجدت في «بيت شمش» على أن بعض عادات خاصة لصنع الخبز قد استمرت حتى يومنا هذا، حيث نجد التنانير(1) تستعمل، وكذلك نجد في نفس المكان بقايا معاصر للزيت والنبيذ، ووجدت حفر زيت كثيرة في «لاخش»؛ مما يدل على أن هذه الصناعة كانت من الصناعات العظيمة في عهد الملكية اليهودية، وكانوا يستعملون مصابيح بسيطة من الطين على شكل طبق صنع في حافته مكان لشريط، ويرجع عهد استعمال هذه المصابيح إلى النصف الأول من الألف الثانية ق.م، فهم بذلك قد نقلوا استعمالها عن الكنعانيين، وكانوا يوقدون بزيت الزيتون، ولم يستعمل اليهود في الإنارة غير هذا الصنف من المصابيح لمدة سبعة قرون، والظاهر أنهم حوالي القرن الخامس ق.م استعملوا نوعًا آخر من المصابيح مجلوبًا من بلاد «مسوبوتاميا»، وقد وجد منه نماذج في «بيت شمش»، وكان بطبيعة الحال أحسن من الذي يستعملونه؛ إذ كان له مقبض على جانبه وغطاء من أعلى وثقب للشريط. هذا، وقد كُشِفَ عن خلية نحل مخروطية الشكل في «تل النصبة»6 مما يدل على أن القوم كانوا يربون النحل.
وذُكِرَ في «التوراة» أنواع عدة من الخضر مثل: البصل، والثوم، والفول، والعدس، والقثاء، والكزبرة، وغير ذلك من أنواع الخضر والحبوب؛ مما يدل على أن عادات الأكل عند اليهود لم تختلف عن عادات جيرانها. وقد جاء ذكر هذه الخضر والحبوب في القرآن بمناسبة بني إسرائيل: «وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها» (وسفر العدد إصحاح 11 سطر 5): «قد تذكرنا السمك الذي كنا نأكله في مصر مجانًا، والقثاء والبطيخ والكراث والبصل والثوم.» (وسفر صموئيل الثاني إصحاح 17 سطر 28): «قدموا فرشًا وطسوسًا وآنية خزف وحنطة وشعيرًا ودقيقًا وفريكًا وفولًا وعدسًا وحمصًا مشويًّا إلخ.» (وسفر حزقيال إصحاح 4 سطر 9): «وخذ أنت لنفسك قمحًا وشعيرًا وفولًا وعدسًا ودخنًا إلخ.»
وكان للعنب ومنتجاته شأن في الشعائر والاقتصاد اليهودي؛ إذ إن شجرة العنب (الكرم) تعني الخصب، هذا، وكان الخمر يستعمل قربانًا في المعبد (سفر اللاويين إصحاح 23 سطر 13): «وتقدمته عشرين من دقيق ملتوت بزيت وقودًا للرب، رائحة سرور وسكيبة ربع الهين من خمر.» (والعدد إصحاح 15 سطر 4 إلخ): «يقرب الذي قرب للرب تقدمة من دقيق عشرًا ملتوتًا بربع الهين من الزيت، وخمرًا للسكيب ربع الهين إلخ».
هذا، وكانت الكروم وعناقيد العنب تستعمل حلية في الصور المحفورة في معابد اليهود الأولى وفي مقابرهم، وكذلك كان الرمان يستعمل في الحلية كما كان يستعمل عصيره شرابًا سائغًا (راجع نشيد الأناشيد إصحاح 8 سطر 2): «وأقودك وأدخل بك بيت أمي وهي تعلمني، فأسقيك من الخمر الممزوجة من سلاف رماني».
وكانت السوسنة (وهي نبات مصري وقد اشتقت من كلمة «سشن») أحسن الأزهار وأجملها وأحبها لنفوس القوم، وقد جاء ذكرها في «نشيد الأناشيد» (إصحاح 2 سطر 1-2): «أنا نرجس شارون سوسنة الأودية، كالسوسنة بين الشوك، كذلك حبيبتي بين البنات.» (وسطر 16 من نفس الإصحاح): «حبيبي لي، وأنا له الراعي بين السوسن.» (ونفس السفر إصحاح 4 سطر 5): «ثدياك كخشفتي ظبية توءمين يرعيان بين السوسن.» (وإصحاح 6 سطر 2-3): «حبيبي نزل إلى جنته في خمائل الطيب ليرعى في الجنات ويجمع السوسن، أنا لحبيبي وحبيبي لي، الراعي وبين السوسن».
وكانت هذه الزهرة تزين جدران المعابد اليهودية، ثم رُسِمَت فيما بعد على نقودهم، هذا إلى أن أنشودة «سليمان» حافلة بالإشارات إلى هذه الزهرة وغيرها من النباتات، من المحتمل أن الزهر الذي ذكر في أنشودة «سليمان» كان قاصرًا على الديسم شقيق نعمان)، والأقحوان وأزهاره لا تزال تنتشر خلال الربيع بساطًا من اللون الفاخر على وديان «سوريا» الفيحاء. ولا بد أن «المسيح» كان يفكر في واحدة من هذه الأزهار، عندما قال: «ولماذا تهتمون باللباس؟ تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو ولا تتعب ولا تغزل، ولكن أقول لكم: إنه ولا «سليمان» في كل مجده كان يلبس واحدة منها.» (إنجيل متَّى إصحاح 6 سطر 28-29).
هذا، ولم تُجْلَب النقود المضروبة إلى فلسطين حتى القرن الخامس ق.م، وكان التعامل قبل ذلك بالنقد البابلي الذي كان أساسه وحدة الوزن (الشكل)، فنعلم أن الفضة لم تكن تضرب نقودًا، بل كانت المعاملة بها بالوزن، واستعملت لذلك الغرض في كل غربي آسيا، وإن كانت التجارة تسير بالمبادلة. وقد ذكر لنا «سنخرب» (705–680 ق.م) — وهو أحد الفاتحين الآشوريين لبلاد «سوريا» — مثل هذه الموازين عندما قال: لقد صنعت قالبًا من الطين، وصببت بُرُنزًا فيه كما تصنع قطعة تساوي نصف شكل (راجع Daniel D. Luckinbill, The Annals of Sennachrib Chicago (1924) p. 123).
وعندما كانت الأعمال التجارية لا تسير بطريق المبادلة كانت تسير بوساطة الوزن؛ أي إنه كانت توجد موازين مختلفة كوِّنت على حسب نظام الشكل، وقد كُشِفَ عن هذه الطريقة في مواقع أثرية مختلفة.
وفي باكورة القرن الخامس ق.م كانت الفضة الأثينية التي أصبحت وقتئذٍ عملة دولية قد أخذت تستعمل في الشرق الأدنى، وكانت تقلد في «فلسطين وبلاد العرب» (راجع Hitti, History of the Arabs p. 57-58).
أما أول عملة عبرانية فإنها ظهرت في أواسط القرن الخامس ق.م، ومن المحتمل أن الذي ضربها هو «ناحوم».
.............................................
1- راجع Elibu Grant, Rumeilih p. 49, do. The People of Palestine 1921 p. 78 و«بيت عين شمش» هو الآن قرية «عين شمس» التي تبعد مسافة 20 ميلًا غربي «أورشليم» على الطريق من «يافا» إلى «حبرون»، وبالقرب من «عين شمس» يوجد «تل الرميلة» وهو موقع «بيت شمس» الأصلي.
2- «تل النصبة» على مسافة ثمانية أميال شمالي «أورشليم»، وعلى مسافة ميلين جنوبي «البيرة».
|
|
دون أهمية غذائية.. هذا ما تفعله المشروبات السكرية بالصحة
|
|
|
|
|
المنظمة العربية للطاقة تحذر من خطر.. وهذه الدولة تتميز بجودة نفطها
|
|
|
|
|
وفد أكاديمي يشيد بجهود مؤسسة الوافي في مجال التوثيق وحفظ التراث
|
|
|