اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ شَرَفِكَ بِأَشْرفِهِ ، وَكُلُّ شرفِكَ شَريفٌ , اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ بِشرفِكَ كُلِّهِ |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-1-2023
![]()
التاريخ: 2024-09-16
![]()
التاريخ: 2024-08-24
![]()
التاريخ: 2023-06-25
![]() |
في أنّ الوجود خير:
وممّا اتّضح أمره وشاع ذكره عند الإلهيين ، من أصحاب الحكمة المتعالية والفلسفة العالية ، والسالكين من أرباب الذوق وذوي قلوب صافية وعيون بصيرة غير رامدة ، على اختلاف مسلكهم وتفاوت مشربهم بالسلوك العلمي والطريق البرهاني ، أو بالسير العرفاني والكشف المعنوي الوجداني العياني عقيب الخلوات والتجهيز عن الدنيا إلى الآخرة ومن حدود بقعة الإمكان المظلمة إلى فضاء عالم القدس : أنّ الوجود خير وشريف وبهاء وسناء ، وأنّ العدم شرّ وخسيس وظلمة وكدورة ؛ فهو الخير المحض والشرافة الصرفة التي يشتاق إليه كلّ الأشياء ويخضع عنده كلّ متكبّر جبّار ، ويطلبه كلّ الموجودات ويعشقه كلّ الكائنات ، ويدور عليه مدار كلّ خير وشرافة ويتوجّه إليه كلّ سالك ، وانيخ إلى جنابه كلّ الراوية وحلّ إلى فنائه كلّ الراحلة ؛ إن ذُكر الخير كان أوّله وآخره وظاهره وباطنه وأصله ومعدنه . لكن كلّ ذلك لا بمعناه المصدري والمفهوم الإنتزاعي الاعتباري ؛ بل بما أنّه حقيقة الوقوع في الخارج ، وعين الأعيان الخارجية ومتن الحقائق النفس الأمرية ، وأصل التحقّقات ومذوّت الذوات ، ومجوهر الجواهر ومحقّق الأعراض .
فكلّ خير وشرف وحقيقة ونور مرجعه الوجود . وهو الأصل الثابت والشجرة الطيّبة ؛ وفروعه ملأت السماوات والأرض والأرواح والأشباح . وكلّ شرّ وخسّة وبطلان وظلمة مرجعه العدم . وهو الشجرة الخبيثة المظلمة المنكوسة ؛ وما لهذه الشجرة من قرار .
والمهية من حيث ذاتها لا تتّصف بالخيرية والشرّية ؛ لأنّها ليست إلّاهي ؛ ومع ذلك بحسب اللااقتضائي الذاتي والإمكان المهيّتي كانت هالكة زائلة باطلة .
وإذا خرجت من حدود بقعة العدم ودار الوحشة والهلاكة إلى باب أبواب الوجود ، وشربت من عينه الصافية تصير شريفة خيّرة بالعرض والمجاز .
وكلّما كان الوجود أتمّ وأكمل كان الخير والشرافة فيه أكثر ؛ إلى أن ينتهي إلى وجود لا عدم فيه وكمال لا نقصان فيه ، فهو شرف لا خسّة فيه وخير لا شرّيّة فيه ؛ وكلّ الخيرات والشرافات من إفاضاته وإشراقاته وتجلّياته وأطواره وتطوّراته . ولا خير وكمال حقيقي ذاتي إلّا له وبه ومنه وفيه وعليه . وسائر المراتب لها خيرات باعتبار الانتساب إليه ومظهريته له ؛ وباعتبار الانتساب إلى أنفسها فلا كمال لها ولا خيرية ولا حقيقة ولا شيئية ، كما قال تعالى : كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ([1]) ، وقال : كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ * وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ([2]) .
وقال سيّد الأنبياء وسند الأصفياء صلوات اللَّه وسلامه عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين : « فمن وجد خيراً فليحمد اللَّه ؛ ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلّا نفسه » ([3]) . فالخير لكونه منه لا بدّ من حمده تعالى عليه ؛ والشرُّ لكونه من جهة النفس حيثية الخلقي فلا لوم [ به ] إلّا لها .
وقال تعالى حكاية عن خليله عليه السلام : وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ([4]) ؛ [ فانظر ] كيف انتسب المرض إلى نفسه ونقصان استعداده والشفاء إلى ربّه ، فالفيض والخير والشرافة منه ، والشرّ والنقصان والخسّة منّا : ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ([5]) ؛ وإن كان الكلّ من عند اللَّه بوجه .
وكتب القوم ([6]) لا سيّما كتب الفيلسوف الفارسي صدر الحكماء المتألّهين - رضوان اللَّه عليه - مشحونة تلويحاً وتصريحاً وبرهاناً على هذه المسألة ([7]) .
ويبتني عليها كثير من المسائل الإلهية والأصول الاعتقادية والأسرار القدرية ممّا لا مجال لذكرها ولا رخصة لكشف سرّها .
ولنختم الكلام بذكر كلام من هذا الأستاذ المتألّه ؛ قال في كتابه الكبير : « والحاصل أنّ النقائص والذمائم في وجودات الممكنات ترجع إلى خصوصيات المحالّ والقوابل ، لا إلى الوجود بما هو وجود . وبذلك يندفع شبهة الثنوية ويرتفع توهّم التناقض بين آيتين كريمتين من كتاب اللَّه العزيز ؛ إحداهما قوله تعالى : ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ([8]) ، والأخرى قوله تعالى : قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ([9]) . وما أحسن ما وقع متّصلًا بهذه الآية إيماءً بلطافة هذه المسألة من قوله : فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً ([10]) ». ([11]) انتهى ما أردنا من كلامه .
ومن اشتهى أن يتّضح له الحال فعليه بكتبه ، لا سيّما كتابه الكبير .
[1] القصص ( 28 ) : 88 .
[2] الرحمن ( 55 ) : 26 - 27 .
[3] بحار الأنوار 10 : 454 / 19 ؛ كنز العمّال 15 : 925 / 43590 .
[4] الشعراء ( 26 ): 80 .
[5] النساء ( 4 ) : 79 .
[6] راجع الشفاء ، الإلهيات : 355 ؛ كشف المراد : 29 ؛ مجموعه مصنّفات شيخ إشراق ، التلويحات 1 : 78 ؛ القبسات : 428 .
[7] راجع الحكمة المتعالية 1 : 340 ؛ 7 : 58 ؛ مفاتيح الغيب : 293 ؛ شرح الهداية الأثيرية : 341 ؛ المبدأ والمعاد : 185 .
[8] النساء ( 4 ) : 79 .
[9] النساء ( 4 ) : 78 .
[10] النساء ( 4 ) : 78 .
[11] الحكمة المتعالية 2 : 354 - 355 .
|
|
لشعر لامع وكثيف وصحي.. وصفة تكشف "سرا آسيويا" قديما
|
|
|
|
|
كيفية الحفاظ على فرامل السيارة لضمان الأمان المثالي
|
|
|
|
|
شعبة مدارس الكفيل: مخيَّم بنات العقيدة يعزِّز القيم الدينية وينمِّي مهارات اتخاذ القرار لدى المتطوِّعات
|
|
|