أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-04-01
![]()
التاريخ: 2025-04-10
![]()
التاريخ: 2025-04-15
![]()
التاريخ: 2025-03-26
![]() |
القِسْمُ الْخَامِسُ مِنْ أقْسَامِ طُرُقِ نَقْلِ الحديثِ وتَلَقِّيْهِ: المكاتَبَةُ، وهيَ أنْ يَكْتُبَ الشَّيْخُ إلى الطالِبِ وهوَ غائِبٌ شَيئاً مِنْ حَدِيْثِهِ بِخَطِّهِ أوْ يَكتُبَ لهُ ذلكَ وهوَ حاضِرٌ. ويَلْتَحِقُ(1) بذلكَ مَا إذا أمَرَ غيرَهُ بأنْ يَكْتُبَ لهُ ذلكَ عنهُ إليهِ، وهذا القِسْمُ يَنْقَسِمُ أيضاً إلى نوعَيْنِ:
أحدُهُما: أنْ تَتَجَرَّدَ (2) المكَاتَبةُ عَنِ الإجَازَةِ.
والثَّاني: أنْ تَقْتَرِنَ بالإجَازَةِ بأنْ يَكْتُبَ إليهِ ويَقُولَ: ((أجَزْتُ لَكَ مَا كَتَبْتُهُ لكَ، أوْ ما كَتَبْتُ (3) بهِ إليكَ)) أوْ نَحْوَ ذلكَ مِنْ عِبَارَاتِ الإجَازَةِ.
أمَّا الأوَّلُ: وهوَ ما إذِ اقْتَصَرَ عَلَى المكاتَبَةِ فقَدْ أجَازَ الروايةَ بها كثيرٌ مِنَ المتَقَدِّمِينَ والمتَأَخِّرينَ، مِنْهُمْ: أيُّوبُ السِّخْتيانِيُّ (4)، ومَنْصُورٌ (5)، واللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ (6)، وقَالَهُ غيرُ واحِدٍ مِنَ الشَّافِعِيِّينَ (7)، وجَعَلَها أبو الْمُظَفَّرِ السَّمْعانِيُّ – مِنْهُمْ - أَقْوَى مِنَ الإجَازةِ(8)، وإليهِ صارَ غيرُ واحدٍ مِنَ الأًصُوليِّيْنَ (9). وأبَى ذلكَ قومٌ آخَرُونَ(10)، وإليهِ صَارَ مِنَ الشَّافِعِيِّيْنَ القَاضِي الماوَرْدِيُّ، وقَطَعَ بهِ في كِتَابِهِ "الحاوي" (11). والْمَذْهَبُ الأوَّلُ هُوَ الصحيحُ (12) المشهُورُ بينَ أهلِ الحديثِ، وكَثِيْراً مَا يُوجَدُ في مَسَانِيْدِهِمْ ومُصَنَّفَاتِهِمْ قَوْلُهُمْ: ((كَتَبَ إليَّ فُلاَنٌ: قَالَ حَدَّثَنا فُلاَنٌ))، والمرادُ بهِ هذا. وذَلكَ مَعْمُولٌ بهِ عِنْدَهُمْ مَعْدُودٌ في المسنَدِ الموصولِ. وفيها إشعَارٌ قويٌّ بمعْنَى الإجَازَةِ، فَهِيَ وإنْ لَمْ تَقْتَرِنْ (13) بالإجَازَةِ لَفظاً فَقَدْ تَضَمَّنَتِ الإجَازَةَ مَعْنًى ثُمَّ يَكْفِي في ذلكَ أنْ يَعْرِفَ المكتُوبُ إليهِ خَطَّ الكَاتِبِ وإنْ لَمْ تَقُمِ البَيِّنَةُ عليهِ (14). ومِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ:((الخَطُّ يُشْبِهُ الخَطَّ فَلاَ يَجُوزُ الاعْتِمادُ عَلَى ذلكَ)) (15). وهذا غيرُ مَرْضِيٍّ؛ لأنَّ ذلكَ نادِرٌ، والظَّاهِرُ أنَّ خَطَّ الإنْسَانِ لاَ يَشْتَبِهُ بغَيْرِهِ ولاَ يَقَعُ فيهِ إلْبَاسٌ.
ثُمَّ ذَهَبَ غَيْرُ واحِدٍ مِنْ عُلَماءِ المُحدِّثِيْنَ وأَكَابِرِهِمْ، منْهُمْ: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، ومَنْصُورٌ إلى جَوَازِ إطْلاَقِ ((حَدَّثَنا وأخْبَرَنا)) في الروايةِ بالمكاتَبَةِ (16)، والمختارُ قولُ مَنْ يَقُولُ فيها: ((كَتَبَ إليَّ فُلاَنٌ: قالَ حَدَّثَنا فُلاَنٌ بِكَذَا وكَذَا))، وهذا هوَ الصحيحُ اللاَّئِقُ بِمَذْهَبِ أهْلِ التَّحَرِّي والنَّزَاهَةِ. وهَكَذَا لوْ قَالَ: ((أخْبَرَنِي بهِ مُكَاتَبَةً، أوْ كِتَابَةً))، ونحوَ ذلكَ مِنَ العِبَاراتِ (17)، واللهُ أعلمُ (18).
أمَّا المكَاتَبةُ المقْرُونَةُ بِلَفْظِ الإجَازَةِ فَهِيَ في الصِّحَّةِ والقُوَّةِ شَبِيْهَةٌ بالمناولَةِ المقرُونَةِ بالإجَازَةِ، واللهُ أعلمُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في (م): ((ويلحق)).
(2) في (جـ): ((يتجرّد)).
(3) في (أ): ((وما كتب به)).
(4) نقله عنه الخطيب في الكفاية: (481 ت، 337 هـ) و (490 ت، 343 - 344 هـ)، والقاضي عياض في الإلماع: 85.
(5) أسنده إليه الخطيب في الكفاية: (481 ت، 337 هـ) و (490 ت، 343 - 344 هـ)، والقاضي عياض في الإلماع: 85.
(6) أسنده إليه الخطيب في الكفاية: (490 - 491 ت، 344 هـ).
(7) منهم: الحسين بن إسماعيل المحاملي. الإلماع: 84.
(8) قواطع الأدلة 1/ 330.
(9) منهم: الرازي. انظر: المحصول2/ 1/645، وأبو حامد الإسفراييني والمحاملي. انظر: نكت الزركشي 3/ 545.
(10) منهم الغزالي في المستصفى 1/ 166، والآمدي في الإحكام 2/ 92.
(11) 20/ 147.
(12) انظر: الكفاية: (489 ت، 343 هـ)، والإلماع: 85.
(13) في (ب) و (جـ): ((يقترن)).
(14) قال البقاعي في النكت الوفية 269 / أ: ((أي: بشهادة اثنين أنّهما رأياه يكتب ذلك فتكون شهادة على الفعل لا بالتخمين، بأنَّ هذا يشبه خطّه، فهو هو؛ لأنّه يبعد كلّ البعد أن يوجد خطّ غير خطّه يحاكيه محاكاة يبعد معها التمييز)).
(15) قاله الغزالي، ينظر: المستصفى 1/ 166، والبحر المحيط 4/ 492.
(16) انظر: الكفاية: (489 ت، 343 هـ).
(17) انظر: الكفاية: (488 ت، 342 هـ).
(18) جملة: ((والله أعلم)) سقطت من "ع"، وهي من جميع النسخ الخطيّة.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|