أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-4-2017
![]()
التاريخ: 11-3-2018
![]()
التاريخ: 15-6-2016
![]()
التاريخ: 2024-04-15
![]() |
يمثل القضاء الملاذ الآمن والحصن الحامي والضامن للحقوق، لذا يشعر من يلجأ إليه بالحماية والاطمئنان في الحصول على الحق المسلوب منه واسترجاعه هذا الضمان يتجسد في المداولة القضائية التي تمثل ما يضمن أن تحيد قناعة القاضي الإداري عن جادة الصواب، وذلك عندما يشترك في المداولة أكثر من قاضي إداري ما يعمل على أن تجري العملية القضائية بأفضل شكل، كذلك هنالك ضمانة أخرى تتمثل في رقابة محكمة الطعن تلك الرقابة التي تختص بها المحكمة الإدارية العليا.
ولغرض بيان هذه الضمانات سنقسم هذا الموضوع على فرعين نبحث في الفرع الأول المداولة القضائية، وفي الفرع الثاني رقابة محكمة الطعن.
الفرع الأول
المداولة القضائية
عندما يشترك أكثر من قاض في المداولة يصبح الأمر أكثر اتفاقاً مع العدالة التي ينشدها القضاء، وإن كان الواضح من الجانب العملي إن المداولة ممكن أن تكون من قاض واحد، وعليه فهنا نطرح التساؤل الآتي : ماذا يقصد بالمداولة القضائية؟ وما أهمية سرية المداولة؟ ثم كيف من الممكن أن يكون لاستبدال القضاة أثناء المداولة من تأثير على القناعة الذاتية لمختلف الهيئة القضائية؟ كيف لعدم قناعة عدد من القضاة أن تؤثر على مسودة القرار النهائية؟
نأتي الآن إلى تعريف المداولة القضائية التي يقصد بها التباحث والتشاور بين القضاة من الذين اشتركوا في المرافعة واستمعوا إلى اطرافها في المحكمة المشكلة لغرض التكييف لوقائع النزاع وتنزيل حكم القانون عليها، وهذا التشاور لا يتم قبل ختام المرافعة؛ إذ يكون القضاة هنا على علم ودراية كاملة بكل وقائع وحيثيات الدعوى (1) ، أيضاً تعرف بأنها ما يدور بين أعضاء المحكمة من تشاور لأجل تكوين الرأي النهائي في موضوع الدعوى (2) ، هذا اتفق على أن المداولة تتم بين مجموعة من القضاة، إلا أن هنالك من يقول إن المداولة لا تتم فقط بين أكثر من قاضي بل قد يجري التداول من المحكمة المشكلة من قاضي منفرد، إذ تكون المداولة هنا بمعنى التفكر والتدبر من قبل القاضي في القرار الذي يتوجب علية إصداره (3)، إن أجراء المداولة من قبل قاضي واحد واصدار القرار لا يحقق الضمانة الكافية، إذ ينفرد القاضي هنا بالرأي و من ثم قد يكون القرار الذي انتهى إليه غير عادل، ويدعم هذا الرأي ما نصت علية المادة (3) من مدونة القضاء الإداري الفرنسي (القسم التشريعي) على أنه (يتم اتخاذ الاحكام من قبل هيئة قضائية جماعية، الا اذا نص القانون على خلاف ذلك)(4).
والمداولة هنا تتم بصورة سرية بين القضاة، فالسرية تمثل أهمية كبيره؛ إذ تتيح للقضاة الحرية في تبادل الرأي وابداءه والاستقلال فيه، والمداولة لا يفترض أن يحصل الإجماع فيها من قبل القضاة للحل المعروض على طاولة البحث، إذ يصح أن يكون هنالك أغلبية أو اتفاق أو إجماع آراء القضاة حول الحل المقترح، كذلك ليس من المفترض أن يتم التصريح بما دار في جلسة المداولة لبيان من وافق ومن رفض من القضاة للحكم الصادر في الدعوى (5)، وهذا ما أشارت إليه المادة (8L) من مدونة القضاء الإداري الفرنسي في الجزء التشريعي منها على أن (مداولات القضاة سرية)(6)، أيضاً أشار قانون الإجراءات الإدارية الفرنسي في المادة (R731/5) على أنه (الأشخاص الذين يشاركون أو يساعدون في المداولات بأي صفة كانت، يخضعون للالتزام باحترام السرية والا كان عرضة للعقوبات المنصوص عليها في المادة ( 13- 226 ) من مدونة قانون العقوبات)، وهنا يتضح أن المشرع الفرنسي احاط سرية المداولة بضمانات كافية عندما نص في هذه المادة على السرية الواجب اتباعها حتى من قبل الأشخاص الذين يتسنى لهم حضور المداولة، وعاقبهم بعقوبات معينة، إذ تقول المادة (226/13 ) من مدونة قانون العقوبات الفرنسي (إفشاء معلومات ذات طبيعة سرية من قبل الشخص الحارس في الدولة، أو في مهنة، أو بسبب وظيفة أو مهمة موقته يعاقب عليها بالسجن لمدة عام وغرامة قدرها 15000 يورو ).
كذلك أشار قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم (13) لسنة 1968 المعدل في المادة ( 166) قوله (تكون المداولة في الاحكام سراً بين القضاة مجتمعين)، أيضاً توجه المشرع العراقي ليس ببعيد عما ذهبت إليه هذه التشريعات، ولخلو قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل من نص ينظم إجراء المداولة القضائية، فقد نظم هذا الأمر قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل إذ اشار في المادة (1/223 ) على أن تختلي الحكمة لوضع صيغة الحكم أو القرار في الجلسات المعينة لإصداره وبعد الفراغ من وضعة تستأنف الجلسة علناً...)، في كل هذه القوانين أراد المشرع أن يحيط المداولة بنوع من الحماية عندما أرادها أن تكون سرية لغرض أن ييدي القضاة وجهات نظرهم بحرية وأمان وعدم تحفظ، إذ إن هذا الأمر يتيح لهم بناء قناعتهم بصورة أفضل في القرارات التي يصدرونها.
أما المحكمة المشكلة من قبل قاض منفرد فأن المداولة هنا تكون سمة السرية فيها بأن يلتزم القاضي بالامتناع عن إعلان رأيه قبل أن ينطق بالقرار القضائي(7).
أما السؤال الذي يقول كيف من الممكن أن يكون لاستبدال القضاة أثناء المداولة من تأثير على القناعة الذاتية لمختلف الهيئة القضائية؟ وما الآثر القانوني المترتب على ذلك؟
وللإجابة على هذا التساؤل نقول إن الهيئة القضائية التي قامت بالاستماع للمرافعة يجب أن تقوم هي نفسها بالمداولة ولا يحق للقضاة من غير الذين اشتركوا بالمرافعة الاشتراك بالمداولة وإصدار القرار (8)، إذ يعد هذا الحصر بالهيئة القضائية التي سمعت المرافعة من الضمانات المهمة للقضاة في ابداء قناعاتهم (9)، هذا الأمر عززته القوانين منها قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم (13) لسنة 1968 المعدل في المادة (167) والتي نصت على أنّه لا يجوز ان يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلا المشرع المصري هنا رتب أثراً يعتبر من الضمانات ذات الاهمية الكبيرة عندما أبطل الحكم الذي يشترك في مداولته قبل اصدارة قضاة من غير الذين حضروا واستمعوا المرافعة، وهذا اتجاه محمود من قبل المشرع المصري، لأن القاضي هنا يكون رأيه وقناعته من خلال ما يطرح في جلسة الدعوى من أدلة وعليه فإذا أتى أحد القضاة المداولة من دون أن يشترك في جلسات المرافعة كان ذلك له من التأثير الكبير على قناعة الهيئة القضائية بأكملها.
أما المشرع العراقي فإن اشارته لهذا الأمر ليس بذلك الوضوح الذي بينه المشرع المصري، إذ نص في المادة (156) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل (اذا تهيأت الدعوى الإصدار الحكم تقرر المحكمة ختام المرافعة، ثم تصدر حكمها 000، من المعنى العام لهذه المادة يتبين أن المشرع افترض أن القضاة الذين اشتركوا في المرافعة هم انفسهم الذين اشتركوا في المداولة لكون هذا الأمر قاعدة عامة ومعروفة، وإن كان من الأفضل أن تتم الإشارة لهذا الموضوع بصورة واضحة حتى لا يتم التأويل والتفسير بصوره مغايرة لما قصده المشرع.
ويبدو أن القضاء المصري سار على هدي المشرع عندما اشار في حيثيات إحدى أحكامه قوله (... ومفاد ذلك أن قضاة المرافعة الذين استمعوا إليها هم بذاتهم قضاة المداولة والحكم بطريق الحكم واللزوم - بحسبان أن الحكم هو خلاصة مداولة القضاة بعد سماعهم المرافعة . فأن تغيير أحد القضاة الذين سمعوا المرافعة فإن ذلك يوجب بالضرورة اعادة فتح باب المرافعة وإعادة الإجراءات تمكيناً للهيئة المعدلة من سماع المرافعة وتمكيناً للخصوم من الترافع امامها وتلك قاعدة اصولية يترتب على مخالفتها بطلان الحكم الذي اسهم في إصداره عضو لم يسمع المرافعة، ولا ترافع الخصوم أمام الهيئة بحضوره 000 و وعليه قررت المحكمة قبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل فيها مجدداً بهيئة مغايرة ) (10).
في حين أن القضاء العراقي متفق تمام الاتفاق مع توجه القضاء المصري، إذ أفصح عن ذلك في إحدى القرارات الصادرة عنه (لدى التدقيق والمداولة من الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة وجد أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقررت قبوله شكلاً ولدى عطف النظر في قرار الحكم المميز وجد أن المجلس بجلسته المؤرخة في 2007/7/12 كان قد قرر افهام ختام المرافعة في الدعوى المقامة من المدعية (المميز عليها) وعين يوم 2007/7/22 موعداً للنطق بالحكم وفي اليوم المعين للنطق شكل المجلس من رئيس وعضو لم يشتركا في اليوم الذي أفهم فيه المجلس ختام المرافعة وحيث أن من المبادئ الإجرائية أن الهيئة التي تقرر افهام ختام المرافعة في الدعوى يقتضي إن تكون الهيئة نفسها التي تصدر القرار وفقاً لحكم المادة (156) من قانون المرافعات المدنية فاذا انضم رئيس جديد أو عضو جديد للهيئة في يوم النطق بالحكم فعلى الهيئة الجديدة أن تفتح باب المرافعة وتستوضح من الطرفين عن آخر اقوالهما ثم تختم المرافعة وتصدر القرار المناسب وفقاً لما يترأى لها وحيث أن إجراءات المرافعة والنطق بالحكم من النظام العام لا يجوز مخالفتها وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها عليه قرر نقض الحكم المميز استناداً الى احكام المادة (211) من قانون المرافعات المدنية وإعادة الدعوى الى مجلس الانضباط العام للسير فيها) (11)، وفي قرار آخر لمجلس الدولة قوله لدى التدقيق والمداولة من الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة وجد ... ان القرار غير صحيح ومخالف للقانون، ذلك أن مجلس الانضباط العام أصدر قراره المميز بتشكيل يختلف عن التشكيل الذي ختم المرافعة لغرض تفهيم القرار، حيث وجد أن احد اعضاء المجلس لم يكن قد اشترك في الجلسة المؤرخة في 2008/11/4 عندما افهم المجلس ختام المرافعة، وحيث لا يجوز للقاضي الذي لم يكن أحد اعضاء الهيئة التي ختمت المرافعة أن يشترك في اصدار القرار ولا يجوز اصدار القرار في الدعوى الا من القضاة الذين اشتركوا في افهام ختام المرافعة في الدعوى، وعلية قرر نقض القرار المميز واعادة الدعوى الى المجلس لفتح باب المرافعة والسير فيها وفقاً لما تقدم ...) (12)، هنا بدا موقف القضاء العراقي واضحاً بترتيب البطلان على المداولة التي يشترك فيها القضاة من الذين لم يحضروا المرافعة وهذا مسلك محمود لتوجه مجلس الدولة ويحسب له، لكن يمكن القول أن هذا البطلان ليس مطلقاً بل هنالك بعض المواضع التي تصح معها المداولة حتى وأن حصل تغيير في القضاة، هذه المواضع تتمثل في وفاة أحد اعضاء المحكمة أو أن تم نقلة الى محكمة اخرى أو قد يكون تمت احالته الى التقاعد أو تم عزلة أو رده، فهنا ما يكون على المحكمة إلا أن تنتظر استكمال عدد القضاة، فحضور العضو الجديد يترتب عليه أن يتم فتح باب المرافعة مجدداً، إذ إن فائدة هذا الأمر تتجسد في اطلاع القاضي الجديد على الأدلة والاسانيد في الدعوى لكي يكون مواكباً لمجريات العمل في الدعوى (13)، هذا المعنى اشارة إليه المادة (2/157) من قانون المرافعات المدنية العراقي قولها (يجوز للمحكمة فتح باب المرافعة مجدداً اذا ظهر لها ما يستوجب ذلك على أن تدون ما يبرر هذا القرار)، من المنطوق العام لهذه الفقرة أن المشرع هنا اعطى لهيئة المحكمة المشكلة التي تنظر في الدعوى الحق في أن تفتح باب المرافعة من جديد في كل ما يظهر لها من مستجدات في الدعوى تستوجب ذلك، ومحصلة كل ذلك أن التغيير الذي يحصل في القضاة أثناء المداولة يرسم صورة واضحة لبطلان الحكم الذي يصدر ترتيباً لهذه المداولة وبذلك اراد المشرع والقضاء أن يوفر اقصى ضمانات التقاضي المفترض توفرها للمرفق القضائي.
الآن نأتي إلى الإجابة على السؤال الأخير وهو كيف لعدم قناعة عدد من القضاة أن تؤثر على مسودة القرار النهائية؟ وما مصير القرار في حالة اصداره من غير التوقيع على مسودة الحكم من كامل أعضاء هيئة المحكمة؟ إجابة على هذا التساؤل بالنسبة للشق الأول منه نقول إنَّه قد يكون هنالك بعض من اعضاء الهيئة القضائية الذين حضروا المرافعة وتمت مناقشة الادلة في حضورهم وكانوا حاضرين المداولة، ولكن عند الوصول لمرحلة اصدار القرار رأى بعض القضاة أن قناعتهم غير مكتملة وغير واصلة إلى مرحلة القناعة الكاملة بما سوف يصدر من قرار ، وحيث إن قانون مجلس الدولة لا يوجد فيه نص يعالج هذا الأمر وإنه أحال كل ما لم يرد فيه نص في هذا القانون إلى القوانين الأخرى المكملة له ومنها قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969 المعدل، إذ نص هذا القانون في المادة (2/160) على إنّه يدون العضو المخالف رأيه وأسباب مخالفته ولا ينطق بالمخالفة وتحفظ في اضبارة الدعوى ولا تعطى منها (صورة هنا في هذه المادة عالج المشرع هذه الحالة والظاهر منها إنه لم يبين بطلان القرار القضائي الذي سوف يصدر من الهيئة القضائية، وكل ما رتبه على عدم قناعة العضو المخالف هو كتابة رأيه المخالف وما استند إليه في مخالفته من اسباب وأن لا يقول رأيه بصريح القول، بل يوضح هذا الرأي المخالف في ملف الدعوى، واللافت للنظر أن المشرع نص على عدم إعطاء أي نسخة من صورة هذا الرأي المخالف، والواضح إنه اراد أن يضمن استقلال وحرية الهيئة القضائية فيما تصدره من اراء وهذا اتجاه يحسب للمشرع العراقي، أيضاً عالج مشرعنا العراقي في قانون المرافعات المدنية المعدل في المادة (158) والتي نصت تصدر الاحكام بالاتفاق أو بأكثرية الآراء فإذا تشعبت الآراء وجب على العضو الأقل درجة أن ينضم الى أحد الآراء لتكوين الأكثرية)، مسألة أخرى وهي تعد استثناء من الأصل العام، وذلك في حالة حدوث تشتت لآراء القضاة، إذ كل قاض له قناعه مختلفة عن الآخر، هنا أوجب القانون على القاضي الأقل درجة أن ينظم لأحد الآراء لتكوين الأكثرية، وإن كان ذلك يعد إجباراً للقاضي على أن يتبع رأي بقية القضاة إلا أن الضرورة اقتضت ذلك، لغرض أن يصدر الحكم أما بالأكثرية او بالاتفاق.
أما الشق الثاني الذي يقول: ما مصير القرار في حالة إصداره من غير التوقيع على مسودة القرار من كامل أعضاء هيئة المحكمة؟ هنا نبحث أمراً قد يعترض مسار الدعوى الإدارية وهو عندما تكون قناعة بعض القضاة تملي عليهم الامتناع عن التوقيع على مسودة القرار هذا الأمر يقود بالضرورة إلى اشكالات كثيرة بنى القانون عليها حكماً وهو بطلان القرار الذي تكون مسودته غير موقعة من قبل اعضاء المحكمة المشكلة لنظر الدعوى الادارية، وهذا ما اشارت إليه المادة (175) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم (13) لسنة 1968 عندما قالت إنَّهُ (يجب في جميع الاحوال أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم والا كان الحكم باطلاً (...)، هنا البطلان الوارد في هذه المادة مقرراً بحكم القانون، و يعتبر النتيجة الطبيعية لمثل هذا الأمر، أيضاً أشار المشرع العراقي لمثل هذا المفهوم في قانون المرافعات المدنية المعدل وذلك في المادة (160/1) إلى إنّه يوقع على الحكم من قبل القاضي أو من رئيس الهيئة واعضائها قبل النطق به هنا لم يبين المشرع موقفه من القرار في حالة عدم التوقيع على مسودته بل إنه اشار إلى ضرورة التوقيع، لكن كما هو معروف أن نصوص القانون امره لا تقبل التأويل والتفسير بغير ما أراده المشرع، وبديهياً في حالة صدور القرار غير موقع على مسودته ترتب علية البطلان وهذه النتيجة كان على المشرع أن يبينها بصورة واضحة وصريحة.
وفي النهاية وبعد البحث فيما مضى تم بوضح ما تحتله المداولة القضائية من مكانة متميزة كأحد الضمانات القضائية المميزة لقناعة القاضي الإداري.
الفرع الثاني
رقابة محكمة الطعن
الضمانة الثانية في سلسلة بحث ضمانات الاقتناع الذاتي للقاضي الإداري هي رقابة محكمة الطعن تلك الرقابة التي تعمل على ضمان حق التقاضي في حال ذهبت القناعة بالقاضي الإداري بعيداً عن جادة الصواب وتحقيق العدل، ولأجل أن تكون هناك رقابة لابد أن يوجد قرار قضائي صادر من محكمة ادارية، وأن تتواجد جهة تتولى الطعن في هذا القرار والتي تتمثل بالمحكمة الإدارية العليا في مصر والعراق ومجلس الدولة في فرنسا، ولغرض بيان هذه الضمانة بالتفصيل نذهب إلى تعريف الحكم القضائي الإداري القابل للطعن وعناصره وشروطه، ثم نبين كيف لمحكمة الطعن أن تبني رقابتها على قناعة القاضي الإداري وذلك من خلال تسبيب الهيئة القضائية للقرارات التي تصدر عنها. قبل أن نذهب إلى تعريف الحكم لابد أن نبين ماذا نعني بالرقابة والتي يقصد بها إن تتم متابعة امر محدد من اجل التأكد من صحته أو عدمها هذه الرقابة مقرره بحكم القانون ولصالح المتقاضين، والرقابة التي نعني بها هنا هي رقابة محكمة القانون لا محكمة الموضوع ( الاستئناف)، لكن رقابة محكمة القانون ليست مطلقة فهي تتركز في مراقبتها للجانب القانوني دون الجانب الواقعي، هذا المنع في عدم الولوج للجانب الواقعي ليس مطلقاً بل القصد منه ألا تتدخل المحكمة في ما تضمنه الحكم من وقائع نفياً أو اثباتاً (14)، فالرقابة هنا ترتكز ليس على مجرد قناعة القاضي الإداري بل تراقب عملية اختيار القاضي بين عدة حلول ممكنة بتوجيه ما املت عليه هذه القناعة عندما قام بأسقاط النص على الواقعة.
فبعد أن ينتهي القاضي الإداري من المرحلة الخاصة بفحص أسباب الطعن وبيان أوجه عدم المشروعية يذهب إلى المرحلة الأخيرة وهي اصدار الحكم في الدعوى (15)، والذي عرفة احد الفقهاء بأنه ما يصدر من المحكمة المشكلة تشكيلاً صحيحاً والمختصة بنظر الدعوى في خصومة رفعت إليها سواء كان صادراً في موضوع الخصومة أم في مسألة اجرائية (16) ، وقد يقصد بالحكم ما يعلنه القاضي من القناعة المستمدة من وقائع النزاع وما يفهمه من النصوص القانونية الواجبة التطبيق، إذ يبين القاضي رؤيته للقانون من خلال الوقائع المحددة المعروضة امامة (17) ، وعند اصدار الحكم يخرج النزاع من ولاية المحكمة التي اصدرت الحكم إذ يحوز حجية الشيء المقضي به، والحكم يكون هنا أما برد الدعوى لعدم قبولها شكلاً أو أن تصدر حكمها وتلغي القرار (18) ، والاحكام القضائية لابد أن يكون لها نظام طعن خاص بها هذا النظام يعرف بأنه الوسيلة الاختيارية المنظمة بواسطة القانون لفائدة المحكوم عليه عندما يريد الاعتراض على الحكم الصادر ضده، لغرض إلغائه أو تعديله أو إزالة آثاره (19) ، أما ما يقصد بالحكم في موضوع دراستنا فهو ما تصدره المحكمة الإدارية العليا من قرار في الطعن المقدم إليها من قبل الطاعن، ويكون القرار الذي تصدره نهائياً وباتاً غير قابل للطعن فيه مرة اخرى
والجهة التي تكون مكلفة بهذه الرقابة هي المحاكم العليا على اختلاف تسميتها في الدول محل المقارنة، هذه المحكمة تتولى مهمة نقض الأحكام القضائية عند الطعن بها امامها، والطعن هنا يعتبر طريقاً غير عادي من طرق الطعن والتي لا تندرج ضمن درجات التقاضي (20).
ويذهب جانب من الفقه إلى أن هذه الرقابة ليست معناها مراقبة ما انتهى إليه القاضي من نتيجة بالنسبة للوقائع التي تم بحثها في القضية فهي لا تملك ذلك، وإنما رقابتها تكون على طريقة تكوين هذه القناعة أو ما قامت عليه من أساس (21) ، وعلى الرغم من محاولة المشرع والقضاء المتمثل بالمحاكم العليا في العمل على ضبط قناعة القاضي الإداري، الا إنّه يوجد مجال كبير وحيز من الحرية للقاضي الإداري يكون فيها غير خاضع لأي رقابة سوى قناعته وضميره (22).
والحكم القضائي لابد أن يحتوي على مجموعة من العناصر وهي الواقعة ويقصد بها ما تحتوي علية الدعوى من عرض لموضوع النزاع، وما يطلبه الخصوم، والإجراءات المتبعة في الدعوى ابتداء من إعلان صحيفة الدعوى إلى تاريخ صدور الحكم، أما العنصر الثاني فهو الأسباب ويعني بها الحيثية التي استند اليها الحكم، إذ تشتمل على حجج الخصوم ومناقشتها، وعرض الحجج التي استندت إليها المحكمة فيما انتهت إليه في المنطوق، والعنصر الثالث المنطوق وهو ما انتهت إليه المحكمة من رأي يتجسد بالقرار المتخذ والذي تصدره المحكمة في الدعوى(23)، إذ إن منطوق الحكم واسبابه لابد وأن يصدرا معاً، بحيث يؤول الأمر إلى بناء منطقي يسود الحكم، لغرض تحقيق الغرض المنتظر من اقامة الدعوى(24).
وهذا الحكم يجب أن يتوفر فيه مجموعة من الشروط حتى يتسنى للمحكمة العليا أن تنظر فيه، ومن هذه الشروط والذي يعتبر شرطاً بديهياً هو إن يوجه الطعن ضد قرار قضائي اكتسب الدرجة القطعية فلا يصح أن يكون محل الطعن قراراً إدارياً، كذلك لا يعتبر من القرارات القضائية القابلة للطعن ما يتخذ من إجراءات التنظيم الداخلية التي يقررها القضاة لتصريف الخصومات (25) ، فهنا يجب أن يكون حكماً قضائياً صادراً عن إحدى محاكم القضاء الإداري سواء محكمة قضاء الموظفين أم محكمة القضاء الإداري، هذا الشرط أشار إليه قانون مجلس الدولة العراقي رقم (65) لسنة 1979 المعدل في المادة (2/ رابعاً/ ج) على إنّه (تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر فيما يأتي (1) - الطعون المقدمة على القرارات والاحكام الصادرة عن محكمة القضاء الاداري ومحاكم قضاء الموظفين)، والشرط الآخر هو نهاية الحكم المطعون فيه بمعنى أن يكون الحكم الذي يعرض أمام المحكمة العليا قطعياً، وهذا الشرط هو الذي يفسر فكرة الطعن غير العادي فعندما يكون هنالك إجازة للطعن بالاستئناف يكون من غير المقبول الطعن أمام المحكمة العليا، أو أن الخصم ترك حقه وفوت موعد الاستئناف هنا اكتسب الحكم الدرجة القطعية ولا يجوز الطعن فيه (26)، إلا أن هناك استثناء بالنسبة لقطعية الاحكام؛ إذ يمكن الطعن استثناء بالقرارات التي لم تفصل في موضوع الدعوى، وهذا الأمر بينته المادة (216) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969 المعدل إذ قالت (1- يجوز الطعن بطريق التمييز في القرارات الصادرة من القضاء المستعجل وفي الحجز الاحتياطي والقرارات الصادرة في التظلم من الأوامر على العرائض والقرارات الصادرة بإبطال عريضة الدعوى أو بوقف السير في الدعوى واعتبارها مستأخرة حتى يفصل في موضوع اخر ....)
أما كيف من الممكن لمحكمة الطعن أن تفرض رقابتها على قناعة القاضي الإداري، يكون هذا الامر من خلال تسبيب الاحكام القضائية، إذ تتجلى قناعة القاضي الإداري من خلال تسبيبه للأحكام القضائية، هذا الأمر تم بحثة بإيجاز في موضوع القيود الواردة على قناعة القاضي الإداري، أما هنا فسوف نبحث هذا الموضوع بنوع من التفصيل، إذ سبق وأن تم بيان ماذا يعني التسبيب في الأحكام القضائية، وهنا يتم بيان أن التسبيب يتكون بشكل عام من عنصرين يتمثلان بالأسباب الواقعية والتي تعني الوقائع والأدلة التي قام عليها الحكم في وجودة والمستمدة من الواقعة الأساسية (27)، أما الأسباب القانونية فيقصد بها الحجج القانونية أو المبدأ القانوني الذي يصدر الحكم تطبيقاً له(28)، ويفهم من ذلك أن التسبيب هنا لا يقصد به فقط أن يتم بيان نصوص القانون أو سرد الوقائع، وانما يجب أن يتم التحديد القاطع لما تم اعتماده من قبل المحكمة من الوقائع وفهم نصوص القانون والذي بنى عليه منطوق القرار (29).
والتسبيب كمفهوم قانوني قد يتشابه مع مفهوم قانوني آخر إلا وهو التكييف والذي يقصد به إعطاء الوصف الدقيق للنزاع المرفوع أمام المحكمة وصفاً قانونياً يسمح لها بتطبيق القاعدة القانونية عليه، وطبقاً لذلك فأن التسبيب والتكييف هما من عمل القاضي، أما بيان صواب أو خطأ التكييف لا يتم إلا عن طريق التسبيب، لذا فإن عدم قيام المحكمة بتسبيب حكمها تسبيباً كافياً ومنطقياً توضح فيه ما تم سلوكه في التكييف القانوني فهنا يترتب عليه عدم استطاعة محكمة الطعن الوقوف على سلامة التكييف، كذلك ليس بالضرورة أن تؤدي صحة التسبيب إلى دقة وصحة التكييف، ايضاً التكييف يقوم على عنصرين هما القانون والواقع كما هو حال التسبيب (30) ، هذا التشابه قد يتخلله بعض الاختلاف بين التكييف والتسبيب منها أن التكييف يأتي في المقام الاول ومستقلاً عن التسبيب، إذ أول ما يبدأ به القاضي الاداري هو أن يعطي الواقعة المعروضة أمامه التوصيف القانوني الدقيق لكي ينطلق من هذهِ النقطة لأجل الوصول إلى الحل النهائي في الدعوى، بينما لا تكتب أسباب الحكم إلا حين اكتمال الاجراءات في الدعوى وصولاً إلى إصدار الحكم الذي يتضمن الاسباب الواقعية والقانونية التي كونت قناعته(31)، من جانب آخر يظهر التسبيب في الحكم كأحد العناصر الشكلية حالة حال المنطوق بعكس التكييف الذي يكون اندماجه كاملاً في تفاصيل الدعوى وينتج اثره في الحكم، وعليه فأن المحكمة الإدارية العليا تفرض رقابتها على التسبيب بعنصرية القانوني والواقعي، فإذا رأت ان الشق القانوني من التسبيب صحيح والحكم القضائي من حيث النتيجة أيضاً صحيح فتذهب باتجاه تصديق الحكم وأن أخفقت المحكمة الادارية في مسألة القانون، لكن قد يطرح تساؤل وهو ما الحكم لو كان التسبيب خاطئاً والحكم صحيحاً؟ هنا أجابت حول هذا الامر المحكمة الإدارية العليا في العراق وذلك في إحدى القرارات الصادرة عنها بقولها لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الادارية العليا في مجلس الدولة ... ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أن المميز عليها (المدعية تطعن بالامتناع عن تعيينها لدى المدعى علية وتطلب الغاءه، فحكمت المحكمة بذلك للأسباب التي استندت عليها. وجدت المحكمة الإدارية العليا بأن المدعية تعمل بعقد في شركة الخطوط الجوية العراقية بصفة مضيفة، وقدمت طلباً لتعيينها على ملاك الشركة، ولم تحصل ،الموافقة لاحظت المحكمة الإدارية العليا بأن المادة (11/ خامساً) من قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة المالية 2018 قضت بأن تحتسب مدة العقد للمثبتين على الملاك الدائم بعد 2003/4/9 خدمة فعلية لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد. وتكرر المبدأ ذاته في المادة (11/ رابعاً /أ/1) من قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة المالية ،2019 ، لذا كان على المحكمة إلغاء الأمر المطعون به والزام المدعي عليه بتعيين المدعية لهذا السبب وحيث إن المحكمة انتهت في حكمها المميز الى النتيجة ذاتها لكن لغير هذا السبب قرر تصديق الحكم من حيث النتيجة ورد الطعون التمييزية ..) (32)، هنا المحكمة الإدارية العليا رتبت نتيجة مفادها أن التسبيب عندما يرد في الحكم خاطئاً، وكانت النتيجة التي انتهت إليها المحكمة صحيحة، تقوم المحكمة الإدارية العليا بتصديق الحكم ومن ثم فإنّ هذا التسبيب الخاطئ لا يؤثر على صحة القرار، هذا بخلاف التكييف فأن المحكمة الإدارية تفرض رقابتها على التكييف باعتباره مسألة قانون فقط، لأن التكييف هنا يعني التشخيص للواقعة محل النزاع طبقاً لنصوص القانون، وعليه فأن التكييف دائماً يكون عمل قانوني ومن ثم خضوعه لرقابة المحكمة الإدارية العليا، وأي خطأ في التكييف يذهب بالحكم إلى نقضه (33).
ومن المفيد أن نذكر هنا أن محكمة الطعن لا تراقب موضوع لماذا اقتنع القاضي فهذا الأمر يدخل في صلاحية قاضي الموضوع، ولكنها تراقب وتدقق كيفية الاقتناع (34) ، أي إن المحكمة العليا تراقب كيفية استخلاص القاضي الإداري من الوقائع العناصر والأسس التي أوصلته الى النتيجة المتمثلة بالفكرة القضائية التي اكتملت لدية واقتنع بها، وعليه يجب على القاضي الإداري أن يبين بشكل واضح كيفية اتمام عملية الاقتناع لديه، ويجب أن تكون تلك العناصر كافية، ومن ثم فأن المحكمة الإدارية العليا ومن خلال عملية التسبيب تستطيع مراقبة النتيجة التي انتهى إليها القاضي في قراره وصححتها (35).
وضرورة أن تحتوي الاحكام على التسبيب اتفقت عليه جميع قوانين دول المقارنة، فهذا قانون المرافعات الفرنسي إشارة في المادة (455) على أنه ( يجب أن يحدد الحكم بإيجاز ادعاءات الاطراف ووسائلها، وقد يتخذ هذا البيان شكل تأشيره لاستنتاجات الأطراف مع الإشارة إلى تاريخها، ويجب أن يكون الدافع للحكم)، كذلك أورد المشرع المصري في قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم (13) لسنة 1968 المعدل في المادة (176) ضرورة تسبيب الاحكام القضائية، إذ نص (يجب ان تشتمل الاحكام على الاسباب التي بنيت عليها والا كانت باطلة)، أما مشرعنا العراقي فيبدو أن التفاتته كانت دقيقة لهذا الأمر عندما اشار في قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل في المادة (159) على أنه (1- يجب ان تكون الاحكام مشتملة على الأسباب التي بنيت عليها وأن تستند إلى أحد أسباب الحكم المبينة في القانون. 2- على المحكمة أن تذكر في حكمها الأوجه التي حملتها على قبول او رد الادعاءات والدفوع التي أوردها الخصوم والمواد القانونية التي استندت إليها)، المشرع العراقي هنا الزم المحكمة في هذه المادة بضرورة التسبيب وهذا الامر واجب، إذ اتضح ذلك من عبارة (يجب) الواردة في صدر هذه المادة أي واجب الالزامية هنا، وبعموم الأمر يجب على المحكمة أن تبين ما استندت إليه من وقائع ومواد قانونية ضمنتها في حكهما.
اما تطبيق القضاء الإداري وتضمينة التسبيب في إحكامه، فها هو القضاء المصري وعلى وجه الدقة المحكمة الإدارية العليا، فقد جاء في حيثيات أحدى القرارات الصادرة عنها قولها (تسبيب الأحكام يعتبر شرطاً من شروط صحتها، ولذا فإنه يجب أن يصدر الحكم مشتملاً على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، وكذلك فإن القصور في أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم - وتسبيب الأحكام يعنى بيان الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي بنت عليها المحكمة حكمها - والحكمة التي اقتضت تسبيب الأحكام واضحة وهي حمل القاضي على العناية بحكمه وتوخى العدالة في قضائه كما أنها تحمل على اقتناع الخصوم بعدالة الأحكام حتى تنزل من النفوس منزلة الاحترام، وفوق كل هذا فإنها لازمة لتمكين محكمة الطعن من إجراء الرقابة على الحكم – تحقيقاً لهذه الأمور فإن الأحكام التأديبية يجب أن تكون الأسباب فيها مكتوبة على النحو الذي يوضح وضوحاً نافياً للجهالة الأسانيد الواقعية والقانونية التي بنت عليها عقيدتها سواء بالإدانة أو بالبراءة وتحقيقاً لأوجه الدفاع الجوهرية للمتهم وما انتهت إليه بشأن كل منها سواء بالرفض أو القبول وذلك ليتسنى للمحكمة الإدارية العليا إعمال رقابتها القانونية على تلك الأحكام بما يكفل تحقيق سلامة النظام القضائي المحاكم مجلس الدولة وضماناً لأداء هذه المحاكم التأديبية لرسالتها في تحقيق العدالة التأديبية ... إذ يعتبر الحكم عندئذ صادراً مشوباً بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يؤثر فيه ويؤدي إلى بطلانه) (36).
أما القضاء العراقي فأنه اولى ذات الاهمية التي أولاها القضاء المصري لموضوع تسبيب الاحكام إذ جاء في حيثيات احدى القرارات الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا قولها (المحكمة لاحظت بأن محكمة قضاء الموظفين قد أخطأت في فهم الوقائع، فلم تردها إلى صوره من الصور المذكورة انفاً فأنزلت عليها حكماً غير صحيح ولم تتبع القرار التمييزي الصادر في الدعوى من المحكمة الإدارية العليا ... لذا قررت المحكمة الإدارية العليا نقض الحكم المميز ...) (37)، في قرار آخر للمحكمة الإدارية العليا قولها لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الإدارية العليا في مجلس شورى الدولة وجد أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً، ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد إنّه غير صحيح ومخالف للقانون، ذلك أن المميز عليه ( المعترض) يطعن أمام محكمة قضاء الموظفين بعقوبة العزل المفروضة علي من وزير البلديات والاشغال العامة ... وطلب للأسباب الواردة في عريضة الدعوى الغاءهما، فقررت المحكمة في حكمها المميز الغاء العقوبة للأسباب التي استندت عليها في الحكم التي بينت على اساس أن المعترض مشمول بقانون العفو العام رقم (19) لسنة 2008 وان لدية خدمة طويلة وعائلة وجدت المحكمة الإدارية العليا بأن محكمة قضاء الموظفين وقعت في خطأ بتطبيق القانون وتأويلة، حيث إن الثابت من اوراق الدعوى أن المعترض علية شكل لجنة تحقيقية من رئيس وعضوين أحدهم قانوني للتحقيق مع الموظف فيما اسند إليه من مخالفة وتولت اللجنة التحقيق تحريراً مع الموظف واستمعت ودونت اقواله واقوال الشهود واطلعت على المستندات التي رأت ضرورة الاطلاع عليها وحررت محضراً ثبتت فيه ما اخذته من اجراءات وما سمعته من أقوال، وثبت لديها ارتكاب الموظف مخالفات جسيمة في تسجيل عدد كبير من قطع الاراضي بحدود (47) قطعة بوثائق غير صحيحة مما ألحق ضرراً كبيراً في الدولة، وقد أيدت الواقعة بالشهادة والمستندات الرسمية التي استعرضتها اللجنة التحقيقية واستدلت بها عند التوصية بفرض عقوبة العزل على الموظف والتي فرضتها الادارة علية وإن الإجراءات التي اتخذتها الإدارة صحيحة وإن عقوبة العزل تتناسب مع الفعل الذي ارتكبه ... أما ما ذهبت إليه المحكمة في معرض تسبيب الحكم المميز من أن الموظف مشمول بقانون العفو العام فأنه لا يصلح سبباً لألغاء العقوبة لان العفو العام يسري على العقوبة الجزائية ولا يسري على العقوبة الانضباطية إلا إذا نص على ذلك .... لذا كان على المحكمة ان تقضي بمسؤولية الموظف عن الفعل المسند الية، وتصدق على العقوبة، وحيث ان المحكمة حكمت على غير هذا المقتضى فيكون حكمها غير صحيح قررت المحكمة الإدارية العليا نقطه وإعادة الاضبارة إلى محكمة قضاء الموظفين لمراعاة ما تقدم وإصدار الحكم في ضوئه ... ) (38)، من الواضح أن المحكمة الإدارية العليا لم تلغ هذا القرار لعدم اشتماله على التسبيب المطلوب، بل كان نقضها للقرار مبني على الخطأ في تطبيق القانون من قبل محكمة قضاء الموظفين، وأن الاسباب التي استندت إليها محكمة قضاء الموظفين بتخفيفها للعقوبة جاءت غیر متناسبة مع الفعل المرتكب من قبل الموظف.
في كل ما سبق ذكرة يظهر مدى أهمية التسبيب في فسح المجال لمحاكم القضاء الإداري العليا في فرض رقابتها على قناعة القاضي الإداري، وهذا الأمر كان واضحاً من خلال ما اوردته القوانين والقضاء من عناية لموضوع التسبيب.
فأما بخصوص الإجابة من هي الجهة المختصة بالنظر في الطعون الواقعة على الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية؟ ففي فرنسا فإن مجلس الدولة هو الذي يختص بالطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية أو محاكم الاستئناف الإدارية، إذ لا يعتبر الطعن هنا درجة من درجات التقاضي كما هو الحال بالنسبة للطعن بالاستئناف وإنما الهدف منه أن يتم بحث مدى تطابق الحكم النهائي للقانون، إذ لو تبين للمجلس أن الحكم النهائي المطعون فيه ينطوي على عيب قانوني فأنه يحكم بنقضة أو الغاءه وتعاد القضية إلى محكمة الاستئناف للحكم فيها من جديد (39)، حيث إن مجلس الدولة الفرنسي له ميزه خاصة يتميز بها عن غيره وهي إنّه يعتبر درجة من درجات المحاكم إذ إن هذه الدرجة تكون مختلفة باختلاف النزاع المعروض أمام مجلس الدولة، فنجده أول وآخر درجة حيناً، وحيناً آخر نجده محكمة استئنافية بالنسبة لبعض المحاكم الإدارية كمجالس دواوين المديريات (40)، هذا المعنى اشارة إليه المادة (2-211) من مدونة القضاء الاداري الفرنسي القسم التشريعي بقولها (تنظر محاكم الاستئناف الإدارية بأحكام الدرجة الأولى الصادرة من المحاكم الإدارية، من دون الاخلال
بالاختصاصات الممنوحة لمجلس الدولة بصفته قاضي الاستئناف ...) (41)، أيضاً نص في المادة (1-331.L) من المدونة نفسها على إنّه يكون مجلس الدولة لوحدة مختصاً بالنظر في الطعون التمييزية ضد قرارات آخر درجة للتقاضي الصادرة عن جميع المحاكم الإدارية)(42).
أما في مصر فأن الجهة المختصة بنظر الطعون في الاحكام الإدارية هي المحكمة الإدارية العليا التي تكون أحد تشكيلات مجلس الدولة، إذ اشار إلى هذا الاختصاص قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972 في المادة (23) على إنّه ( يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية، وذلك في الاحوال الاتية: 1- إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويلة. 2- إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الاجراءات اثر في الحكم أما الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الطعون المقامة أمامها في احكام المحاكم الإدارية فلا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا إلا من رئيس مفوضي الدولة وذلك إذا صدر الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا، أو إذا كان الفصل في الطعن يقتضى تقرير مبدأ قانوني لم يسبق لهذه المحكمة تقريره ) من الواضح أن المشرع المصري حصر نطاق الطعن في الاحكام الإدارية بالمحكمة الإدارية العليا، في نفس الوقت اخرج المشرع من اختصاص هذه المحكمة أن تنظر في الاحكام التي تصدر من محكمة القضاء الإداري (إذ يعطي لها اختصاص النظر بالطعون في القضايا التي تقام امامها )مع استثناء الاعتراف للمحكمة الإدارية العليا بأن تنظر في الطعون إذا كان هنالك اعتراض على الحكم من قبل رئيس مفوضي الدولة، أو عند تقرير مبدأ قانوني جديد.
ومن الواضح أن القضاء الإداري المصري التزم بما أعطاه المشرع من اختصاص، إذ ها هي المحكمة الإدارية العليا تصدر احدى القرارات وتوضح الآتي أن الطعن امام المحكمة الإدارية العليا لا يعني أن تستأنف المحكمة النظر بالموازنة والترجيح بين الادلة المقدمة اثباتاً أو نفياً في حق الطاعنين إذ أن ذلك من شأن المحكمة التأديبية وحدها ...)(43).
أما في العراق فأن الجهة المختصة بنظر الطعون هي المحكمة الإدارية العليا والتي تعتبر احدى تشكيلات مجلس الدولة، إذ تكون مختصة بالنظر في الطعون المقدمة على قرارات محكمة قضاء الموظفين ومحكمة القضاء الإداري، هذا الأمر أشار إليه قانون مجلس الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل في المادة (2 - رابعاً - ج - 1) بقولها تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر فيما يأتي: 1- الطعون على القرارات والأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري ومحاكم قضاء الموظفين ...).
ولان قانون مجلس الدولة العراقي أشار في المادة (2) رابعاً - (ب) (تمارس المحكمة الإدارية العليا الاختصاصات التي تمارسها محكمة التمييز الاتحادية المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 عند النظر في الطعن بقرارات محكمة القضاء الإداري محكمة قضاء الموظفين)، ولأن قانون المرافعات المدنية المعدل قد اشار في الباب الثاني منه تحت عنوان طرق الطعن في الأحكام وذلك في المادة (203) على انه للخصوم ان يطعنوا تمييزاً ...)، لذا فأن طرق الطعن في الاحكام امام المحكمة الإدارية العليا هي فقط طريق التمييز، وهذا الأمر أشار إليه القضاء الاداري العراقي في احدى الاحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا قولها لدى التدقيق والمداولة من الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة وجد أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقررت قبوله شكلاً، ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد إنّه صحيح وموافق للقانون ذلك أن الفقرة (ج) من البند (أولاً) من المادة (7) من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 حين اجازت الطعن بقرارات مجلس الانضباط العام لدى الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة، اشارت إلى الطعن التمييزي فقط دون غيرة من طرق الطعن المنصوص عليها في المادة (168) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 000 وحيث إن الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة قد تبعت ما تقدم في رد طلبات تصحيح القرارات التمييزية الصادرة منها كون قرارات مجلس الانضباط العام المصدقة تمييزا لا تقبل الطعن بطريق التصحيح للأسباب المذكورة انفا فكذلك هي لا تقبل الطعن بطرق اعادة المحاكمة لنفس الاسباب ...)(44).
أما القرارات التي تصدرها المحكمة الإدارية العليا في العراق عند نظرها في الطعون المقدمة إليها فقد اشارت لها المادة (201) من قانون المرافعات المدنية بقولها (بعد اكمال التدقيقات التمييزية تصدر المحكمة المختصة بنظر الطعون قرارها على احد الوجوه التالية: -1 رد عريضة التمييز إذا كانت مقدمة بعد مضي مدة التمييز أو كانت خالية من الأسباب التي بني عليها الطعن 2- تصديق الحكم المميز إذا كان موافقاً للقانون وأن شابة خطأ في الاجراءات غير مؤثرة في صحة الحكم. 3- نقض الحكم المميز إذا توفر سبب من الأسباب المبينة في المادة (203) من هذا القانون)، ففي إحدى القرارات الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا قولها لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الإدارية العلياء نجد أن الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً، ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه غير صحيح ومخالف للقانون، ذلك إن المميز المعترض على الحكم الغيابي) طعن بطريق الاعتراض على الحكم الغيابي ... وجدت المحكمة الإدارية أن محكمة قضاء الموظفين حکمت بتعديل الحكم الغيابي ورد الاعتراض على هذا الحكم، بينما تعديل الحكم الغيابي يكون في حالة قبول الاعتراض وليس ردة ... وحيث ان المحكمة حكمت على غير ذلك فأن حكمها غير صحيح وقرر نقضة واعادة اضبارة الدعوى الى محكمة قضاء الموظفين للسير فيها ...)(45).
بقي أن نذكر إن الطعن في الاحكام القضائية لا يتم إلا من الطرف الذي خسر الدعوى، وهذا ما اشار إليه قانون المرافعات العراقي رقم (83) لسنة 1969 المعدل في المادة (169) على إنَّه (لا يقبل الطعن في الأحكام إلا ممن خسر الدعوى ولا يقبل ممن اسقط حقة فيه اسقاطاً صريحاً ...).
وفي محصلة ما تم بحثة فأن الرقابة القضائية للمحاكم الإدارية العليا لها الدور المهم والكبير في تتبع مسار قناعة القاضي الإداري، وما إذا كانت هذه القناعة تسير في الطريق الصحيح أم كانت تسير في الطريق الخطأ.
_________________
1- عباس زیاد کامل، المداولة القضائية مفهومها وشروطها ودورها في تدعيم ضمانات التقاضي، بحث منشور في مجلة كلية المأمون / قسم القانون، العراق، العدد الثالث والثلاثون، 2019، ص288.
2- د. محمود حلمي، القضاء الاداري، ط2، دار الفكر العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1977، ص 463.
3- عباس زیاد کامل، مصدر سابق، ص290.
4- مدونة القضاء الإداري الفرنسي الصادرة بتاريخ 4 ايار لسنة 2000، ص13.
5- د. حسن السيد بسيوني، دور القضاء في المنازعة الادرية عالم الكتب، القاهرة، 1981، ص 262.
6- مدونة القضاء الإداري الفرنسي الصادرة بتاريخ 4 ايار لسنة 2000، ص 14 .
7- عباس زیاد کامل، المداولة القضائية مفهومها وشروطها ودورها في تدعيم ضمانات التقاضي، بحث منشور في مجلة كلية المأمون / قسم القانون، العراق، العدد الثالث والثلاثون، 2019 ، ص297.
8- عواد حسين ياسين العبيدي اصول التقاضي في الدعاوى الادارية مكتبة السنهوري، بغداد، 2020، ص 362.
9- عباس زیاد کامل، المداولة القضائية مفهومها وشروطها ودورها في تدعيم ضمانات التقاضي، بحث منشور في مجلة كلية المأمون / قسم القانون، العراق، العدد الثالث والثلاثون، 2019، ص299.
10- ينظر: قرار المحكمة الادارية العليا رقم الطعن ( 12454) ق (50) في 2007/9/10، قرار منشور في بوابة مصر للقانون والقضاء على الموقع www.laweg.net تاريخ الزيارة 2021/9/12 ساعة am6:15
11- ينظر: قرار الهيئة العامة في مجلس الدولة رقم (101) انضباط / تمييز ) في 2007/9/6، مجموعة قرارات وفتاوی مجلس شورى الدولة لعام 2007، ص 308-309 .
12- ينظر: قرار الهيئة العامة في مجلس الدولة رقم (266) انضباط / تمييز في 2008/12/28، مجموعة قرارات وفتاوی مجلس شورى الدولة لعام 2008، ص 475 - 476.
13- عباس زیاد کامل، المداولة القضائية مفهومها وشروطها ودورها في تدعيم ضمانات التقاضي، بحث منشور في مجلة كلية المأمون / قسم القانون، العراق، العدد الثالث والثلاثون، 2019، ص299
14- عمار حسين علي دور القاضي الإداري في انشاء القاعدة القانونية في العراق (دراسة مقارنة)، اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون جامعة بغداد 2019، ص189- 190.
15- د. سامي جمال الدين، اجراءات المنازعة الادارية، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2005، ص127.
16- د مازن ليلو راضي، موسوعة القضاء الاداري، المجلد الأول، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2017 ص 276.
17- د. سيد احمد محمود، اصول التقاضي وفقاً لقانون المرافعات وتعديلاته الحديثة، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2009، ص712
18- د. حمدي القبيلات الوجيز في القضاء الاداري، ط1، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، 2011، ص 472.
19- د. اسماعيل ابراهيم البدوي، طرق الطعن في الاحكام الادارية، ط1، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2012، ص 16.
20- جاسم كاظم كباشي، سلطة القاضي الإداري في تقدير عيوب الالغاء في القرار الاداري ( دراسة مقارنة )، اطروحة دكتوراه مقدمه الى كلية القانون، جامعة بغداد، 2005، ص 169.
21- د. وجدي راغب فهمي، النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات منشاة المعارف، الاسكندرية، 1974، ص 521.
22- جاسم كاظم كباشي، سلطة القاضي الإداري في تقدير عيوب الالغاء في القرار الاداري ( دراسة مقارنة )، اطروحة دكتوراه مقدمه الى كلية القانون، جامعة بغداد، 2005 ، ص170.
23- د. اسماعيل ابراهيم البدوي، حجية الاحكام القضائية الادارية، ط 1 ، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2013، ص 135.
24- د برهان زريق مبادئ وقواعد إجراءات القضاء الاداري، ط1، المكتبة القانونية، دمشق، 2011، ص 403.
25- د. محمد عبد الحميد مسعود اشكاليات اجراءات التقاضي امام القضاء الاداري، ط 1، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2009، ص 163.
26- د. محمد عبد الحميد مسعود اشكاليات اجراءات التقاضي امام القضاء الاداري، ط 1، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2009 ، ص 167.
27- د. وجدي راغب فهمي، النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات منشاة المعارف، الاسكندرية، 1974 ، ص 515.
28- د. حنان محمد القيسي، دور التسبيب في فاعلية احكام القضاء الاداري، بحث منشور في مجلة الباحث الاكاديمي في العلوم القانونية والسياسية، المركز الجامعي اقلو الاغواط الجزائر، العددة، 2020، ص 257.
29- د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة الاصول الاجرائية في الدعوى والاحكام الادارية المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية، 2012، ص 304-305.
30- د. هادي حسين الكعبي - علي فيصل نوري تسبيب الاحكام المدنية ( دراسة مقارنة ) ، بحث منشور في مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، جامعة بابل العراق المجلد 6، العدد 2، 2014، ص 144.
31- د. يوسف محمد المصاروة، تسبيب ،الاحكام، ط 2 ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2010، ص 54.
32- ينظر: قرار المحكمة الادارية العليا رقم ( 1450 /قضاء اداري / تمييز / 2018) في 2019/6/13 (قرار غير منشور).
33- احمد السيد صاوي نطاق رقابة محكمة النقض على قاضي الموضوع في المواد المدنية والتجارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1984، ص 225 226.
34- د. وجدي راغب فهمي، النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات منشاة المعارف، الاسكندرية، 1974 ، ص 516.
35- د. حنان محمد القيسي، دور التسبيب في فاعلية احكام القضاء الاداري، بحث منشور في مجلة الباحث الاكاديمي في العلوم القانونية والسياسية، المركز الجامعي اقلو الاغواط الجزائر، العددة، 2020 ، ص 268.
36- ينظر : قرار المحكمة الادارية العليا رقم الطعن ( 1505 / 42 ق ) في تاريخ 1997/5/24، قرار منشور في بوابة مصر للقانون والقضاء على الموقع www.laweg.net تاريخ الزيارة 202/10/21 ساعة am10:00.
37- ينظر: قرار المحكمة الإدارية العليا رقم ( 218 قضاء موظفين / تمييز ) في 2015/5/7. اشاره اليه د. حنان محمد القيسي، مصدر سابق، ص258.
38- ينظر: قرار المحكمة الإدارية رقم (155/ قضاء موظفين / تمييز) في 2015/4/5، قرار منشور على موقع وزارة العدل على الرابط .www.mog.gov تاريخ الزيارة 2021/10/25 ساعة am9:00
39- د. شادية ابراهيم المحروقي، الاجراءات في الدعوى الادارية (دراسة مقارنة)، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2005، ص 364.
40- ميسون علي عبد الهادي، التنظيم القانوني للمحكمة الادارية العليا في العراق (دراسة مقارنة)، اطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق جامعة النهرين، 2015، ص 42
41- مدونة القضاء الإداري الفرنسي، مصدر سابق، ص 50 .
42- مدونة القضاء الإداري الفرنسي، المصدر نفسه، ص119.
43- ينظر: قرار المحكمة الادارية العليا رقم الطعن ( 2533 لسنة 35 ق ) في 2001/6/16. اشارة اليه د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة، ضوابط صحة اصدار الاحكام الادارية والطعن عليها، منشاة المعارف، الاسكندرية، 2016، ص 234.
44- ينظر: قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة رقم الطعن (386347 / انضباط / تمييز) بتاريخ 2010/6/17، اشار اليه د. مازن ليلو راضي، مصدر سابق، ص 285 - 286.
45- ينظر: قرار المحكمة الادارية العليا رقم الطعن (182) قضاء موظفين / تمييز بتاريخ 2017/1/5، مجموعة قرارات وفتاوى مجلس الدولة لعام 2017 ، دار الكتب والوثائق، بغداد 2018، ص 389-390.
|
|
حقن الذهب في العين.. تقنية جديدة للحفاظ على البصر ؟!
|
|
|
|
|
علي بابا تطلق نماذج "Qwen" الجديدة في أحدث اختراق صيني لمجال الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر
|
|
|
|
|
ضمن برنامج تأهيل المنتسبين الجدد قسم الشؤون الدينية يقدم محاضرات فقهية وعقائدية لنحو 130 منتسبًا
|
|
|