المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 9002 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



احكام المصدود والمحصور  
  
31   02:32 صباحاً   التاريخ: 2025-05-05
المؤلف : السيد حمزة بن علي بن زهرة الحلبي
الكتاب أو المصدر : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع (الغُنية)
الجزء والصفحة : ص 195-197
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الحج والعمرة / الصد والحصر* /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-10-2018 1567
التاريخ: 2024-06-26 1130
التاريخ: 17-12-2019 1380
التاريخ: 2025-03-29 227

من صد بعدو أو أحصر بمرض فلم يستطع النفوذ لأداء المناسك ، فإن كان قارنا أنفذ هديه ، وإن كان متمتعا أو مفردا أنفذ ما يبتاع به الهدي ، فإذا بلغ محله ، وهو يوم النحر ، فليحلق رأسه ، ويحل إن كان مصدودا بعدو من كل شي‌ء أحرم منه ، وإن كان محصورا بمرض تحلل من كل شي‌ء إلا النساء حتى يطوف طوافهن من قابل أو يطاف عنه ، والدليل على ذلك الإجماع الماضي ذكره وأيضا قوله تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (1) وذلك عام في المرض والعدو معا.

وليس لأحد أن يقول : الآية خاصة في الإحصار بالعدو ، لأنها نزلت بسبب صد المشركين عام الحديبية للنبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وللمسلمين عن البيت ، لأن الكلام إذا خرج على سبب لم يجز قصره عليه ، بل يجب حمله على عمومه ، وإدخال السبب فيه ، على ما بيناه فيما مضى من أصول الفقه ، ويؤيد ذلك في هذا الموضع ، أنه تعالى لو أراد الإحصار بالعدو خاصة ، لقال : (فإن حصرتم) لأنه اللفظ المختص بالعدو دون المرض ، ولم يقل (أُحْصِرْتُمْ) من الإحصار المشترك بينهما.

قال الكسائي والفراء وأبو عبيدة وثعلب وأكثر أهل اللغة : يقال : أحصره المرض لا غير ، وحصره العدو وأحصره أيضا ، وليس لأحد أن يقول : قوله تعالى في سياق الآية (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ) (2) دليل على أنه أراد الإحصار بالعدو ، ولأن الأمن قد يكون من المرض ، وهو أن يأمن زيادته ، على أن لفظ الإحصار إذا كان حقيقة في المرض والعدو ، كان قوله تعالى (فَإِذا أَمِنْتُمْ) راجعا إلى بعض ما يتناوله العموم ، وهذا لا يمتنع من دخول غير ما تعلق التخصيص في الخطاب.

ولا يجوز ذبح هدي الإحصار إلا بمحله من البيت أو منى مع الاختيار ، ومع الضرورة يجوز ذبحه بحيث هو ، بعد أن ينتظر به بلوغ محله ، وهو يوم النحر ، بدليل الإجماع المشار إليه ، وأيضا قوله تعالى (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) (3) ، ولا شبهة في أنه تعالى كلف ذلك مع التمكن منه ، فإذا فقد التمكن يسقط تكليفه ، ويحتج على من قال : بأن ذبحه لا يجوز إلا بالحرم ، بأن النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم ذبح هديه بالحديبية حين صده المشركون عن مكة وهذا مما قد اتفقوا على روايته.

وإذا لم يكن لمن ذكرنا حاله هدي ولا قدر على شرائه ، لم يجز له التحلل ، ويبقى الهدي في ذمته ، ويبقى محرما إلى أن يذبحه من قابل ، أو يذبح عنه ، ولم ينتقل إلى الإطعام ولا إلى الصوم ، بدليل الإجماع الماضي ذكره وأيضا قوله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ).(4) الآية ، والتقدير فإن أحصرتم وأردتم التحلل فما استيسر من الهدي ، ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ، فإذا بلغ فاحلقوا ، ولم يذكر لذلك بدلا ، ولو كان له بدل ، لذكره ، كما ذكر بدل نسك حلق الرأس من الأذى ، وبهذا نستدل على أن قوله : (فحلى حيث حبستني) لا يغني عن الهدي في التحلل ، وإنما ندب المكلف إلى هذا القول تعبدا.

ويجب على ما ذكرنا حاله القضاء إن كان حجا واجبا ، ولا قضاء عليه إن كان تطوعا ، والاستئجار على الحج عن الميت والمعضوب (5) جائز بدليل الإجماع المشار إليه ، وأيضا فالأصل جواز الإجارة في جميع الأشياء فمن منع من ذلك في بعضها فعليه الدليل ، ويعارض المخالف بما رووه من قوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم للذي سمعه يلبي عن شبرمة (6) : حج عن نفسك ثم عن شبرمة (7) وبخبر الخثعمية (8) لأنه دل على جواز النيابة.

ويستحق الأجير جميع الأجرة بأداء الحج ، بلا خلاف ممن أجاز الاستئجار ، وكذا حكمه عندنا إن مات بعد الإحرام ودخول الحرم بلا خلاف بين أصحابنا ، ويسقط الحج عن المحجوج عنه بدليل الإجماع المشار إليه ، ويحتج على المخالف بخبر الخثعمية لأن ظاهره يقتضي أنه يسقط بالنيابة ، كما يسقط أيضا الدين.

ومتى صد النائب عن النفوذ قبل دخول الحرم وجب عليه أن يرد ما بقي عنده من نفقة الطريق ، ويجب عليه أيضا قضاء الحج إذا أفسده ، وكفارة ما يجنبه فيه من ماله ، بدليل الإجماع الماضي ذكره ، ويجوز أن يكون النائب صرورة إذا كان غير مخاطب بالحج لعدم الاستطاعة ، فإذا كان مخاطبا بذلك لم تجز له النيابة حتى يؤدي ما عليه ، ويلزم النائب أن ينوي بكل منسك أداه نيابة عن فلان بن فلان طاعة لله وقربة إليه ، كل ذلك بدليل الإجماع المتكرر.

ومن فاته الحج بقي على إحرامه إلى انقضاء أيام التشريق ، ثم دخل مكة فطاف وسعى وجعل حجته عمرة ، ومن وكيد السنة قصد المدينة لزيارة النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم.

_______________

(1+2) البقرة : 196 .

(3+4) البقرة : 196.

(5) رجل معضوب : زمن لا حراك به كأن الزمانة عضبته ومنعته عن الحركة. المصباح المنير.
(6)
قال ابن الأثير في أسد الغابة : 2 ـ 384 : شبرمة غير منسوب ، له صحبة توفي في حياة رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم.
(7)
جامع الأصول : 4 ـ 197 و 199 أسد الغابة : 2 ـ 384 ، وسنن ابن ماجة : 2 ـ 969 برقم 2903.
(8)
لاحظ سنن البيهقي : 4 ـ 256 كتاب الصوم وص 328 كتاب الحج ، والتاج الجامع للأصول : 2 ـ 110 و 111 وتقدمت مصادر الخبر آنفا.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.