أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-03-2015
![]()
التاريخ: 8-3-2016
![]()
التاريخ: 14-10-2014
![]()
التاريخ: 14-10-2014
![]() |
كان أئمة المذاهب وكبار الفقهاء قد أخضعهم الحق حيثما توجهوا .. وعرفت منهم التحاشي عن الإفتاء مهما أفسح لهم المجال . إلا في مواقع ضرورة .. وقد رافقهم الورع والتقوى والحذر من الفتوى مهما أمكن .. ولا سيما الإمام أحمد بن حنبل ، كان يتورع عن الإفتاء ويحذر عن التقليد ويحبذ الرجوع الى نصوص الشريعة ، وهي ناصعة ، لائحة بيضاء .. من غير حاجة الى معين غير قيادة العلم النزيه (1) ..
هذا ، ومع ذلك نرى من اصحابه ومقلديه مبالغة ظاهرة ، في تشييد مذهبه الى حد التحميل القاسي ..(2)
وأحمد ، لم ينل مذهبه شهرة كغيره المذاهب ، وكانت خطى انتشاره قصيرة جداً ..
أما في بغداد فلم تكن له شهرة إلا بين طبقة عرفوا بالعنف والشدة في سيرتهم ، وتحاملهم على غيرهم من المذاهب (3) . وكان سبب عدم انتشار مذهبه – هو ابتعاده على معالم الاجتهاد – حسبما ذكره ابن خلدون ، قال : أما احمد فمقلده قليل لبعد مذهبه عن الاجتهاد ، وأصالته في معاضدة الرواية وللأخبار بعضها ببعض .. (4) .
وكانت الغلبة في بغداد للمذهب الشيعي (5) ، وقد قامت الحنابلة بدور صراع عنيف مع الشيعة ولكن لم يستطيعوا التغلب عليه .. وفي سنة 323هـ . عظم أمر الحنابلة وقويت شوكتهم وصاروا يكسبون دور القواد والعامة للتفتيش ، وقاموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حملة شعواء ومن غير هوادة ، فأرهجوا بغداد ، وأقلقوا بال الحكومة ، ومن فعلتهم الدنيئة أن استظهروا بالعميان الذين يأوون الى المساجد ، فإذا مر بهم شافعي المذهب أغروا به العميان . فيضربونه بعصيهم حتى يكاد يموت .
فخرج توقيع الخليفة الراضي بالله ، بما يقرأ على الحنابلة ينكر عليهم شنعتهم ويوبخهم على تحميل معتقداتهم في التشبيه وغيره . جاء فيه : " تارة إنكم تزعمون صورة وجوهكم القبيحة السمجة على مثال رب العالمين ، وهيأتكم الرذيلة على هيأته ، وتذكرون الكف والأصابع والرجلين والنعلين المذهبين والشعر القطط ، والصعود الى السماء ، والنزول الى الدنيا – تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً – ثم طعنكم على خيار الأمة ونسبتكم شيعة آل محمد (عليهم السلام) الى الكفر والضلال ، ثم استدعاؤكم المسلمين الى الدين بالبدع الظاهرة ، والمذاهب الفاجرة ، التي لا يشهد بها القرآن . وإنكاركم زيارة قبور الأئمة ، وتشنيعكم على زوارها بالابتداع ، وأنتم مع ذلك تجتمعون على زيارة قبر رجل من العوام ، ليس بذي شرف ولا نسب ولا سبب برسول الله ، وتأمرون بزيارة قبره والخشوع لدى تربية والتضرع عند حفرته ، وتدعون له معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء . فلعن الله شيطاناً حملكم على هذه المنكرات ما أرداه ، وزينها لكم ما أغراه ..(6)
وأمير المؤمنين (أي الراضي) يُقسم بالله قسماً جهداً إليه يلزمه الوفاء به ، لئن لم تنتهوا عن مذموم مذهبكم ، ومعوج طريقتكم ، ليوسعنكم ضرباً وتشريداً ، وقتلاً وتبديداً ، وليستعملن السيف في رقابكم ، والنار في منازلكم ومحالكم ... " (7) .
تلك كانت محنة الخلف عند افتقادهم وداعة السلف واستسلامهم لقيادة النفس الأمارة بالسوء ...
_________________________
1- كان يقول : كثرة التقليد عمى في البصيرة . وكان ينهى عن الكتابة عنه ويقول : لا تكتبوا عني ولا تقلدوني ولا تقلدوا فلاناً وفلاناً ، وخذوا من حيث أخذوا . وقال : من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال .. ومن ثم قال صاحب المنار : كان هذا الإمام متأخراً عن الأئمة الثلاثة . وكان قد رأى بوادر التزام التقليد ، وعلم أن مالكاً ندم قبل موته ... ولذلك لم يدون أحمد مذهباً ، وأن اصحابه هم جمعوا من اقواله وأجوبته ما صار مذهباً له .. (جلاء العينين للآلوسي ، ص105 ؛ أعلام الموقعين لابن القيم الجوزية ،ج2 ، ص181-182 ؛ مختصر المؤمل لأبي شامة ، ص31 ؛ الوحدة الإسلامية ، ص117 ؛ الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ،ج3 ، ص150 – 151) .
2- الأمر الذي نقاسيه حتى اليوم في أتباع السلفية الجافية ، وفي غلظة تأباها روح الشريعة السهلة السمحة ..
3- وقد عرفت ما أفجعوا بابن جرير الطبري ، ذلك العالم الكبير صاحب التفسير ، أوجعوا ضرباً وشتماً ، وتشريداً ، حسبما ذكرناه في ترجمته .
4- مقدمة ابن خلدون ، ص448.
5- راجع : أحسن التقاسيم لشمس الدين الشاري (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ، ج4 ، ص509) .
6- لعله الشيخ عبد القادر الجيلاني (491-561هـ) شيخ الحنابلة ، صاحب المقامات والكرامات . كان إمام زمانه وقطب عصره وشيخ الشيوخ بلا مدافع . ونقلت له كرامات وطار صيته في الآفاق .. وقبره ببغداد مزار معروف (الوافي بالوفيات ، ج19 ، ص27 ، رقم 7158).
7- الكامل لابن الأثير ، ج8 ، ص307-309 ، دار صادر ، بيروت ، و ج 6 ، ص248 ، دار الكتب العربي ، بيروت . وجاء التوقيع كملاً في تجارب الأمم لابن مسكويه ، ج5 ، ص414 – 415 ، تحقيق الدكتور أبو القاسم الإمامي ، دار مروش ، طهران ، 1998 م . وصححنا التوقيع على هذا الأخير ..
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|