أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-10-2014
2156
التاريخ: 22-3-2016
3401
التاريخ: 15-10-2014
2687
التاريخ: 20-09-2015
2333
|
قسم الاستاذ الذهبي ، الاسرائيليات تقسيمات ثلاثة :
1 ـ تقسيمها الى صحيح او ضعيف او موضوع .
2 ـ والى موافقتها لما في شريعتنا او مخالفتها او مسكوت عنها.
3 ـ والى ما يتعلق بالعقائد او بالأحكام او بالمواعظ والحوادث والعبر.
واخيرا حكم عليها بانها متداخلة ، يمكن ارجاع بعضها الى بعض ، كما يمكن ان ندخلها تحت الاقسام الثلاثة التالية : مقبول ، ومردود ، ومتردد فيه بين القبول والرد (1) .
فالأحسن تـقـسيمها ـ حسب تقسيم الدكتور ابي شهبة ـ الى موافق لما في شرعنا ، ومخالف ، ومسكوت عنه (2) .
وتقسيم آخر ايضا لعله اولى : اما منقول بالحكاية شفاها ـ وهو الاكثر المروي عن كعب الاحبار وابـن سلام وابن منبه وامثالهم ـ او موجود بالفعل في كتب العهدين الموجودة بأيدينا اليوم ، وهذا كأكثر ما ينقله ائمة الهدى ، ولاسيما الامام ابو الحسن الرضا(عليه السلام) احتجاجا على اهل الكتاب ، وليس اعتقادا بمضمونه .
ثـم ان الـمنقول شفاها او الموجود عينا اما موافق لشرعنا او مخالف او مسكوت عنه ولكل حكمه الخاص ، نوجزه فيما يلي :
امـا الـمـنـقولات الشفاهية ، حسبما يحكيه امثال كعب وابن سلام وغيرهما ، فجلها ان لم نقل كلها ، موضوع مختلق ، لا اساس له ، وانما مصدرها شائعات عامية اسطورية ، او اكاذيب افتعلها مثل كعب وابـن سلام ، او عبداللّه بن عمرو واضرابهم ، اذ لم نجد في المرويات عن هؤلاء ما يمكن الوثوق اليه فهي بمجموعتها مردودة عندنا ، حسبما تقتضيه قواعد النقد والتمحيص .
انـنا نسي الظن بأمثال هؤلاء ممن لم يخلصوا الولاء للإسلام ولم يمحضوا النصح للمسلمين ، كما لا نثق بـصحة معلوماتهم غير الصادرة عن تحقيق رصين ، سوى الاعتماد على الشائعات العامية المبتذلة ان لـم تكن مفتعلة اننا نجد في طيات كلامهم بعض الخبث واللؤم المتخذ تجاه موضع الاسلام القويم ، وربـمـا كـان حـقـدا عـلى ظهور الاسلام وغلبة المسلمين فحاولوا التشويه من سمعة الاسلام والتزعزع من عقائد المسلمين .
هذا هو الطابع العام الذي يتسم به وجه الاسرائيليات على وجه العموم .
قال الاستاذ احمد امين : واما كعب الاحبار او كعب بن ماتع اليهودي ، كان من اليمن ، وكان من اكبر من تسربت منهم اخبار اليهود الى المسلمين ، وكان كل تعاليمه ـ على ما وصل اليناـ شفوية ، وما نقل عنه يدل على علمه الواسع بالثقافة اليهودية واساطيرها.
قـال : ونـرى ان هـذا الـقـصص هو الذي ادخل على المسلمين كثيرا من اساطير الامم الاخرى كـاليهودية والنصرانية ، كما كان بابا دخل منه على الحديث كذب كثير ، وافسد التاريخ بما تسرب منه من حكاية وقائع وحوادث مزيفة ، اتعبت الناقد واضاعت معالم الحق (3) .
و هـكذا قال ابن خلدون فيما سبق من كلامه : فإنما يسالون اهل الكتاب قبلهم ، وهم اهل التوراة من الـيهود ومن تبع دينهم من النصارى واهل التوراة الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ، ولا يعرفون مـن ذلـك الا مـا تعرفه العامة من اهل الكتاب ، ومعظمهم من حمير الذين اخذوا بدين اليهودية ، فلما اسـلـمـوا بقوا على ما كان عندهم ، وهؤلاء مثل كعب الاحبار ووهب بن منبه وعبداللّه بن سلام وامثالهم ، فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم ، وهي اخبار موقوفة عليهم وتساهل المفسرون في مثل ذلك وملاوا كتب التفسير بهذه المنقولات ، واصلها ـ كما قلناـ عن اهل التوراة الذين يسكنون البادية ، ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه من ذلك (4) .
فـعـلـى مـا ذكره العلامة ابن خلدون تكون جل المنقولات عن هؤلاء الكتابيين ، لا وثوق بها ، حيث مـصـدرها الشياع القومي ، ولكل قوم اساطيرها المسطرة في تاريخ حياتها ، يحكونها وينقلونها يدا بـيـد ، وهذا التنقل حصل فيها التحريف والتبديل الكثير ، بما الحقها بالخرافات والاوهام ، وهؤلاء اصـحـاب الـقـوميات المختلفة ، دخلوا في الاسلام ومعهم ثقافاتهم وتاريخهم ، اتوا بها وبثوها بين المسلمين .
قال الاستاذ احمد امين : ان كثيرا من الشعوب المختلفة ذوات التواريخ دخلت في الاسلام ، فاخذوا يدخلون تاريخ اممهم ويبثونه بين المسلمين ، اما عصبية لقومهم او نحو ذلك فكثير من اليهود اسلموا ومـعـهم ما يعلمون من تاريخ اليهودية واخبار الحوادث ، حسبما روت التوراة وشروحها ، فاخذوا يـحـدثون المسلمين بها ، وهؤلاء ربطوها بتفسير القرآن احيانا ، وبتاريخ الامم الاخرى احيانا ان شـئت فأقرا مـا فـي الجز الاول من (تاريخ الطبري ) تجد منه الشي الكثير ، مثل ما اسند عن عبداللّه بن سلام ، انه تعالى بدا بالخلق يوم الاحد ، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة ، فخلق فيها آدم عـلـى عجل (5) ـ حسبما جاء في التوراة ـ وكثير من هذا النوع روي حول ما ورد في القرآن من قصص الانبياء .
كـذلـك كان للفرس تاريخ ، وكان لهم اساطير ، فلما اسلموا رووا تاريخهم ورووا اساطيرهم ، وكـذلـك فعل النصارى فكانت هذه الروايات والاساطير عن الامم المختلفة مبثوثة بين المسلمين ، ومصدرا من مصادر الحركة التاريخية عندهم (6) .
وعليه فنشطب على جميع ما ينقل عن اهل الكتاب فيما يمس تفسير القرآن او تاريخ الأنبياء اذا كان نـقـلا بالشفاه وليس مستندا الى نص كتاب قديم معتمد ، حيث مصدرها الشياع العام ، ولا اعتبار به اصلا وسنورد امثلة لإسرائيليات دخلت على الاسلام ، وكان مصدرها الشياع والاسطورية .
ولـعلك تقول : بعض ما نقل عن اهل الكتاب كان مصدره النقل من الكتاب ، اما يكتبونه منه او ينقلونه عـنـه ، كما في زاملتي عبداللّه بن عمرو بن العاص ، كان ينقل من كتب زعم العثور عليها في واقعة يرموك وكما في نسخة عمر بن الخطاب التي جابها الى النبى ، اكتتبها من كتب اليهود فيما حسب .
لـكـن لا يـذهب عليك ان لا وثوق بنقلهم ولو عن كتاب ، مادام الدس والتزوير شيمة يهودية جبلوا عـليها من قديم كانوا {يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} [البقرة : 79] اي من عند انفسهم {ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [البقرة : 79] كذبا وزورا {لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [البقرة : 79] .
وهـذا هو الذي فهمه ابن عباس منذ اول يومه فحذر الاخذ عنهم بتاتا ، قائلا : وقد حدثكم اللّه ان اهل الكتاب بدلوا ما كتب اللّه وغيروا بأيديهم الكتاب ، فقالوا هو من عند اللّه ليشتروا به ثمنا قليلا ، افلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسائلتهم (7) .
اما المراجعة الى كتب السلف وتواريخهم من يونان او فرس او الهند او اليهود او غيرهم ، فان ذلك شـي آخـر ، يـجـب العمل فيه وفق سنن النقد والتمحيص ، وعلى مناهج السبر والتحقيق ، حسب المتعارف المعهود.
امـا الـتـوراة ، فـفيها من الغث والسمين الشي الكثير ، وهو الكتاب الوحيد الذي احتوى على تاريخ الأنبياء وامـمهم فيما سلف ، مصحوبا بالأساطير والخرافات ، شان سائر كتب التاريخ القديمة والتوراة كتاب تاريخ ، قبل ان يكون كتابا سماويا ، وانما سميت بالتوراة ، لاحتوائها على تعاليم اليهود ، والـتي جاء بها موسى من شرائع وقعت موضع الدس والتحريف ، ومن ثم فالمراجعة اليها بحاجة الى نقد وتحقيق ، وليس اخذا براسه .
وفي العهد القديم جات تفاصيل الحوادث مما اوجز بها القرآن وطواها في سرد قضايا قصار ، اخذا بـمـواضـع عبرها دون بيان التفصيل ، فتجوز المراجعة الى تلكم التفاصيل لرفع بعض المبهمات في القضايا القرآنية ، ولكن على حذر تام وفق التفصيل التالي :
فـالموجود في كتب السلف ـ فيما يمس المسائل القرآنية ـ اما موافق مع شرعنا في اصول مبانيه وفي الفروع ، او مخالف او مسكوت عنه .
فالمخالف منبوذ لامحالة ، لان ما خالف شريعة اللّه فهو كذب باطل ، واما المسكوت عنه فالأخذ به وتركه سواء ، شأن سائر أحداث التاريخ .
واليك امثلة على ذلك :
1ـ امثلة على الموافقة :
أـ جاء في المزامير ، المزمور (37) عدد (10) :
(اما الودعاء فيرثون الارض ويتلذذون في كثرة السلامة ).
وفي عدد (22) : (لان المباركين منه يرثون الارض والملعونين منه يقطعون ).
وفي عدد (29) : (الصديقون يرثون الارض ويسكنونها الى الابد).
وجاء تصديق ذلك في القرآن ، في قوله تعالى ، في سورة الانبياء/105 : {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء : 105].
قوله : (مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) حيث البشارة في مزامير داود (الزبور) جات بعد مواعظ وتذكير.
ب ـ وجاء في سفر التثنية اصحاح (32) ع (3) وصية جامعة لنبي اللّه موسى (عليه السلام ) جاء فيها وصف الرب تعالى بالعدل والحكمة والعظمة ، على ما جاء به القرآن الكريم .
يقول فيها : (اني باسم الرب انادي ، اعطوا عظمة لإلهنا ، هو الصخر الكامل صنيعه (8) ، ان جميع سبله عدل ، اله امانة لا جور فيه ، صديق وعادل هو).
ج ـ وجاء في لاويين اصحاح (12) ع (4) شريعة الختان ، كما هو في الاسلام :
(وفي اليوم الثامن يختن لحم غرلته ) والغرلة : القلفة ، وهي جلدة عضو التناسل .
د ـ وفي سفر التثنية اصحاح (14) ع (8) جاء تحريم لحم الخنزير ، لانه نجس لا يجتر.
( والخنزير ، لانه يشق الظلف ، لكنه لا يجتر ، فهو نجس لكم ).
2ـ امثلة على المخالفة :
والامـثـلـة عـلى مخالفة ما جاء في التوراة الموجودة مع ما في القرآن فهي كثيرة جدا ، فضلا عن مخالفته للفطرة والعقل الرشيد ، على ما فصلناه في مباحثنا عن الاعجاز التشريعي للقرآن ، ومقارنة بعض ما جاء فيه ، مع ما في كتب العهدين (9) .
انك تجد في كتب العهدين مخالفات كثيرة مع شريعة العقل فضلا عن شريعة السماء ، فمثلا تجد فيها ما يتنافى ومقام عصمة الأنبياء ما يذهلك :
ففي سفر التكوين (اصحاح 19 ، ع130 ) : ان ابنتي لوط سقتا اباهما الخمر فاضطجعتا معه .
وفي (الملوك الاول ، اصحاح 11) : ان سليمان عبد اوثانا ، نزولا الى رغبة نسائه .
وفي (الخروج ، اصحاح 32 ، ع21 ـ 24) : ان هارون هو الذي صنع العجل وليس السامري .
كما تفرض التوراة عقوبة البهائم (الخروج ، اص 21 ، ع28 ).
ونجاسة من مس ميتا الى سبعة ايام (سفر العدد ، اصحاح 19 ، ع11 ـ 16).
وامثالها كثير.
3ـ امثلة على المسكوت عنه .
والامـثـلـة على المسكوت عنه في شرعنا على ما جاء في كتب السالفين ايضا كثيرة في كثير ، كان شانها شان سائر الاحداث التاريخية التي جات في الكتب القديمة .
ولعل الحديث الوارد : (لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم ) (10) ناظر الى هذا النوع من الـمـسـكوت عنه في شرعنا ، لا نعلم صدقه عن كذبه ، لانهم خلطوا الحق بالباطل فلو صد قناه فلعله الـبـاطـل ، او كـذبـناه فلعله الحق قال (صلى الله عليه واله وسلم ) : (فيخبروكم بحق فتكذبوا به ، او بباطل فتصدقوا به ) (11) .
وهكذا قال عبداللّه بن مسعود :
(لا تـسألـوا اهـل الـكتاب ، فانهم لن يهدوكم ـ اي لن يخلصوا لكم النصح ـ وقد اضلوا انفسهم ، فتكذبوا بحق او تصدقوا بباطل ) (12) .
وعـلـيه فيجب الحذر فيما لم نجد صدقه ولا كذبه في المأثور من شرعنا الاسلامي ويلزم اجرا قواعد النقد والتمحيص ـ التثبت ـ فيما وجدناه في كتب القوم من آثار واخبار.
هـذه قصة يوسف (عليه السلام ) جات مواضع عبرها في القرآن وترك الباقي ، وقد تعرض لتفاصيلها العهد القديم وهكذا سائر قصص الانبياء ، وفيها الغث والسمين .
_______________________
1- الإسرائيليات في التفسير والحديث ، ص47-54.
2- الإسرائيليات والموضوعات ، ص106- 114 .
3- فجر الإسلام ، ص160 – 161.
4- مقدمة ابن خلدون ، ص 439 -440.
5- تاريخ الطبري ، ج1 ، ص32 ، مطبعة استقامة مصر ، 1358 .
6- فجر الإسلام ، ص157 .
7- جامع البخاري ، ج3 ، ص237.
8- الصخر هنا : كناية عن الحجر الاساسي ، فيه القوة الصلابة .
9- التمهيد في علوم القرآن ، ج6 ، ص310-312.
10- جامع البخاري ، ج9 ، ص136.
11- مسند احمد ، ج3 ، ص387.
12- فتح الباري ، ج13، ص259.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
استمرار توافد مختلف الشخصيات والوفود لتهنئة الأمين العام للعتبة العباسية بمناسبة إعادة تعيينه
|
|
|