المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني  
  
5078   11:00 صباحاً   التاريخ: 6-4-2016
المؤلف : سلوان رشيد عنجو
الكتاب أو المصدر : القانون الدولي لحقوق الانسان ودساتير الدول
الجزء والصفحة : ص62-70
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

 ان هناك العديد من العوامل التي تدفع إلى الاعتراف بذاتية خاصة للقانون الدولي لحقوق الانسان الا انه على الرغم من ذلك نجد ان هناك عدداً كبيراً من الكتاب يذهبون إلى وجود علاقة قوية جدا لهذا القانون مع مجموعة من القواعد الدولية ذات الخصوصية القريبة من خصوصية قواعد هذا القانون ، وهي قواعد ما يعرف بالقانون الدولي الانساني ، ويصل الربط بين القانونين بالبعض إلى درجة اعتبار كل من القانونين يمثلان شيئا واحدا (قانون موحد) .  من المعروف ان للقانون الدولي لحقوق الانسان علاقة بغيره من القوانين سواء الداخلية منها او الدولية ، حاله في ذلك حال أي قانون (1).ولكن هذه العلاقة مع القوانين الاخرى تتخذ بعداً أخر ذا خصوصية وتداخل إلى حد تولد عنه خلاف فقهي بالنسبة للقانون الدولي الانساني، ومن استعراض هذه الاتجاهات الفقهية حول ذلك نستطيع ان نتعرف على حقيقة العلاقة بين القانونين ، وسوف نعرض لذلك فيما يأتي بعد اعطاء ايجاز تعريفي بالقانون الدولي الانساني .

التعريف بالقانون الدولي الانساني (2). :

يعرف القانون الدولي الانساني بانه (ذلك الفرع من فروع القانون الدولي العام الذي تطبق قواعده – العرفية والمكتوبة – في حالات النزاع المسلح والتي تهدف إلى حماية الانسان باعتباره أنساناً) (3). كما يعرف بانه (ذلك الجزء من قانون حقوق الانسان الذي يطبق في النزاعات الدولية المسلحة وفي حالات معينة يطبق في النزاعات والصراعات الداخلية أيضاً(4). أي ان المقصود بالقانون الدولي الانساني ، مجموعة القواعد الدولية الموضوعة بمقتضى معاهدات او اعراف والمخصصة بالتحديد لحل المشاكل ذات الصيغة الانسانية الناجمة بشكل مباشر عن المنازعات المسلحة الدولية او غير الدولية والتي تحّد ولاعتبارات انسانية من حق اطراف النزاع في اللجوء إلى ما يحتاجونه من اساليب او وسائل للقتال وتحمي الاشخاص والممتلكات التي تصاب بسبب النزاع (5). ويرجع ابتكار مصطلح ( القانون الدولي الانساني ) والذي تناولنا تعاريفه فيما تقدم، إلى القانوني المعروف ( Max Huber ) والذي شغل منصب رئاسة اللجنة الدولية للصليب الاحمر سابقا ولعدة سنوات ، ولم يلبث هذا المصطلح ان ظهر حتى تم تبنيه من قبل العديد من الفقهاء ، ويكاد يكون اليوم مصطلحاً رسمياً على الصعيد الدولي(6). ومن التعاريف أعلاه ومن غيرها نستطيع ان نستنتج ان القانون الدولي الانساني ، عبارة عن مجموعة من القواعد الدولية التي تستهدف حماية شيئين اساسيين الاول هو حماية شخص الانسان ، الغاية الاساسية لهذا القانون وغيره من القوانين وثانيا حماية الأعيان والممتلكات لهذا الانسان . ولكن أي انسان هو المعني بحماية هذا القانون ، واي من ممتلكات هذا الانسان هي التي يحميها هذا القانون ؟ هل ان كل الافراد مشمولون بعناية هذا القانون ، وهل ان كل الاعيان مشمولة بهذه الحماية ؟  في الحقيقة ان القانون الدولي الانساني يعنى بالانسان والاعيان في وقت الحرب ، والانسان المشمول بهذه العناية هو الانسان غير المشترك في الحرب والانسان الغير قادر على مواصلة الاشتراك في الحرب ، والمثال على الحالة الاولى المدنيون بشكل عام باستثناء الذين يشتركون في العمليات القتالية ، والمثال على الحالة الثانية الأسرى والجرحى (7). أما بالنسبة إلى الأعيان والممتلكات المشمولة بالحماية او ما تعرف  بالأعيان المدنية ، فهي كافة الأهداف التي لا تعتبر أهدافاً عسكرية بالمفهوم العسكري ، ويشترط بالأهداف العسكرية أن تكون لخدمة غرض عسكري وان تكون محمية عسكرياً(8). والقانون الدولي لحقوق الانسان والذي نعرفه اليوم كقانون دولي كان قد مر بعدة مراحل تطور إلى حين وصوله إلى وضعه الحالي حيث ان القانون الإنساني قديم قدم الإنسان نفسه وقد واجه القادة والمقاتلون مشكلة السلوك الإنساني باستمرار ، ومنذ ان بدا الإنسان يعرف القانون والتنظيم الاجتماعي بجميع أشكاله فان الاهتمام بموضوع سلوك المقاتلين اثناء الحرب شغل الفلاسفة والقادة والمشرعين . وقد تراوح سلوك المقاتلين منذ القدم وإلى ايامنا هذه وعلى اختلاف الحضارات بين القسوة إزاء العدو إلى ابعد حدودها والرفق بالضحايا مهما كانوا وان نظريات القانون الانساني كانت قد دخلت في النظريات الفلسفية والدينية الكبرى بصيغة افكار وقوانين شرف وقواعد للفروسية والسلوك ازاء المقاتلين والمدنيين والاعيان (9). والقانون الدولي الانساني بعد مراحل النشأة الاولى لا فكاره بدوره مر بعدة مراحل تطور على الصعيد الدولي ، ابتداء بوجود اعراف دولية تتضمن مبادئه وتطورا إلى وجود قواعد دولية اتفاقية تتضمن هذه المبادئ (10). وكانت الاتفاقية الاولى قد تمت المصادقة عليها عام 1864 بعد إعدادها من قبل اللجنة الدولية للصليب الاحمر والتي تأسست عام 1863 والتي تبنت مهمة الاعداد لما يعرف بالقانون الدولي الانساني ، وعلى الرغم من أن هذه الاتفاقية كانت تمثل نقلة مهمة في مجال هذا القانون ونقطة البداية للجزء الاتفاقي المكتوب فيه ، فان هذه الاتفاقية كان يشوبها الكثير من النقص الامر الذي دفع إلى تعديلها عدة مرات في الاعوام 1906 و 1929 اذ تم اعتماد اتفاقيات جنيف لتحسين مصير ضحايا الحرب . ومن جهة اخرى فان اتفاقيات لاهاي لسنة 1899 والتي تمت مراجعتها عام 1907 جعلت مبادئ جنيف مواكبة للحرب البحرية ، وبعد الحرب العالمية الثانية ونظراً للمآسي الكبيرة التي لحقت ببني البشر من عسكريين ومدنيين من جراء تلك الحرب ، تم في عام 1949 إبرام اتفاقية جنيف الرابعة وهدفها تحديد وضع السكان المدنيين زمن الحرب ، وفضلاً عن ما تقدم فقد كان هناك ضرورة كبيرة لتحسين اوضاع الاتفاقيات السابقة فأقرت الاتفاقية الاولى المتعلقة بحماية الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان ، والاتفاقية الثانية المتعلقة بالجرحى والمرضى والغرقى للقوات البحرية ، والاتفاقية الثالثة الخاصة باسرى الحرب ولكن وبعد إبرام تلك الاتفاقيات لوحظ استمرار الماسي الانسانية بسبب الحروب التي نشبت بعد عام 1949 لذلك تم البحث عن حلول جديدة لتفادي هذه الماسي وتمخض عن ذلك ايجاد البروتوكولين ( الاول والثاني ) لعام 1977 ، كإضافة لاتفاقيات جنيف لعام 1949 ، حيث جاء البروتوكول الاول كتدعيم للمبادئ الانسانية التي جاءت بها اتفاقيات جنيف وخاصة للمفقودين والجرحى والمرضى . اما الثاني فقد حدد ودعم الحماية الدولية لضحايا النزاعات غير الدولية . ومنذ نشأة القانون الدولي الانساني وإلى اليوم نلاحظ ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر كانت ولا تزال تلعب الدور الأساسي في الإعداد لهذا القانون فضلاً عن دورها في تفعيل مبادئ هذا القانون (11).حيث ان جهودها هي التي أفضت إلى إبرام الاتفاقية الاولى النواة لهذا القانون وبقية الاتفاقيات وهي مستمرة في هذا العمل لتطوير هذا القانون الذي اخذ يتطور ويكتسب اهمية كبيرة في نطاق العلاقات الدولية بشكل عام وفي الجانب الانساني منها بشكل خاص (12).

العلاقة بين القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني :

تتمحور العلاقة بين القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني في العديد من نقاط الالتقاء والاختلاف وهذه النقاط هي التي افضت إلى انقسام الاراء حول هذه العلاقة إلى من يرى ان القانونين يمثلان قانونين مستقلين احدهما عن الاخر وان كان هناك علاقة كبيرة بين القانونين من حيث الهدف والغاية ، ومن حيث الاصول الفلسفية والتاريخية لنشأتهما وغير ذلك من خيوط العلاقة التي تعني بالنهاية انها وان كانا قانونين مستقلين احدهما عن الاخر الا انهما يكمل احدهما الاخر في سبيل الوصول إلى ذات الغاية المنشودة من وجودهما (13). اما من يذهب إلى كون القانون الدولي لحقوق الانسان هو جزء من القانون الدولي الانساني ، فانه يستند إلى كون القانون الاخير اقدم في الوجود من القانون الاول وان مرحلة التطور التي قد وصل اليها على الصعيد الدولي هي اكثر تقدما من الاول ويرى بان القانون الدولي الانساني يتكون من قانون الحرب وقانون حقوق الانسان (14). اما من يذهب إلى كون القانون الدولي لحقوق الانسان يحتوي في حقيقته القانون الدولي الانساني ، فانه يستند على كون القانون الاول اعم من حيث الافكار الفلسفية واشمل من حيث نطاق التطبيق حيث يشمل تطبيقه كل بني البشر سواء كانوا مدنيين ام عسكريين وسواء كان ذلك وقت الحرب او في وقت السلم(15). وللتعرف على حقيقة العلاقة بين هذين القانونين وترجيح احد الاتجاهات سابقة الذكر . لابد من استعراض اهم نقاط الالتقاء والاختلاف بين القانونين .  يلتقي القانون الدولي لحقوق الانسان مع القانون الدولي الانساني في العديد من نقاط الالتقاء والتي ياتي على راسها كون ان الهدف الاساسي لكل من القانونين يتمثل في حماية الانسان ، أي ان الشعور بالمسؤولية تجاه هذا الانسان لكونه إنساناً وليس لاي غرض اخر هو الذي دفع إلى وجود كل من القانونين ، اما من حيث نطاق وجود وعمل كل من القانونين فهو نطاق وحيز مشترك حيث يوجد كل من القانونين ويفعلان في نطاق دولي ، أي أن كلاً من القانونين يشتركان في الاتصاف بكونهما قانونين لهما طبيعة دولية ، ولكنهما يسعيان لحماية الانسان من هذا النطاق الدولي . وان اتصاف القانون بهذه الصيغة يتولد عنه بشكل عام اتصافهما بذات الصفات الايجابية والسلبية التي يتصف بها القانون الدولي العام . ومن ناحية القبول والجانب المعنوي لقواعد القانونين نجد أن كلاً من القانونين يحضى بقبول من قبل الضمير الانساني وقد لا يجرؤ أحد على رفض مبادئ القانونين او بأقل تقدير الإفصاح عن ذلك ، حيث ان مبادئ القانونين يشتركان في اتصافهما بكونهما نابعين من الضمير الإنساني ومن اعتبارات العدالة والإنصاف والاخلاق والتي تم تعزيزها بشكل كبير عند تناولها بموجب شرائع الاديان السماوية .  وعلى الرغم من نقاط الالتقاء الأساسية بين القانونين الا انه ووفقاً لاعتبارات قانونية وعملية نجد ان هناك نقاط اختلاف عديدة قائمة بين القانونين وتتمثل هذه النقاط في كون ان هناك اختلافاً في العلاقة التي يتم تنظيمها ، حيث ان القانون الدولي لحقوق الانسان ينظم العلاقة القائمة بين الدولة ورعاياها في حين ان القانون الدولي الانساني ينظم العلاقة بين الدول والافراد من رعايا دولة العدو . ومن ناحية اخرى فان سريان القانونين يختلفان من حيث ان القانون الدولي لحقوق الانسان يسري وقت السلم في حين ان القانون الاخر يسري وقت الحرب او النزاعات المسلحة لذلك نجد ان هناك من يقسم حقوق الانسان على اساس السريان الزماني وذلك على اساس وجود حقوق انسان تطبق وقت السلم واخرى تطبق وقت الحرب (16). واضافة إلى ما تقدم نجد ان التعامل الدولي سواء الفقهي او الرسمي جرى على ان يميز بين كل من القانونين وقد كان ذلك نابعا من استقلالية احدهما عن الاخر من حيث مصدر القواعد ، حيث نجد ان المصدر الاساسي لقواعد القانون الدولي الانساني تمثل في اتفاقيات جنيف لعام 1949 في حين نجد ان مصادر القانون الاخر تمثلت في تلك الاتفاقيات التي ابرمت في اطار الامم المتحدة واخرى في النطاق الدولي الإقليمي واضافة إلى ذلك نجد ان التمييز بين القانونين يظهر من ناحية الجهة الداعمة للقانون والمشرفة على تطبيقه ، حيث نجد ان الامم المتحدة كانت وما زالت تلعب الدور الاساسي في ايجاد القانون الدولي لحقوق الانسان ، في حين ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر هي المنظمة الدولية التي اسهمت وتسهم في اعداد القانون الدولي الانساني وتشرف على تطبيقه . نستنتج مما تقدم ان هناك العديد من نقاط الالتقاء والاختلاف بين كل من القانونين ، الامر الذي يعني ان هناك علاقة قائمة بين قانونين مستقلين متداخلين احدهما مع الاخر في العديد من الجوانب ضمن اطار وحدة الهدف والغاية وطبيعة القواعد واليات التطبيق وما يترتب على هذا الاستنتاج ان هناك قانونين بدا كل منهما بالظهور في وقت معين فالقانون الدولي الإنساني اقدم من حيث الظهور على الصعيد الدولي سواء فيما يتعلق بتلك الاعراف الاولى التي ظهر بها او بظهوره الواضح بعد ابرام اتفاقيات جنيف الاولى وان قدم القانون الدولي الانساني ليس قدما على صعيد القوانين الدولية التي تعنى بالانسان لا بل ان هذا القانون قديم على صعيد القوانين الدولية بشكل عام حيث تعد قواعده من بين اقدم القواعد الدولية (17). اما القانون الدولي لحقوق الانسان فهو قانون حديث نسبيا ظهرت بوادره الاولى بعد تأسيس الامم المتحدة ولكن بظهور القانون الدولي لحقوق الانسان وان كان حديثا نسبيا وتشويه الكثير من مشاكل التطبيق فان نظرة معمقة إلى هذا القانون تدلنا على انه وبحسب طبيعته وما جاء به من مبادئ عامة لكل بني البشر على اختلاف الزمان والمكان فهو قانون قابل لان يكون القانون الاساس او الاصل او الاشمل لكل القواعد الدولية التي تهم الانسان ووجدت لخدمته بشكل مباشر وتتبين صحة هذا الافتراض ابتداءً من الصلة التاريخية القائمة بين القانونين ووصولا إلى التطورات الحاصلة في كل من القانونين إلى ايامنا هذه . حيث ان كل من القانونين مأخوذ من ذات المنبع والأصول الفكرية والفلسفية التي تهدف إلى حماية الانسان والإعلاء من شأنه وضمان تمتعه بحقوقه . اما من حيث التطور فان ثمة كثيراً من نقاط التطور التي حصلت على الصعيد الدولي والتي تعكس تنامي العلاقة بين القانونين إلى حد التداخل وصيرورة احدهما جزءا في الاخر ، ومن اهم هذه النقاط ان هناك العديد من الاتفاقيات الدولية التي تعد من مصادر القانون الدولي لحقوق الانسان تنص على الإحالة إلى القانون الدولي الانساني وذلك فيما يخص بعض النصوص الواردة في الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان والخاصة بامكانية التنصل من بنود الاتفاقية في حالات الطوارئ التي غالبا ما تعلن عند حدوث النزاعات المسلحة سواء الدولية او الداخلية ، ومن هذه النصوص نص المادة (15) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والمادة (27) من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان ، والتي تتضمن انه عند إعلان حالة الطوارئ يجوز للدولة التنصل عن تطبيق احكام الاتفاقية ولكن ذلك وفي أي حال يجب ان لا يخالف باقي الالتزامات الدولية الانسانية المتعلقة بمثل هذه الحالات ومن المعروف ان اهم هذه الالتزامات في وقت النزاعات المسلحة تلك الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي الانساني (18).    اما على صعيد العمل الدولي فنجد وفي العديد من المناسبات اشارات صريحة او ضمنية للتداخل بين القانونين والسير إلى اعتبارها قانونا واحدا ومن ذلك عندما اعلن المؤتمر الدولي لحقوق الانسان المنعقد في طهران عام 1968 ( ان السلم هو الشرط الاول لاحترام حقوق الانسان احتراما كاملا ، وان الحرب تعد انكارا لهذه الحقوق ) كما اكد صراحة على ان ( المبادئ الانسانية يجب ان ترجح وتكون لها الغلبة حتى في فترة النزاع المسلح ) (19). وبذلك اشارة واضحة إلى ان قواعد القانون الدولي لحقوق الانسان يراد لها ان تمتد في تطبيقها إلى فترة الحرب والنزاعات المسلحة إلى جانب سريانها في فترة السلم . واستمر العمل الدولي في هذا الاتجاه وذلك بقيام الامم المتحدة بالاهتمام بحقوق الانسان في وقت الحرب والنزاعات المسلحة بشكل عام في حين انها كانت في البداية تعنى بحقوق الانسان في زمن السلم فحسب واتضح ذلك في العديد من التقارير السنوية للامين العام وبيانات الجمعية العامة وقراراتها اضافة إلى قرارات مجلس الامن، وعلى سبيل المثال قرار الجمعية العامة ذي الرقم (2444) لعام 1968 والذي اكد فيه على احترام حقوق الانسان في وقت النزاعات المسلحة وكذلك التقرير السنوي للامين العام للامم المتحدة لعام 1968 وبالنسبة لقرارات مجلس الامن فقد تضمنت سلسلة القرارات التي اصدرها هذا المجلس عام 1992 بشان النزاع في يوغسلافيا الكثير من النصوص بشان احترام حقوق الانسان في النزاعات المسلحة . وجانب اخر للعمل الدولي في مجال حقوق الانسان يفيد بالتداخل بين القانونين والاتجاه نحو تعميم القانون الدولي لحقوق الانسان في زمن الحرب والسلم ، وقد اتضح ذلك في نصوص اتفاقية اوتاوا لسنة 1997 والتي تضم إلى سلسلة اتفاقيات حقوق الانسان والتي اختصت بحظر استعمال الألغام المضادة للاشخاص وتخزينها وانتاجها ونقلها وتدميرها ، حيث ان هذه الاتفاقية استندت في مبادئها ونصوصها على القواعد العرفية في القانون الدولي الانساني والتي تحرم استخدام الاسلحة التي لا تميز بطبيعتها بين المدنيين والمقاتلين والتي تسبب معاناة لا مبرر لها وانتهاكا للحقوق الانسانية في الحياة والسلامة والامان(20). وخلاصة القول انه يمكن ان نعتبر ان القانون الدولي لحقوق الانسان بمثابة القانون العام او الاصل للقواعد الدولية التي تحمي الانسان وان القانون الدولي الانساني هو فرع منه ، وهو ذلك الفرع الذي يحمي حقوق الانسان في زمن النزاعات المسلحة ، وهو القانون الذي يحتوي على التفاصيل الخاصة بهذه الحماية في حين ان القانون الاصل لم ينص الا على المبادئ العامة ، وان الواقع العملي للمجتمع الدولي المنظم ينسجم مع هذا القول من حيث المنظمة الدولية الراعية للقانون الاصل الا وهي الامم المتحدة ، وهي المنظمة الاكبر والاهم والاعم والتي تتفق طبيعتها واختصاصاتها وامكاناتها مع ما يحتاج اليه الانسان من حماية تتفق مع طبيعة حقوقه كانسان ، حيث انها حقوق لكل البشر بدون تمييز وفي جميع الاوقات حيث ان هذه الحقوق واحدة وبخاصة الاساسية منها سواء في وقت السلم او الحرب وفي كل بقاع العالم . واذا كان هناك تشكيك فيما تقدم وذلك على اعتبار ان القانون الدولي الانساني لايزال يمارس على انه قانون مستقل فان هذا الامر قد يكون مقصودا نظراً إلى عدم تبلور قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان كقانون عام ووصولاً إلى حد من الالزامية والنجاح في التطبيق على العكس من الكثير من قواعد القانون الدولي الإنساني . وهذا يعني انه لو تم اعتبار القانونين في ذات المكانة اليوم فان هذا يعني التراجع في المستوى المتحقق في القانون الدولي الانساني من المستوى المتقدم الذي هو فيه إلى المستوى غير المرضي الذي عليه القانون الدولي لحقوق الإنسان حالياً . لذلك يقتضي الامر حاليا الانتظار كما كان عليه الحال في الفترة الاولى لكل الاتفاقيات الدولية الانسانية .  

___________________

[1]- حول علاقة القانون الدولي لحقوق الانسان بفروع القانون الاخرى انظر : د. جعفر عبد السلام ، مصدر سابق ، ص 70 .

2- نظراً إلى كثرة مفردات القانون الدولي الانساني ولضخامتها سوف نوجز التعريف بهذا القانون بالقدر اللازم لخدمة البحث ونحيل إلى المصادر المعروفة في هذا الجانب للاطلاع على المزيد .

3- د. عبد الكريم علوان ، الوسيط في القانون الدولي العام – حقوق الانسان ، دار الثقافة للنشر ، عمان ، 2004 ، ص 229.

4- د. محمد مصباح عيسى ، مصدر سابق ، ص 227 .

5- د. فيصل شطناوي ، مصدر سابق ، ص 190.

6- د. زيدان مريبوط ، مدخل إلى القانون الدولي الانساني ، المجلد الثاني لحقوق الانساني ، دار العلم للملايين ، بيروت 1988 ، ص 100.

7- انظر : المادة (50 ) من بروتوكول جنيف الاول لعام 1977 .

8- انظر : المادة ( 52 ) من بروتوكول جنيف الاول لعام 1977.

9- د. زيدان مريبوط ، مصدر سابق ، ص 100

0[1]- للمزيد حول تاريخ القانون الدولي الإنساني انظر : د. محمد عزيز شكري ، تاريخ القانون الدولي الانساني وطبيعته ، ضمن كتاب ، دراسات في القانون الدولي الانساني ، تقديم : د. مفيد شهاب ، دار المستقبل العربي ، ط1 ، بيروت ، 2000 ، ص 11.

1[1]- للمزيد حول اللجنة الدولية للصليب الاحمر : راجع موقع اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي على الانترنت على الموقع www.ICRC.ORG

2[1]- للمزيد حول القانون الدولي الانساني انظر :

- E.David , Principes de Droitdes Confilits Armes , Bruylant , Bruxelles , 1994 ;

- Patricig Buriette , le Droit International  Humanitaire , Paris , la Decourerte ,1996. 

3[1]- للمزيد حول هذا الاتجاه انظر : د. فيصل شطناوي ، مصدر سابق ، ص 195 .

4[1]- للمزيد حول هذا الاتجاه انظر : د. عبد الكريم علوان ، مصدر سابق ، ص 227.

5[1]- للمزيد حول هذا الاتجاه انظر : د. محمد مصباح عيسى ، مصدر سابق ، ص 199.

6[1]- انظر على سبيل المثال : تقسيم الدكتور عبد الكريم علوان ، مصدر سابق ، ص ص 11 و 225 .

7[1]- انظر : د. امحمد مصباح عيسى ، مصدر سابق ، ص 254.

8[1]- للمزيد انظر : المصدر نفسه ، ص 203 ؛ و د. فيصل شطناوي ، مصدر سابق، ص 199.

9[1]- د. فيصل شطناوي ، مصدر سابق ، ص 198. 

20- للمزيد حول العلاقة بين القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني انظر :

Sane as bard , The Interrelation Ship Between Human Tarian – Laws and the Law of Human Rights , Revuedre Droits Penel Iditaire et de Droit de la Guerre Sumer 1970.

وكذلك : د. محمد نور فرحات ، تاريخ القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان ، (جوانب الوحدة والتميز) ، ضمن كتاب دراسات في القانون الدولي الانساني ، مصدر سابق ، ص83.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .