لا تستطيع عملية التنشئة الاجتماعية أن تحقق أهدافها من دون اللغة , فالكلمات تشير إلى أشياء في مواقف معينة , وتحمل معاني تلك الاشياء في تلك المواقف، وعن طريقها يتمكن الانسان من تحديد سلوكه مسبقاً بالنسبة لمواقف مستقبلية , وهذا هو أساس عملية التفكير . إنها سلوك لفظي يرتبط بمواقف واقعية , وباستعمالها يستطيع الكبار أن ينقلوا إلى الصغار معاني المواقف المختلفة .

وتصبح اللغة ذات أهمية كبرى , وأثر كبير في توجيه الطفل , وفي عملية التنشئة الاجتماعية (أي أن الكبار يستطيعون باستعمال الفاظ لها دلالات أو معاني  خاصة من خبرات سابقة، تكوين اتجاهات سلوكية عند الطفل وذلك بالنسبة إلى مواقف لم يخبرها الطفل)(1) .

إنها أداة الإنسان للتعبير عن مشاعره , وحاجته وضروب السلوك المختلفة , وهي ذات طبيعة اجتماعية , فلولا اجتماع الناس وتبادلهم الحوار بلغة مشتركة لماتت هذه اللغة . وكلما تمكن الفرد من استخدام اللغة استخداماً جيداً , كان أقدر على النجاح في إقامة علاقات اجتماعية تتسم بالعمق , وهي وسيلة تنفيسية تظهر بجلاء في الشعر والقصة وغيرها من أنماط الأدب الإنساني(2) .

إن اللغة لها علاقة متينة بالنمو الاجتماعي للأطفال , فنمو الطفل اجتماعياً , يتأثر بنموه اللغوي  فهو لا يعبر عن أفكاره ومشاعره وأحاسيسه بواسطة اللغة , بل يفهم أفكار وأحاسيس ورغبات الآخرين , ويؤثر فيهم , إنها تنمي إدراكه الاجتماعي , وتساعده على فهم واستيعاب نواح معقدة ومجردة .

واللغة في مراحل الطفولة المبكرة , أي إلى سن الخامسة أو السادسة , لا تكون وسيلة لإقامة علاقات مع الآخرين , ولكن النشاط المشترك يثير اهتمامات مشتركة , مما يحتمل أن يحدث اتصالاً اجتماعياً. وتصبح اللغة أفضل وسيلة للاتصال الاجتماعي , وتكوين علاقات اجتماعية في السنوات الأخيرة من مرحلة الطفولة , ولكنها مع ذلك تبقى من أهم وسائل الربط الاجتماعي في مرحلة ما قبل المدرسة .

____________

1ـ محمود حسن , الاسرة ومشكلاتها , طبعة أولى , دار النهضة العربية للطباعة والنشر , بيروت , 1981 , 447 .

2ـ ميخائيل معوض , مرجع سابق , ص51 .