ولتوكيد الفعل بالنون – ثقيلة بالأساليب الانشائية، ولذا نجدها لا يؤكد بها الفعل الماضي لفظا ومعنى، لأنها تخلص الفعل للاستقبال، وهذا ينافي المضى.

ومما سمع من توكيد الماضي قوله عليه الصلاة والسلام : (فاما ادركن احد منكم الدجال). وقول الشاعر :

دامن سعدك ان رحمت متيما        لولاك لم يك للصبابة جانحا ⁽¹⁾

 فهذا فعلان ماضيان في اللفظ، ومعناهما مستقبل، فلذا صح توكيدهما.

ونحن نجد ان نوني التوكيد كثيرا ما تلحقان ضروبا شتى من الافعال الانشائية او الافعال التي لها علاقة بالإنشاء.

 1- فعل الامر، سواء اكان دالا على الطلب، نحو : قومن، او على الدعاء نحو :

** فانزلن سكينة علينا ⁽²⁾**

وهذا تأكيده جائز.

 2- المضارع الواقع في جواب القسم غير مفصول من لامه بفاصل، وبشرط ان يكون مثبتا مستقبلا، نحو : (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ) ⁽³⁾.

ص172

وهذا توكيده بإحدى النونين واجب.

 3- المضارع الواقع بعد اداة طلب :

أ- للأمر، نحو : لتقومن، وليذهبن.

ب- او النهى ، نحو : (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) ⁽⁴⁾

جـ - او الدعاء كقول خرنق :

لا يبعدن قومي الذين هم         سم العداة وآفة الجزر

د- او العرض، كقوله يخاطب امراة :

هلا تمنن بوعد غير مخلفة         كما عهدك في ايام ذي سلم ⁽⁵⁾

 قال صاحب التصريح : اكد تمنن بكسر النون الاولى بعد حرف العرض. واصله تمنينن، حذف نون الرفع مع الخفيفة حملا على حذفها مع الثقيلة لتوالي النونات، وحذف الياء لالتقاء السكانين.

هـ- او التمني، نحو :

فليتك يوم الملتقى ترينني        لكي تعلمي اني امرؤ بك هائم⁽⁶⁾

 و- او الاستفهام ، كقوله :

** افبعد كندة تمدحن قبيلا ⁽⁷⁾**

وهذه الضروب من الافعال يكثر فيها التوكيد.

 واذا استقرانا باقي انواع الافعال، من حيث التوكيد بالنونين، وجدنا جميع الاساليب الانشائية خاضعة لنظام التوكيد بالنونين، بين الوجوب، والجواز، والكثرة.

ص173

ولا ذلك الاساليب الخبرية التي يقل فيها ذلك التوكيد، او يمتنع.

 المراجع :

سيبويه 2 : 149-154 ابن يعيش 9 : 37-45 الرضى 2 : 374-378 الانصاف 381-390 ابن عقيل 2 : 241- 240 التصريح 2 : 203-209 الاشموني والصبان 3 : 212 – 216 الهمع 2 : 78-79.

ص174

__________________________________________

(1) أورده العيني في 4: 341 وفي شواهد (الكلام). وكذا السيوطي في شواهد المغني 258.

(2) من رجز لعامر بن الأكوع في السيرة 756 جوتنجن.

(3) الآية 57 من سورة الأنبياء.

(4) الآية 42 من سورة ابراهيم.

(5) اورده العيني في 4 : 322 ولم يعرف قائله.

(6) وكذا اورده العيني في 4 : 323 ولم يعرف قائله.

(7) اورده العيني 4 : 340 ولم يعرف تتمته ولا قائله، وكذا صاحب الخزانة 4 : 558 والتصريح 2 : 204 والهمع 2 : 78. ونسب في بعض نسخ سيبويه الى مقنع. وقد نبه الشنقيطي في حواشي الخزانة انه لامرئ القيس. وقد وجدته كذلك في ديوان امرئ القيس 358. وصدره في الديوان :      

* قال فطيمة حل شعرك مدحه *