أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-1-2022
1964
التاريخ: 18-8-2016
2098
التاريخ: 2023-03-27
1814
التاريخ: 29-11-2021
2100
|
الشكر هو عرفان النعمة من المنعم و الفرح به و العمل بموجب الفرح باضمار الخير و التحميد للّه و استعمال النعمة في طاعته.
أما المعرفة فبأن يعرف ان النعم كلها من اللّه تعالى و أنه هو المنعم و الوسايط مسخرون من جهته ، و إنما الذي أنعم عليك هو الذي سخرهم لك و ألقى في قلوبهم من الاعتقادات و الارادات ما صاروا به مضطرين إلى الايصال إليك فمن عرف ذلك فكانت معرفته شكر اللّه و هذا هو الشكر بالقلب.
وأما الفرح بالمنعم مع هيئة الخضوع و التواضع فهو أيضا في نفسه شكر على حدة كما أن المعرفة شكر ، فان كان فرحك بالنّعم خاصة لا بالنعمة و لا بالانعام و من حيث إنّه تقدر بها على التوصّل إلى القرب منه و النّزول في جواره فهو الرّتبة العليا في الشكر ، و أمارته أن لا تفرح بالدّنيا إلا بما هو مزرعة الآخرة و معينة عليها ، و تحزن بكل نعمة تلهيك عن ذكر اللّه و تصدك عن سبيله ، و هذا أيضا شكر بالقلب.
أمّا العمل بموجب الفرح الحاصل من معرفة المنعم ، فهو القيام بما هو مقصود المنعم و محبوبه ويتعلّق بالقلب و اللسان و الجوارح أما بالقلب فقصد الخير و إضماره لكافة الخلق و أما باللسان فاظهار الشكر للّه بالتحميد الدال عليه و أما بالجوارح فاستعمال نعم اللّه في طاعته والتوقي بالاستعانة بها على معصيته حتّى أن من شكر العينين أن تستر كلّ عيب تراه بمسلم ، و من شكر الاذنين أن تستر كلّ عيب تسمعه لمسلم ، فيدخل هذا و أمثاله في جملة شكر نعمة هذه الأعضاء.
قول نتول : و من كفر نعمة العين فقد كفر نعمة الشّمس أيضا إذ الابصار إنما يتم بهما و إنما خلقتا ليصبر بهما ما ينفعه في دينه و دنياه و يتقي بهما ما يضرّه فيهما ، بل نقول : المراد من خلق الأرض و السّماء و خلق الدّنيا و أسبابها أن يستعين الخلق بها على الوصول إلى اللّه ، و لا وصول إليه إلا بمحبته و الانس به في الدنيا و التجافي(1) , عن غرور الدّنيا ، و لا انس الا بدوام الذّكر ، و لا محبة الا بالمعرفة الحاصلة بدوام الفكر ، و لا يمكن الدّوام على الذكر و الفكر إلا ببقاء البدن ، و لا يبقى البدن إلا بالأرض و الماء و الهواء ، و لا يتم ذلك إلا بخلق الأرض و السّماء و خلق ساير الأعضاء ، و كل ذلك لاجل البدن و البدن مطية النّفس و الرّاجع إلى اللّه هي المطمئنة بطول العبادة و المعرفة.
فكلّ من استعمل شيئا في غير طاعة اللّه فقد كفر نعمة اللّه في جميع الأسباب التي لا بدّ منها لاقدامه على تلك المعصية قال اللّه تعالى : {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ : 13] , و قال عزّ وجلّ : {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ } [النساء : 147].
وعن الصادق (عليه السلام) قال : قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله) : «الطاعم الشاكر له من الأجر كأجر الصّايم المحتسب ، و المعافى الشاكر له من الأحر كأجر المبتلي الصابر ، و المعطى الشاكر له من الأجر كأجر المحروم القانع»(2).
وعنه (عليه السلام) قال : «من اعطي الشكر اعطى الزيادة»(3) , قال اللّه تعالى : {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم : 7] , و عنه (عليه السلام) قال : «ما أنعم اللّه على عبد من نعمة فعرفها بقلبه و حمد اللّه ظاهرا بلسانه فتم كلامه حتّى يؤمر له بالمزيد»(4).
وعن الباقر (عليه السلام) قال: «كان رسول اللّه (صلى الله عليه واله) عند عايشة ليلتها فقالت : يا رسول اللّه لم تتعب نفسك و قد غفر اللّه لك ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر؟ , فقال (صلى الله عليه واله): يا عايشة ألا أكون عبدا شكورا قال : و كان رسول اللّه (صلى الله عليه واله) يقوم على أصابع رجليه فانزل اللّه سبحانه {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه : 1، 2].
و عن الصّادق (عليه السلام) : «شكر النّعم اجتناب المحارم و تمام الشّكر قول الرّجل الحمد للّه ربّ العالمين»(5).
و سئل (عليه السلام): «هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ , قال : نعم , قيل: ما هو؟ , قال: يحمد اللّه على كلّ نعمة عليه في أهل و مال و إن كان فيما أنعم عليه في مال حق أداه و منه قوله سبحانه: { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف : 13] , و منه قوله : {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون : 29] , و قوله : {رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا } [الإسراء : 80](6).
و عنه (عليه السلام) قال: كان رسول اللّه (صلى الله عليه واله) «إذا ورد عليه أمر يسرّه قال : الحمد للّه على هذه النعمة ، و إذا ورد عليه أمر يغتم به قال : الحمد للّه على كل حال»(7).
و عن الباقر (عليه السلام) قال : «إذا ذكر أحدكم نعمة اللّه فليضع خدّه على التّراب شكرا للّه فان كان راكبا فلينزل و ليضع خدّه على التراب ، و إن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خدّه على قربوسه ، فان لم يقدر فليضع خدّه على كفه ثمّ ليحمد اللّه على ما انعم عليه»(8).
_________________
1- في القاموس جفا جفاء و تجافى : لم يلزم مكانه و في مجمع البيان : التجافي : الارتفاع عن الشيء و في مجمع البحرين في قوله تعالى {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] قال : اي ترفع و تنبو عن الفرش. و في حديث المسبوق بالصلاة اذا جلس تتجافى و لا يتمكن من القعود قال: اي يرتفع عن الأرض و يجلس مقعيا غير متمكن.
أقول: و منه دعاء السجاد (عليه السلام) في الليلة السابعة و العشرين من شهر رمضان و كان يدعو به مكررا من أول الليل الى آخره : أللهم ارزقني التجافي عن دار الغرور، و الانابة الى دار الخلود ؛ و الاستعداد للموت قبل حلول الفوت.
2- الكافي : ج 2 , ص 94.
3- الكافي : ج 2 , ص 95 و المحاسن : ج 1 ص 3.
4- الكافي : ج 2 , ص 95.
5- الكافي : ج 2 , ص 95.
6- الكافي : ج 2 , ص 95.
7- اي مطيعين من أقرن له اذا أطاعه. م.
8- الكافي : ج 2 , ص 96.
|
|
بـ3 خطوات بسيطة.. كيف تحقق الجسم المثالي؟
|
|
|
|
|
دماغك يكشف أسرارك..علماء يتنبأون بمفاجآتك قبل أن تشعر بها!
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تواصل إقامة مجالس العزاء بذكرى شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
|
|
|