أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-8-2016
1808
التاريخ: 29-8-2016
3098
التاريخ: 30-8-2016
1275
التاريخ: 5-8-2016
1439
|
ربما يتوهم له معاني متعددة، ولكن امكن ارجاع بعضها إلى بعض بجعله مصداقا لمعنى آخر، وان اصل المعنى ربما يرجع إلى معنيين:
أحدهما: عبارة عن مفهوم عام عرضي مساوق لمفهوم الشيء والذات من حيث كونهما أيضا من المفاهيم العامة العرضية وإن كان له نحو أخصية عما يساوقه من العنوانين. وبهذا المعنى كان من الجوامد، ويجمع على امور , وربما ينطبق على الغرض والحادثة، [أو الأمر] العجيب، وغير ذلك مما عد من معانيه بواسطة اشتباه المصداق بالمفهوم.
[وثانيهما]: ما يساوق الطلب المظهر بالقول أو غيره من الكتابة والاشارة، لا صرف اظهاره ولو لم يكن في الواقع طلب. وبهذه المعنى مشتق، ويجئ فيه العناوين الاشتقاقية اسما أم فعلا ويجمع على أوامر . ثم ان المراد من الطلب المظهر الراجع إليه حقيقة الأمر هو الطلب الحقيقي وما هو بالحمل الشايع طلب. كما أن المراد من اظهاره أيضا كذلك. ولكن هذا المعنى مأخوذ في [حقيقته] ومنشأ انتزاع مفهومه، لا مفهومه، كما هو الشأن في شرح كل عنوان بأمر حقيقي خارجي هو منشأ انتزاع مفهومه مع عدم أخذه في مفهومه.
وحينئذ لا منافاة بين ذلك وبين استعمال لفظ الامر في معناه ومفهومه بنحو الحقيقة مع عدم وجود طلب خارجي ولا ابرازه، كما هو الشأن في استعمال ساير الألفاظ في معانيها، وحينئذ لا يكشف ذلك عن كون الأمر بحقيقته عبارة عن الطلب الانشائي، لدلالة الوجدان على كون اللفظ مستعملا في معناه الحقيقي مع عدم وجود طلب حقيقي في البين أصلا، وذلك لما عرفت بان استعمال اللفظ في مفهومه لا يقتضي وجود منشأ انتزاع المفهوم خارجا كما لا يخفى. ثم لا اشكال في صدق الأمر بإبراز الطلب بصيغة اخرى. وفي صدقه بإبراز الطلب بهذه المادة اشكال.
ووجه الإشكال: ان مفهوم هذه المادة بعدما كان منتزعا عن ابراز الطلب فقهرا يكون هذا المفهوم في عالم التصور حاكيا [عن] الابراز، [فتكون] هذه المادة [بمفهومها] بمنزلة الطريق إلى الابراز. [فكيف] يمكن أن يصير واسطة لثبوته؟ إذ مرجع الطريقية إلى كونه من وسائط اثباته بحيث يرى المحكي عنه مفروغ الثبوت. وفي هذا النظر يستحيل توجه النظر إلى اثباته بنفس هذه المادة المستعملة في معناه. وحينئذ لا محيص عند ارادة اظهار الطلب بهذه المادة من تجريد المعنى عن قيد اظهاره فيراد منه حينئذ صرف الطلب كي يرد عليه اظهاره بهذه المادة. ولازم ذلك كون مادة الأمر في مقام انشائه وابراز الارادة به مستعملا في نفس الطلب لا في الطلب المظهر، وانما اريد منه هذا المعنى عند اخباره بهذه المادة عن اظهار طلبه بصيغة اخرى لا بهذه المادة، كما لا يخفى (1).
ثم ان في اعتبار العلو محضا أو كفاية الاستعلاء أيضا أو عدم اعتبار شيء منهما وجوه: أردأها الأخير لعدم صدقه من الداني إلى العالي، بل وفي المتساويين أيضا الا من باب الاستهزاء والاستنكار. فالعمدة حينئذ الوجهان الأولان، وأقواهما الأول، وانما صدقه مع الاستعلاء من باب اعمال العناية في المستعلي بادعاء نفسه عاليا. فنسبة الأمر إلى نفسه نظير أنشبت المنية أظفارها . فالمصحح لهذه النسبة إعمال [عناية] وادعاء العلو لنفسه، فالمستعلي آمر بالعناية، لا ان [استعلاءه] موجب لصدق الآمر عليه حقيقة فتدبر. ثم ان الطلب المظهر به وجوبي أو جامع بين الوجوبي والاستحبابي؟ فيه وجهان، بل قولان: يمكن دعوى انسباق الوجوبي منه، وأما كونه مستندا إلى حاق اللفظ [ففيه] اشكال. والتشبث ببعض الأخبار (2) على كونه للوجوب أشكل لكونه من باب إعمال أصالة العموم في ما هو معلوم الخروج ومشكوك المصداقية لإثبات المصداقية ولو بتقريب: أن المستفاد منها ان كل امر ملازم [للمشقة] أو العقوبة على المخالفة، وما لا يلازمه فليس بالأمر، فالأمر الاستحبابي ليس مصداقا للأمر، فينحصر مصداقه بالوجوبي، والا يلزم تخصيص الكبرى المستفاد ذلك منه. ولقد عرفت في نظائره منع حجية أصالة العموم في مثله، وانما يتمحض حجيته في فرض القطع بالمصداقية والشك في الخروج عن تحت الحكم، فتدبر. وبالجملة يكفي لإثبات الوجوب ظهور اطلاقه في كونه في مقام حفظ المطلوب ولو بكونه حافظا لمبادئ اختياره من جهة احداثه الداعي على [الفرار من العقاب] أيضا، بخلاف الاستحبابي [فانه] لمحض احداث الداعي على تحصل الثواب فلا يوجب مثله حفظ مبادئ اختيار العبد للإيجاد بمقدار ما يقتضيه الطلب الوجوبي، ولذا يكون في مقام حفظ الوجود أنقص، فاطلاق الحافظية يقتضي حمله على ما يكون في حافظيته أشمل. وقد يقرب الاطلاق أيضا بان مقتضى اطلاق اللفظ في مقام البيان حمل معناه على ما هو أكمل، لما في الأضعف نقص ليس فيه. وكلا [التقريبين] للإطلاق وان كانا خفيين ولكن بعد ارتكاز الذهن باقتضاء الاطلاق ذلك لا ضير في خفاء وجهه، كيف وغالب الإرتكازيات مخفية على الخواص فضلا عن [العوام]، والله العالم.
_______________
(1) حاصل الاشكال ووجهه: اننا بعد ان افترضنا ان معنى مادة الامر هو ابراز الطلب، تكون مادة الامر حاكيه وداله على هذا الابراز، فلو قال المولى: (آمرك بالصلاة) يكون قوله: آمرك: كاشفا عن ابراز الطلب بالصلاة اي واسطة في الاثبات للإبراز، وعلى هذا فلا يجتمع مع كون نفس هذا الكلام - وهو: آمرك - ابرازا، أو قل واسطة في الثبوت ; لان كونه واسطة في الاثبات أو كاشفا يعني ان هناك ابرازا للطلب متحققا كشف عنه قوله: آمرك، وهذا لا يجتمع مع كونه بنفسه ابرازا للطلب وواسطة في تحقق الطلب المبرز وثبوته. وعلى هذا: فإذا اريد ابراز الطلب بنفس المادة كما في آمرك بالصلاة لابد ان تستعمل المادة في خصوص الطلب مجردا عن الابراز، ونتيجة ذلك ان المادة متى استعملت في الاخبار عن الطلب بصيغة اخرى كانت دالة على الطلب المبرز كما في قوله: امرتك بالصلاة البارحة، ومتى استعملت في انشاء الطلب كانت دالة على صرف الطلب لا الطلب المبرز.
(2) كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما روي عنه لولا أن أشق على امتي لأمرتهم بالسواك إذ يدل على أن الامر موجب للمشقة، أو كقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] إذ يدل على ان مخالفة الامر موجبة للعقاب، وكلاهما ملازم لاختصاص الامر بالوجوب وبهذا تتشكل الكبرى المذكورة: كل امر ملازم للمشقة أو العقوبة على المخالفة، فما لا يلازم احداهما ليس امرا فلا يكون الاستحباب مصداقا للأمر. ثم ان مراده قدس سره ان اصالة العموم انما تجري عندما يكون مصداقية المشكوك للعام محرزة فيتمسك بأصالة العموم لإثبات شمول الحكم له كما في اكرم العلماء عندما نعلم بكون زيد عالما ولكن نحتمل عدم شمول الحكم له، اما إذا شككنا في كون زيد عالما فلا يمكن التمسك بأصالة العموم لإثبات كونه مصداقا للعام. وفيما نحن فيه من قبيل الثاني ; فإن القائل يريد ان يتمسك بأصالة العموم في لفظ الامر من اجل تحديد مصداق الامر وانه منحصر في الوجوب وليس هذا مورد التمسك بأصالة العموم إذ ليس المصداق محددا ليكون الشك في الشمول وعدمه لتجري اصالة العموم لإثبات الشمول.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف يصدر العدد 39 من نشرة أخبار المعارف الإلكترونية
|
|
|