أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-9-2016
594
التاريخ: 10-8-2016
782
التاريخ: 2-9-2016
625
التاريخ: 10-8-2016
715
|
تنقسم الاحكام الظاهرية إلى قسمين:
احدهما: الاحكام الظاهرية التي تجعل لإحراز الواقع، وهذه الاحكام تتطلب وجود طريق ظني له درجة كشف عن الحكم الشرعي، ويتولى الشارع الحكم على طبقه بنحو يلزم على المكلف التصرف بموجبه، ويسمى الطريق بالأمارة، ويسمى الحكم الظاهري بالحجية من قبيل حجية خبر الثقة.
والقسم الآخر: الاحكام الظاهرية التي تجعل لتقرير الوظيفة العملية تجاه الحكم المشكوك، ولا يراد بها احرازه، وتسمى بالأصول العملية.
ويبدو من مدرسة المحقق النائيني (قدس سره) التمييز بين هذين القسمين على أساس ما هو المجعول الاعتباري في الحكم الظاهري، فان كان المجعول هو الطريقية والكاشفية دخل المورد في الأمارات ، واذا لم يكن المجعول ذلك وكان الجعل في الحكم الظاهري متجها إلى انشاء الوظيفة العملية دخل في نطاق الاصول، وفي هذه الحالة اذا كان انشاء الوظيفة العملية بلسان تنزيل مؤدى الاصل منزلة الواقع في الجانب العملي، او تنزيل نفس الاصل او الاحتمال المقوم له منزلة اليقين في جانبه العملي لا الاحرازي.
فالأصل تنزيلي او اصل محرز، واذا كان بلسان تسجيل وظيفة عملية محددة بدون ذلك، فالأصل اصل عملي صرف. وهذا يعنى ان الفرق بين الأمارات والاصول ينشأ من كيفية صياغة الحكم الظاهري في عالم الجعل والاعتبار.
ولكن التحقيق ان الفرق بينهما اعمق من ذلك، فان روح الحكم الظاهري في موارد الأمارة تختلف عن روحه في موارد الاصل بقطع النظر عن نوع الصياغة، وليس الاختلاف الصياغي المذكور الا تعبيرا عن ذلك الاختلاف الاعمق في الروح بين الحكمين.
وتوضيح ذلك انا عرفنا سابقا ان الاحكام الظاهرية، مردها إلى خطابات تعين الاهم من الملاكات، والمبادئ الواقعية حين يتطلب كل نوع منها ضمان الحفاظ عليه بنحو ينافي ما يضمن به الحفاظ على النوع الآخر، وكل ذلك يحصل نتيجة الاختلاط بين الانواع عند المكلف وعدم تمييزه المباحات عن المحرمات مثلا، والاهمية التي تستدعي جعل الحكم الظاهري وفقا لها، تارة تكون بلحاظ الاحتمال، واخرى بلحاظ المحتمل، وثالثة بلحاظ الاحتمال والمحتمل معا، فان شك المكلف في الحكم يعني وجود احتمالين او اكثر في تشخيص الواقع المشكوك، وحينئذ فان قدمت بعض المحتملات على البعض الآخر، وجعل الحكم الظاهري وفقا لها لقوة احتمالها وغلبة مصادفته للواقع بدون اخذ نوع المحتمل بعين الاعتبار، فهذا هو معنى الاهمية بلحاظ الاحتمال، وبذلك يصبح الاحتمال المقدم امارة، سواء كان لسان الانشاء والجعل للحكم الظاهري لسان جعل الطريقية، او وجوب الجري على وفق الامارة.
وان قدمت بعض المحتملات على البعض الآخر لأهمية المحتمل بدون دخل لكاشفية الاحتمال في ذلك كان الحكم من الاصول العملية البحتة، كأصالة الاباحة واصالة الاحتياط الملحوظ في احدهما أهمية الحكم الترخيصى المحتمل. وفي الآخر اهمية الحكم الالزامي المحتمل بقطع النظر عن درجة الاحتمال، سواء كان لسان الانشاء والجعل للحكم الظاهري لسان تسجيل وظيفة عملية، او لسان جعل الطريقية، وان قدمت بعض المحتملات على البعض الآخر بلحاظ كلا الامرين من الاحتمال والمحتمل، كان الحكم من الاصول العملية التنزيلية او المحرزة كقاعدة الفراغ.
نعم الانسب في موارد التقديم بلحاظ قوة الاحتمال ان يصاغ الحكم الظاهري بلسان جعل الطريقية، والانسب في موارد التقديم بلحاظ قوة المحتمل ان يصاغ بلسان تسجيل الوظيفة، لا ان هذا الاختلاف الصياغي هو جوهر الفرق بين الامارات والاصول.
التنافي بين الاحكام الظاهرية:
عرفنا سابقا ان الاحكام الواقعية المتغايرة نوعا كالوجوب والحرمة والاباحة متضادة، وهذا يعني ان من المستحيل ان يثبت حكمان واقعيان متغايران على شئ واحد، سواء علم المكلف بذلك او لا؟ لاستحالة اجتماع الضدين في الواقع، والسؤال هنا هو أن اجتماع حكمين ظاهريين متغايرين نوعا، هل هو معقول او لا، فهل يمكن ان يكون مشكوك الحرمة حراما ظاهرا ومباحا ظاهرا في نفس الوقت؟ والجواب على هذا السؤال يختلف باختلاف المبني في تصوير الحكم والظاهري، والتوفيق بينه وبين الاحكام الواقعية.
فان اخذنا بوجهة النظر القائلة بان مبادئ الحكم الظاهري ثابتة في نفس جعله لا في متعلقه، امكن جعل حكمين ظاهريين بالإباحة والحرمة معا، على شرط ان لا يكونا واصلين معا، فانه في حالة عدم وصول كليهما معا لا تنافي بينهما لا بلحاظ نفس الجعل لأنه مجرد اعتبار، ولا بلحاظ المبادئ لان مركزها ليس واحدا، بل مبادئ كل حكم في نفس جعله لا في متعلقه، ولا بلحاظ عالم الامتثال والتنجيز والتعذير، لان احدهما على الاقل غير واصل فلا اثر عملي له، واما في حالة وصولهما معا فهما متنافيان متضادان لان احدهما ينجز والآخر يؤمن.
واما على مسلكنا في تفسير الاحكام الظاهرية وانها خطابات تحدد ما هو الاهم من الملاكات الواقعية المختلطة فالخطابان الظاهريان المختلفان، كالإباحة والمنع متضادان بنفسيهما، سواء وصلا إلى المكلف او لا، لان الاول يثبت اهمية ملاك المباحات الواقعية، والثاني يثبت اهمية ملاك المحرمات الواقعية، ولا يمكن ان يكون كل من هذين الملاكين اهم من الآخر، كما هو واضح.
وظيفة الاحكام الظاهرية:
وبعد ان اتضح ان الاحكام الظاهرية خطابات لضمان ما هو الاهم من الاحكام الواقعية ومبادئها.
وليس لها مبادئ في مقابلها، نخرج من ذلك بنتيجة، وهي ان الخطاب الظاهري وظيفته التنجيز والتعذير بلحاظ الاحكام الواقعية المشكوكة فهو ينجز تارة ويعذر اخرى، وليس موضوعا مستقلا لحكم العقل بوجوب الطاعة في مقابل الاحكام الواقعية، لأنه ليس له مبادئ خاصة به وراء مبادئ الاحكام الواقعية، فحين يحكم الشارع بوجوب الاحتياط ظاهرا يستقل العقل بلزوم التحفظ على الوجوب الواقعي المحتمل، واستحقاق العقاب على عدم التحفظ عليه لا على مخالفة نفس الحكم بوجوب الاحتياط بما هو، وهذا معنى ما يقال من أن الاحكام الظاهرية طريقية لا حقيقية فهي مجرد وسائل وطرق لتسجيل الواقع المشكوك وادخاله في عهدة المكلف، ولا تكون هي بنفسها موضوعا مستقلا للدخول في العهدة لعدم استقلالها بمبادئ في نفسها، ولهذا فان من يخالف وجوب الاحتياط في مورد ويتورط نتيجة لذلك في ترك الواجب الواقعي لا يكون مستحقا لعقابين بلحاظ مخالفة الوجوب الواقعي ووجوب الاحتياط الظاهري، بل لعقاب واحد والا لكان حاله اشد ممن ترك الواجب الواقعي. وهو عالم بوجوبه، واما الاحكام الواقعية فهي احكام حقيقية لا طريقية، بمعنى ان لها مبادئ خاصة بها، ومن اجل ذلك تشكل موضوعا مستقلا للدخول في العهدة، ولحكم العقل بوجوب امتثالها واستحقاق العقاب على مخالفتها.
التصويب بالنسبة إلى بعض الاحكام الظاهرية:
...ان الاحكام الواقعية محفوظة ومشتركة بين العالم والجاهل، واتضح ان الاحكام الظاهرية تجتمع مع الاحكام الواقعية على الجاهل دون منافاة بينهما، وهذا يعني ان الحكم الظاهري لا يتصرف في الحكم الواقعي، ولكن هناك من ذهب إلى ان الاصول الجارية في الشبهات الموضوعية كأصالة الطهارة تتصرف في الاحكام الواقعية، بمعنى ان الحكم الواقعي بشرطية الثوب الطاهر في الصلاة مثلا، يتسع ببركة اصالة الطهارة، فيشمل الثوب المشكوكة طهارته الذي جرت فيه اصالة الطهارة حتى لو كان نجسا في الواقع، وهذا نحو من التصويب الذي ينتج ان الصلاة في مثل هذا الثوب تكون صحيحة واقعا.
ولا تجب اعادتها على القاعدة، لان الشرطية قد اتسع موضوعها، وتقريب ذلك ان دليل أصالة الطهارة بقوله: " كل شئ طاهر حتى تعلم انه قذر " يعتبر حاكما على دليل شرطية الثوب الطاهر في الصلاة لان لسانه لسان توسعة موضوع ذلك الدليل وايجاد فرد له، فالشرط موجود اذن، وليس الامر كذلك لو ثبتت طهارة الثوب بالأمارة فقط، لان مفاد دليل حجية الامارة ليس جعل الحكم المماثل، بل جعل الطريقية والمنجزية فهو بلسانه لا يوسع موضوع دليل الشرطية لان موضوع دليلها الثوب الطاهر، وهو لا يقول هذا طاهر، بل يقول هذا محرز الطهارة بالأمارة فلا يكون حاكما. وعلى هذا الاساس فصل صاحب الكفاية بين الامارات والاصول المنقحة للموضوع، فبني على ان الاصول الموضوعية توسع دائرة الحكم الواقعي المترتب على ذلك الموضوع دون الأمارات ، وهذا غير صحيح ...
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم التطوير يقدم محاضرات عن نهج البلاغة في العتبة الكاظمية
|
|
|