المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8456 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الشكر قناة موصلة للنعم الإلهية
2025-01-12
أسباب ودوافع الكفران وطرق علاجه
2025-01-12
عواقب كفران النعمة
2025-01-12
معنى كفران النعمة
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 2
2025-01-12
دور الإدارة الحكوميـة فـي التنـميـة التكـنولوجـيـة 1
2025-01-12

سمات الصلح الإداري
2023-05-11
تركيب القنبلة
9-1-2022
Confined waves, with natural frequencies
2024-06-18
عــــلاقة المـــوكـــل بالـــوكـــيـــل من الباطن
2023-10-11
النزاع والمشاجرة بين الأخوة
7/9/2022
تفسير الاية (90-93) من سورة النحل
13-8-2020


قاعدة « الغرور » (*)  
  
1369   10:10 صباحاً   التاريخ: 18-9-2016
المؤلف : آية الله العظمى السيد محمد حسن البجنوردي
الكتاب أو المصدر : القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ج1 ص269 - 285.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / الغرور - المغرور يرجع الى من غره /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-1-2022 2333
التاريخ: 18-9-2016 1370
التاريخ: 31-1-2022 2648
التاريخ: 2024-07-31 601

ومن القواعد المعروفة المشهورة في أبواب الضمانات « قاعدة الغرور ».

وهي عبارة عند الفقهاء عن صدور فعل عنه أوجب الضرر عليه بواسطة انخداعه عن آخر ولو يكن ذلك الآخر قاصدا لانخداعه ، بل هو أيضا كان مخدوعا أو كان جاهلا ومشتبها.

وعلى كلّ حال يشترط في كونه مغرورا أن يكون جاهلا بترتّب الضرر على فعله بحيث لا يتدارك ؛ لأنّه من الممكن أن يكون مغرورا مع علمه يترتّب الضرر على فعله للقطع بتداركه هذا ، ولكن خدع في أن هذا الضرر يتدارك ويتعقّب بنفع كثير ، فحكموا برجوع المغرور بالمعنى المذكور إلى من غرّه وخدعه ولو كان الغارّ جاهلا بأنّ فعله صار سببا لانخداع المغرور ؛ وذلك لأنّه لا يشترط في صدق عناوين الأفعال أن يكون الفاعل قاصدا لتلك العناوين ، فالذي قام أو قعد مثلا ولو غفلة من دون قصد إلى عنوان القيام والقعود يصدق عليه أنّه قام أو قعد ؛ فالذي أوقع شخصا في ارتكاب فعل يترتّب عليه الضرر مع جهله بحقيقة الحال بل أو همه أنّه ينتفع بهذا الفعل ، فيصدق عليه أنّه غرّه وخدعه وإن لم يكن قاصدا لخدعه ، بل ولو لم يدر أنّه خدعة.

فالفاعل المباشر الذي صدر منه الفعل الذي يترتّب عليه الضرر مع جهله ـ أي أو همه غيره ـ بأنّه لا يترتّب عليه الضرر بل ينتفع به يسمّى بالمغرور. والذي أوهمه أنّه ليس في هذا الفعل ضرر بل فيه نفع ، هو يسمّى بالغار.

ومعنى رجوع المغرور إلى الغارّ هو أنّ المغرور له أن يغرم الغارّ ويأخذ منه مقدار ما تضرر.

إذا عرفت ما ذكرنا فنقول :

إنّ في هذه القاعدة جهات من الكلام : الجهة الأولى : في مستندها‌ :

وهو أمور :

الأوّل : النبوي المشهور بين الفريقين ، وهو قوله صلى الله عليه واله : « المغرور يرجع إلى من غرّه » كما حكي عن المحقّق الثاني في حاشية الإرشاد وعن نهاية ابن الأثير. (1) ‌

ودلالة هذه الجملة على المقصود في المقام ـ أي رجوع المغرور إلى الغارّ فيما تضرّر من ناحية تغريره إيّاه ـ واضح لا يحتاج إلى شرح وإيضاح ؛ إذ لا معنى لرجوع المغرور إلى الغارّ في المتفاهم العرفي إلاّ هذا المعنى ، أي يكون له أخذ ما تضرّر من الغارّ.

والعمدة إثبات سندها ، وقد ادّعى بعضهم عدم وجودها في كتب الحديث ، وإن كان عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود ، لكن صرف احتمال الوجود لا أثر له.

نعم لو كانت هذه الجملة في كتب الحديث ولو بعنوان الإرسال ، أو كان ذكرها أحد الفقهاء في كتابه مرسلة ـ كما أنّ صاحب الجواهر قال في كتاب الغصب : « بل لعلّ قوله عليه السلام : المغرور يرجع إلى من غرّه ظاهر في ذلك » (2).

والظاهر أنّه اشتباه منه ، واعتمد على ما هو المعروف ، لا أنّه ينقل الحديث عن كتاب أو عن إسناد ـ لما كان شكّ في حجّيته ؛ لما ذكرنا في كتابنا « منتهي الأصول » (3) من أنّ مدار الحجّية في الخبر هو كونه موثوق الصدور ، والوثوق بالصدور كما يحصل من عدالة الراوي أو وثاقته وإن لم يكن عادلا بل كان منحرفا عن الحقّ ، كذلك يحصل من عمل الأصحاب به ، بل من فتوى مشهور القدماء على طبقه وإن لم يستندوا إليه.

ولكن مع ذلك يحتاج إلى نقله بعنوان الحديث والرواية ، كي بواسطة عمل الأصحاب على طبق مضمونه يحصل الوثوق بصدوره ، فيكون موضوعا للحجيّة.

وأمّا ادّعاء كون هذه الجملة معقد الإجماع لما ذكروها وأرسلوها إرسال المسلمات ، فهذا إن صحّ يرجع إلى الاستدلال بالإجماع ، وسنتكلّم فيه إن شاء الله.

الثاني : بناء العقلاء ، بمعنى أنّ العقلاء في معاملاتهم وسائر أعمالهم إذا تضرّروا بواسطة تغرير الغير إيّاهم ، يرجعون فيما تضرّروا إلى الغارّ ، ويأخذون منه مقدار الضرر الذي صار سببا لوقوع المغرور فيه ، وسائر العقلاء لا يستنكرون هذا المعنى بل يغرمون الغارّ ، وهذا أمر دائر شائع بينهم من دون نكير لأحد منهم.

وعندي أنّ هذا الوجه أحسن الوجوه الذي ذكروها في هذا الباب.

إن قلت : إنّ بناء العقلاء يحتاج في حجّيته إلى الإمضاء.

قلنا : أوّلا عدم الردع يكفي في الإمضاء ، ولم يثبت ردع من طرف الشارع ، وثانيا : اتّفاقهم على الاستدلال بهذه القاعدة في موارد متعدّدة من دون اعتراض من أحدهم‌ على هذا الاستدلال ، يكشف كشفا قطعيّا عن إمضاء الشارع لهذه الطريقة والبناء.

الثالث : الإجماع على رجوع المغرور إلى الغارّ بمقدار الضرر الذي أوقعه الغارّ فيه.

ولا خلاف بينهم في ذلك ، وإن كان خلاف ففي بعض موارد تطبيق القاعدة على صغرياتها من دون تشكيك في أصل الكبرى.

مثلا ربما يقع الخلاف في أنّه إذا كان الغارّ جاهلا ومشتبها ، مثلا مدح بنتا بأنّها جميلة ولها ثروة كثيرة ولكن باعتقاد أنّها كذلك لسماعة من الناس في حقّها وتصديقه إياهم مع أنّها ليست كذلك ، فاغترّ المغرور بمدحه وبذل لها مهرا كثيرا للطمع في مالها وجمالها ، فظهر أنّها ليست كذلك ، فهل في مثل هذا المورد يصدق الغارّ على الذي أوقعه في هذه الخسارة أم لا؟

وأنت خبير بأنّ هذا الخلاف لا دخل له في إنكار الكبرى فالإنصاف أنّ الفقيه المتتبّع في موارد تطبيق هذه القاعدة لا يجد بدّا إلاّ من تصديق تحقّق هذا الإجماع ووجوده ، ولكن حيث أنّه من المحتمل القريب أن يكون المتّفقون معتمدين على تلك الرواية المشهورة وإن كان مدركهم غير صحيح عند جماعة أخرى الذين ينكرون وجود تلك الرواية ، أو كانوا معتمدين على مدرك آخر وعلى هذه الاحتمالات ، فلا يكون من الإجماع المصطلح في الأصول الذي بنينا على حجّيته.

الرابع : هو أنّ الغارّ أتلف ذلك المقدار الذي خسر المغرور وتضرّر ، من جهة أنّه كان سببا لوقوع المغرور في هذه الخسارة. والسبب ها هنا أقوى من المباشر ؛ لأنّ المباشر جاهل مغرور ومخدوع ، فيكون المباشر بمنزلة آلة لتلف ذلك المقدار من المال ، فبناء على هذا ليست قاعدة الغرور قاعدة مستقلّة ، بل تكون من صغريات قاعدة التلف ، فيكون الدليل على قاعدة التلف دليلا على هذه القاعدة.

ولكن أنت خبير بأنّ هذا الوجه لا صغرى له ولا كبرى.

أمّا عدم الصغرى ، فمن جهة أنّ المراد من كون الغارّ سببا لو كان أن تغريره علّة تامّة لوقوع المغرور في هذا الضرر ، أو هو يكون جزء الأخير من العلّة التامّة ، فقطعا‌ ليس كذلك ؛ لأنّ الجزء الأخير والعلّة لوقوعه في هذا الضرر هو إرادة نفسه لا تغرير الغارّ. وإن كان المراد من كونه ـ أي الغارّ ـ سببا أي تغريره معدّ من معدّات وجود هذا الضرر ، فهذا وإن كان حقّا ولكن مثل هذا المعنى لا ينبغي أن يتخيل أو يتفوّه به أحد ، لأنّه معدّات كثيرة تكون لوقوع هذا الضرر ؛ فلا وجه للرجوع إلى الغارّ وحدة وتغريمه ، مع اشتراك غيره معه في المعدّية ، بل يكون نسبة التلف إلى بعض المعدّات من المضحكات.

وأمّا عدم الكبرى ، فمن جهة أن هذا الكلام أي كون السبب ها هنا أقوى من المباشر ممنوع ، وإن سلّمنا كونه سببا ؛ لأنّ المناط في أقوائيّة السبب من المباشر هو أن لا يتوسّط بين الفعل والسبب إرادة واختيار ، وإلاّ يكون الفعل مستندا إلى الفاعل المختار ، وهو يثاب أو يعاقب على الفعل لا الذي غرره وأغواه.

ولعلّه إلى هذا يشير قوله تعالى حكاية عن قول الشيطان {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [إبراهيم: 22] اللهمّ إلاّ أن يقال : هذا فيما إذا لم يكن الفاعل المختار جاهلا بالضرر المترتّب على فعله ، أمّا لو كان جاهلا بالمفسدة والضرر المترتّب على ذلك الفعل ، كما أنّه لو وصف شخص دواء سامّة بأنّه نافع وله آثار كذا وكذا ، وغرّره على شرب تلك الدواء ، فالسبب ها هنا أقوى من المباشر وإن كان الفعل صادرا عن الفاعل المختار.

ولعلّه من هذه الجهة يقال بأنّ الطبيب ضامن وإن كان حاذقا ، بل يمكن أن يقال بأنّه يقاد لو كان عالما بأنّها سامّة ومع ذلك غرّر المريض لشربها. وفي قضيّة الشيطان عدوّ الله وعدوّ الناس أيضا يثاب أو يعاقب الناس بعد إرسال الرسل وإنزال الكتب وهدايتهم إلى سواء السبيل لكي لا تكون لهم الحجة على الله بل له الحجة البالغة ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة.

ولعلّه لهذه الجهة اختار شيخنا الأعظم هذا الوجه مدركا لرجوع المغرور إلى الغارّ فيما إذا كان المشتري عن الفضولي جاهلا بأنّ البائع فضولي وليس بمالك فتضرّر (4).

الخامس : الأدلّة الواردة في الموارد الخاصّة الدالّة على رجوع المغرور إلى الغارّ في مقدار الضرر الذي أوقعه فيه بواسطة تغريره له ، مثل الروايات الواردة في تدليس الزوجة الدالّة على رجوع الزوج بالمهر على المدلّس ، معلّلة بقوله عليه السلام « لأنّه دلّسها » في خبر رفاعة : « وإن المهر على الذي زوّجها وإنّما صار عليه المهر لأنّه دلّسها » (5) فجعل عليه السلام مناط الرجوع وعلّته تدليسه لها ، أي خدع الزوج بتدليسه إيّاها وإرائتها على خلاف الواقع ، فمقتضى عموم التعليل رجوع كلّ من خدع وتضرّر إلى الذي خدعه.

وصحيح الحلبي عن الصادق عليه السلام في الرجل الذي يتزوّج إلى قوم ، فإذن امرأته عوراء ولم يبينوا له ، قال : « لا ترد، إنّما يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل ». قلت : أرأيت إن كان قد دخل بها كيف يصنع بمهرها؟ قال عليه السلام : « لها المهر بما استحلّ من فرجها ، ويغرم وليّها الذي أنكحها مثل ما ساق إليها ». (6) ‌

ففي هذه الصحيحة وإن لم يذكر سبب ضمان الولي لما ساقه إلى زوجته العوراء ، ولكن يفهم منها من لفظة « يغرم » وأنّه يدلّ حسب المتفاهم العرفي منه تدارك الضرر الذي أوقع الزوج فيه.

وأيضا صحيح الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل ولّته امرأته أمرها ، وذات‌ قرابة أو جارة له لا يعرف دخيلة أمرها ، فوجدها قد داست عيبا هو بها ، قال : « يؤخذ المهر منها ، ولا يكون على الذي زوّجها شي‌ء » (7).

فجعل عليه السلام رجوع الزوج إلى نفس الزوجة التي دلّست وغررت الزوج بستر عيبها.

وخبر محمّد ابن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال في كتاب عليّ عليه السلام : « من زوّج امرأة فيها عيب دلّسته ولم يبيّن ذلك لزوجها ، فإنّه يكون لها الصداق بما استحلّ من فرجها ، ويكون الذي ساق الرجل إليها على الذي زوّجها ولم يبيّن » (8).

فبمحض السكوت وعدم بيان العيب حكم بالرجوع إلى الذي زوجها ، فضلا عمّا إذا أظهر عدم العيب وأخبر بسلامتها وصحتها وعدم كلّ شين.

وهذه الأخبار وإن كانت ظاهرة في رجوع الزوج المغرور الجاهل بعيب زوجته إلى الذي غرّه وستر العيب ولم يبيّن ، سواء أكانت هي المدلّسة الساترة للعيب ، أو كان هو الولي على التزويج شرعا أو عرفا ولو كانت الولاية على التزويج بتوليتها إيّاه.

والمراد بولي التزويج ليس هو المباشر لإجراء الصيغة وكالة عنها في خصوص إجراء هذا الأمر أي الصيغة فقط ، بل المراد من يكون أمر التزويج بيده شرعا أو عرفا ، بحيث ينسب التزويج إليه ولو عرفا ، فيكون هو الغارّ. ولكن لا عموم لها بحيث تكون دليلا على جواز رجوع كلّ مغرور إلى من غرّه في أيّ موضوع وأيّة معاملة ؛ لأنّها وردت في رجوع الزوج المغرور إلى زوجته المدلّسة ، أو الذي زوّجها وسكت عن بيان عيبها.

وإلقاء الخصوصيّة واستنباط الحكم الكلّي شبه قياس.

نعم في رواية رفاعة كان‌ الحكم معلّلا بقوله عليه السلام « لأنّه دلّسها » فحكم برجوع الزوج على الذي زوّجها بعلّة تدليسه إيّاها ، أي ستر عيوبها عن زوجها ، فيمكن أن يقال بكون الحكم دائرا مدار هذه العلّة ، أي الرجوع دائر مدار التدليس والتغرير.

ولكن مع ذلك استظهار العموم منها لا يخلو عن إشكال ؛ لأنّ صرف سكوت المتولّي للتزويج من ذكر العيب الذي فيها يكون تغريرا موجبا للضمان بعيد جدا ، خصوصا إذا كان المتولّي للتزويج جاهلا بذلك العيب.

وسنذكر في الجهة الآتية أنّه لا فرق في مفاد القاعدة بين أن يكون الغارّ جاهلا يترتّب الضرر على الفعل الذي يفعله المغرور، أو لا.

ومثل الروايات الواردة في رجوع المحكوم عليه إلى شاهد الزور لو رجع عن شهادته وكذّب نفسه.

منها : مرسل جميل ، عن أحدهما عليه السلام : « إذا شهدوا على رجل ثمَّ رجعوا عن شهادتهم وقد قضي على الرجل ، ضمنوا ما شهدوا به وغرموه ، وإن لم يكن قضى طرحت شهادتهم ولم يغرم الشهود شيئا » (9).

فهذه الرواية تدلّ على أنّ الخسارة التي وقعت على المحكوم عليه بواسطة تغرير الشهود يرجع فيها إليهم.

ومنها : حسن محمّد بن قيس ، عن الباقر عليه السلام قال عليه السلام قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل شهد عليه رجلان أنّه سرق فقطع يده حتّى إذا كان بعد ذلك جاء الشاهدان برجل آخر ، فقالا : هذا السارق وليس الذي قطعت يده ، إنّما اشتبهنا ذلك بهذا ، فقضى عليهما أن غرمهما نصف الدية ولم يجز شهادتهما على الآخر ». (10) ‌

ومنها : مرسل ابن محبوب عن الصادق عليه السلام في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا ، ثمَّ رجع أحدهم بعد ما قتل الرجل ، فقال عليه السلام : « إن قال الراجع : أو همت ، ضرب الحدّ وأغرم الدية. وإن قال : تعمّدت ، قتل » (11).

ومنها : أيضا ما رواه الشيخ ـ في الصحيح ـ عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله عليه السلام في شاهد الزور قال عليه السلام : « إن كان الشي‌ء قائما بعينه ردّ على صاحبه وإن لم يكن قائما ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل » (12).

ولكن هذه الروايات ونظائرها ممّا لم نذكرها واردة في موارد خاصّة ، واستظهار هذه القاعدة الكليّة أعني قاعدة « المغرور يرجع إلى من غرّه » في غاية الإشكال.

الجهة الثانية : في مفاد هذه القاعدة ومدلولها‌ :

لا شكّ في أنّ القدر المتيقّن من هذه القاعدة على تقدير اعتبارها هو فيما إذا كان الغارّ عالما بالضرر الذي يترتّب على الفعل الذي يرتكبه المغرور ، وأمّا فيما إذا كان جاهلا ومشتبها هل يصدق عليه الغارّ حتّى يكون من صغريات هذه القاعدة أم لا؟

ولتوضيح المقام نقول : الغارّ والمغرور قد يكونان عالمين بالضرر ، ففي هذه الصورة ليس غارّ ولا مغرور في البين ؛ لأنّ جهل المغرور مأخوذ في حقيقة كونه مغرورا ، وإلاّ يكون هو بنفسه مقدّما على الضرر ، ولا خدعة ولا غرور في البين وقد‌ يكونان جاهلين أو مختلفين.

فالصور أربعة :

أحدها : ما تقدّم من كونهما عالمين. وقد عرفت عدم دخول تلك الصورة تحت عموم قاعدة الغرور.

وكذلك الصورة الثانية ، أي فيما إذا كان الفاعل المتضرّر عالما والغارّ جاهلا ، فخارجة عن تحت القاعدة أيضا قطعا ؛ لعدم صدق الغرور مع علمه.

أمّا الصورة الثالثة ، أي فيما إذا كان المغرور جاهلا بالضرر والغار عالما ، فهذه هي القدر المتيقّن من القاعدة على تقدير صحتها واعتبارها.

وأمّا الصورة الرابعة ، أي فيما إذا كانا جاهلين ففيه كلام من حيث أنّ الجاهل بضرر فعل إذا أوقع شخصا في ارتكاب ذلك الفعل هل يصدق عليه أنّه غرّه وخدعه أم لا؟

ربما يقال بعدم صدق عنوان « الغارّ » عليه خصوصا إذا كان مشتبها وتخيّل النفع في ذلك الفعل ودعاه إليه باعتقاد أنّه نافع له ، ثمَّ ظهر أنّه يضرّه ، كالطبيب الذي يصف الدواء الفلاني له باعتقاد أنّه نافع له ، ثمَّ بعد استعماله تبيّن أنّه ضرّه ، فمثل هذا لا يعدّ عند العرف تغريرا أو خدعا لذلك الآخر المتضرّر.

ولكن أنت عرفت فيما ذكرنا من قبل أنّ قصد عناوين الأفعال ليس معتبرا في صدق عنوان ذلك الفعل ، فاذا ضرب أحدا يصدق عليه عنوان الضرب وان لم يقصده ، فالتغرير عبارة عن ترغيب شخص إلى فعل يترتب عليه الضرر وإن كان المرغب جاهلا بترتّب الضرر على ذلك الفعل وإيقاعه في ذلك الفعل.

نعم العناوين القصديّة لا تحصل بدون قصد ذلك العنوان ، فالتعظيم الذي هو من العناوين القصديّة لا يحصل من صرف ذلك القيام والركوع بدون قصد ذلك العنوان.

ولكن أنت خبير بأنّ التغرير ليس من تلك العناوين.

وخلاصة الكلام : أنّه إذا أوقع شخص شخصا آخر في ضرر فعل بترغيبه إلى ذلك الفعل أو بشكل آخر يكون مشمولا لهذه القاعدة ، وإن كان جاهلا بذلك الضرر بل ولو كان باعتقاد النفع.

نعم دخول هذه الصورة في هذه القاعدة موضوعي.

وأمّا حكم القاعدة ـ أي جواز رجوعه إلى الغارّ ـ يشمله أو لا يشمله فيحتاج إلى النظر في دليل القاعدة ، فباعتبار الأدلّة ربما يختلف الشمول وعدمه.

فلو كان المدرك هو النبوي المشهور ، أي قوله صلى الله عليه واله « المغرور يرجع إلى من غرّه » فلا فرق بين أن يكون الغارّ جاهلا بترتّب الضرر والخسارة على فعل المغرور ؛ لما ذكرنا من عدم خروجه عن كونه غارّا بواسطة جهل.

وأمّا لو كان المدرك هو الإجماع ، فالظاهر عدم شموله لما إذا كان الغارّ جاهلا ؛ لوقوع الخلاف فيه.

وأمّا لو كان المدرك هو بناء العقلاء على رجوع المغرر في خسارته إلى الغارّ ، ففي بنائهم خصوصا فيما إذا كان الغارّ مشتبها معتقدا عدم عيب وخسارة في الفعل الذي يرغب المغرور على ارتكابه ، مثلا لو اعتقد أنّ المرأة الفلانيّة ليس فيها عيب ولها من الجمال والمال والكمال كذا وكذا ، فرغب شخصا في تزويجها ، فظهر خلاف ما قال يكون بناء العقلاء في مثل هذه الصورة على تغريمه مشكل.

وأمّا لو كان مدركه قاعدة الإتلاف وأنّه السبب لوقوع هذه الخسارة على المغرور ، وأنّ السبب هنا أقوى من المباشر فعلى فرض تماميّة هذا الكلام لا فرق بين أن يكون السبب عالما أو جاهلا.

وأمّا لو كان المدرك لها هو الأخبار الخاصّة الواردة في أبواب مختلفة ، كما ذكرنا ما ورد في باب تدليس المرأة وإخفائها عيبها ، وما ورد في باب رجوع المحكوم عليه أو وليّه بخسارته إلى شاهد الزور ، فالإنصاف أنّ تلك الأخبار ظاهرة فيما إذا كان الغارّ عالما بالضرر على فرض صدق القاعدة في تلك الموارد وأن لا يكون من موارد كون سبب الإتلاف أقوى من المباشر ، والفقهاء ذكروها في ذلك الباب وإن استدلّ بعضهم في تلك الموارد بقاعدة الغرور أيضا.

ثمَّ إنّه بناء على ما اخترنا من المدرك لهذه القاعدة هو بناء العقلاء وأنّ الروايات الواردة في هذا الباب تكون إمضاء لذلك البناء ، فيقتضي أن نقول بعدم الضمان في صورة جهل الغارّ.

ولكن الروايات الواردة في باب ضمان الطبيب تدلّ على ضمان الغارّ وإن كان جاهلا ؛ وذلك من جهة القطع بأنّ الطبيب جاهل بضرر الدواء الذي يصفه للمريض أو يكتب لعلاجه.

وعلى كل حال الذي يحصل لنا من جميع أدلّة المقام من الأخبار ومن الأقوال والوجوه الأخر هو الاطمئنان بعدم الفرق بين أن يكون الغارّ جاهلا أو يكون عالما.

وأمّا احتمال أنّ هذه المفاهيم الثلاثة ـ أعني الغرور ، والخدع ، والتدليس ـ وإن كانت الأفعال منها مثل غرّه أو خدعه أو دلّس عليه لا تدلّ بهيئتها على كون الفاعل عالما ، ولكن موادّها أخذ فيها العلم والالتفات ، دعوى يكذّبها الوجدان وملاحظة موارد الاستعمالات.

الجهة الثالثة : في ذكر جملة من موارد تطبيق هذه القاعدة‌ :

فنقول : لا شكّ في جريان هذه القاعدة في أغلب أبواب الفقه ، خصوصا في أبواب‌ المعاملات والمعاوضات حتّى في مثل عوض طلاق الخلع ، ولكن نحن نذكر طائفة ممّا ذكروها في كتبهم تبعا لما ذكره الأساطين .

فمنها : ما ذكره الشيخ الأعظم الأنصاري في باب بيع الفضولي أنّ المشتري إذا لم يخبره الفضول أنّ هذا مال الغير موهما أنّه ماله ، ثمَّ بعد ذلك تبيّن للمشتري أنّه مال الغير ، والمالك الأصيل أخذ العين من يده وغرمه أيضا بأن أخذ أجرة سكنى الدار سنين مثلا وقد يتّفق في بعض الصور ذهاب العين مع الثمن الذي بذله للبائع الفضولي لهذه الدار مثلا ، وهذه الخسارة حصلت له من ناحية البائع الفضولي وتغريره إيّاه بعدم ذكره أنّ المبيع ليس له. (13) ‌

فبناء على صحّة هذه القاعدة واعتبارها للمشتري ، الرجوع إلى البائع الفضولي الذي غرّه بمقدار خسارته في هذه المعاملة ، خصوصا إذا لم يكن للمشتري مقابل هذه الخسارة نفع أصلا ، كالنفقة التي صرفها للحيوان أو الإنسان الذي اشتراهما من الفضولي بدون أن ينتفع منهما مقابل تلك النفقة لعدم حاجته إلى ركوب ، أو حمل تلك الدابّة ، أو الانتفاع بذلك العبد أو بتلك الجارية ، وكالذي صرفه في العمارة ، وكالذي خسره في الفرس ، وكالذي أعطاه قيمة للولد المنعقد حرا ، أو كالذي يعطي لنقص صفة من صفات المبيع الذي اشتراه من الفضولي.

وقد قال شيخنا الأعظم رجوع المشتري عن الفضولي إليه في خساراته التي حصلت له في هذه الصورة ـ أي فيما إذا لم يحصل له نفع مقابل هذه الخسارات ـ إجماعي للغرور ، فإنّ البائع مغرّر للمشتري ، وموقع إيّاه في خطرات الضمان ، ومتلف عليه ما يغرمه فهو كشاهد الزور ، أي يضمن كما يضمن شاهد الزور (14).

نعم استدل شيخنا الأعظم في هذه الصورة مضافا إلى الاستدلال بقاعدة الغرور‌ بمرسلة جميل ، عن الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثمَّ يجي‌ء مستحقّ الجارية ، قال عليه السلام : « يأخذ الجارية المستحقّ ، ويدفع إليه المبتاع قيمة الولد ويرجع على من باعه بثمن الجارية وقيمة الولد التي أخذت منه » (15).

وقد ذكر شيخنا الأعظم في هذه المسألة شقوقا وصورا ، وطول الكلام فيها تركناها لأنّ استيفاء شقوق هذه المسألة وبيان صورها والتحقيق والتدقيق فيها وان كان لطيفا ودقيقا لكنّه موكول إلى محلّها ، والغرض هنا لم يكن إلاّ في أنّ هذا المورد أحد موارد تطبيق هذه القاعدة ، فافهم.

ومنها : فيما إذا زوّج وليّ المرأة شرعا ، أو من هو وليّ عرفاً كالأخ والعم وإن لم يكن بوليّ شرعا ، وكان في المرأة عيب سترته ولم تخبر به الوليّ ، سواء أخبر بعدم العيب أو كان صرف السكوت وعدم الإظهار ، وسواء كان الوليّ عالما بذلك العيب أو كان جاهلا به ، وإن كان في الأخير خلاف.

وتدلّ أيضا عليه ـ أي على جواز رجوع الزوج إلى زوجته المدلّسة أو وليّها التزويج ـ أخبار كثيرة. مضافا إلى قاعدة الغرور، وذكرنا جملة منها في الجهة الأولى.

ومنها : رجوع المحكوم عليه إلى شاهد الزور بالخسارة التي وردت عليه من جهة تغريره للحاكم على الحكم ، فلو رجع عن شهادته وكذب نفسه يرجع إليه المحكوم عليه بما خسر إن لم يكن المال المأخوذ منه قائما بعينه. وأمّا إن كان المال قائما بعينه يرد إليه ، فلا خسارة في البين كي يرجع إلى شاهد الزور. وأمّا لو تبيّن خطأ الشاهدين بعلم أو علمي من دون رجوعهما ، فكذلك يرد المال إليه إن كان قائما بعنيه ، وأمّا إن لم يكن كذلك وكان تالفا فاستقرار الضمان وإن كان على من أتلف أو وقع التلف في يده ، ولكن للمحكوم عليه الرجوع الى شاهد الزور لتغريره الحاكم.

وقد ورد في جميع ذلك أيضا مضافا إلى قاعدة الغرور أخبار خاصّة ، والمسألة بجميع شقوقها وصورها مذكورة مفصّلة في كتاب القضاء والشهادات ، والغرض في هذا المقام ليس تحقيقها واستيفاء شقوقها وصورها بل الغرض الإشارة إلى أنّ هذا أيضا أحد موارد جريان قاعدة الغرور ، فافهم.

ومنها : أنّه لو قدم الغاصب طعاما إلى شخص بعنوان ضيافته له ، فتبيّن أنّه ملك الغير وهذا الذي قدمه إليه غاصب وإن كان مشتبها لا متعديّا أى كان جاهلا بأنّه ليس له ، فمع جهل الآكل الضيف بأنّه ليس للمضيف إمّا لأنّه غاصب وإمّا لأنّه مشتبه فالمالك الأصيل إذا رجع إلى الآكل لأنّه مباشر للإتلاف وان كان له الرجوع إلى الغاصب أو المشتبه المفروض المذكور ، فللآكل الضيف الرجوع إلى المضيف لقاعدة الغرور.

وقد ذكروا أنّه لو قدم الغاصب مال المالك الأصلي إليه لكن بعنوان أنّه مال الغاصب لا بعنوان أنّه مال المالك الأصلي. وبعبارة أخرى : خدع الغاصب المالك الأصلي وأطعمه مال نفسه ولكن بعنوان أنّه ضيف ، وكان المالك الأصلي جاهلا بأنّ هذا الذي يأكله مال نفسه ، فللمالك الأصلي الرجوع إلى الغاصب مع أنّه أكل مال نفسه ؛ لقاعدة الغرور.

ومنها : لو قال للخيّاط مثلا : إن كان يكفي هذا قباء فاقطعه ، فقال : يكفي ، وقطعه فلم يكف ، فسقط عن القيمة أو قلّت قيمته ، فيرجع صاحب الثوب إلى الخيّاط بما نقص ؛ لأنّه غرّه وقال : يكفي ؛ هذا في باب الإجارة.

وكذلك لو أعاره مال الغير بعنوان أنّه مال نفسه ثمَّ تبيّن أنّه مال الغير ، ورجع ذلك الغير إلى المستعير ببذل ما انتفع من ماله، فللمستعير الرجوع إلى المعير ؛ لأنّه غرّه.

ونتيجة كلّ ما ذكرنا من أوّل القاعدة إلى هاهنا أنّ كلّ ما يغرمه الشخص‌ الجاهل بالواقع ويخسره ـ بواسطة فعل شخص آخر، أو قوله ، أو إخفاء عيب فيما بيده الأمر ، وبعبارة أخرى : من جهة تدليسه على الجاهل بالواقع الذي خسر ـ له أن يرجع إلى الذي غرّه ، وإن كان الغارّ أيضا جاهلا مشتبها.

وخلاصة الكلام : أنّ فروع قاعدة الغرور كثيرة في أبواب الفقه ، والفقيه لا يشتبه في تطبيقها على مواردها. نعم في كثير من موارد هذه القاعدة توجد أدلّة خاصّة على رجوع المغرور إلى من غرّه بالنسبة إلى الخسارة التي وردت عليه من طرف الغار وبسبب تغريره.

والحمد لله أوّلا وآخرا ، ونسأله التوفيق لما يحبّ ويرضى.

__________________

(*) « القواعد والفوائد » ج 2 ، ص 61 و 137 ؛ « الحق المبين » ص 87 و 92 ؛ « عوائد الأيّام » ص 28 ؛ « عناوين الأصول » عنوان 47 ؛ « خزائن الأحكام » العدد 17 : « قواعد فقه » ص 93 ؛ « القواعد » ص 183 ؛ « قواعد فقه » ص 71 ؛ « قواعد فقهية » ص 67 و 81 ؛ « القواعد الفقهية » ( مكارم الشيرازي ) ج 4 ، ص 284 ؛ « المبادي العامة للفقه الجعفري » ص 261 ؛ « قاعدة غرور وتتبع كاربرد آن در فقه وقانون مدني » نوشين چترچى ، ماجستير مدرسة الشهيد مطهّرى العالية ؛ « قاعدة غرور وموارد استناد به آن در مذاهب خمسه إسلامي » حسين طالبي ، ماجستير ، جامعة طهران ، 1358 ؛ « قاعدة غرور وكاربرد آن در فقه وقانون مدني » نوشين چترچى ، مجلة « رهنمون » العدد 7 ؛ « دو قاعدة فقهي ( الغرور وأصالة الصحة ) » مجلّة « حق » فصليّة ، العدد 10 ، العام 1366 ؛ « در غرور ودليل آن » محمد اعتضاد البروجردي ، مجلة « كانون وكلاء » ، العام 2 ، العدد 11.

(1) « النهاية » ج 3 ، ص 356.

(2) « جواهر الكلام » ج 37 ، ص 145.

(3) « منتهى الأصول » ج 2 ، ص 111.

(4) « المكاسب » ص 146.

(5) « الكافي » ج 5 ، ص 407 ، باب المدالسة في النكاح وما ترد منه المرأة ، ح 9 ؛ « تهذيب الأحكام » ج 7 ، ص 424 ، ح 1697 ، باب التدليس في النكاح ، ح 8 ؛ « الاستبصار » ج 3 ، ص 245 ، ح 878 ، باب حكم المحدودة ، ح 1 ؛ « وسائل الشيعة » ج 14 ، ص 596 ، أبواب العيوب والتدليس ، باب 2 ، ح 2.

(6) « الكافي » ج 5 ، ص 406 ، باب المدالسة في النكاح وما ترد منه المرأة ، ح 6 ؛ « الفقيه » ج 3 ، ص 433 ، باب ما يرد منه النكاح ، ح 4498 ؛ « تهذيب الأحكام » ج 7 ، ص 426 ، ح 1701 ، باب التدليس في النكاح ، ح 12 ؛ « الاستبصار » ج 3 ، ص 247 ، ح 886 ، باب العيوب الموجبة للردّ ، ح 7 ؛ « وسائل الشيعة » ج 14 ، ص 593 ، أبواب العيوب والتدليس ، باب 1 ، ح 6.

(7) « الفقيه » ج 3 ، ص 87 ، باب الوكالة ، ح 3386 ؛ « وسائل الشيعة » ج 14 ، ص 597 ، أبواب العيوب والتدليس ، باب 2 ، ح 4.

(8) « تهذيب الأحكام » ج 7 ، ص 432 ، ح 1723 ، باب التدليس في النكاح ، ح 34 ؛ « وسائل الشيعة » ج 14 ، ص 597 ، أبواب العيوب والتدليس ، باب 2 ، ح 7.

(9) « الكافي » ج 7 ، ص 383 ، باب من شهد ثمَّ رجع عن شهادته ، ح 1 ؛ « الفقيه » ج 3 ، ص 61 ، باب شهادة الزور وما جاء فيها ، ح 3339 ؛ « تهذيب الأحكام » ج 6 ، ص 259 ، ح 685 ، باب البينات ، ح 90 ؛ « وسائل الشيعة » ج 18 ، ص 238 ، أبواب كتاب الشهادات ، باب 10 ، ح 1.

(10) « الكافي » ج 7 ، ص 384 ، باب من شهد ثمَّ رجع عن شهادته ، ح 8 ؛ « تهذيب الأحكام » ج 6 ، ص 261 ، ح 692 ، باب البيّنات ، ح 97 ؛ « وسائل الشيعة » ج 18 ، ص 242 ، أبواب كتاب الشهادات ، باب 14 ، ح 1.

(11) « الكافي » ج 7 ، ص 384 ، باب من شهد ثمَّ رجع عن شهادته ، ح 4 ؛ « تهذيب الأحكام » ج 6 ، ص 260 ، ح 691 ، باب البيّنات ، ح 96 ؛ وح 10 ، ص 311 ، ح 1162 ، باب من الزيادات ، ح 3 ؛ « وسائل الشيعة » ج 18 ، ص 240 ، أبواب كتاب الشهادات ، باب 12 ، ح 1.

(12) « الكافي » ج 7 ، ص 384 ، باب من شهد ثمَّ رجع عن شهادته ، ح 3 ؛ « الفقيه » ج 3 ، ص 59 ، باب شهادة الزور وما جاء فيها ، ح 3331 ؛ « تهذيب الأحكام » ج 6 ، ص 259 ، ح 686 ، باب البيّنات ، ح 91 ؛ « وسائل الشيعة » ج 18 ، ص 239 ، أبواب كتاب الشهادات ، باب 11 ، ح 2.

(13) « المكاسب ، ص 146.

(14) « المكاسب » ص 146.

(15) « تهذيب الأحكام » ج 7 ، ص 82 ، ح 353 ، باب ابتياع الحيوان ، ح 67 ؛ « الاستبصار » ج 3 ، ص 84 ، ح 285 ، باب من اشترى جارية فأولدها. ، ح 1 ؛ « وسائل الشيعة » ج 14 ، ص 592 ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، باب 88 ، ح 5.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.