المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 18130 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تكوين الايثرات
2025-01-13
فصل الكروموسومات بالترحيل الكهربائي
2025-01-13
تكوين الاسترات
2025-01-13
The largest group of suffixes (28 out of 43): Suffixes that do not attach to already suffixed words
2025-01-13
An alternative account
2025-01-13
The data
2025-01-13

تأثير الألفاظ النفسي والعاطفي
9-7-2022
الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ – بحث روائي
22-7-2016
Totalistic Cellular Automaton
28-8-2021
تقليم الاجاص
11-2-2020
تمارين صوتية- التمرين الثاني
12-11-2020
تقييم الآثار البيئية للصناعة - المراحل الزمنية لتقييم الأثر البيئي
3-8-2021


تفسير الاية (236-237) من سورة البقرة  
  
9329   10:47 صباحاً   التاريخ: 2-3-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الباء / سورة البقرة /


قال تعالى : {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَو تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَو يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [البقرة : 236 ، 237] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

 

بين سبحانه حكم الطلاق قبل الفرض والمسيس فقال {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن} هذا إباحة للطلاق قبل المسيس وفرض المهر فرفع الإثم عن الطلاق قبل الدخول لئلا يتوهم أحد أن الطلاق في هذه الحالة محظور والمس كناية عن الوطء والمفروض صداقها داخلة في دلالة الآية وإن لم يذكر لأن التقدير ما لم تمسوهن ممن قد فرضتم لهن {أو} لم {تفرضوا لهن فريضة} لأن أو تنبئ عن ذلك إذ لوكان على الجمع لكان بالواو والمراد بالفريضة الصداق بلا خلاف لأنه يجب بالعقد على المرأة فهو فرض لوجوبه بالعقد ومعناه أولم تقدروا لهن مهرا مقدرا وإنما خص التي لم يدخل بها الذكر في رفع الجناح دون المدخول بها وإن كان حكمهما واحدا لأمرين ( أحدهما ) لإزالة الشك على ما قدمنا ذكره ( والثاني ) لأن له أن يطلق التي لم يدخل بها أي وقت شاء بخلاف المدخول بها فإنه لا يجوز أن يطلقها إلا في طهر لم يجامعها فيه .

 {ومتعوهن} أي أعطوهن من مالكم ما يتمتعن به والمتعة والمتاع ما يتمتع به {على الموسع قدره} أي على الغني الذي هو في سعة لغناه على قدر حاله {وعلى المقتر قدره} أي على الفقير الذي هو في ضيق بقدر إمكانه وطاقته والمتعة خادم أو كسوة أو رزق عن ابن عباس والشعبي والربيع وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله وهو مذهب الشافعي وقيل هو مثل نصف صداق تلك المرأة المنكوحة عن أبي حنيفة وأصحابه .

 ثم اختلف في ذلك فقيل إنما تجب المتعة للتي لم يسم لها صداق خاصة عن سعيد بن المسيب وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه وقيل المتعة لكل مطلقة إلا المختلعة والمبارئة والملاعنة عن الزهري وسعيد بن جبير وأبي العالية وقيل المتعة لكل مطلقة سوى المطلقة المفروض لها إذا طلقت قبل الدخول فإنما لها نصف الصداق ولا متعة لها عن ابن عمر ونافع وعطاء وهو مذهب الشافعي وقد رواه أصحابنا أيضا وذلك محمول على الاستحباب .

 وقوله {متاعا} أي ومتعوهن متاعا {بالمعروف} أي وسطا ليس فيه إسراف ولا تقتير وقيل متاعا معتبرا بحال الرجل في اليسار والإقتار وقيل معتبرا بحالهما جميعا إذ لا يسوي بين حرة شريفة وبين أمة معتقة ليكون ذلك خارجا عن التعارف عن القاضي وقال أهل المدينة يؤمر الزوج به من غير أن يجبر عليه وعندنا يجبر عليه وبه قال أهل العراق {حقا على المحسنين} أي واجبا على الذين يحسنون الطاعة ويجتنبون المعصية وإنما خص المحسنين بذلك تشريفا لهم لا أنه لا يجب على غيرهم ودل ذلك على وجوب الإحسان على جميعهم فإن على كل إنسان أن يكون محسنا فهو كقوله هدى للمتقين وقيل معناه من أراد أن يحسن فهذا حقه وحكمه وطريقه عن أبي مسلم هذا كله في المطلقة فأما المتوفى عنها زوجها إذا لم يفرض لها صداق فلها الميراث وعليها العدة إجماعا وقال أكثر الفقهاء لها صداق مثلها وحكى أبو علي الجبائي عن بعض الفقهاء أنه قال لا مهر لها وهو الذي يليق بمذهبنا لأنه لا نص لأصحابنا في ذلك .

وقوله تعالى : {وإِن طلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسوهُنَّ وقَدْ فَرَضتُمْ لَهُنَّ فَرِيضةً فَنِصف مَا فَرَضتُمْ إِلا أَن يَعْفُونَ أَو يَعْفُوَا الَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاح وأَن تَعْفُوا أَقْرَب لِلتَّقْوَى ولا تَنسوُا الْفَضلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} :

ثم بين سبحانه حكم الطلاق قبل المسيس بعد الفرض فقال {وإن طلقتموهن} يعني إن طلقتم أيها الرجال النساء {من قبل أن تمسوهن} أي تجامعوهن {وقد فرضتم لهن فريضة} أي أوجبتم لهن صداقا وقدرتم مهرا {فنصف ما فرضتم} أي فعليكم نصف ما قدرتم وهو المهر المسمى {إلا أن يعفون} يعني الحرائر البالغات غير المولى عليهن لفساد عقولهن أي يتركن ما يجب لهن من نصف الصداق فلا يطالبن الأزواج بذلك عن ابن عباس ومجاهد وسائر أهل العلم .

 {أو يعفو} أي يترك ويهب الذي بيده عقدة النكاح قيل هو الولي عن مجاهد وعلقمة والحسن وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله وهو مذهب الشافعي غير أن عندنا الولي هو الأب أو الجد مع وجود الأب الأدنى على البكر غير البالغ فأما من عداهما فلا ولاية له إلا بتوليتها إياه وقيل هو الزوج ورووه عن علي وسعيد بن المسيب وشريح وإبراهيم وقتادة والضحاك وهو مذهب أبي حنيفة ورواه أيضا أصحابنا غير أن الأول أظهر وهو المذهب .

 ومن جعل العفو للزوج قال له أن يعفو عن جميع النصف ومن جعله للولي من أصحابنا قال له أن يعفو عن بعضه وليس له أن يعفو عن جميعه فإن امتنعت المرأة عن ذلك لم يكن لها ذلك إذا اقتضته المصلحة عن أبي عبد الله {وأن تعفوا أقرب للتقوى} خطاب للزوج والمرأة جميعا عن ابن عباس وللزوج وحده عن الشعبي قال وإنما جمع لأنه خطاب لكل زوج وقول ابن عباس أقوى لعمومه وإنما كان العفو أقرب للتقوى من وجهين ( أحدهما ) أن معناه أقرب إلى أن يتقي أحدهما ظلم صاحبه لأن من ترك لغيره حق نفسه كان أقرب إلى أن لا يظلم غيره بطلب ما ليس له ( والثاني ) أن معناه أقرب إلى أن يتقي معصية الله لأن من ترك حق نفسه كان أقرب إلى أن لا يعصي الله بطلب ما ليس له {ولا تنسوا الفضل بينكم} أي لا تتركوا الأخذ بالفضل والإحسان بينكم والإفضال فتأخذوا بمر الحكم واستيفاء الحقوق على الكمال .

 بين الله سبحانه في هذه الآية الحكم الذي لا يعذر أحد في تركه وهو أنه ليس للزوج أن ينقصها من نصف المهر ولا للمرأة أن تطالبه بالزيادة ثم بين طريق الفضل من الجانبين وندب إليه وحث عليه {إن الله بما تعملون} أي بأعمالكم {بصير} أي عليم وروي عن سعيد بن المسيب أن هذه الآية ناسخة لحكم المتعة في الآية الأولى وقال أبو القاسم البلخي وهذا ليس بصحيح لأن الآية تضمنت حكم من لم يدخل بها ولم يسم لها مهرا إذا طلقها وهذه تضمنت حكم التي فرض لها المهر ولم يدخل بها إذا طلقها وأحد الحكمين غير الآخر .

وأقول إذا بينا في الآية الأولى أنها تتناول المطلقات غير المدخول بهن سواء فرض لهن المهر أولم يفرض وقلنا إن متعوهن لا يحمل على العموم إذ لا متعة لمن فرض لها المهر وإن لم يدخل بها فلا بد من تخصيص فيه وتقدير وحذف أي ومتعوا من طلقتم منهن ولم تفرضوا لهن فريضة وإنما جاز هذا الحذف لدلالة ذكر من فرض لها المهر وحكمها في الآية الأخرى عليه وهذا ما سنح لي هاهنا ولم أر أحدا من المفسرين تعرض لذكره وبالله التوفيق .

__________________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج2 ، ص122-126 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هاتين الآيتين (1) :

 

{لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَو تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً } .

لا جناح عليكم ، أي لا يلزمكم ، وأو معناها هنا الا ان كقولك : لألزمنك أو تقضيني حقي ، أي الا ان تقضيني ، ومحصل المعنى ان من عقد على امرأة ، ولم يسم لها مهرا في متن العقد ، ثم طلقها قبل الدخول فلا مهر لها ، وانما تستحق عليه المتعة ، وهي عبارة عن منحة يقدمها المطلق لمطلقته ، ويراعى فيها حال الزواج يسرا وعسرا ، فالغني يقدم لها قلادة بألف - مثلا - والمتوسط سوارا ب 500 ، والفقير ثوبا ب 20 ، أو أقل يسيرا أو أكثر ، والى هذا أشار تعالى بقوله : {ومَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} الذين يحسنون إلى أنفسهم بطاعة اللَّه سبحانه .

{وإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ} . أما إذا عقد عليها وذكر لها مهرا في متن العقد ، ثم طلقها قبل المسيس فلها نصف المهر المسمى بالاتفاق . { إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ } . أي لا يجوز أن يمنعها عن نصف المهر ، أوعن شيء منه إلا إذا سمحت عن طيب نفس { أَو يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ} . الذي بيده عقد النكاح هو الزوج ، والمراد ان المطلقة قبل الدخول لا تستحق أكثر من نصف المهر المسمى إلا أن يتكرم الزوج ويتفضل عليها بالجميع ، أو بما زاد عن النصف فالأمر إليه . {وأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى} . هذا خطاب لكل من الرجل والمرأة ، وحث لهما على التساهل والتسامح .

__________________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص366 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

 

قوله تعالى : {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} ، المس كناية عن المواقعة ، والمراد بفرض الفريضة تسمية المهر ، والمعنى : أن عدم مس الزوجة لا يمنع عن صحة الطلاق وكذا عدم ذكر المهر .

قوله تعالى : {ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف} ، التمتيع إعطاء ما يتمتع به ، والمتاع والمتعة ما يتمتع به ، ومتاعا مفعول مطلق لقوله تعالى : {ومتعوهن} ، اعترض بينهما قوله تعالى : {على الموسع قدره وعلى المقتر قدره} ، والموسع اسم فاعل من أوسع إذا كان على سعة من المال وكأنه من الأفعال المتعدية التي كثر استعمالها مع حذف المفعول اختصارا حتى صار يفيد ثبوت أصل المعنى فصار لازما والمقتر اسم فاعل من أقتر إذا كان على ضيق من المعاش ، والقدر بفتح الدال وسكونها بمعنى واحد .

ومعنى الآية : يجب عليكم أن تمتعوا المطلقات عن غير فرض فريضة متاعا بالمعروف وإنما يجب على الموسع قدره أي ما يناسب حاله ويتقدر به وضعه من التمتيع ، وعلى المقتر قدره من التمتيع ، وهذا يختص بالمطلقة غير المفروضة لها التي لم يسم مهرها ، والدليل على أن هذا التمتيع المذكور مختص بها ولا يعم المطلقة المفروضة لها التي لم يدخل بها ما في الآية التالية من بيان حكمها .

 

قوله تعالى : {حقا على المحسنين} ، أي حق الحكم حقا على المحسنين ، وظاهر الجملة وإن كان كون الوصف أعني الإحسان دخيلا في الحكم ، وحيث ليس الإحسان واجبا استلزم كون الحكم استحبابيا غير وجوبي ، إلا أن النصوص من طرق أهل البيت تفسر الحكم بالوجوب ، ولعل الوجه فيه ما مر من قوله تعالى : {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} الآية فأوجب الإحسان على المسرحين وهم المطلقون فهم - المحسنون ، وقد حق الحكم في هذه الآية على المحسنين وهم المطلقون ، والله أعلم .

قوله تعالى : {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} "إلخ" ، أي وإن أوقعتم الطلاق قبل الدخول بهن وقد فرضتم لهن فريضة وسميتم المهر فيجب عليكم تأدية نصف ما فرضتم من المهر إلى أن يعفون هؤلاء المطلقات أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح من وليهن فيسقط النصف المذكور أيضا ، أو الزوج فإن عقدة النكاح بيده أيضا ، فلا يجب على الزوجة المطلقة رد نصف المهر الذي أخذت ، والعفو على أي حال أقرب للتقوى لأن من أعرض عن حقه الثابت شرعا فهوعن الإعراض عما ليس له بحق من محارم الله سبحانه أقوى وأقدر .

قوله تعالى : {ولا تنسوا الفضل بينكم} "إلخ" ، الفضل هو الزيادة كالفضول غير أن الفضل هو الزيادة في المكارم والمحامد والفضول هو الزيادة غير المحمودة على ما قيل ، وفي الكلام ذكر الفضل الذي ينبغي أن يؤثره الإنسان في مجتمع الحياة فيتفاضل به البعض على بعض ، والمراد به الترغيب في الإحسان والفضل بالعفو عن الحقوق والتسهيل والتخفيف من الزوج للزوجة وبالعكس ، والنكتة في قوله تعالى : إن الله بما تعملون بصير ، كالنكتة فيما مر في ذيل قوله تعالى : {والوالدات يرضعن أولادهن} الآية .

___________________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج2 ، ص209-210 .

 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

 

كيفيّة أداء المهر :

في هاتين الآيتين نلاحظ أحكام اُخرى للطّلاق أستمراراً للأبحاث السّابقة .

تقول الآية في البداية {لا جناح عليكم إن طلّقتم النساء ما لم تمسّوهنّ (2) أو تفرضوا لهنّ فريضة} وهذا يعني جواز طلاق النساء قبل المقاربة الجنسيّة وقبل تعيين المهر ، وهذا في صورة ما إذا علم الرّجل أوكلا الزّوجين بعد العقد وقبل المواقعة أنّهما لا يستطيعان إستمرار الحياة الزّوجيّة هذه ، فمن الأفضل أن يتفارقا في هذا الوقت بالذّات ، لأنّ الطّلاق في المراحل اللاّحقة سيكون أصعب .

وعلى كلّ حال فهذا التعبير في الآية جوابٌ على من يتصوّر أنّ الطّلاق قبل المواقعة أو قبل تعيين المهر لا يقع صحيحاً ، فالقرآن يقول أنّ هذا الطّلاق صحيح ولا إثم عليه (وقد يمنع من كثير من المفاسد) .

وذهب البعض أن (جناح) في هذه الآية بمعنى (المهر) الّذي يثقل على الزّوج ، يعني أنّ الرّجل حين الطّلاق وقبل المقاربة الزوجيّة وتعيين المهر ليس مكلّفاً بدفع أي شيء بعنوان المهر إلى المرأة ، وبالرّغم من أنّ بعض المفسّرين (3) أورد كلاماً طويلاً حول هذا التفسير ، ولكن استعمال كلمة «جناح» بمعنى المهر يعتبر غريباً وغير مأنوس .

واحتمل آخرون أنّ معنى الجملة أعلاه هو جواز طلاق المرأة قبل المقاربة الجنسيّة في جميع الأحوال (سواء كانت في العادة الشهريّة أولم تكن) والحال أنّ الطّلاق بعد المواقعة الجنسيّة يجب أن يكون في الزّمان الطّهر الّذي لم يواقعها فيه حتماً (4) ، ولكن هذا التفسير بعيد جدّاً لأنّه لا ينسجم مع جملة {أو تفرضوا لهنّ فريضة} .

ثمّ تبيّن الآية حكماً آخراً في هذا المجال وتقول : {ومتّعوهنّ} أي يجب أن تمنح المرأة هديّة تناسب شؤونها فيما لو جرى الطّلاق قبل المضاجعة وقبل تعيين المهر ، ولكن يجب أن يؤخذ بنظر الإعتبار قدرة الزّوج الماليّة في هذه الهديّة ،

ولذلك تعقّب الآية الشريفة بالقول {على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقّاً على المحسنين) .

(الموسع) بمعنى المقتدر والثّري و(المقتر) بمعنى الفقير (من مادّة قتر وكذلك وردت بمعنى البخل أيضاً) كقوله تعالى {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا } [الإسراء : 100] .

وجملة {متاعاً بالمعروف} يمكن أن تشير إلى جميع ما ذكرناه ، أي أنّ الهديّة لابدّ أن تكون بشكل لائق وبعيدة عن الإسراف والبخل .

ومناسبة لحال المُهدي والمُهدى إليه .

ولمّا كان لهذه الهديّة أثر كبير للقضاء على روح الإنتقام وفي الحيلولة دون إصابة المرأة بعُقدَ نفسيّة بسبب فسخ عقد الزّواج ، فإنّ الآية تعتبر هذا العمل من باب الإحسان {حقّاً على المحسنين}(5) أي أن يكون ممزوجاً بروح الإحسان واللّطف ، ولا حاجة إلى القول بأنّ تعبير (المحسنين) لم يأت ليشير إلى أنّ الحكم المذكور ليس إلزاميّاً ، بل جاء لإثارة المشاعر والعواطف الخيّرة في الناس للقيام بهذا الواجب الإلزامي .

الملاحظة الاُخرى في هذه الآية هي أنّ القرآن يعبّر عن الهدية الّتي يجب أن يعطيها الرجل للمرأة باسم (متاع) فالمتاع في اللّغة هو كلّ ما يستمتع به المرء وينتفع به ، ويطلق غالباً على غير النقود ، لأنّ الأموال لا يمكن التمتّع بها مباشرةً ، بل لابدّ أوّلاً من تبديلها إلى متاع ، ولهذا كان تعبير القرآن عن الهديّة بالمتاع .

ولهذا العمل أثر نفسي خاص ، فكثيراً ما يحدث أن تكون الهدية من المأكل أو الملبس ونظائرهما مهما كانت زهيدة الثمن أثر بالغ في نفوس المُهدى إليهم لا يبلغه أبداً أثر الهديّة النقديّة ، لذلك نجد أنّ الروايات الواصلة إلينا عن أئمّة

الأطهار (عليهم السلام)تذكر هذه الهدايا بصورة مأكل أو ملبس أو أرض زراعيّة .

كذلك يتّضح من هذه الآية أنّ تعيين المهر قبل إجراء العقد في النكاح الدائم ليس ضروريّاً إذ يمكن للطرفين أن يتّفقا على ذلك بعد (6) إذ كما تفيد الآية أيضاً أنّه إذا حصل الطّلاق قبل تعيين المهر وقبل المضاجعة فلا يجب المهر ، بل يُستعاض عنه بالهديّة المذكورة .

ويجب الإلتفات إلى أنّ الزّمان والمكان مؤثّران في مقدار الهديّة المناسبة .

وتتحدّث الآية التالية عن حالة الطّلاق الّذي لم يسبقه المضاجعة ولكن بعد تعيين المهر فتُبيّن أنّ الحكم في هذا اللّون من الطّلاق الّذي يكون قبل المضاجعة وبعد تعيين المهر يوجب على الزّوج دفع نصف المهر المعيّن {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنَّ وقد فرضتم لهنّ فريضة فنصف ما فرضتم} .

وهذا هو حكم القانوني لهذه المسألة ، فيجب دفع نصف المهر إلى المرأة بدون أيّة نقيصة ، ولكن الآية تتناول الجوانب الأخلاقيّة والعاطفيّة وتقول : {إلاّ أن يعفون أو يعفو الّذي بيده عقدة النكاح} .

والمراد من ضمير (يعفون) هم الأزواج ، أمّا في قوله {أو يعفو الّذي بيده عقدة النكاح} هو وليّ الصغير أو السفيه ، ومن الواضح أنّ الوليّ ليس له الحقّ من أن يعفو أو يتنازل عن حقّ الصغير إلاّ إذا تضمّن مصلحة الصغير .

فعلى هذا يكون حكم دفع نصف المهر بغض النظر عن مسألة العفو والتنازل عن الحقّ ، وممّا تقدّم يتّضح أن من له العفو هو الولي للصّغير أو السفيه لأنّه هو الّذي بيده أمر زواج المولّى عليه ، ولكن بعض المفسّرين تصوّروا أنّ المراد هو الزّوج ، بمعنى أنّ الزوج متى ما دفع تمام المهر قبلاً (كما هو المتعارف عند الكثير من العرب) فله الحقّ في أن يسترجع نصف المهر إلاّ أن يعفو ويتنازل عنه .

أمّا مع الملاحظة الدقيقة في مضمون الآية يتبيّن أنّ التفسير الأوّل هو الصحيح ، وأنّ المخاطب في هذه الآية هم الأزواج حيث تقول : (وإن طلّقتموهنّ) في حين أنّ الضمير في جملة {أو يعفو الّذي بيده عقدة النكاح} جاء حكايةً عن الغائب ولا يتناسب ذلك مع عوده إلى الأزواج .

أجل ، فإنّ الآية في الجملة التالية تقول {وإن تعفو أقرب للتّقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إنّ الله بما تعملون بصير} .

فمن الواضح أنّ المخاطب في هذه الجملة هم الأزواج ، فتكون النتيجة أنّ الحديث في الجملة السّابقة كان عن عفو الأولياء ، وفي هذه الجملة تتحدّث الآية عن عفو الأزواج ، وجملة (ولا تنسوا الفضل بينكم) خطاب لعموم المسلمين أن لا ينسوا المُثُل الإنسانية في العفو والصفح والإيثار في جميع الموارد .

وهذا ما ورد في الروايات الّتي وصلتنا من الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) في تفسير هذه الآية ، وكذلك نرى أنّ المفسّرين الشّيعة قد اختاروا هذا الرّأي بالتّوجه إلى مضمون الآية والرّوايات الشريفة ، فذهبوا إلى أنّ المقصود في هذه العبارة هم أولياء الزّوجة .

ومن الطبيعي أن تطرأ ظروف تجعل الإضطرار إلى أخذ نصف المهر حتّى قبل الدّخول أمراً قد يُثير مشاعر الرّجل وأقرباءه ويجرح عواطفهم وقد ينزعون إلى الإنتقام ، ويُحتمل أن تتعرّض سمعة المرأة وكرامتها إلى الخطر ، فهنا قد يرى الأب أنّ من مصلحه ابنته أن يتنازل عن حقّها .

جملة (وأن تعفوا أقرب للتقوى) تبيّن جانباً آخر من واجبات الزّوج الإنسانيّة ، وهو أن يظهر الزّوج التنازل والكرم فلا يسترجع شيئاً من المهر إن كان قد دفعه ، وإن لم يكن دفعه بعد فمن الأفضل دفعه كاملاً متنازلاً عن النصف الّذي هومن حقّه ، وذلك لأنّ المرأة الّتي تنفصل عن زوجها بعد العقد تواجه صدمة نفسيّة شديدة ، ولا شكَّ أنّ تنازل الرجل عن حقّه من المهر لها يكون بمثابة البلسم لجرحها .

ونلاحظ تأكيداً في سياق الآية الشريفة على أصل (المعروف) و(الإحسان) فحتّى بالنّسبة إلى الطّلاق والإنفصال لا ينبغي أن يكون مقترناً بروح الإنتقام والعداوة ، بل ينبغي أن يتم على أساس السماحة والإحسان بين الرّجل والمرأة ، لأنّ الزوجين إذا لم يتمكنّا من العيش سويّة وفضّلا الإفتراق بدلائل مختلفة ، فلا دليل حينئذ لوجود العداوة والبغضاء بينهما .

_______________________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج2 ، ص37-41 .

2-«مس» في اللغة بمعنى الملامسة ، وهنا كناية عن الجماع و«فريضة» بمعنى الواجب ، وهنا جاءت بمعنى المهر .

3 ـ تفسير الكبير : ج 6 ص 137 .

4 ـ المصدر السابق .

5 ـ «حقّاً» يمكن أن تكون صفة لـ «متاعاً» ، أوحال أو مفعول مطلق لفعل محذوف ـ «متاعاً» مفعول مطلق أيضاً عن جملة «ومتعوهن» .

6 ـ لاشكّ أنّ المهر لا يسقط إن لم يذكر في العقد الدائم بل يعبر (مهر المثل) أي المهر الذي يعادل مهور نساء مماثلات إلاّ إذا حصل الطلاق قبل الدخول عندئذ يتوجب تقديم هديّة كما ذكرنا .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .