أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-11-2017
3789
التاريخ: 21-11-2021
2155
التاريخ: 2024-11-08
448
التاريخ: 2023-02-14
1052
|
ولما كانت النفقة المالية ضرورية في ثبات واستقرار العائلة في النظام الاجتماعي، كان لابد للزوج من تحمل مسؤولية الانفاق لأنه هو المسؤول شرعا عن العمل خارج البيت، وهو المسؤول شرعا عن الانفاق على الزوجة للمعاوضة وعلى الاولاد والابوين للقرابة. ولا شك ان هذا النظام المالي يساهم في استقرار شخصيات الاطفال، ويساعد على كفاية الاجداد على الصعيد المالي والاجتماعي، ويساعد على التأكيد على دور الامومة ايضا. فقد اجمع الفقهاء على وجوب نفقة الزوجة الدائمة على زوجها ، حتى لو كانت على درجة من الثراء والغنى، للنص الحكيم: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:34] ، {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ}[البقرة:233] و (المولود له) يعني الزوج، وضمير (هن) يعود على الزوجات. ويفسر ذلك حديث الامام (عليه السلام) في حق المرأة على زوجها : ( [ان] يشبعها ويكسوها) (1). وفي رواية اخرى عن ابي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل : {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}[الطلاق:7] ، قال: (اذا انفق الرجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة ، والا فرّق بينهما) (2).
وذهب اكثر الفقهاء الى أن مجرد وقوع العقد لا يوجب النفقة، بل لابد من ثبوت الطاعة والتمكين والحيض يمنعان من الفراش، ولكن لا تسقط النفقة بهما ، (بلا خلاف اجده فيه ، بل وفي كل ما امتنع الاستمتاع فيه لعذر شرعي او عقلي، للأصل وعموم ادلة الانفاق) (3). واذا سافرت الزوجة باذن زوجها فهل تسقط النفقة؟ قال الفقهاء لا تسقط. اما اذا كان السفر دون اذن الزوج ينظر، فان كان لواجب فلها النفقة، للمأثور من قوله (عليه السلام) : (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق). وان كان لغير ذلك تسقط نفقتها.
وتثبت النفقة للمعتدة من طلاق رجعي، حاملاً كانت ام حائلاً. وكذلك تثبت للمعتدة من طلاق بائن اذا كانت حاملاً فحسب، كما ورد في كلام الباري عز وجل: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: 6]. اما المعتدة عدة الوفاة فلا نفقة لها حاملاً كانت ام لا. فقد (ورد بعدم الانفاق عليها اربع روايات معتبرات الاسناد... وعلى ذلك سائر المتأخرين، وهو الاقوى)(4). والمروي عن الامام الصادق (عليه السلام) سؤال زرارة بن أعين عن المرأة المتوفى عنها زوجها ، هل لها نفقة؟ قال: ( لا )(5). والظاهر ان الارث المفترض استحقاقه لها يغني عن تلك النفقة.
واوكل الشرع تحديد النفقة الشرعية للزوجة الى العرف الاجتماعي مع مراعاة الدخل المادي للزوج ، كما ورد في النص القرآني الشريف: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}[الطلاق:7] ، وقوله ايضاً : {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}[الطلاق:6] ، وقوله في الاشارة الى حقها في السكن مع زوجها باستقلال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء:19]، {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ}[الطلاق: 6]. والمتعارف بين الناس ان النفقة تشمل المأكل والملبس والمسكن والعلاج ونفقة الحمل والوضع ، بل كل ما يتعلق بالحياة الاجتماعية الطبيعية التي يقرها العرف العقلائي.
ومع ان اكثر الفقهاء قالوا بعدم ضمان الزوج النفقة المستقبلية لزوجته لأنه من باب ضمان ما لا يجب، وهو غير جائز. إلاّ أن البعض الآخر قال بأن لها الحق بطلب الضمان. فـ (يجوز ضمان النفقة الماضية للزوجة لأنها دين على الزوج، وكذا نفقة اليوم الحاضر لها. واما النفقة المستقبلة فلا يجوز ضمانها عندهم لأنه من ضمان ما لم يجب ولكن لا يبعد صحته لكفاية وجود المقتضي وهو الزوجية ولا دليل على عدم صحة ضمان ما لم يجب بعد ثبوت المقتضي من نص او اجماع وان اشتهر في الالسن ، بل في جملة من الموارد حكموا بصحته)(6).
هذا كله في حالة قدرة الزوج على الانفاق، اما (اذا تجدد عجز الزوج عن النفقة ففي تسلط الزوجة على الفسخ قولان : احدهما ، وبه قال ابن الجنيد ، ان لها الخيار ، لقول الامام الصادق (عليه السلام) : ان انفق عليها ما يقيم حياتها مع كسوة والاّ فرق بينهما ولقوله تعالى: (فامساك بمعروف او تسريح بإحسان) والامساك بلا نفقة خلاف المعروف فيتعين التسريح ، فاذا تعذر صدوره من الزوج فسخ الحاكم لأنه ولي) (7).
والنشوز يحجب النفقة : الا انه يكفي في حالة النزاع في الدلالة على اطاعتها له ، ان يقيم البينة على انها سكنت في البيت الذي اسكنها فيه.
ولا يقتصر وجوب الانفاق على الزوجة فحسب ، بل يجب على الآباء نفقة الابناء ، وان نزلوا ذكوراً واناثاً، وعلى الابناء نفقة الآباء وان علوا ذكوراً واناثاً. وعلى ذلك فان النفاق محدد شرعاً بالوالدين والولد والزوجة. فـ (تجب نفقة الاصول والفروع، حتى لو كان الاصل فاسقاً او كافراً بلا خلاف ، لاطلاق الادلة [الخاصة بنفقة القريب] خصوصاً في الوالدين المأمور بمصاحبتهما بالمعروف مع كفرهما) (8) ، لقوله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان:15]. واجمع الفقهاء ايضاً على ان القادر على العمل والاكتساب في العائلة لا يستحق النفقة بدليل نص شريف عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي ولا لمحترف قوي) (9)، لان (النفقة معونة على سد الخلة والمكتسب قادر كالغني، ولذا منع من الزكاة والكفارة المشروطة بالفقر)(10). وحددت النفقة بسد الحاجات الاساسية من الطعام والكسوة والسكن... واستثني منها التزويج فلا يجب على الاب ان يزوج ابنه، ولا يجب على الابن تزويج ابيه، لان التزويج ليس من النفقة الواجبة. وفرّق الفقهاء بين نفقة الزوجة ، ونفقة القريب ، حيث (ان الغرض من نفقة القريب مواساته وسد خلته، فوجوبها لدفع الخلة، لا لعوض، فاذا اخلّ بها أثم، ولم تستقر في الذمة، فلا يجب قضاؤها، كما لو اخل بقضاء حاجة المحتاج الذي تجب عليه اعانته، بخلاف نفقة الزوجة فانها تجب عوض الاستمتاع، فكانت كالمعاوضة المالية، فاذا يؤدها استقرت في ذمته، ووجب قضاؤها) (11).
وفي الحالات الاستثنائية التي يعجز فيها الفرد عن عيال اقاربه، وهم الزوجة والابوان والاولاد، فان عليه ان يبتدئ بنفسه قبل كل الناس؛ لأنها مقدمة على جميع الحقوق من الديون، (بلا خلاف ولا اشكال، لأهمية النفس عند الشارع)(12)، فإن فضل من المال شيء ابتدأ بزوجته: لان نفقتها تثبت عن طريق المعاوضة لا عن طريق الحاجة. وان فضل شيء آخر، وُزِّعَ على الاقارب بالسوية دون تفضيل والد على ولد.
وتجب نفقة الولد على الاب، فان فقد او كان معسراً، فعلى الجد من جهة الاب ، وان فقد او كان معسراً فعلى الام، ثم على ابيها وامها وام الاب بالتساوي. وبالاجمال، فلابد من مراعاة الترتيب، الاقرب فالأقرب ، عدا حالة واحدة وهي تقديم الاب والجد على الام.
_____________
1ـ الكافي : ج ٢ ص ٦١.
2ـ تفسير العياشي : ج ١ ص ١١٧.
3ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٣١٢.
4ـ المسالك ـ باب النفقة.
5ـ الكافي : ج ٢ ص ١١٦.
6ـ العروة الوثقى : ج ٢ ص ٦٠٤.
7ـ المسالك للشهيد الثاني : ج ١ باب الزواج مسألة الكفاءة.
8ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٣٧٢.
9ـ معاني الاخبار : ص ٧٦.
10ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٣٧١
11ـ المسالك ـ باب النفقة الشرعية.
12ـ الجواهر : ج ٣١ ص ٣٦٥.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|