1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الاسلامي :

الخطابة في عصر صدر الإسلام

المؤلف:  جرجي زيدان

المصدر:  تاريخ آداب اللغة العربية

الجزء والصفحة:  ج1، ص187-189

22-03-2015

23696

الفرق بين الخطابة في الجاهلية وفي الإسلام ان الإسلام زادها بلاغة وحكمة بما كان يتوخاه الخطباء من تقليد اسلوب القرآن واقتباس الآيات القرآنية. وقد كان للقران نحو هذا التأثير في الشعر أيضاً. ولكن الخطابة اوسع مجالا للاقتباس، فأخذ الخطباء يرصعون خطبهم بالآيات القرآنية تمثلاً او اشارة او تهديداً حتى لقد يجعلون

الخطبة برمتها مجموع آيات كما فعل مصعب بن الزبير لما قدم العراق واراد ان يحرض أهله على الطاعة لأخيه عبدالله، فصعد المنبر وقال : (بسم الله الرحمن الرحيم طسم تلك آيات الكتاب المبين نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون، ان فرعون علا في الارض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح ابناءهم ويستحي نساءهم انهك كان من المفسدين (واشار بيده نحو الشام) ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين (واشار بيده نحو الحجاز) ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون (واشار بيده نحو العراق)(1).

وزادت الخطابة بعد الإسلام قوة ووقعا في النفوس بنهضة العرب للحروب وانتصارهم في أكثر مواقعها، فازدادوا انفة وسمت نفوسهم فسما بها ذوقهم في البلاغة وشحذت قرائحهم بما شاهدوه في البلاد الجديدة والأمم الجديدة والالسنة الجديدة، فبلغت الخطابة عندهم مبلغا قلما سبقهم فيه أحد من الامم التي تقدمتهم بلاغة وايقاعا وتأثيرا .. حتى اليونان والرومان، ولا ننكر ما كان من تفوق هاتين الامتين في الخطابة وما نبغ بين رجالها من الخطباء الذين لا يشق لهم غبار: كديموستنيس، وبروتاجوراس، وبريكليس، من خطباء اليونان، وشيشرون، وبوليوس قيصر، من خطباء الرومان. ولكن العرب لم يأتوا بأقل مما أتى به أولئك بلاغة ووقعا. وربما كان الخطباء في الإسلام أكثر عددا، وخطبهم أوفر وابلغ مع اعتبار الفرق بين الامتين لغة وخلقا وأدبا.

فقد ذكروا لديموستنيس اخطب خطباء اليونان 61 خطبة نصفها منسوب إليه خطأ، وهذه خطب الامام علي تعد بالمئات. وأما كثرة الخطباء فالعرب كانوا في صدر الإسلام من أكثر الامم خطباء لأن خلفاءهم واسراءهم وامراءهم وقوادهم كان معظمهم من الخطباء حتى النساك والزهاد (2). ولا غرابة في ذلك لان العرب أهل خيال وذوو نفوس حساسة، وللبلاغة تأثير شديد في عواطفهم قعدهم وتقيمهم. وقد كان ذلك من جملة ما ساعد في نشر الإسلام بينهم. وكثيرا ما توقف فتح البلد او الحصن على خطاب يتلوه القائد على رجاله فتثور فيهم النخوة وتسري في عروقهم الحماسة، فيستميتون في الدفاع او الهجوم. وفي أخبار الفتوح ادلة كثيرة لا يساعد المقام على ايرادها. وكثيرون من القواد انما ساعدهم على النصر قوة عارضتهم وتأثير خطبهم في نفوس رجالهم.

وإذا رجعت الى حوادث الفتح او جمع الاحزاب او اخماد الثورات رأيت عجبا. وأول ثورة كادت تهب في الإسلام ثورة أهل المدينة لما بلغهم موت الرسول، فهاجوا حتى خاف الصحابة سوء العاقبة، فقام أبو بكر خطيبا فقال: (أيها الناس ان يكن محمد قد مات فان الله حي لم يمت ..) وتلا الآية الكريمة: (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل، افئن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم (3))) فهذه الكلمات القليلة كانت كافية لإخماد تلك الثورة. وقس على ذلك خطب السقيفة وخطب من تولى بعده من الخلفاء الراشدين.

وأعظم الخطباء في عصر صدر الإسلام الرسول والخلفاء والقواد. وترى امثله من اقوالهم متفرقة في السيرة النبوية وكتب الغزوات والفتوح والتاريخ، وفي العقد الفريد وغيره من كتب الادب، وكلها مطبوعة ومشهورة. وأشهر خطبا ذلك العصر الامام علي بن أبي بن أبي طالب، فقد جمعت خطبه في كتاب (نهج البلاغة) جمعها الشريف المرتضى المتوفي سنة 436هـ، ولا نظن كل ما حواه من الخطب له. وقد شرح نهج البلاغة غير واحد، وطبع مرارا في الشام ومصر. ومنه شرح مطول لعبد الحميد ابن أبي الحديد المعتزلي طبع في طهران في عشرين جزءا، وفيه فوائد جمة عن تاريخ الإسلام وتمدنه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البيان ج2

(2) البيان ج1

(3)البيان ج1والشهرستاني ج1

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي