أحمد النهرجوري أبو أحمد الشاعر العروضي
المؤلف:
ياقوت الحموي
المصدر:
معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة:
ج2، ص40-43
19-06-2015
2868
له في
العروض تصانيف، و هو به عارف حاذق، يجري مجرى أبي الحسن العروضي والعمراني و
غيرهما فيه، وهو مع ذلك شاعر متوسط الطبقة، و هو من أهل البصرة، حدثني أبو الحسن
عن علي بن محمد بن نصر الكاتب قال: اجتمعت به بالبصرة في سنة تسع و تسعين و
ثلاثمائة و أنا في جملة أبي الحسن بن ماسرجيس و سافرنا عنها إلى أرجان مع بهاء
الدولة و خرج النهرجوري معنا و أقام في مصاحبته إلى أن تقلد أبو الفرج محمد بن علي
الخازن البصرة في أواخر سنة اثنتين و أربعمائة فعاد معه إليها ثم وردتها في ذي
القعدة سنة ثلاث و أربعمائة متصلا بخدمة شاهنشاه الأعظم جلال الدولة ابن بهاء
الدولة و قد مات النهرجوري قبل ذلك بشهور بعلة طريفة لحقته من ظهور القمل في جسمه عند حكه إياه إلى أن مات. وكان
شيخا قصيرا شديد الأدمة سخيف اللبسة وسخ الجملة سيئ المذهب متظاهرا بالإلحاد غير
مكاتم له ولم يتزوج قط ولا أعقب وكان أقوى الطبقة في الفلسفة وعلوم الأوائل ومتوسطا
في علوم العربية وعلمه بها أكثر من شعره. وكان ثلّابةً للناس هجّاءً قليل الشكر
لمن يحسن إليه غير مراع لجميل يسدى إليه وأنشدني أشياء كثيرة من شعره ومنه: [المجتث]
(من عاذري من رئيس ... يعد كسبي حسبي)
(لما انقطعت إليه ... وصلت منقطعا بي)
فسمع ذلك أبو العباس بن ماسرجيس فقال: هذا تدليس
منه وأنا المقصود بالهجو وإنما قال من عذيري من وزير وقد راقبني في تعبيره. فلما
توفى النهرجوري حمل إلى أبي العباس مسوداته فوجد فيها القطعة منسوبة إليه فأخرجها ووقفني
عليها وعرفني صحة حدسه فيه. ومن شعره في أبي الوفاء بن الصيقل: [السريع]
(ما استخرج المال بمثل العصا ... لطالبيه من أبي
الغدر)
(أليس قد أخرج موسى بها ... لقومه الماء من الصخر)
وله أيضا: [المنسرح]
(صاح نديمي وشفّه الطرب ... يا قومنا إن أمرنا عجب)
(نار
إذا الماء مسّها زفرت ... كأنها لالتهابها حطب)
وله يهجو طبيبا من أهل الأبلّة يعرف بأبي غسان وكان
قد أغري بهجائه: [الخفيف]
(يا طبيبا داوى كساد ذوي الأكفان ... حتى أعادهم
في نفاق)
(إن تكن قد وصلت رزقهم فيها ... فكم قد قطعت من أرزاق)
(وقع الله في جبينك للأرزاق ... أن ودعي وداع الفراق)
وله فيه أيضا: [الخفيف]
(يا بن غسان أنت ناقضت عيسى ... فهو يحيي الموتى
وأنت تميت)
(يشهد القلب أنه يقدم الغا ... سل أو أن دسته تابوت)
وقال في أبي إسحاق الصابئ يمدحه وهو بالبصرة
بقصيدة أولها: [الكامل]
(لا يذهبن عليك في العواد ... ضعف القوى وتفتت
الأكباد)
(لا تسألي عني سواك فإنما ... ذكراك أنفاسي وحبك
زادي)
(يا سمحة بدمي على تحريمه ... فيما يظن أصادق وأعادي)
(حاشاك أن ألقاك غير بخيلة ... أو أن أرى ما لا
ترين رشادي)
وله
أيضا: [الكامل]
(لو
كان يورث بالتشابه ميت ... لملكت بالأعضاء ما لا يُملك)
(ثُعلٌ
مخاتلة تخبر أنه ... في الناس من نطف الجميع مُشبّك)
قالوا ولم يكن وسخه وقذارته عن فقر فإن حاله
كانت مستقيمة حسنة بل كانت لعادة سيئة فيه وكان الناس يتقون لسانه وكثرة هجائه. قال
ابن نصر: ومدح أبو أحمد النهرجوري أبا الفرج منصور بن سهل المجوسي عامل البصرة
فأعطاه صلة حاضرة هنية والتف به الحواشي فطالبوه فكتب رقعة ودفعها إلى بعض
الداخلين إليه وقال تسلم هذه إلى الأستاذ وكان فيها: [السريع]
(أجازني الأستاذ عن مدحتي ... جائزة كانت لأصحابه)
(ولم يكن حظي منها سوى ... جربذتي يوما على بابه)
فلما وصلت إليه الرقعة خرج في الحال من صرف
الحواشي عنه وصار معه حتى دخل منزله.
الاكثر قراءة في تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة