القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
القيود الملزمة لوحدات الدولة الاتحادية لأبرام الاتفاقيات الدولية
المؤلف:
اسعد كاظم وحيش الصالحي
المصدر:
التنظيم القانوني لأبرام الاتفاقيات الدولية لدى الدولة الاتحادية
الجزء والصفحة:
ص174-177
2025-04-19
142
إلى جانب القيود العامة في الدساتير الاتحادية التي تلزم السلطة الاتحادية والوحدات ، توجد قيود خاصة ملزمة للوحدات الاتحادية عندما تمارس الاختصاص بإبرام الاتفاقيات الدولية ، وقد وردت في هذه الدساتير لغرض تأكيد سيادة الدولة الاتحادية وقدرتها على مواجهة التحديات التي تواجهها ، وسوف نبين هذه القيود في ثلاث بنود وكما يأتي:-
أولا: الحفاظ على وحدة السياسة الخارجية للدولة الاتحادية .
ثانيا:- الخضوع لرقابة الحكومة الاتحادية.
ثالثا: طبيعة الاتفاقيات الدولية المعقودة .
أولا: الحفاظ على وحدة السياسة الخارجية للدولة الاتحادية :
ان منح وحدات الدولة الاتحادية صلاحية إبرام الاتفاقيات الدولية ، لابد ان يقود ذلك المنح إلى توحيد السياسة الخارجية للدولة الاتحادية ، أي بتعبير أخر ، أن لا تكون لتلك الوحدات سياسة متعارضة مع السياسة الخارجية للاتحاد ، ومن بين الأسباب التي تتعارض مع سياسة الدولة الاتحادية ، إذا كانت الاتفاقيات المعقودة من الوحدات الاتحادية تتعارض مع المصلحة الوطنية العليا للبلاد. وتمتلك السلطة الاتحادية وسائل ضغط على الوحدات عند منحها صلاحية إبرام الاتفاقيات الدولية لتستخدمها من اجل احترام توجهات السياسة الخارجية للاتحاد الفيدرالي، ولعل من بين تلك الوسائل السلطة المتعلقة بالإنفاق ، إذ إن السلطة الاتحادية تمتلك . هذا عبر المنفذ رفض تمويل الأعمال الدولية المبرمة من الوحدات الاتحادية (1) .
ويجب كذلك على الوحدات الاتحادية ، احترام الاتفاقيات الدولية المبرمة من الحكومة الاتحادية ، إذ تنص بعض الدساتير على احترام قواعد القانون الدولي وذلك لأن تلك الاتفاقيات تعد جزء من السياسة الخارجية للاتحاد الفيدرالي، وهذا ما نص عليه الدستور السويسري على أن ( يحترم الاتحاد والمقاطعات القانون الدولي ) (2) ، لذلك فإن للاتفاقيات التي يبرمها الاتحاد سيادة على الاتفاقات المبرمة من وحدات الاتحاد ، ويتعين على الوحدات احترامها ، أي يجب ان تكون الاتفاقيات المعقودة من الوحدات الاتحادية لا تخرق صلاحيات الحكومة الاتحادية ، وتتوافق مع السياسة الخارجية للبلاد (3)
وتتضمن الدساتير الاتحادية ، تأكيد سيادة الاتفاقيات الاتحادية على اتفاقيات الوحدات، من ضمنها القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية ، إذ منح الاتفاقية الدولية بموجب نص المادة (25) من القانون ذاته قوة القانون العادي، وبما إن المادة (31) أعطت أعلوية للقانون الاتحادي على تشريعات الولايات الاتحادية ، لذا يمكن القول بأن الاتفاقيات الاتحادية في ألمانيا تتمتع بسيادة على الاتفاقيات المبرمة من الوحدات الالمانية ومن ثم تشكل قيداً على الوحدات في إبرامها للاتفاقيات الدولية .
ويُثار التساؤل ، ما هو الحل عندما تتصرف إحدى الوحدات عند إبرامها الاتفاقيات الدولية الممنوحة لها بموجب النصوص الدستورية متجاوزة السياسة الخارجية للدولة الاتحادية ، يرى بعض من الباحثين عند التعرض لهذه المسألة ، أنها لا يمكن تسويتها عن طريق الوسائل القضائية لحل الخلافات بين السلطة الاتحادية والوحدات الاتحادية بل يمكن إن يكون الحل السياسي أنجع ، فعند اعتراض السلطة التنفيذية الاتحادية على الاتفاقيات التي أبرمتها الوحدات، فيمكن عرض المسالة على الهيأة التشريعية الاتحادية مع تخويل الأخيرة الحق في فسخ الاتفاقية أو الاستمرار في إجراءات الإبرام ، من دون أن يكون قرارها خاضعاً للمراجعة القضائية (4) . ويمكن القول: ان حل مثل هذه المسألة يتم عن طريق الاحتكام الى الدستور الاتحادي ، لكونه المرجع في تنظيم الاختصاصات بين الدولة الاتحادية ووحداتها.
ثانيا :- الخضوع لرقابة الحكومة الاتحادية :
إذا كانت وحدات الدولة الاتحادية تقوم على أساس الاستقلال الذاتي الذي يجعلها تُمارسُ اختصاصاتها الدستورية بنوع من الحرية في المجالات المحددة لها ، إلا إن تلك الحرية الناجمة عن الاستقلال الذاتي لا تعفيها من ممارسة السلطة الاتحادية لرقابتها في الميادين التي يحددها الدستور الاتحادي، ومن ضمنها الرقابة على الاتفاقيات الدولية المبرمة من تلك الوحدات (5) .
ولما كانت السلطة الاتحادية تحتل المركز الأقوى في الدولة الاتحادية ، فإن من حقها أن تمارس تلك الرقابة ، والغاية منها الحفاظ على وحدة الدولة الاتحادية وسيادة الدستور ، لأن الميول الاتحادية العنصر الاكثر قوة من عنصر الاستقلال (6) ، ومن ثم يتعين على الوحدات الاتحادية إذا ما خولها الدستور الاتحادي الاختصاص بالإبرام ، أن تحيط السلطة الاتحادية علماً بذلك عن جميع المفاوضات التي تجريها الوحدات ، و أن تمدها بنصوص الاتفاقيات الدولية المراد إبرامها ، فإن تبين للسلطة الاتحادية أن الاتفاقيات التي تروم الوحدات عقدها فيها تجاوز على الاختصاصات الدستورية ، أو ليس من الاختصاصات المفرزة للوحدات الاتحادية ، أو فيها تهديد للمصلحة الوطنية الاتحادية تعين على السلطة الاتحادية أن تنبئ الوحدات بذلك ، فإذا حدث خلاف بين السلطة الاتحادية والوحدات الاتحادية وجب عرض الأمر أمام أنظار المحكمة الدستورية العليا على وفق الأحكام العامة التي تجيز الطعن بالإجراءات غير الدستورية الصادرة عن وحدات الدولة الاتحادية ، ويتم إرجاء إجراءات الإبرام لحين حسم المسالة من المحكمة (7) .
وبهذا المعنى ، تختص السلطة الاتحادية بحق الرقابة على الوحدات في إبرامها الاتفاقيات الدولية ، إذ تضمن الدستور الألماني لسنة 1949 والسويسري الصادر سنة 1999 والإماراتي لسنة 1971 شرط الحصول على الموافقة المسبقة من الدولة الاتحادية ، عند إبرام الاتفاقيات الدولية من الوحدات الاتحادية (8)، والهدف من وراء ذلك، هو تدارك أي اتفاقية يمكن أن تبرمها الوحدات لها مساس بالمصالح الاتحادية العليا للبلاد ، وكذلك ضمان توافق ما تعقده تلك الوحدات من اتفاقيات دولية مع الاتفاقيات المبرمة من قبل الاتحاد نفسه قد تتناول الموضوع ذاته ، مما قد يخلق بعض المشاكل على الصعيد الدولي (9) ، ومن ثم فان عدم حصول تلك الوحدات على هذه الموافقة يجعل من تلك الاتفاقيات، من دون شك ، باطلة ولا تتمتع بأي قيمة قانونية، بوصفها مبرمة من سلطة غير ذات اختصاص (10) .
ثالثا:- طبيعة الاتفاقيات الدولية المعقودة :
لئن كانت الصلاحية التي منحت إلى وحدات الدولة الاتحادية بإبرام الاتفاقيات الدولية منحت على سبيل الاستثناء ، لذا فهي ليست مطلقة، بما يخولها عقد ما تشاء من اتفاقيات دولية، إذ يجب التفريق بين الاتفاقيات ذات الطابع السياسي، والأخرى التي لا تحمل هذا الوصف ، فأما النوع الأول فتمارس السلطة الاتحادية استقلالية مطلقة بإبرامه ، ولا تمنح الوحدات أية حق بعقد مثل هكذا اتفاقيات (11)، وهذا ما ذهبت إليه جميعا الدساتير الاتحادية التي خولت وحداتها صلاحية إبرام اتفاقيات دولية ، إذ اقتصرت الأخيرة على الجوانب الاقتصادية ، أو الجوانب التشريعية أو الإدارية، من دون إن يكون لها الحق في إبرام اتفاقيات لها علاقة وثيقة بمصلحة البلاد، كالاتفاقيات السياسية أو العسكرية، والهدف من ذلك لضمان عدم اختلال المركز الدولي للدولة الاتحادية إذا ما منحت الوحدات إبرام اتفاقيات سياسية أو تحالفات عسكرية (12).
لذا فان الدساتير التي منحت وحداتها صلاحية عقد اتفاقيات دولية ، استبعدت منها الاتفاقيات السياسية والعسكرية ، إذ حصرها الدستور الألماني على الجوانب التشريعية ، واقتصرت هذه من الناحية العملية على التعليم والثقافة والجوانب الاقتصادية (13) ، وكذلك الدستور السويسري النافذ إذ منح المقاطعات في الفقرة (1) من المادة (56) صلاحية في إبرام اتفاقيات دولية في مجالات اختصاصاتها (14) ، وسار على المنوال نفسه ، دستور دولة الإمارات العربية المتحدة إذ لم يخولها إبرام أية اتفاقيات سياسية، واقتصرت تلك الصلاحية على الجوانب الإدارية للإمارة .
وبناءً على ذلك، فإن جميع الاتفاقيات الدولية ذات الطابع السياسي التي لا تعقد من السلطة الاتحادية تعد باطلة، وذلك لأنّ تلك الاتفاقيات لها ارتباط وثيق بالسيادة ، ومن يمتلك هذا الوصف هي السلطة الاتحادية من دون وحداتها ، لكونها الأقدر على فهم العلاقات الخارجية، ومادامت الدولة الاتحادية لها سيادة خارجية واحدة ، فالنتيجة المترتبة على ذلك هي انه لا يجوز للوحدات الاتحادية ممارسة أي عمل متعلق بالسيادة ومنها الاتفاقيات الدولية (15).
___________
1- هيلين توارار، تدويل الدساتير الوطنية، ترجمة باسل يوسف ، بيت الحكمة ، بغداد ، 2004 ، ص 160 وكذلك البحث ( politicas nacionales) المنشور على موقع الشبكة الافتراضية الآتي: www.ivsl.orgwww.vivendayurbanismo.javarianapdf
2- الفقرة (4) من المادة (5) من الدستور السويسري الصادر سنة 1999.
3- روبرت بوي وكارل فريدريك، دراسات في الدولة الاتحادية ، الجزء الثالث ، ترجمة وليد الخالدي وبرهان دجاني ، بيروت، 1966 ، ص 449. وينظر ، طارق جمباز : اوراق فيدرالية من كوردستان العراق ، مؤسسة ابلك للطباعة والنشر ، كوردستان ، 2008، ص 22
4- نبيل عبد الرحمن حياوي ، الدولة الاتحادية ( الفيدرالية ) ، ط2، المكتبة القانونية ، بغداد ، 2009 ، ص 50.
5- ينظر، د. عادل الطبطبائي ، ( الاستقلال الذاتي لولايات الدولة الاتحادية )، بحث منشور في مجلة الحقوق والشريعة ، كلية الحقوق والشريعة ، جامعة الكويت ، العدد (1) ، السنة الرابعة ، 1980 ،ص97.
6- د. محمد هماوندی ، الفيدرالية والحكم الذاتي واللامركزية الادارية الاقليمية، (دراسة نظرية مقارنه ، ط2، مطبعة وزارة التربية ، اربيل ، 2001، ص 188.
7- روبرت بوي وكارل فريدريك ، مرجع سابق، ص 458.
8- هيلين توارار ، مرجع سابق ، ص158-159.
9- د. معمر مهدي صالح الكبيسي ، توزيع الاختصاصات الدستورية في الدولة الفيدرالية (دراسة مقارنة) ، ط 1 ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ، 2010، ص 253
10- ينظر ، د. بديع شريف: (الفيدرال) بحث في نظام الاتحاد السويسري ، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1949، ص 37.
11- د. الشافعي محمد بشير ، القانون الدولي العام في السلم والحرب ، منشاة المعارف، الاسكندرية ، 1974، ص133.
12- ينظر ، د. عبد الرحمن البزاز : الدولة الموحدة والدولة الاتحادية، دار القلم ، القاهرة ، 1960 ، ص 90.
13- ينظر، د. منذر الشاوي ، فلسفة الدولة، ط1، دار ورد للنشر والتوزيع، الأردن ، 2012، ص164.
14- أشار الدستور السويسري لسنة 1874 (الملغي) بشكل صريح إلى هذا القيد ، إذ نصت المادة السابعة منه على أن يحظر إبرام تحالف خاص أو أي معاهدة ذات طابع سياسي ....... ) وبينت المادة الثامنة منه بأنه للاتحاد وحدة دون غيره إن يعلن الحرب ويعقد الصلح ويعقد الإعلان .
15- ينظر، د. السيد صبري : النظم الدستورية في البلاد العربية ، القسم الثالث، معهد الدراسات العربية العالمية ، جامعة الدول العربية ، 1962 ، ص 15.