نبذ الكتاب
المؤلف:
السيد محمد الحسيني
المصدر:
مكانه القرآن الكريم في المجتمع الإسلامي
الجزء والصفحة:
ص21 -22
2025-07-29
691
قال تعالى: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 187].
النبذ بمعنى الطرح، وهنا يراد به الترك وعدم الاعتناء، قال ابن عباس: نبذوه أي: رموا به ولم يعملوا به، وإن كانوا مقرين به[1]. فعندما ترك المسلمون القرآن قراءة وعملًا أصبحوا أسارى بيد القوى الأجنبية والاستعمارية، فنرى المسلمين اليوم لا يتعاملون مع القرآن بالشكل المطلوب وتركوا العمل بمنهجه القويم، والبعض وضع القرآن في بيته للزينة والتبرك ولا يفتحه إلا للاستخارة أو للفاتحة على أرواح الموتى، في حين أن القرآن الكريم أرسل إلى الأحياء أولًا، لا لكي يُحصر بالقراءة على الأموات فقط.
وقد جاء عن الإمام الجواد (عليه السلام) أنه قال: (وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه، وولاهم عدوهم حين تولوه، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية...)[2].
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (من قرأ القرآن فمات فدخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزواً)[3].
وأمير المؤمنين (عليه السلام) أشار في خطبه إلى حالة المسلمين هذه، والمصير الذي سينتهون إليه نتيجة تركهم لكتاب الله (عز وجل)، وهذا ما نراه في المسلمين اليوم؛ إذ أنهم قد تأخروا وسيطر الأعداء والقوى الظالمة عليهم وهذا هو جزاء من عمل بغير كتاب الله سبحانه وتعالى، وإذا ما رجع المسلمون إلى القرآن الكريم، وعملوا به وفق أوامره ونواهيه وتعاليمه ومناهجه، فسوف تعود إليهم عزتهم ومكانتهم السامية بين الأمم مرة أخرى.
قال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15، 16] .
فإننا برجوعنا إلى القرآن الحكيم سوف نستلهم الدروس والعبر التي من خلالها يمكن أن نأخذ بأيدي الأمة نحو التقدم والسعادة كما يكن بذلك كسر شوكة المستعمرين، إن القرآن الكريم يصف لنا أخلاق صاحب الرسالة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي يجب التمسك بها رغم الفاصلة الزمنية البعيدة التي تفصلنا عنه.
فالمسلمون بهذه الطريقة يشعرون أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) حي بتعاليمه وأخلاقه ونهجه وسيدحرون القوى الباطلة الظالمة ويلبسونهم لباس الذل والهوان بإذن الله سبحانه وتعالى...
[1] انظر التبيان في تفسير القرآن: ج 3 ص 74 سورة آل عمران.
[2] بحار الأنوار: ج 75 ص 359 ب 27 ح 2.
[3] نهج البلاغة، قصار الحكم: 228..
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة