تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
معنى كلمة قرء
المؤلف: الشيخ حسن المصطفوي
المصدر: التحقيق في كلمات القران الكريم
الجزء والصفحة: ج 9 ، ص 241- 249.
10-12-2015
12922
مصبا - قرى : والقرء فيه لغتان : الفتح وجمعه قروء ، والضمّ ويجمع على أقراء ، ويطلق على الطهر والحيض ، ويقال إنّه للطهر ، وذلك أنّ المرأة الطاهر كأنّ الدم اجتمع في بدنها وامتسك ، ويقال إنّه للحيض. وأقرأت إذا حاضت ، وأقرأت إذا طهرت ، فهي مقرئ ، وقرأت امّ الكتاب وبامّ الكتاب ، يتعدّى بنفسه و بالباء ، قراءة وقرءانا ، ثمّ استعمل القرآن اسما ، والفاعل قارئ ، وقرأة وقرّاء وقارئون. وقرأت على زيد السلام أقرؤه عليه قراءة.
مقا - قرى : أصل صحيح يدلّ على جمع واجتماع. وإذا همز يقولون : ما قرأت هذه الناقة سلى ، كأنّه يراد أنّها ما حملت قطّ. قالوا ومنه القرآن ، كأنّه سمّى بذلك لجمعه ما فيه من الأحكام والقصص وغير ذلك. فأمّا أقرأت المرأة : كأنّها قد جمعت دمها في جوفها ، ويقولون إنّما إقراؤها خروجها من طهر الى حيض ، أو حيض الى طهر.
مفر- قرأت المرأة : رأت الدم ، وأقرأت : صارت ذات قرء. وقرأت الجارية : استبرأتها بالقرء. والقرء في الحقيقة اسم للدخول في الحيض عن طهر ، ولمّا كان اسما جامعا للأمرين : اطلق على كلّ واحد منهما ، وليس القرء اسماء للطهر مجرّدا ولا للحيض مجرّدا ، بدلالة أنّ الطاهر إذا لم تر أثر الدم لا يقال لها ذات قرء ، وكذا الحائض الّتى استمرّ بها الدم والنفساء لا يقال لها ذلك. والقراء ضمّ الحروف والكلمات بعضها الى بعض في الترتيل ، وليس يقال لكلّ جمع ، ولا يقال قرأت القوم إذا جمعتهم ، والقرآن في الأصل مصدر.
التهذيب 9/ 274- اللحياني ، يقال : قرأت القرآن وأنا اقرؤه قرءا وقراءة وقرءانا ، وأنا قارئ من قوم قرّاء وقرأة وقارئين ، وأقرأت غيرى اقرءه إقراء ، ومنه قيل فلان المقرئ. ويقال أقرأت من سفري ، أي انصرفت. وأقرأت من أهلي ، أي دنوت. وأقرأت حاجتك وأقرأ أمرك : دنا ، وقال بعضهم استأخر. وأقرأه ، أي حبسه. وقرأت وتقرّأت : صرت ناسكا. وتقرّأت : تفقّهت.
والتحقيق
أنّ الأصل الواحد في المادّة : هو تفهم وضبط معاني مكتوبة بالبصر. مادّيّا أو معنويّا.
والمعاني عبارة عن مفاهيم ومطالب مقصودة. والكتابة عبارة عن ثبتها
بألفاظ وحروف أو نقوش وصور مناسبة في صفحات خارجيّة أو أنفسيّة أو في اللوح المحفوظ عند اللّٰه تعالى. والبصر أعمّ من أن يكون قوّة محسوسة أو بصيرة باطنيّة أو روحانيّة صرفة.
ففي القراءة لازم أن تتحقّق هذه الخصوصيّات : وأمّا التوجّه الى المفاهيم بالقلب أو ضبطها بالسمع أو بحاسّة اخرى : فليس من مصاديق مفهوم القراءة.
وبهذه المناسبة تطلق المادّة على القرب والتفقّه والجمع مجازا.
وأمّا القرء بمعنى الحيض : فانّ القرء كالغسل اسم مصدر ، بمعنى ما يتحصّل من القراءة ، وحالة الحيض وزمانها إنّما تتحصّل في نتيجة قراءة المرأة حالاتها وجريان أمورها وتحوّلات أيّامها ، إذ بها تتعيّن ما لها من الوظائف الشرعيّة والعرفيّة وتتغير تكاليفها اللازمة وتتبدّل مجارى أمورها الطبيعيّة ، وبها تتميّز أوقاتها وأيّامها ، كما في خصوصيّات الأعمال وبرنامج الطهارة والنظافة وإقامة العبادات وفي حساب العدّة في النكاح والطلاق والاجتناب عن امور معيّنة وغيرها.
وأمّا إطلاق القرء على الطهر فليس بصحيح إلّا تجوّزا بالمجاورة.
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ } [البقرة : 228] فلازم لهنّ مطالعة أحوالهنّ والدقّة في جريان أيامهنّ وحساب قروئهنّ والتربّص حتّى تنتهي ثلاثة قروء.
وكما أنّ الكتابة تحدث وتكتب في صفحات صافية نقيّة ثمّ تقرأ هذه الكتابة كذلك الحيض تحدث في صفحات أيّام الطهارة الطبيعيّة الأصيلة الجارية ، فلا بدّ أن يكون الضبط والقراءة والحساب عليها.
ثمّ إنّ الكتابة إمّا في الألواح الخارجيّة كما في- كتبت في القرطاس.
وإمّا في الألواح الطبيعيّة بحدوث جريانات وحوادث خارجيّة ، سواء كانت في موضوع شخصي أو في عالم ، كما في تثبّت حالات الحيض في متن
الطهر.
وإمّا في ألواح الأنفس ، بما تنتقش فيها من الصفات والأفكار.
وإمّا في اللوح المحفوظ عند اللّٰه تعالى ، يضبط فيه ما يقضى ويقدّر.
فالقراءة أيضا تتعلّق بهذه المكتوبات الأربعة :
فالأوّل- كما في - {حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} [الإسراء : 93] والثاني - كما في - {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة : 228] والثالث - كما في - {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [الإسراء : 14] والرابع - كما في- {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة : 77، 78] والقرآن مصدر جعل اسما للكتاب المنزل للنبي صلى الله عليه واله ، وهذه التسمية بلحاظ أنّه يقرأه اللّٰهُ ويقرأه الرسول ويقرأه الناس : وليس شيء غيره تكون له هذه الخصوصيّات الثلاثة :
أمّا قراءة اللّٰه عزّ وجلّ : فيقول تعالى-. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة : 18]. {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج : 21، 22] فالقرآن في هذه المرتبة في لوح محفوظ عند اللّٰه تعالى ، وهو اللوح الظاهر فيه ما يقضى ويقدّر من الأحكام والحقايق ، وهو لوحة من علم اللّٰه المحيط يفسّرها القرآن وتتجلّى فيه ، والقارئ لها هو اللّٰه عزّ وجلّ ، وهو ينزل على لوح قلب النبيؤ الأكرم ، ويأخذه بقلبه ويراه رؤية شهود وحضور.
وأمّا قراءةُ النبىّ الأكرم : فيقول تعالى-. {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } [الأنعام : 19]
{طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ } [النمل : 1]. {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء : 106] فهذا القرآن المجيد قد اوحى ونزل على قلب النبىّ الأكرم وشاهده مشاهدة حضور ثمّ يؤمر بتلاوته وقراءته على الناس ، ليتوجّهوا الى وظائفهم الّتى تقدّر وتقضى من جانب اللّٰه تعالى ، فالقرآن من اللّٰه تعالى نازل على النبي صلى الله عليه واله ليقرأه على الناس.
وأمّا قراءة الناس : فيقول تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل : 20] فانّ القرآن قد نزل لهداية الناس الى السعادة والكمال والبرّ والخير في الحياة الدنيا والآخرة ، فواجب لهم أن يقرءوه ويتعلّموا منه ما يرشدهم الى فلاحهم وصلاحهم.
فيتحصّل هنا مطالب لازم أن نشير اليها.
1- إنّ كلمة القرآن مأخوذةُ من مادّة القراءة ، لا من القرى ، ولا شيء غيره يتّصف بالقراءة بمراتبها الّتى ذكرناها ، بألفاظها ومعانيها ، ولا خصوصيّة فيه لمفهوم القرى والتجمّع.
2- إنّ القرآن بهذه الخصوصيّات نازل من جانب اللّٰه عزّ وجلّ إلينا ، فانّه يقضى ويقدّر من جانب اللّٰه ، ويثبت في اللوح الروحاني الإلهي ، ثمّ ينزل منه بالوحي الى قلب النبي صلى الله عليه واله فيشاهده في قلبه بالعلم الحضوري ، ثمّ يقرأه الرسول ص على الناس ، فيضبطونه في الألواح.
3- إنّ اللوح المحفوظ هو مرتبة ظهور العلم والحكمة بالقضاء والتقدير ، وفيها تتبيّن خصوصيّات الأمور ، فانّ العلم الإلهي هو ما يظهر من الحياة في نور الذات بما لا يتناهى ، فيحيط بكلّ شيء ولا يعزب عن علمه شيء ، وذلك العلم إذا اقترن به الإرادة والحكمة والقضاء والتقدير : يتبيّن امور وتتحصّل خصوصيّات الأحكام والموضوعات ، وهذه مرتبة فيها يضبط ويحفظ التقديرات الإلهيّة وتتعيّن فيها ، ثمّ تظهر منها محدودة في الخارج ما شاء وقدّر وأراد.
4- القرآن بجميع خصوصيّاته لفظا ومعنى وحكما وبجزئيّات مفاهيمه نازل من اللّٰه عزّ وجلّ في هذا اللوح المحفوظ على طبق حكمته وتقديره ، ويضبط ويكتب فيه ، ثمّ ينزّل منه على قلب النبىّ الأكرم بمقدار اتّصاله باللوح وحضوره وشهوده وعلى ما شاء ويريد.
وإن كانت كليّاته وإجمال مفاهيمه نازلة عليه قبل نزول جزئيّاته ، والى هذا المعنى يشير قوله تعالى :
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر : 1]. {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة : 185]. {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه : 114]. {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل : 6]. {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [يس : 2، 3]. {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ } [الواقعة : 77، 78]. {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا} [الإنسان : 23]. {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج : 21، 22]. {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء : 106]. {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ } [فصلت : 3] - لمّا كان القرآن بألفاظه وبمعانيه نازلا من جانب اللّه تعالى : فللمسلم المعتقد المقتدى به أن يجتهد في تحقيق تلك الألفاظ حقّ التحقيق كما يجب له التحقيق في معانيه ، وكما أنّ تحصيل حقائق المعاني والمعارف والأحكام في القرآن لازم لنا : كذلك تحصيل المعاني الحقيقيّة للألفاظ القرآنيّة ، فانّ القرآن الكريم نزل معجزا من جانب اللّه تعالى ، وانتخب في مقام التعبير عن الحقائق والمعارف والحكم أحسن كلمة وأدقّ لفظ وأحقّه وأبينه وأخصّه دلالة على تلك المعاني المطلوبة ، فانّ الكلمات قوالب ومرائي للمعاني ، وأي خصوصيّة كانت في المعاني لا بدّ أن يدلّ عليها الألفاظ وتستكشف من إراءة الكلمات.
وقد قلنا في مقدّمات الكتاب إنّ الكلمات القرآنيّة ما استعملت إلّا في معانيها الحقيقيّة ، وليس في القرآن تجوّز ، فانّ التجوّز يوجب وهنا واضطرابا وترديدا في تعيين المراد ، بل وقد يوجب انحرافا وضلالا عن تبيّن الحقّ ، ويفسّر كلّ أحد كلام اللّه على طبق رأيه ، ويؤوّل كلّ شخص مشكله ومتشابهه على ما يوافق فهمه.
نعم حينئذ يفسّر القرآن الكريم على ما يوافق الأفهام ، ويتنزل سطح معارفه وحقائقه على ما يطابق أفكار الناس ، فالقرآن ينطبق على آرائهم واعتقاداتهم ، مع أنّ اللازم تطبيق الآراء عليه.
فالقرآن المجيد هو ميزان الحقّ والحقيقة بألفاظه ومعانيه ، وهو مظهر الحقّ ومبينه - { تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ} [النمل : 1] - قلنا إنّ القرآن الكريم معجز للبشر لفظا ومعنى- { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء : 88] أمّا لفظا : فانّ كلّ كلمة فيه ، قد انتخب من بين مترادفاته وأشباهه بمعناه الحقيقىّ على المطلوب مع خصوصيّات فيه ، ولا يصحّ وضع كلمة اخرى مكانه ، فانه يفوت لطف خصوصيّة منظورة فيه ، لأنّ كلّ كلمة من المترادفات له خصوصيّة وامتياز مخصوص ليس في غيره ، وقد أشرنا في الكتاب الى خصوصيّة كلّ كلمة والى لطف التعبير به في مورده.
وهكذا انتخاب كلّ صيغة مخصوصة من بين الصيغ المختلفة ، وتقديم كلّ كلمة وتأخيره وسائر الخصوصيّات المذكورة في علوم البلاغة.
وأمّا معنى : فانّ كلّ ما يذكر فيه في كلّ موضوع وفي أي جهة : حقّ مقطوع مسلّم يوافق الواقع ويكشف عن الحقّ بحيث لا يعتريه وهن ولا ريب.
وهذه الأمور والخصوصيّات لا يمكن لأحد أن يراعيها حقّ الرعاية ، فانّه يحتاج الى حضور جميع هذه الخصوصيّات والامتيازات اللفظيّة والمعنويّة في ذهن المتكلّم بحيث يراها في آن واحد يتكلّم فيه بكلمة ، وهذا غير ممكن للبشر.
وهذا حقيقة قوله تعالى :
{لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء : 88].
وهذا المعنى لا يعرفه حقّ المعرفة إلّا الأوحديّ الجامع في العلوم الأدبيّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة والعرفانيّة الحقّة.
7- قلنا إنّ القرآن مصدر كالغفران ، ويطلق على ما ينزل من جانب اللّه المتعال بلفظه ومعناه على رسول اللّه ص ، مبالغة ، فانّه يقرأه اللّه ويقرأه الرسول ويقرأه الناس ، فكأنّه قراءة ، كما في زيد عدل ، وهذا الإطلاق في قبال مطلق القرآن كلّا أو جزءا.
فيصدق على كلّ آية نزلت ، أو سورة : أنّها قرآن ، وهكذا على مجموع السور والآيات المدوّنة {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا } [الجن : 1 {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه : 114]. {آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ } [الحجر: 1]. {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} [يوسف : 3] - قلنا إنّ القرآن مصدر بمعنى تفهّم وضبط ما يكتب بالبصر ، والكتابة هو ثبت شيء بألفاظ أو غيرها ، وبهذا الأصل يظهر حقيقة قوله تعالى :
{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء : 78] فالمراد ضبط ما يثبت من أثر الفجر ونقش انشقاق في الأفق ، وتفهّم هذه الكتابة.
____________________________________
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، ٦ مجلدات ، طبع مصر . ١٣٩ هـ.
- مفر = المفردات في غريب القرآن للراغب ، طبع ~ ١٣٣٤ هـ.