مفهوم التضليل الإعلامي
المؤلف:
الدكتور بطرس خالد
المصدر:
الإعلام والحرب النفسية
الجزء والصفحة:
ص 182- 183
2025-12-11
49
مفهوم التضليل الإعلامي:
التضليل الإعلامي هو عمل إعلامي منظم ومخطط له يهدف للسيطرة على للمتلقي، فعمليات التضليل الإعلامي ليست عملاً عشوائياً أو غير مقصود، بل هي عمل مركّز قصدي وهدفي تعتمده مركزيات المال والسلطة والإعلام كمنهجية شبه ثابتة لتحقيق المصالح، وأيضاً تتبناه في الأعم والأغلب الحكومات والمؤسسات والأحزاب بمستويات متعددة ولأهداف متنوعة، ويكاد يكون عاماً وشاملاً يمارسه الأعم الأغلب من وسائل الإعلام على تنوعها المرئي والمسموع والمقروء والرقمي والتواصلي لتحقيق المصالح.
التضليل الإعلامي وإن كان ليس بجديد على الممارسات الإعلامية، لكن الجديد سعة وسطوة الهيمنة الإعلامية بسبب التطور الهائل لوسائل الإعلام والاتصال، الذي جعل العالم قرية صغيرة، حيث يقول الباحث الفرنسي "فرانسوا جيريه" في كتابه قاموس "التضليل الإعلامي" أنَّ التضليل الإعلامي قديم قدم الإعلام نفسه.
يأتي التضليل في اللغة من الفعل ضل وهو ضد الهدى والرشاد، ويُقال أضللت فلاناً أي أحدته عن الطريق، والضليل كثير الضلال وبالنظر إلى التعريفات اللغوية إلا أن علماء اللغة لم يخرجوا في تعريفهم للتضليل عن المعنى الاصطلاحي له، والذي يعني تعمد إخفاء بعض الأمور كي ل يهتدي الباحث إلى ما يريد، وعليه فإن التضليل الإعلامي هو صرف الجمهور عن عنصر الحقيقة في موضوع معين، أو إخفاؤها عنه ويعتقد البعض أن مفهوم التضليل بشكل عام هو الكذب، وأن الكذب هو عكس الحقيقة، إلا أن مفهوم التضليل لكي يحقق هدفه لا يجب أن يكون عكس الحقيقة لكنه يجب أن يحتوي على جزء من الحقيقة لكي يخفي معالم التضليل ويستنكر وجوده.
فمفهوم التضليل الإعلامي هو عرض جزء من الحقيقة أو البناء الخاطئ على حقائق واضحة وثابتة وموثقة وذلك للوصول إلى تحقيق الهدف من وجود هذا البناء الخاطئ في المفاهيم أو الخلط بين مفهومين أو أكثر على اعتبار أنها مترادفات لمعنى واحد، وذلك في غياب وتغييب مفهوم كل عنصر من عناصر الخليط على حده.
فإذا كانت وسائل الإعلام قادرة على نشر المعرفة وتزويد الناس بالمعلومات والحقائق الكفيلة بتوسيع آفاقهم، فإنها تستطيع أيضا تزييف الحقائق، ومن ثم تستطيع أن تفرض على الناس مفاهيم وآراء هابطة مضادة لما يتطلعون إليه من أهداف وقيم اجتماعية سامية.
والتضليل الإعلامي وفقاً لذلك يعني تزويد وسائل الإعلام بمعلومات كاذبة لا تخلو من مزج واضح بين الواقع، وتفسيرها بشكل مقصود ممزوجة بالأكاذيب كي لا يفاجأ المتلقي عند تلقي التكذيب، فلا يعد بإمكانه معرفة الحقيقة من التضليل.
ولم ينقل المصطلح إلى اللغة الإنجليزية Disinformation إلا في الستينيات من القرن العشرين، ليشير إلى التسريب المقصود للمعلومات المضللة.
أما في فرنسا فقد ظهر هذا المفهوم لأول مرة في العام 1974 ودخل القاموس الفرنسي مع بداية الثمانينات وقد تضمن دلالات سياسية أساساً، أي أن النية المبيتة لتضليل الرأي العام وإبقائه على جهل تام بمشكلة خطيرة أو عدم تنويره بما فيه الكفاية حول مسائل هامة.
وعليه يمكن أن نستخلص مما سبق أن التضليل الإعلامي يمكن أن يشير إلى محاولات مصادر، معلن عنها أو غير معلن عنها، التلاعب بالرأي العام أو بجهات أخرى عن طريق وسائل الإعلام، وباستعمال معلومات كاذبة أو مفبركة أو إخفاء معلومات حقيقية لتحقيق أهداف سياسية غير موضحة للجماهير.
الاكثر قراءة في الدعاية والحرب النفسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة