الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أبو الحسن التِهامي
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج3، ص75-77
25-12-2015
3298
هو أبو الحسن عليّ بن محمّد بن نهد التهاميّ من مكّة أو من جوارها، كان في أوّل أمره من السوقة ثم رحل إلى الشام و اتّصل ببني الجرّاح شيوخ بني طيّ المستبدّين بحكم الرملة و عسقلان (فلسطين) فأخذ بمدحهم و طال مكثه عندهم. يخبرنا ابن خلّكان (2:54-55) أنّ التهامي «وصل الى الديار المصرية مستخفيا و معه كتب (رسائل) كثيرة من حسّان بن مفرّج بن دغفل البدويّ، و هو متوجّه بها إلى بني قرّة. فظفر به (رجال الحاكم بأمر اللّه) فقال لهم: أنا من بني تميم. فلمّا انكشفت حاله عرف أنه التهاميّ الشاعر فاعتقل في خزانة البنود، و هي سجن بالقاهرة، و ذلك لأربع بقين من شهر ربيع الآخر 416(1025 م) . و قد كان يحمل رسائل الى بني قرّة البدو للثورة على الحكم الفاطمي في مصر (1). و بعد نحو أسبوعين قتل التهاميّ في سجنه سرّا.
التهاميّ شاعر مقلّ، و لكنّه مجيد محسن فصيح الكلام سهل التراكيب رقيق، غير أنّ له مبالغات. و له مديح و رثاء و غزل و وصف و حكمة و ذمّ للدنيا.
مختارات من شعره:
- قال التهامي في الرحمة للحاسدين:
إنّي لأرحم حاسديّ لحرّ ما...ضمّت صدورهم من الأوغار (2)
نظروا صنيع اللّه بي، فعيونهم... في جنّة و قلوبهم في نار
و من الرجال معالم و مجاهل... و من النجوم غوامض و درار (3)
و الناس مشتبهون في إيرادهم... و تباين الأقوام في الإصدار (4)
ذهب التكرّم و الوفاء من الورى... و تصرّما، إلاّ من الأشعار
و فشت خيانات الثقات و غيرهم... حتى اتّهمنا رؤية الأبصار
- و قال يرثي ابنه و قد مات صغيرا:
حكم المنية في البريّة جار... ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبرا... حتى يُرى خبرا من الأخبار
طبعت على كدر، و أنت تريدها... صفوا من الأقذار و الأكدار
و مكلّف الأيام ضدّ طباعها... متطلّب في الماء جذوة نار
و إذا رجوت المستحيل فإنّما... تبني الرجاء على شفير هار (5)
فالعيش نوم، و المنيّة يقظة... و المرء بينهما خيال سار
و النفس، إن رضيت بذلك أو أبت... منقادة بأزمّة المقدار (6)
إنّي وترت بصارم ذي رونقٍ... أعددتّه لطلابة الأوتار
يا كوكبا ما كان أقصر عمره... و كذا تكون كواكب الأسحار
ولد المعزّى بعضه؛ فإذا انقضى... بعض الفتى فالكلّ في الآثار (7)
جاورت أعدائي و جاور ربّه... شتّان بين جواره و جواري
- و قال في الغزل و النسيب:
إنّي لأعجب من جبينك كيف لا... يطفي لهيب الوجنتين بمائه
ما أبصرت عيناي شيئا مونقا... إلاّ و وجهك قائم بإزائه
حرّق سوى قلبي ودعه، فإنّني... أخشى عليك فأنت في سودائه (8)
- و له في الغزل:
قلت لخلّي و ثغور الربا... مبتسمات و ثغور الملاح
أيّهما أحلى، ترى، منظرا... فقال: لا أعلم، كلّ أقاح
____________________
1) راجع ترجمة الوزير أبي القاسم بن المغربي (ت 418 ه) ، تحت، ص 78.
2) الأوغار جمع وغر (بسكون الغين أو بفتحها) : الحقد، الضغن، التوقد من الغيظ.
3) معالم: مشهورون، يهتدى بهم. مجاهل: مغمورون، لا قيمة لهم. غوامض: خفيات، لا ترى. دراري: لامعات.
4) مشتبهون: مستوون، يشبه بعضهم بعضا. ايرادهم: حضورهم، مجيئهم الى الدنيا، تكوينهم. - و لكن الناس يختلفون في إصدارهم (ما يصدر عنهم من السلوك و الاعمال) .
5) الشفير: المنحدر الحاد. الهاري: الذي لا يثبت تحت الاقدام (لأنه من رمل) .
6) المقدار: القضاء و القدر.
7) في الآثار: تابع على الأثر.
8) سوداء القلب: وسطه (البطين الذي يلفى فيه الدم بعد الموت) .