1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب :

أبو الفرج الأصفهاني

المؤلف:  عمر فرّوخ

المصدر:  تأريخ الأدب العربي

الجزء والصفحة:  ج2، ص490-495

26-12-2015

4391

هو أبو الفرج عليّ بن الحسين بن محمّد بن أحمد الأصفهانيّ (أو الأصبهاني) ، كان من نسل مروان بن الحكم أمويّا قرشيّا عربيّا، و كان شيعيّ المذهب، و هذا-كما يقول ابن الأثير (1)-من العجب!

ولد أبو الفرج الأصفهانيّ في أصبهان، سنة 284 ه‍(987 ه‍) و نشأ في بغداد و تلقّى العلم فيها على ابن دريد و أبي بكر بن الأنباريّ و الأخفش الأصغر و نفطويه و الطبري و سواهم. ثم نال حظوة عند معزّ الدولة البويهيّ و عند وزيره أبي محمّد الحسن المهلّبي.

و بعد أن كان الأصفهاني قد قضى خمسين سنة في تأليف كتاب الأغاني جاء إلى حلب و قدّمه إلى سيف الدولة فأعطاه سيف الدولة ألف دينار (و كان سيف الدولة يعطي المتنبّي ألف دينار على القصيدة الواحدة) . و لم تطل إقامة الأصفهانيّ في حلب، فقد عاد إلى بغداد حيث توفّي في 14 من ذي الحجّة سنة 356 ه‍(خريف 967 م) .

خصائصه الفنّيّة:

الاصفهانيّ من الأدباء المحسنين و المصنّفين المكثرين، كان حافظا للحديث و الأشعار و لأنساب العرب و أيامهم و أخبارهم، عالما باللغة و النحو و بعدد من العلوم الطبيعية كعلم الطيور الجوارح و الطب و النجوم. و له شعر يجمع إتقان العلماء و إحسان الشعراء الظرفاء. و يدور شعره على المدح و الهجاء و على عدد من الأغراض الوجدانية.

المختار من آثاره:

و مؤلّفات الأصفهانيّ كثيرة (2) منها كتاب الأغاني، كتاب المماليك الشعراء، كتاب مقاتل الطالبيين، كتاب الخمّارين و الخمّارات، كتاب نسب بني عبد شمس، كتاب التعديل و الانتصاف في أخبار القبائل و أنسابها و يسمّى أيضا جمهرة أنساب العرب. و جمع الاصفهاني عددا من دواوين الشعراء منها: ديوان أبي تمّام و أبي نواس و البحتري.

كتاب الاغاني:

كان هارون الرشيد قد أمر المغنّين أن يختاروا له مائة صوت (3)، ثم طلب منهم أن يختاروا من هذه عشرة ثم ثلاثة. فلما جاء الأصفهاني جعل الأصوات المائة أساس كتاب له سماه كتاب الاغاني. بدأ الأصفهاني كتابه بالأصوات الثلاثة و أصحابها: بدأ بأبي قطيفة ثم بمعبد ابن وهب الذي غنّى صوت بي قطيفة. و ثنّى بعمر بن أبي ربيعة ثم بابن سريج الذي غنّى صوت عمر. و ثلّث بنصيب بن رباح ثم بمسلم بن محرز الذي غنّى صوت نصيب. بعدئذ جاء بالشعراء و المغنين على غير نسق مخصوص.

في كتاب الأغاني أربعمائة من الشعراء في الأكثر و من المغنين في لأقلّ ترجم لهم الأصفهاني تراجم مقصودة مبسوطة تناول فيها أنسابهم و أخبارهم و أشعارهم و أصواتهم. فإذا اعتبرت الشعراء و المغنّين الذين ورد ذكرهم في كتاب الاغاني عرضا مع شيء من أخبارهم و أشعارهم، بلغ هؤلاء ألفا و مائتين. فإذا اعتبرت سائر الأعلام من الأدباء و الولاة و الخلفاء و اللغويين و القواد و الأعيان و العوامّ كان لك في كتاب الأغاني ثروة تاريخية أدبية لا مثيل لها.

ثم إنّ في كتاب الأغاني صورة مبسوطة للحضارة العربية منذ الجاهلية إلى أواخر القرن الثالث للهجرة (التاسع للميلاد) تتناول الحياة الاجتماعية في جانبها الهيّن المرح في الأكثر: مجالس اللهو و الخمر، حياة البلاط، الأسواق الأدبية، اللباس و الطعام، صلات الخلفاء و الأمراء بالشعراء و بالعامة، الغناء و أسبابه و قواعده، الخ.

على أن الأصفهاني لم يحاول أن يتّبع في كتابه كلّه نسقا مخصوصا و لا قاعدة ثابتة، و لا هو أراد أن يستنفد الأخبار التي جاء بها أو أن يحقّقها أو أن يأتي بها دائما منسوبة إلى رواتها، بل ربما لفّق الخبر إلى شبهه، أو ترك الخبر الأوثق ليأتي بالخبر الأطرف. إن الأصفهاني لم يرد أن يؤلّف كتابا في قواعد الغناء أو تاريخ الشعر، و لا كان همّه الإتيان بالتاريخ على وجهه. و لكن بما أن الكتب التي اعتمدها الأصفهانيّ قد ضاعت، فإنّ كتاب الأغاني يعدّ اليوم مصدرا أساسيا (4) للشعر العربي و للحياة العربية في الجاهلية و صدر الإسلام و في صدر الدولة العبّاسيّة، ثم مصدرا مهمّا في التاريخ العربي.

مختارات من مقدّمة كتاب الاغاني

قال مؤلّف هذا الكتاب: «و لعل بعض من يتصفّح (كتابنا) ينكر تركنا تصنيفه أبوابا على طرائق الغناء أو على طبقات المغنّين في أزمانهم و مراتبهم، أو على ما غنّي به من شعر شاعر. و المانع من ذلك و الباعث على ما نحوناه علل: منها أنّا لمّا جعلنا ابتداءه الثلاثة الاصوات المختارة كان شعراؤها من المتأخّرين، و أوّلهم أبو قطيفة، و ليس من الشعراء المعدودين و لا الفحول، ثم عمر بن أبي ربيعة ثم نصيب. فلمّا جرى أول الكتاب هذا المجرى، و لم يمكن ترتيب الشعراء فيه، ألحق آخره بأوله و جعل على حسب ما حضر ذكره. و كذلك المائة الصوت المختارة فإنها جارية على غير ترتيب الشعراء و المغنين. و ليس المغزى في هذا الكتاب ترتيب الطبقات و إنما المغزى فيه ما ضمّنه من ذكر الاغاني بأخبارها، و ليس هذا مما يضرّ فيها. و منها أن الاغاني قلّما يأتي منها شيء ليس فيه اشتراك بين المغنين في طرائق مختلفة لا يمكن معها ترتيبها على الطرائق، إذ ليس بعض الطرائق، و لا بعض المغنّين، أولى بنسبة الصوت اليه من الآخر. و منها أن ذلك لو لم يكن كذلك لم يخل فيها-إذا أتينا بغناء رجل رجلٍ و أخباره، و ما صنّف اسحاق و غيره-من أن نأتي بكل ما أتى به المصنّفون و الرواة منها، على كثرة حشوه و قلّة فائدته، و في هذا نقض ما شرطناه من إلغاء الحشو، أو أن نأتي ببعض ذلك (فقط) فينسب الكتاب إلى قصور عن مدى غيره.

و كذلك تجري أخبار الشعراء، فلو أتينا بما غنّي به من شعر شاعر منهم و لم نتجاوزه حتى نفرغ منه. . . . لكانت للنفس عنه نبوة و للقلب منه ملّة. و في طباع البشر محبّة الانتقال من شيء إلى شيء، و الاستراحة من معهود إلى مستجدّ. و كلّ منتقل اليه أشهى إلى النفس من المنتقل عنه، و المنتظر أغلب على القلب من الموجود. و إذا كان هذا هكذا فما رتّبناه أحلى و أحسن ليكون القارئ له-بانتقاله من خبر إلى غيره، و من قصّة إلى سواها، و من أخبار قديمة إلى محدثة، و مليك إلى سوقة، و جدّ إلى هزل-أنشط لقراءته و أشهى لتصفّح فنونه، لا سيّما و الذي ضمّنّاه اياه أحسن جنسه و صفو ما ألّف في بابه و لباب ما جمع في معناه!»

لأبي الفرج الأصفهانيّ دفاع عن أبي تمّام يتكافأ فيه الأدب الرفيع و الخلق النبيل. قال أبو الفرج (الاغاني 15:96،12:67، بولاق 12:70) :

«و في عصرنا هذا من يتعصّب له فيفرط حتّى يفضّله على كلّ سالف و خالف، و أقوام يتعمّدون الرديء من شعره فينشرونه و يطوون محاسنه، و يستعملون القحة و المكابرة في ذلك ليقول الجاهل بهم إنّهم لم يبلغوا علم هذا و تمييزه إلا بأدب فاضل و علم ثاقب. و هذا مما يتكسّب به كثير من أهل هذا الدهر و يجعلونه، و ما جرى مجراه من ثلب الناس و طلب معائبهم، سببا للترفّع و طلبا للرئاسة. و ليست إساءة من أساء في القليل و أحسن في الكثير مسقطة احسانه. و لو كثرت إساءته أيضا ثم أحسن لم يقل له عند الإحسان اسأت، و لا عند الصواب أخطأت! و التوسّط في كل شيء أجمل، و الحقّ أحقّ أن يتّبع. . .

«. . . و قد فضّل أبا تمّام من الرؤساء و الكبراء و الشعراء من لا يشقّ الطاعنون عليه غباره و لا يدركون-و ان جدّوا-آثاره، و ما رأى الناس بعده إلى حيث انتهوا له في جدّه نظيرا و لا شكلا. . . و كان في ابن مهرويه تحامل على أبي تمّام لا يضرّ أبا تمام هذا منه؛ و ما أقلّ ما يقدح مثل هذا في مثل أبي تمّام» .

_______________

1) تاريخ الكامل، مصر،8:229(اخبار سنة 356) .

2) معجم الادباء 13:99-100.

3) الصوت أبيات من الشعر تغنى على لحن معين.

4) كتاب الأغاني في الحقيقة مرجع يقوم مقام المصدر (راجع تاريخ الجاهلية للمؤلف، بيروت 1384 ه‍- 1964 م، ص 12) .

 

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي