الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أبو بكر الباقلاني
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج3، ص51-54
26-12-2015
3691
هو أبو بكر محمد بن الطيّب بن محمد بن جعفر بن القاسم الباقلاّنيّ أو ابن الباقلاّنيّ؛ كان مولده في البصرة، بعيد 330 ه (941 م) في الاغلب (1) و نشأ في بغداد. تلقّى الباقلاّنيّ العلم على أتباع أبي الحسن الاشعريّ كأبي الحسن الباهلي البصري (ت 370 ه) و أبي عبد اللّه الطائي؛ و أخذ الحديث عن أبي بكر القطيعي (ت 368 ه) و علم الاصول عن أبي عبد اللّه الشيرازي (ت 371 ه) و الفقه عن أبي بكر الأبهري شيخ المالكية في عصره (ت 375 ه) .
استقدم عضد الدولة البويهيّ، نحو سنة 360 ه(970-971 م) ، أبا بكر الباقلاّنيّ من البصرة الى شيراز. و لمّا تغلّب الباقلاّنيّ في مجلس عضد الدولة على الذين ناظروه من أئمّة المعتزلة علت منزلته جدّا، ثم لمّا دخل عضد الدولة بغداد و تولّى فيها منصب أمير الامراء (367 ه) كان الباقلاّنيّ في صحبته.
و سفر الباقلاّنيّ لعضد الدولة الى باسيليوس الثاني ملك الروم، نحو سنة 371 ه ، للمفاوضة في سبيل سلم أو تبادل أسرى؛ في هذه الأثناء ناظر علماء النصرانية، في بلاط القسطنطينية و بحضور الملك، و تغلّب عليهم.
و في العام التالي عاد الباقلاّنيّ الى بغداد و تولّى القضاء في بلدة عكبرة؛ و كان أيضا يتصدّر للتدريس.
و كانت وفاة أبي بكر الباقلاّنيّ في بغداد في 23 من ذي الحجّة 403 ه (5/6/ 1013 م) في الأغلب.
كان القاضي أبو بكر الباقلاّنيّ فقيها كبيرا و أصوليّا متعمّقا و من المتكلمين و النظّار المعدودين انتهت إليه رئاسة المذهب الأشعريّ في زمانه. و كان يطيل في الجدال و يجيد الاستنباط مع الإسراع في الجواب. ثم هو من أعلام الأدب و البلاغة القادرين على الموازنة بين الأساليب و التراكيب مع نظر ثاقب في مواطن القوّة و الضعف فيها. و الباقلاّنيّ يرى أن اللّغة العربية فوق اللغات الأعجمية، و أنّ القرآن الكريم فوق جميع ما قاله العرب. و مع أنّ القرآن ليس من جنس كلام العرب (ليس من نوع الكلام الذي ينظمونه و ينثرونه في العادة) فانّه ليس أعجميّا. و إعجاز القرآن قائم، في رأي الباقلاّنيّ، على استواء التعبير في جميع الأغراض التي وردت في القرآن مع جودة اللفظ و صفاء التركيب.
للباقلاني من الكتب: إعجاز القرآن-تمهيد الدلائل و تلخيص الاوائل-كتاب الانتصار لصحّة نقل القرآن و الردّ على من نحله الفساد بزيادة أو نقصان-كتاب الاستبصار في القرآن-كتاب الانصاف في مسائل الخلاف، الخ (2).
المختار من آثاره:
- من كتاب إعجاز القرآن (القاهرة، دار المعارف،54-56) :
. . . . انّ عجيب نظمه و بديع تأليفه لا يتفاوت و لا يتباين، على ما يتصرّف إليه من الوجوه التي يتصرّف فيها: من ذكر قصص و مواعظ و احتجاج، و حكم، و إعذار و إنذار، و وعد و وعيد. . . . و نجد كلام البليغ الكامل و الشاعر المفلق و الخطيب المصقع يختلف على حسب هذه الأمور؛ فمن الشعراء من يجوّد في المدح دون الهجاء، و منهم من يبرّز في الهجو دون المديح. . . . و منهم من يغرب في وصف الإبل أو الخيل. . . . أو وصف الخمر أو الغزل. . . . . و متى تأمّلت شعر الشاعر البليغ رأيت التفاوت في شعره على حسب الأحوال التي يتصرّف فيها فيأتي بالغاية في البراعة في معنى؛ فإذا جاء الى غيره قصّر عنه و بانّ الاختلاف على شعره. . . .
و قد تأمّلنا نظم القرآن فوجدنا جميع ما يتصرّف فيه من الوجوه التي قدّمنا قد ذكرها على حدّ واحد في حسن النظم و بديع التأليف و الرصف لا تفاوت فيه و لا انحطاط عن المنزلة العليا. . . و كذلك قد تأمّلنا ما يتصرّف اليه (من!) وجوه الخطاب، من الآيات الطويلة و القصيرة، فرأينا الإعجاز في جميعها على حدّ لا يختلف. و كذلك قد يتفاوت كلام الناس عند إعادة ذكر القصة الواحدة تفاوتا بيّنا و يختلف اختلافا كبيرا. و نظرنا في القرآن فيما يعاد ذكره من القصة الواحدة فرأيناه غير مختلف و لا متفاوت، بل هو على نهاية البلاغة و غاية البراعة، فعلمنا بذلك أنه مما لا يقدر عليه البشر، لأنّ الذي يقدرون عليه قد بيّنا فيه التفاوت الكثير عند التّكرار و عند تباين الوجوه و اختلاف الأسباب التي يتضمّن.
______________________
1) لما رغب عضد الدولة في استدعاء الباقلاني الى شيراز كان الباقلاني شابا و لكن مشهورا بأنه من رجال علماء الاشعرية و فرسان علم الكلام. و جاء عضد الدولة الى الحكم سنة 338 ه و لكنه كان أولا تحت وصاية أبيه. و لعل بلاط عضد الدولة لم يبرز في عالم الفكر و الادب الا بعد 350 ه. و قد زار المتنبي عضد الدولة سنة 354 ه.
2) راجع ثبتا بمؤلفات القاضي الباقلاني في اعجاز القرآن (دار المعارف) ، ص 42-56.