1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب :

أبو بكر الخوارزمي

المؤلف:  عمر فرّوخ

المصدر:  تأريخ الأدب العربي

الجزء والصفحة:  ج2، ص544-548

26-12-2015

5998

هو أبو بكر محمّد بن العبّاس الخوارزميّ، و يقال له أيضا الطبرخزيّ لأنّ أباه كان من خوارزم، و كانت أمّه من طبرستان أختا للمؤرخ محمّد بن جرير الطبريّ (توفي 310 ه‍-923 م) ، فنحتت له نسبة من اسمي البلدين.

ولد أبو بكر الخوارزميّ سنة 323 ه‍(935 م) في خوارزم. و لمّا شبّ بدأ يتطوّف في البلاد في سبيل العلم و المال. و قد أقام حينا في الشام و اتّصل بسيف الدولة. ثمّ انه غادر حلب إلى بخارى و اتّصل بأبي عليّ البلعميّ وزير منصور (الأول) بن نوح السامانيّ (350-366 ه‍) ، و لكنّه فارقه وشيكا و ذهب إلى نيسابور. ثمّ استأنف رحلة إلى سجستان و لكنّه

لم يسرّ فيها فهجا و اليها طاهر بن محمّد فألقي في السجن مدّة. بعدئذ قصد الصاحب بن عبّاد في أرّجان، و لكنّه هجاه أيضا و غادر أرّجان. ثم عاد إلى نيسابور؛ فلمّا لم ينل حظوة عند الوزير أبي نصر العتبيّ هجاه، فصادر العتبيّ أمواله و ألقاه في السجن. و لكن الخوارزميّ استطاع أن ينجو من السجن و هرب إلى جرجان. فلمّا قتل العتبي (؟) خلفه أبو الحسين المزنيّ فاستقدم الخوارزميّ إلى نيسابور، فقد كان صديقا له و محبّا، ثمّ عوّضه عمّا كان قد صودر من أمواله.

و تعرّض أبو بكر الخوارزميّ في أواخر أيامه لمنافسة بديع الزمان الهمذانيّ و ناله من جرّاء ذلك أذى كبير، و خصوصا في المناظرة المشهورة (1).

و كانت وفاة الخوارزمي في نيسابور في منتصف رمضان من سنة 382 ه‍ (993 م) في الأغلب.

خصائصه الفنّيّة:

أبو بكر الخوارزميّ أديب شاعر ناثر. لقد كان إماما في اللغة عالما بأشعار العرب عارفا بأنسابها و أخبارها كثير الحفظ للأشعار. أما شعره القليل الذي سلم من الضياع فهو أقرب إلى شعر الكتّاب منه إلى شعر الشعراء المطبوعين: إنه حسن المعاني قويّ السبك صافي الأسلوب و لكنّه قليل الرونق و الطلاوة. و من فنون شعره الهجاء و المديح و الرثاء مع شيء من الحكم المنثورة فيها. و أما نثره فكان ترسّلا، و كان أسمى طبقة من شعره. و مع جودة رسائله فإنّنا نرى عليها شيئا من الجفاف و الجفاء إذا قيست برسائل بديع الزمان الهمذانيّ. و أبو بكر الخوارزميّ يتكلّف الصناعة في رسائله، و لكنّه يصيبها في أحيان كثيرة. و يقصد إلى الفكاهة و التهكّم فيجيدهما حينا.

المختار من شعره و نثره:

- قال الخوارزميّ يرثي ركن الدولة الحسن بن بويه:

أ لست ترى السيف كيف انثلم... و ركن الخلافة كيف انهدم

طوى الحسن بن بويه الردى... أ يدري الردى أيّ جيش هزم (2)

فصيح اللسان بديع البيا...ن رفيع السنان سريع القلم (3)

إذا تمّ شيء بدا نقصه... توقّع زوالا إذا قيل تمّ

- و قال يذكر ضعف خلفاء بني العبّاس:

أ ما رأيت بني العبّاس قد فتحوا... من الكنى و من الألقاب أبوابا

و لقّبوا رجلا لو عاش أوّلهم... ما كان يرضى به للقصر بوّابا (4)

قلّ الدراهم في كفّي خليفتنا... هذا فأنفق في الأقوام ألقابا

- و قال أبو بكر الخوارزمي يصف واليا ظالما عاتيا:

ورد علينا فلان و نحن نيام نوم الأمنة و سكارى سكر الثروة (؟) و متّكئون على فراش العدل و النصفة (5)؛ فما زال يفتح علينا أبواب المظالم و يحتلب فينا ضرعي الدنانير و الدراهم و يسير في بلادنا سيرة لا يسيرها السنّور في الفار و لا يستخيرها المسلمون في الكفّار (6)، حتّى افتقر الأغنياء و انكشف الفقراء، و حتّى ترك الدهقان ضيعته، و جحد صاحب الغلّة غلّته و حتّى نشّف الزرع و الضرع و أهلك الحرث و النسل (7)، و حتّى أخرب البلاد، بل أخرب العباد، و حتّى شوّق إلى الآخرة أهل الدنيا و حبّب الفقر إلى أهل الغنى، و حتّى لقّب بالجراد و كنّي أبا الفساد، و حتّى صار الدرهم في أيامه أقلّ من الصدق في كلامه، و صار الأمن في أعماله أعزّ من السداد في أفعاله (8). فليته إذ أوحش الرجال حصّل المال، و ليته إذ ضيّع المال أرضى الرجال (9)؛ و لكنّه حرم الاثنين فأفلس من الجهتين. و و اللّه، ما الذئب في الغنم بالقياس إليه إلاّ من المحسنين، و لا السوس في الخزّ في الصيف إلاّ من المصلحين، و لا الحجّاج بن يوسف الثقفيّ في العراق إلاّ أول العادلين، و لا يزدجرد الأثيم في أهل فارس بالإضافة إليه إلاّ من النبيّين و الصّدّيقين، و لا فرعون في بني إسرائيل إذا قابلته به إلاّ من الملائكة المقرّبين.

-مرض أبو بكر الخوارزميّ فأغفله أحد أصدقائه: لم يعده (يزره) في علّته و لا كتب إليه مهنّئا بزوال العلّة عنه. فكتب الخوارزميّ إلى ذلك الصديق:

كتابي-و قد خرجت من البلاء خروج السيف من الجلاء (10) و بروز البدر من الظلماء؛ و قد فارقتني المحنة و هي مفارق لا يشتاق اليه، و ودّعتني و هي مودّع لا يبكى عليه. فالحمد للّه تعالى على محنة يجلّيها و نعمة ينيلها و يولّيها. كنت أتوقّع أمس كتاب سيّدي بالتسلية، و اليوم بالتهنئة: فلم يكاتبني في أيام البرحاء (11) بأنّها غمّته و لا في أيّام الرخاء بأنّها سرّته. و قد اعتذرت عنه إلى نفسي و جادلت عنه قلبي فقلت: أمّا إخلاله بالأولى فلأنّه شغله الاهتمام بها عن الكلام فيها، و أما تغافله عن الأخرى فلأنّه أحبّ أن يوفّر عليّ مرتبة السابق إلى الابتداء و يقف بنفسه على محلّ الاقتداء (12) لتكون نعم اللّه تعالى موقوفة من كلّ جانب عليّ و محفوفة من كلّ بيئة (13) بي. فإن كنت أحسنت الاعتذار عن سيّدي فليعرف لي حقّ الإحسان و ليكتب لي بالاستحسان. و إن كنت أسأت فليخبرني بعذره فإنّه أعرف منّي بسرّه، و ليرض منّي بأنّي حاربت عنه قلبي، و اعتذرت من ذنبه حتّى كأنّه ذنبي، و قلت:

يا نفس، اعذري أخاك و خذي منه ما أعطاك، فمع اليوم غد، و العود أحمد!

- كلمات لأبي بكر الخوارزميّ تجري مجرى الأمثال (يتيمة الدهر 4: 182-185) :

الشكر على قدر الإحسان، و السلع بإزاء الأثمان (14). النفس مائلة إلى أشكالها، و الطير واقعة على أمثالها. الأيام مرآة الرجال. الاعتذار في غير موقعه ذنب. الدواء لغير حاجة إليه داء. الغضب ينسي الحرمات (15) و يدفن الحسنات و يخلق للبريء جنايات. الدنيا عروس كثيرة الخطّاب الملك سلعة كثيرة الطلاّب. الشجاع محبّب حتّى إلى من يحاربه. حفظ الصحّة أيسر من علاج العلّة. في الزوايا خبايا، و في الرجال بقايا. نعم الشفيع الحبّ. نعم العدّة المدّة (16)، و نعم الوقاية العافية. بئس الخصم الزمان، و بئس الشفيع الحرمان، و بئس الرفيق الخذلان.

___________________

1) راجع ترجمة بديع الزمان الهمذاني.

2) الردى: الموت.

3) رفيع السنان سريع القلم (كناية عن الظفر في الحروب و عن نفاذ أوامره!) .

4) لو عاش أولهم: لو كان الخلفاء العباسيون الاولون أحياء.

5) الأمنة (بفتح الهمزة و الميم و النون) : الأمن، الأمان، السلامة. النصفة (بفتح النون و الصاد و الفاء) : الانصاف، المساواة في المعاملة.

6) السنور: الهر، القط. الكفار: الذين ليس لهم كتاب سماوي و لا نبي مرسل، و الذين يجحدون اللّه أو يشركون به غيره.

7) ترك الدهقان (صاحب الأراضي) ضيعته و جحد (أنكر، تبرأ من) غلته لأن الضريبة عليهما أكبر من قيمتهما. الزرع: نبات الأرض. الضرع: ثدي الأنعام الحلوبة (كالغنم و البقر و الإبل) . الحرث: الزرع. النسل: ما يتكاثر بالتوالد من الإنسان (و الحيوان) -استولى على نتاج كل شيء ثم أهلك جميع المنتجين.

8) أعز: أندر، أقل. السداد (بفتح السين) : الصواب في القول و العمل.

9) أوحش الرجال: نفرهم منه. حصل المال: جمع مالا (للدولة) . -إنه بأعماله قد نفر الناس من الدولة و جعلهم لها أعداء ثم لم يستطع أن يجمع الخراج و الضرائب لأنه أفسد كل شيء و أفقر البلاد.

10) الجلاء (بكسر الجيم) : صقل السيف، شحذه، سنه (بفتح السين) .

11) البرحاء (بضم الباء و فتح الراء) : شدة الأذى (من المرض و غيره) .

12) يقف بنفسه على محل الاقتداء: لا يتقدم علي في عمل بل يقتدى بي في كل شيء.

13) البيئة (بكسر الباء) : المحل، المكان؛ الحال.

14) جودة السلعة (البضاعة) تابعة لمقدار ثمنها.

15) الحرمات جمع حرمة (بضم الحاء المهملة) : ما يجب على الإنسان الدفاع عنه كالعرض و الكرامة. . .

16) العدة: الاستعداد، التهيؤ. المدة: الزمن (طول العمر) .

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي