الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أبو بكر محمد بن داود الأصفهاني
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج2، ص383-18
26-12-2015
6296
هو أبو بكر محمّد بن أبي سليمان داود بن عليّ بن خلف الاصفهانيّ الظاهريّ، ولد سنة 255 ه(868 م) و درس على أبيه داود ابن عليّ (ت 270 ه) صاحب المذهب الظاهريّ (1) و على أحمد بن يحيى الشيبانيّ؛ ثمّ إنّه خلف أباه في رئاسة المذهب و في حلقة التدريس و عمره ستّ عشرة سنة.
و توفّي أبو بكر الاصفهانيّ باكرا، في التاسع من رمضان 297 ه (898 م) .
خصائصه الفنّيّة:
كان أبو بكر محمّد بن داود الظاهريّ فقيها و أديبا و شاعرا ظريفا على شعره شيء من جفاف شعر الفقهاء. على أن نثره كان أحسن من شعره. و نثره مسجوع سهل رائق يجري على المنطق، و لكن يتخلّله شيء من الغموض في بعض الأحيان. ثمّ هو مؤلّف له كتاب الوصول إلى معرفة الأصول، كتاب الإنذار، كتاب الإعذار (و هي في الفقه) . أما شهرته فراجعة إلى كتاب الزهرة، و هو كتاب صنّفه في شبابه و جمع فيه أبياتا في الغزل منها المقطّعات القصار و منها الأبيات المختارة من القصائد الطوال. هذه المختارات تمتدّ في الزمن من امرئ القيس إلى الشعراء الذين عاصروا المؤلّف. و في كتاب الزهرة مائة باب كلّ باب منها في حال من أحوال الهوى و العشق، و في كلّ باب مائة بيت تتعلّق بكلّ حال من تلك الأحوال. و المؤلّف يقدّم كلّ باب ببضعة أسطر من نثره الرائق في وصف حال الهوى المعيّنة في كل باب؛ و ربّما عقّب على عدد من المختارات بملاحظة تطول قليلا أو تقصر.
- من مقدّمة كتاب الزهرة
قال أبو بكر محمّد بن داود الاصفهاني يخاطب الذي ألّف هذا الكتاب له: . . . . و اعلم-أدام اللّه تأييدك-أن المرتضين(2)من الإخوان معدومون في هذا الزمان. و انّما بقي قوم ينتصفون و لا ينصفون: إن بسطتهم لم يهابوك، و إن أحشمتهم اغتابوك؛ ما داموا لك راجين أو خائفين فهم إليك منقطعون. فإن زايلوا هاتين الحالتين لم يرعوا لك إخاء و لم يعتقدوا لك وفاء. فإذا ظفرت بمنافق فتمسّك به فإنّه على كلّ حال خير من غيره لأنّه يظهر لك بلسانه ما تسرّ به و إن كان يضمر خلافه بقلبه. و حسبك بقوم خيرهم المنافقون و أهل الوفاء منهم مفقودون!
. . . . و قد عزمت-لما رأيت بك من غلبات الاشتياق و من ميلك إلى تعرّف أحوال العشّاق-أن أوجّه لك نديما يشاهد بك أحوال المتقدّمين و يحضرك أخبار الغائبين، ينشط بنشاطك، و يملّ بملالك إن أدنيته دنا و إن أقصيته نأى، لا يزهى (3)عليك عند حاجته إليك (4). . . . . انتزعته لك من خواطري و اخترته من غريب ما اتّصل بمسامعي. إن اختصصت به من تحبّ من إخوانك لم تفتقده من ديوانك، و إن استبددت به دون أوليائك فضلت به على نظرائك، و هو كتاب سمّيته كتاب الزهرة و استودعته مائة باب ضمّنت كلّ باب مائة بيت أذكر في خمسين بابا منها جهات الهوى و أحكامه و تصاريفه و أحواله، و أذكر في الخمسين الثانية أفانين الشعر الباقية، و أقتصر في ذلك على قليل من كثير و أقنع من كلّ فنّ باليسير، إذ كان ما نقصده أكثر من أن يتضمّنه كتاب أو يعبّر عن حقيقته خطاب. و مثل هذا الكتاب إنّما يطلبه أهل الآداب ليخفّ على الألفاظ و يتسهّل للحفّاظ، فان بعد آخره نسي أوّله. و لسنا و إن اجتهدنا في إطالته راجين التناهي إلى غايته، و من لم يرج الكمال في الإكثار كان حقيقا أن يقنع بالاختصار. . . .
و قد جعلت الأبواب المنسوبة إلى الغزل من هذا الكتاب أمثالا و رتّبتها على ترتيب الوقوع حالا فحالا، فقدّمت وصف كون الهوى و أسبابه و بسطت ذكر الأحوال العارضة فيه بعد استحكامه (5)من الهجر و الفراق و ما توجبه غلبات التشوّق و الاشتياق ثمّ ختمتها بذكر الوفاء بعد الوفاة. . . .
و أنا، إن شاء اللّه، أذكر بعقب كلّ باب منها ما يشاكله من الأشعار و اقتصر على القليل من الأخبار لأنّها قد كثرت بأيدي الناس فقلّ من يستفيدها، و أفاضل بين الأشعار على ما توجبه الحال التي ادّعاها صاحبها. . . . و لن يعدم كتابنا هذا أن يصادف عاقلا و جاهلا متحاملا، و المتحامل يعرف مغزاه من فحواه، و العاقل لا يرى لنفسه أن يعيب من لم يدّع أنّه قد كمل بما يرى في كتابه من الخلل (6). . . .
___________________
1) المذهب الظاهري: مذهب يتقيد أتباعه بظاهر النص الوارد في القرآن الكريم و الحديث الشريف. على انه مذهب باد (بطل العمل به الآن) .
2) الضاد في الأصل الذي نقلت منه مكسورة، و الصواب فتحها.
3) يزهى (بضم الياء، و تكون بفتح الياء أيضا و لكن على قلة) : يتيه يتكثر.
4) الكلام على الكتاب هنا يشبه «وصف الجاحظ للكتاب» .
5) استحكم الأمر: ثبت، اشتد.
6) في هذه الجملة اضطراب و نقص.