الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أبو علي الحاتمي
المؤلف: عمر فرّوخ
المصدر: تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة: ج2، ص569-572
28-12-2015
11877
هو أبو عليّ محمّد بن الحسن المظفّر الكاتب اللّغويّ البغداديّ المعروف بالحاتميّ (1)، كان مولده-فيما يبدو (2) - نحو سنة ٣١٠ ه (٩٢٢ م) . أخذ الحاتميّ عن أبي عمر الزاهد (توفي 345 ه) و أدرك ابن دريد (توفي ٣٢١ م) ، و لكنّنا لا نوافق ياقوتا (معجم الأدباء154: ١٨) في قوله إن الحاتميّ أخذ عن ابن دريد.
يقول الحاتميّ عن نفسه (3) إنّه اتّصل بسيف الدولة و نال عنده حظوة جعلته في مرتبة أبي عليّ الفارسيّ و ابن خالويه و أبي الطيّب اللغويّ و سنّه لم تكن زادت بعد على تسع عشرة. غير أننا لا نعلم إذا كان هذا لاتّصال بسيف الدولة قد كان في الموصل بعد أن قام ناصر الدولة و أخوه سيف الدولة بقتل أمير الأمراء محمّد بن رائق (سنة ٣٣٠ ه) و نالا على ذلك لقبيهما: ناصر الدولة و سيف الدولة، أو بعد أن انتقل سيف الدولة إلى حلب (٣٣٣ ه) .
غير أنّ الحاتميّ لم يبلغ إلى المنزلة العليا التي صارت له في السياسة و الأدب إلاّ بعد أن اتّصل بأبي محمّد الحسن بن محمد المهلّبيّ الذي أصبح، في سنة ٣٣٩ ه(949-950 م) كاتبا لمعزّ الدولة بن بويّه. ثم زادت منزلته علوّا لمّا أصبح المهلّبيّ يدبّر الوزارة للخليفة المطيع (334-363 ه) من غير تسمية بلقب «وزير» .
أما الذي شهر أبا عليّ الحاتميّ في تاريخ الأدب فهو لقاؤه للمتنبّي في بغداد-لمّا ورد المتنبّي إلى بغداد، سنة 350 ه - و مناظرته في معاني شعره ثم تأليفه للرسالة الموضّحة، و هي المشهورة بالرسالة الحاتميّة و التي تدور على الشبه الملموح بين معاني المتنبّي في الحكمة و بين الأقوال التي كانت رائجة في ذلك الحين و منسوبة إلى الفلسفة اليونانية و إلى أرسطو خاصة أو غير منسوبة.
و توفّي أبو عليّ الحاتميّ في 26 ربيع الثاني من سنة ٣٨٨ هـ (26-4-٩٩٨ م) .
خصائصه الفنّيّة:
كان أبو عليّ الحاتميّ واسع الاطّلاع و من حذاق أهل اللّغة و الأدب كثير الحفظ شديد العارضة (في الجدال و المناظرة) ، و لكن كان فيه اعجاب شديد بنفسه و غرور مع شيء كثير من البغض لأهل العلم (معجم الأدباء 18:154) و الجرأة عليهم. ثم كان أيضا شاعرا قديرا حسن التصرّف في فنون الشعر، كما كان يجمع بين البلاغة في النثر و البراعة في الشعر؛ غير أنّ شعره كان، كشعر سائر العلماء، قليل الرونق.
و أبو عليّ الحاتميّ مصنّف له: حلية المحاضرة، الهلباجة (4) سر الصناعة، الحالي و العاطل، كتاب المجاز (و كلّها في الشعر و صناعته) ، الرسالة الناجية، مختصر العربية، كتاب الشراب، منتزع الأخبار و مطبوع الاشعار، كتاب المغسّل (في خصال أبي الحسن البتّي) . ثم له كتاب الموضّحة في مساوئ المتنبّي (و هو المعروف بالرسالة الحاتمية) في ستّ عشرة كرّاسة (نحو مائة صفحة) شرح فيها ما جرى بينه و بين أبي الطيّب المتنبّي من إظهار سرقاته و إبانة عيوب شعره (وفيات ٢:٣٣٢) ) 5 (.
المختار من نثره و شعره:
-من الرسالة الحاتمية:
. . . . و قد ثبت عند ذوي العقل و التمييز أنّ الإنسان إنّما فضل سائر الحيوان بالعقل المتناول علم ما غاب عن الحواسّ، و ثبت أن النظر الفكري في النفس مفصح عمّا تناول علمه العقل، و هو على ضربين: ضرب منه منثور الألفاظ مبثوث المعاني تتصرّف النفس في اجتلابه من حيث يسنح، و ضرب منظوم موجز مفهوم.
و وجدنا أبا الطيّب المتنبّي قد أتى في شعره بأغراض فلسفية و معان منطقية. فان كان ذلك منه عن فحص و نظر و بحث فقد أغرق في درس العلوم، و إن يك ذلك منه على سبيل الاتّفاق فقد زاد على الفلاسفة بالإيجاز و البلاغة و الألفاظ الغريبة. و هو في الحالين على غاية من الفضل و سبيل نهاية من النبل. و قد أوردتّ من ذلك ما يستدلّ به على فضله في نفسه و فضل علمه و أدبه و اغراقه في طلب الحكمة ممّا أتى في شعره موافقا لقول أرسطوطاليس في حكمته. قال أرسطو: إذا كانت الشهوة فوق القدرة، كان هلاك الجسم دون بلوغها.
فقال المتنبّي:
و إذا كانت النفوس كبارا... تعبت في مرادها الأجسام
. . . . قال أرسطو: علل الأفهام أشدّ من علل الأجسام، فقال المتنبّي:
يهون علينا أن تصاب جسومنا... و تسلم أعراض لنا و عقولُ
. . . . قال أرسطو: بالغريزة يتعلّق الأدب لا بتقادم الميلاد. فقال المتنبّي:
و إذا الحلم لم يكن عن طباع... لم يحلّم تقدّم الميلاد
-و قال أبو عليّ الحاتمي يصف الثريا قبيل طلوع الفجر:
و ليل أقمنا فيه نعمل كأسنا... إلى أن بدا للصبح في الليل عسكر
و نجم الثريّا في السماء كأنّه... على حلّة زرقاء جيب مدنّر
_______________________
١) في كتاب وفيات الأعيان (2:336) : الحاتمي بتاء مكسورة نسبة إلى أحد أجداده اسمه حاتم.
٢) راجع قول الحاتمي أنه كان في التاسعة عشرة لما اتصل بسيف الدولة (سنة ٣٣٠ أو ٣٣٣ ه) .
٣) معجم الأدباء 18:156 س.
4) صنف الحاتمي كتاب الهلباجة للوزير أبي عبد اللّه بن سعدان في رجل سبه (شتمه) عنده، و سمى الرجل الهلباجة (الأحمق) و لم يصرح باسمه.
5) في معجم الأدباء (18:159س) يورد ياقوت «مخاطبة جرت بين أبي الطيب المتنبي و أبي علي الحاتمي حكيتها كما وجدتها. قال أبو علي الحاتمي: كان أبو الطيب المتنبّي عند وروده مدينة السلام (بغداد) . . . .» مما يدل على أن «هذه المخاطبة» غير الرسالة الحاتمية. و في وفيات الأعيان (٢:٣٣٣) يقول ابن خلكان: «و له الرسالة الحاتمية التي شرح فيها ما جرى بينه و بين أبي الطيب المتنبي من اظهار سرقاته و إبانة عيوب شعره. و لقد دلت على غزارة مادته و توفر اطلاعه. و حكى في أول الرسالة السبب الحامل له على ذلك فقال: لما ورد أحمد بن الحسين المتنبي مدينة السلام. . . .» مما يوحي بأن الحاتمي دون في الرسالة الحاتمية ما جرى بينه و بين أبي الطيب المتنبي في المجلس المذكور، فتكون الرسالة الحاتمية و ما سماه ياقوت «مخاطبة» شيئا واحدا. و يرى زكي مبارك (النثر الفني ٢:١١5 ع) أن الحاتمي ترك في انتقاد المتنبي رسالتين. -راجع في خصائص الحاتمي في النقد و في مكانته الأدبية عموما (النثر الفني ٢: ١١١-١١٩)